رمسيس مرزوق يحول جسم المرأة إلى منظر طبيعى
- جاك لاسيني هو رئيس جمعية النقاد العالمية.. وكان رئيساً للجنة تحكيم بينالي باريس الأخير.. وهو يعتبر أحد النقاد الذين تحترم كلمتهم في جميع الأوساط الفنية بما في ذلك هواة اقتناء اللوحات والتماثيل، ومديرو المتاحف الذين يسعون إلى شراء الأعمال الفنية الجديدة ذات القيمة العالية.. وإن تقدير لاسيني لأحد الفنانين معناه تألق نجم هذا الفنان ووضعه في بؤرة الإهتمام في عاصمة الحركة الفنية العالمية.. باريس.
- وعندما أعد المصور السينمائي المصري رمسيس مرزوق معرضه الأخير في باريس قال لزملائه: `سأدعو مسيو لاسيني لتقديم معرضي`.. وقد حذره اصدقاؤه من احتمال أعتذاره عن ذلك فهو لا يتصدى لتقديم أحد الفنانين إلا إذا آمن به.. ولكن ثقة الفنان المصري وإيمانه بفنه جعلته يتقدم إلى لاسيني بأعماله التي أحبها وعايشها ثم كتب دراسة مطولة عنها في كتالوج المعرض الذي طبعت منه 10 آلاف نسخة ووزع في جميع أنحاء فرنسا فبيعت كل النسخ التي عرضت بمبلغ 2 فرنك للنسخة الواحدة.
- يقول الناقد العالمي في تقديمه: `إن المصور السينمائي المصري رمسيس مرزوق ليس مجهولاً للجمهور الفرنسي حيث أن هنري لانجلوا قد قدم له معرضاً جميلاً ضم جابناً من أعماله في مكتبة السنيما بباريس في شهر فبراير 1968، ومن جديد يفتح متحف السينما بقصر شايو قاعاته لإقامة معرض جديد للفنان موضوعه `المرأة.. منظر طبيعي` وليس الغرض من هذا المعرض كما كان الحال في السابق هو البحث عن العلاقات بين الجسم الإنساني وتركيبات الطبيعة أو إكتشاف ما بينهما من ارتباطات أو إيقاعات متشابهة، ولكن هذا المعرض إنما يقدم جسم المرأة نفسه وقد أصبح منظراً طبيعياً ليس فقط بواسطة مرتفعاته الدقيقة وأوديته وأنهاره، بل بواسطة جواهره نفسها. فحبيبات البشرة التي تتكون منها هذه الصحراء اللانهائية والشبكة المعقدة المسام وآثار الإتجاهات الخفية التي سرت في هذا الجسم كأنها آلاف الحشرات.. هي موضوع هذا المعرض.. لقد كانت اليد دائماً وخطوطها ورسومها هي الوسيلة المفضلة لإكتشاف الشخصية الحقيقية لكل فرد، كما كانت الصورة الفوتوغرافية فقط هي التي تستطيع أن تجسد هذه الفكرة وتساعد على توضيح واكتشاف سر تلك الشخصية.
- ولكن رمسيس لا يكتفي بالتفسير الذي برع فيه واتقنه ولكنه بإهتمامه بالتفصيلات المنتاهية الدقة فإنه يدرك جيداً ضرورة المجهود المتكامل الذي يسمح له بتجميع كل دقائق إكتشافاته ليتغذى بها وعيه فيحقق شخصية متكاملة فنياً، ولهذا فهو يلجأ إلى التركيبات المضيئة ثم يستنتج منها استنتاجات جديدة تماماً.
- وبالنسبة له فأن كل جسم هو مصدر ضوئي ليس فقط باعتباره عاكساً لضوء ساقط عليه من الخارج (كمصباح أو شمس أو قمر..) ولكنه ينقل نوراً داخلياً وحقيقياً، وعلى هذا فأنه يحقق لذاته في المكان صورة ذاتية منصهرة تأخد أشكالاً مبتكرة في الطبيعة كومضات وقطرات من المادة.. وهذه الومضات والقطرات تتجمد شيئاً فشيئاً باتصالها بالهواء والبرد، وهذا ما يصوره لنا رمسيس.
- هذه المحاولة الأصيلة إلى أبعد الحدود التي لا تهتم إطلاقاً بالديكور الخارجي لكنها تعتمد فقط على مفاتن جسم المرأة، فهي تتسامى على كل إثارة للجنس أو حتى على مجرد الوجود الجسدي.. وهي تحقق في النهاية عرضاً مشوقاً للصورة الإنسانية من وراء خداع الواقع، فإن حقيقة الوجود الغير مرئية والتي لا يمكن لمسها هي التي تمكن رمسيس اخيراً من التقاطها..`. جاك لاسيني.
- الأسرة الفرعونية
- خوفو وزوسر ورمسيس وميناس.. هذه هي أسماء الفنان وأخوته.. لقد عاش والدهم في البدرشين صديقاً لعلماء الآثار والحفريات بمنطقة سقارة وما حولها.. وكان مؤمناً بمجد مصر القديمة وضرورة أحيائه فأطلق أسماء الفراعنة على أبنائه حتى يسهم بما يستطيع في هذا الأحياء..
- وهكذا نشأ رمسيس في أسرة يحتل الفن والآثار جانباً من إهتمام راعيها ولهذا اتجه معظم أفراد هذه الأسرة الفرعونية إلى دراسة الفنون ورمسيس نفسه قد حقق كل هذا النجاح في باريس وهو لم يتخط الثلاثين فهو من مواليد عام 1940..
- ولقد بدأت دراسته للفن عندما إلتحق بكلية الفنون التطبيقية عام 1956 حيث درس التصوير السينمائي لمدة عامين.. أسس بعدهما معهد السينما بالهرم وفتح أبوابه لاستقبال الطلاب.. وسرعان ما انتقل إليه ليبدأ دراسته المتخصصة في التصوير السينمائي من جديد وليكون على رأس أول دفعة تتخرج فى هذا المعهد.. وهكذا عين معيداً لتدريس الفن الذي تخصص فيه كما شارك في تصوير عدد من الأفلام العربية مثل فيلم `الناصر صلاح الدين`.. وقبل سفره في بعثته الدراسية إلى أوروبا أقام معرضًا للوحاته في التصوير الفوتوغرافي بقاعة أخناتون تميزت بفهم جديد لمهمة الكاميرا ورؤية مبتكرة للأشكال والعناصر التي نراها في الحياة ولا تستلفت انتباهنا.. وكان في هذه المرحلة يجرب جميع المدارس الفنية وكانت أهم الإتجاهات التي مارسها هي الواقعية الإجتماعية والتأثيرية والتجريدية الزخرفية ثم التجريدية المطلقة.
- أما الواقعية الإجتماعية فكانت تتمثل في لوحاته التي تصور العمل والعمال والأسواق ثم وجوه الرجال والنساء المتميزة بقوة التعبير.. وكانت أهم مجموعات هذا الأتجاه هي مجموعة `عامل الفخار` التى ركزت على يديه وهي تشكل الآنية على `عجلة الفخار الدائرية` وقد نجحت في تصوير حساسية اليدين وخلق الأشكال من الطين..
- أما الأتجاه التأثيري فكان يعتمد على تصوير الأشخاص ووراءهم خلفية لا نهائية الأتساع.. وكانت أبرز لوحات هذا الأتجاه في لوحة `سراب` التي تصور شخصين ضائعين في صحراء متسعة من الرمال ويلقيان فوقها ظلين شديدي الاستطالة.
- أما التجريدية الزخرفية فكانت تتمثل في لقطات منتقاة لوحدات متكررة مثل الأخشاب المرصوصة فوق بعضها أو أبراج الكهرباء أو مجموعات الفواكة والثمار ثم أعمدة الخشب المشدودة حول العمارات الماثلة للبناء وكلها تمثل وحدات متكررة يعطي إيقاعها الزخرفي مذاقاً خاصاً ممتعاً.
- أما التجريدية المطلقة فكانت تتحقق من خلال تركيز عدسة الكاميرا على أجزاء متناهية الصغر في الأشكال المصورة وكذلك كانت تتحقق من خلال تحريك مصدر ضوئي أمام عدسة الكاميرا.. وتهدف هذه الوسيلة إلى إكتشاف العلاقات الضوئية والجمالية في الأجسام المصورة من خلال وضعها في بؤرة الانتباه وتكبيرها عشرات المرات.
- رحلة فنان مصرى
- ثم سافر الفنان إلى روما ليواصل دراسته هناك، وأقام في إبريل عام 1966 معرضه الثاني الذي ضم معظم معروضاته السابقة مع بعض التطويرات والتعديلات التي تساير تطور الرؤية الجمالية عنده خلال إعادة طبع وتحميض وتكبير اللوحات.. ورشحه هذا المعرض للعمل في استوديوهات السينما الإيطالية بجانب دراسته.. ولكن رمسيس لم يقتنع بما تلقاه من دراسة في روما.. فانتقل إلى باريس ليعمل ويدرس ويتعرف على الأجيال الجديدة من السينمائيين الذين قدموه إلى مسيو هنري لانجلوا مدير سينماتيك باريس وأبى الموجة الجديدة في السينما والأب الروحي لروادها. وأعجب الرجل بالفنان المصري الشاب وتحمس لأعماله فتوطدت علاقتهما وبدأ رمسيس يستعد لإقامة معرضه الثالث في باريس بعد معرض القاهرة وروما.
- أقيم هذا المعرض في شهر فبراير عام 1968 وضم 150 لوحة فوتوغرافية تمثل جميعها لقطات منتقاة من أعماله التي صورها قبل سفره.. ولكنه كلما أعاد طبعها وتكبيرها تحكم في حجمها وتكوينها وحقق بواسطة حسه الفني الذي ينمو ويتطور بإستمرار تكوينات وأشكال تنافس الإتجاهات التجريدية والتشخيصية على السواء في فن الرسم.
- فرمسيس مرزوق يؤمن أن الجمال موجود في الطبيعة أصلاً وكل أعمال الفنانين لها ما يماثلها في الواقع.. ويقوم الفنان التشكيلي بإنتقاء الأشكال وتصفيتها ثم الإضافة إليها من ذاتيته أثناء إنتاج العمل الفني.. وهو يؤمن أن الكاميرا والمعمل يحققان نفس الشئ عندما يستخدمهما فنان حساس.
- وهكذا استبدل بعين الفنان العدسات القادرة على التكبير والتصغير.. واستبدل بالفرشاة والألوان كيمياويات المعمل حيث يتمكن من الحذف والإضافة خلال عمليات التحميض والتكبير والطبع..
- وقد شهد زوار معرضه في باريس إضافة فنية تساير وتخدم الموجة الجديدة في السينما بل وتحقق لها تقدماً وتطوراً.. فإذا اكانت السينما المعاصرة تعتمد على الصورة كلغة سينمائية تحتل المرتبة الأولى في العمل الفني، فأن كل صورة من صور الفيلم على حده عندما تكون عملاً فنياً متكاملاً تحقق في مجموعها الإمتاع الجمالي المنشود.. بمعنى أنها إذا كانت المفردات جديدة الصياغة أمكن صياغة عمل فني جيد في مجموعه.
- وكتب أحد النقاد يقول: `أن رؤى النيل والمراكب والقاهرة القديمة قد جاءت لتملأ قصر شايو.. أن معرض رمسيس مرزوق في السينماتيك تؤكد تكويناته الفوتوغرافية الرؤية الذاتية لما هو واقع موضوعي.. بمعنى تدخل الفنان بشخصيته الذاتية التي يضفيها على الواقع..`.
- وهذه الصور التجريدية تتضمن بوضوح الأشياء التي نلقاها كل يوم: أطفال على شاطئ النيل، ظلال على الصحراء، أيدى متشابكة.. حتى تبدو الأشياء الجامدة وكأنها تتحرك أمام أعيننا لتثبت أن فن التصوير الفوتوغرافي ليس تسجيلاً للطبيعة ولكن من الممكن أن يكون خلقاً لها.. وذلك من خلال اتصال مفعم بالعجائب بين الفنان والكاميرا.
- أما هنري لانجلوا فقد قدم المعرض فقد قدم المعرض بكلمات قال فيها: `أن أعمال الفنان رمسيس مرزوق تسبق عصرها، لقد جاء إلى فرنسا للوقوف على دروب الفن السينمائي والغوص في دائرة الحياة الفنية.. أنه يواصل الليل بالنهار في التنقيب والكشف فهو مثال الفنان الذي يتوق دائماً إلى عناق المادة التي تستولدها أشكاله`. كما كتب عنه ناقد آخر يقول: `أنه يصور موضوعاته بحنان وحب متدفق حتى تبدو في النهاية وكأنها قصائد متنائرة في ملحمة طويلة متماسكة`.. أما الوكالة الجديدة للصحافة الفرنسية فقد كتبت في نشرتها التي وزعتها في جميع أنحاء العالم تقول: `تعتبر صور مرزوق أبحاثاً فنية لأجل تنمية اللغة السينمائية وتأكيد التعبير بالكاميرا.. فهي تعتبر بمثابة مخططات لسينما المستقبل..`.
- أما الفنان نفسه فيقول: `أن الكاميرا والمعمل لا ينفصلان.. فأنهما مجرد مرحلتين من مراحل أبداع اللوحة الفوتوغرافية.. ولابد أن يتولى العمل في المعمل نفس الفنان المصور ليحقق في النهاية عملاً جمالياً معاصراً`.
- قصر شايو
- ولا شك أن أحد عوامل نجاح الفنان هو مكان إقامة معارضه في شايو بقلب باريس.. أن شايو هو قصر المتاحف حيث يضم إلى جانب متحف السينما متحف الإنسان والمتحف البحري بخلاف المسرح الشعبي الذي يعتبر أكبر مسارح فرنسا ويتسع لثلاثة آلاف متفرج.. ويضم القصر سينماتيك باريس الشهيرة التي بها أكبر مكتبة سينمائية في العالم وقد جمعها وأشرف على تنسيقها مسيو `هنري لانجلوا` الذي كان من أهم العوامل في تشجيع الفنان وتقديمه للأوساط الفنية إذ فتح له قاعة متحف السينما ليعرض بها أعماله.. كما أنه وجه الدعوة بأسمه لحضور معرض رمسيس مرزوق الثالث وقد كان من نتائج هذا المعرض اهتمام النقاد بمتابعة رمسيس.. كما فتح أمامه ميدان العمل السينمائي في باريس نتيجة لكلمات لانجلوا التي شرح بها أعماله قائلاً: `أن الحركة داخل الكادر هي الأساس في لوحات الفنان.. ويسيطر على هذه الحركة الجانب السينمائي عنده، فيخرج بها عن الصورة الثابتة رغم أنها تبدو مجرد صورة فوتوغرافية..` واضاف لانجلوا: `أن اللغة التي يستخدمها هذا الفنان لا تقف عائقاً بين المتفرج واللوحة.. فأستطاع أن يوصلها للجمهور بسهولة`.
- وقد كان هذا التعليق من العوامل التي أوضحت أن إتجاة الفنان المصرى إلى التجديد وإلى تسجيل الجماليات بالكاميرا مؤسس على فهم عميق لطبيعة التصوير السينمائي من ناحية وقادر على إجتذاب الجماهير دون أن يتعالى عليها من ناحية أخرى.
- وكان من المقرر أن يقام المعرض الرابع للفنان بالقاعة الكبرى التابعة لمتحف اللوفر في باريس في شهر مارس 1970.. ولكن الفنان تبين أن القاعة محجوزة لمدة 3 سنوات متتالية وكان أمامه أن يختار بين أقامة معرضه في اللوفر لمدة 10 أيام في مارس الماضي أو أقامته في متحف السينما لمدة شهر كامل.. وفضل تأجيل المعرض لأكتوبر من نفس العام وإقامته بمتحف السينما بقصر شايو.
- أما المعارض الجماعية الأخرى التي شارك فيها خلال السنوات الست التي قضاها في أوروبا فتبلغ ثمانية معارض عامة بعضها في باريس والباقي في موسكو ونانسي ومون ثارجي وغيرها..
- جسم المرأة منظر طبيعى
- بالإضافة إلى كلمة جاك لاسيني التي قدم بها معرض الفنان الأخير.. فقد كان هذا المعرض الرابع بمثابة مرحلة الأنتقال الكبرى إلى العالمية في فن رمسيس مرزوق.
- أن أبحاث الفنان الجديدة التي تتركز على الجسم النسائي الذى إنصرف الفنان إلى التعمق في جمالياته لإستخراج لوحات تشكيلية من تفاصيله الصغيرة قد تحققت من خلال استخدام الأضواء والظلال، والعلاقات الخطية والجسمية لتحقيق تكوينات جمالية منتقاة وخالية من الإثارة الجنسية.. لقد تحول جسم المرأة بين يدي الفنان إلى محراب للتعبد ومكان للإكتشاف حيث يبرز القيم الجمالية في تفاصيله الدقيقة التي لم تخطر على بالنا من قبل حتى عرف هذا التخصص عن الفنان المصري وشارك بجانب من هذا البحث في تصميم إعلان عن صناعة كراسي الركاب بالطائرات ونشر الإعلان على صفحتين كاملتين في مجلتي `الأوبزر فاتير` و`باري ماتسن` فأثار ضجة واسعة في الأوساط المهتمة بفن تصميم الإعلان .. كما أدى إلى رواج المجلتين.. أن الإعلان عبارة عن 50 لقطة صغيرة نشرت متجاورة وكلها للجزء السفلي من ظهر المرأة وليس فيه لقطة مكررة.. ويقول الإعلان. كل هذا الجمال يتحقق من استخدام هذا الكرسى.. فهو لا يشوه جمال الجسم!!
- أم المعرض فيتمثل نجاحه في العرض الذي تقدم به `هنري كالبا` رئيس تحرير مجلة `الفوتوغرافيا الحديثة` لطبع كتاب عن الفنان بأربع لغات هي الفرنسية والألمانية والإنجليزية والعربية.. وسيتراوح ثمن النسخة الواحدة ما بين ثلاثة جنيهات ونصف إلى أربعة جنيهات.
- هذا من جانب ومن جانب آخر فقد انتقت المكتبة القومية في باريس 40 لوحة لشرائها وضمها إلى مجموعاتها.. وكلها من مقاس 30X40سم وذلك للاحتفاظ بها في أرشيف خاص بالفنانين أصحاب الإتجاهات الجديدة والمدارس الحديثة.. وقد اختارت المكتبة هذا العدد لكي تقيم عند الحاجة معرضاً خاصاً متكاملاً لرمسيس مرزوق عندما تقدم فناني عام 1970.. ولهذا تحرص على اقتناء عدد يكفي لإقامة معرض يمثله تمثيلاً كاملاً.
- وقد طلب قسم الدراسات الإنسانية بكلية الآداب بجامعة ديجو في فرنسا اقتناء مجموعة من اللوحات.. هذا بالإضافة إلى ثلاث دعوات من اليابان والسويد ولبنان لإقامة المعرض في عواصم هذه الدول على التوالي.
- وأثناء إقامة المعرض نظمت ثلاث مدارس للتصوير الفوتوغرافي في باريس محاضرات لطلابها كجزء من برنامجها الدراسي أقيمت كلها في قاعة العرض وتمت خلالها مناقشات واسعة بين الفنان والطلاب حول اللوحات وطريقة تنفيذها.. وتعتبر هذه الزيارات بديلاً للمحاضرات التي يلقيها الأساتذة الزائرون في الجامعات.. كما أقيمت ندوة خاصة في نادي التصوير الفوتوغرافي في باريس المعروف باسم نادي 30x40، حيث ألقى الفنان محاضرة عن أسلوبه الفني أعقبتها مناقشة واسعة.. هذا بخلاف الإهتمام الصحفي الواسع من الجرائد والمجلات المتخصصة.. فلم تغفل المعرض جريدة واحدة.. أما خارج فرنسا فقد تناولت المعرض مجلات `التصوير اليوم` و`الفوتوغرافيا` الإيطالية ومجلة `مدريد` في إسبانيا.
- فرامو
- لقد أدي هذا النجاح الفني الواسع إلى نجاح عملي مصاحب له.. فإتسعت أعمال شركة فرامو التي أسسها الفنان مع مجموعة من أساتذة معهد السينما بباريس أمثال `برنار نيزان` وهو الذي أسهم في تأسيس معهد السينما في مصر، والمخرج `جون لوك` المتخصص في الأفلام التسجيلية.. أما الممول فهو `برينيه` ويعمل في التصوير السينمائي.
- ويبلغ رأس مال هذه الشركة 50 ألف فرنك وهي تهتم بإنتاج الأفلام القصيرة عن الشرق العربي لحساب شركات التليفزيون الإوروبية كما تعمل على تسويق الأفلام الفرنسية في البلاد العربية وتسويق الأفلام العربية في فرنسا وبلجيكا.
- وكان أول فيلم انتجته هذه الشركة هو فيلم تسجيلي عن الجزائر يتعرض لمختلف المناطق التي تقابل المسافر من شاطئ البحر حتى أعماق الصحراء الكبرى.. والفيلم يتضمن تسجيلاً للرسوم التي اكتشفت حديثاً في صحراء `تاسيلي` والتي تعتبر من الفنون المرتبطة بالفن الزنجي من ناحية والفن الفرعوني من ناحية آخرى.. وقد عرض هذا الفيلم في التليفزيون الملون ببلجيكا وفرنسا وسويسرا.
- كما قام رمسيس بتصوير فيلم لحساب هذه الشركة في لبيبا يعرض قصة الحياة من خلال التقاليد الشعبية المتوارثة والعادات والطقوس التي تمارس عند الولادة والطهارة والزواج ثم الموت..
- بقيت كلمة أخيرة.. أن انتصار رمسيس مرزوق في قلب قلعة الثقافة العالمية هو ظاهرة تستحق الإهتمام من جميع المسئولين عن الأجهزة الثقافية في مصر.. وليس معنى أقامته في باريس أنه خرج من دائرة الضوء المباشرة في القاهرة بمعنى أهماله عند الترشيح للأشتراك في المسابقات والمعارض الدولية.. ويحضر في هذا المجال مثال محدد.. لقد اشتركنا عام 1969 في فرع التصوير الفوتوغرافي في بينالي باريس للشباب بأعمال لم تلفت النظر ولم تحقق أي انتصار في هذا المجال.. هذا في حين أن `جاك لاسيني` رئيس لجنة تحكيم البينالي هو الذي قدم رمسيس للجمهور الفرنسي عندما أقام معرضه الأخير بإعتباره فتحاً جديداً في مجال التصوير الفوتوغرافي.. معنى هذا أن رمسيس إذا مثلنا في البينالي القادم فسنحصل بغير جهد كبير على إحدى الجوائز وندفع فناننا إلى الأمام.
بقلم : صبحى الشارونى
مجلة : الفنون - العدد (1) - يناير 1971