`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
صلاح بيصار

ـ الطفولة عنده ليست طفولة المدينة والحضر وانما طفولة القرية التى عاشها الفنان عندما تفتحت عيناه على ساحة الجامع والجرن والحقل وصحن الدار وشاطئ الترعة فى قرية شنوان .
ـ وبنفس التقشف القروى والبساطة الريفية التى تتسم بالبراءة والشفافية الطفولية التى تصنع مناخ القرية المصرية يتناول الفنان الشاب (صلاح بيصار) موضوعه البسيط جدا والرقيق جداً ويؤلف منه أهازيجه الشجية فى غير تكلف أو أفتعال وكأنه شاعر يعزف على ربابه بوتر واحد .
ـ إن القرية مازالت تعيش فى أعماقه نموذج ذكرياتها فى خاطره ووجدانه حتى اصبحت كيانا غائرا وراسخا فى تكوينه النفسى لا يستطيع انتزاعه حتى وهو فى ذروة انغماسه فى حياة القاهرة عندما كان يدرس وهو طالب للفنون أو حيث يعمل الآن بمؤسسة دار الهلال .
ـ وبنفس التحدى الذى يواجه به طفل القرية واقعه البدائى وحياة الفقر والجفاف فيلجأ إلى أبسط الأشياء يلعب بها ويملأ بها حياته بالبهجة والمرح كأن يصنع من عود الحطب حصانا يركبه أو من حفنة الطين لعبة يلعب بها أو من اطار عجلة قديمة طوقا يسوقه أمامه أو من قطعة من الخشب زورقا يعومه فى الترعة أو المستنقع بنفس هذا التحدى يستخدم الفنان ادوات تعبيره من أبسط الأشياء مؤكدا أن الاشياء الصغيرة أو الحقيرة يمكن ان ينتج عنها أعمال كبيرة وعظيمة تغمر نفوسنا وعقولنا باشراقة صوفية عميقة الأثر حريفة المذاق وان العبرة بجواهر الأشياء لا بمحتواها السطحى او الرغوى .
- ما زال محتفظا بنقاء طفولته فقد قال بيكاسو ذات مرة أننى بدات ارسم كفنان عجوز معمر وانتهيت إلى ان أرسم كطفل فى مقتبل العمر .
حسين بيكار
الاخبار- يناير 1980
صلاح بيصار ... وأنشودته للبساطة
- ردد بابلو بيكاسو - فى مناسبات مختلفة - أنه عندما كان طفلاً كان يقلد كبار الرسامين الكلاسيكيين ، وعندما صار شيخاً أصبح يقلد الأطفال . وقد كشف بيكاسو بهذا البوح عن الموقع الحقيقى للفن وهو الصدق . وكلما اقترب الفن من البراءة والفطرة التى وهبها الله للإنسان ازدادت شعلة الفن تألقاً .
- ولاشك فى أن كل فنان أصيل يغبط الطيور على سهولة تغريدها ، ويغبط النحل على تدفق عسله وموهبته فى بناء أروع الخلايا . يتم كل هذا بيسر لا يملكه الانسان ولا يحقق شيئا منه إلا بعد عناء شديد.
- وفى كل مرة شاهدت فيها رسوم الفنان صلاح بيصار كنت أغبطه على قدرته فى أن يكون على هذه الدرجة من السلاسة والبساطة والنفاذ إلى القلب ، وأن يكون قادرا على الانفلات من التكلف والاستعراض الشائع بين الفنانين. لهذا كان من الطبيعى أن يتألق فى رسوم الأطفال لأنه طفل يرسم لأطفال يحبهم ، فإذا صادفت رسومه وهى فى طريقها لأطفاله شخصا كبيرا نفذت إلى قلبه أيضا! .
- كتب الأطفال
- كان من الطبيعى أن تجد رسومه فى كتب الأطفال ملاذها الأول ، بلغ عددها حتى الآن أربعة وعشرين كتابا ، نال عن بعضها جوائز دولية ومحلية منها : جائزة فرانكفورت لأحسن عشرة كتب للأطفال فى العالم ، كما نال الجائزة الأولى فى الاخراج الصحفى سنة 1987 من نقابة الصحفيين .
- معارضه
- أقام أول معرض له بقاعة الدبلوماسيين بالزمالك سنة 1980 واستعار لمعرضه عنوان ( أنشودة البساطة ) وهو عنوان مستعار من إحدى مجموعات يحيى حقى القصصية . وجاء العنوان وصفا دقيقا ليس لتجربة المعرض وحدها بل لتجربته الابداعية فى مجملها لهذا حرص على إنجاز متتالية لهذا المعرض حملت نفس العنوان .
- اللافت فى هذا المعرض الذى حقق نجاحا ملحوظا هو تركيزه على أكثر الخامات تقشفا وانتشاراً بين الصغار والكبار ( أقلام الرصاص والجاف ). وأذكر أنه عرض كل لوحات ذلك المعرض مرسومة بالقلم الجاف الأسود واستطاع أن يستخرج من صوت الرباب الفقير أنغاما مرئية شجية . وإذا كان غيره ينتظر من الدولة أن تتيح له مرسما قبل أن يخط خطا فى لوحة فلم يكن صلاح بيصار فى حاجة إلى ذلك الترف ، كان يكفيه سطح منضدة يرسم عليها أحلامه بالقلم الجاف الأسود والقلم الجاف الأزرق ، وأقام لكل لون منهما معرضا بنفس القاعة التى يفضلها والتى درجنا على تسميتها بقاعة الدبلوماسيين اختصارا لاسمها الحقيقى ( قاعة التعاون الثقافى الدولى ).
- ولقد أسهمت معارضه تلك فى إعادة الاحترام لتلك الادوات والخامات الفقيرة. وقد كان لى - بحكم السن - السبق فى إقامة معرض كامل بالقلم الرصاص على مساحات لم يزد معظمها على مساحة كف اليد وهى نفس المساحة تقريبا التى نفذ عليها رسوم لوحات معارضه المختلفة وقد يسَّرت تلك الادوات البسيطة أو بمعنى أدق : فتح احترام تلك الخامات آفاقا للبحث فى جماليات الخامات المتقشفة ، وكانت أحد الأسباب فى ظهور مطبوعات الماستر التى أسهمت بدورها فى ظهور أسماء مبدعين ومبدعات يختلون الآن مكانا مرموقا فى الابداع الأدبى امثال : سلوى بكر وسهام بيومى وليلى الشربينى .
- ملامح من الشرق
- ويقدم صلاح بيصار هذه الايام لاقامة معرضا بقاعة ( جميلة بالمعادى ) ويستمر حتى الخامس من فبراير تحت عنوان ` ملامح من الشرق ` وهى لوحات ملونة هذه المرة بالجواش والأحبار يواصل بها - جماليا - الاحتفال بتجليات الخامات المتقشفة التى انفض عنها الفنانون الآن انفضاضا شبه كلى. ولم يبق فى ساحتها الآن غير فنان واحد ارتفعت عنده خامة الالوان المائية إلى مرتبة العقيدة : أعنى الفنان الكبير عدلى رزق الله . استلهم بيصار فكرة المنمنمة كما تجلت فى مخطوطات مدرسة بغداد ورسامها الفذ ` يحيى الواسطى` وقد استلهمها بيصار بطريقته الخاصة ، بمعنى عدم التنازل عن طبيعة الطفل صلاح بيصار وفطريته . وقدم لوحات تبدو - فى شكلها الاستعمالى أشبه بالكارت بوستال وأن زينها باطار زخرفى يحيط بمعالم المشهد الحكائى الذى ينم باشاراته ورموزه عن بيئة عربية صحراوية مشمسة ، فهناك الخيام والبعير والألوان الصريحة والنقية فى آن واحد . وعلى الرغم من الطابع الحكائى للرسم فقد أكده بيصار بعناوين وصفية ، مثال ( الفروسية والبطولة حتى آخر العمر) أو ( مرحبا .. دعوة للضيافة ) وهكذا .
بقلم : محمود بقشيش
مجلة الهلال مايو 1999
الفنان والناقد الطيب صلاح بيصار
- يدهشنى بحيويته المرتبطة بقدر كبير من الطيبة .. ملامح وجهه تبتسم لك فتراه دائم البشاشة .. فهو فنان بداخلة ناقد ، وناقد بداخلة حب للجميع .. مثقف بامتياز ، وعاشق للأطفال والابداع لهم .. لا يبخل بمعلوماته على أحد ، ولم يطلب مجاملة له ، ولم يزاحم أو ينشغل بتوزيع المهام والأدوار ، فاستراح من وجع الدماغ واكتفى بحب الجميع له .. إنه صلاح بيصار ابن الدلتا الذى اهتدى مبكرا إلى أن سريان مياة النيل تجرى فتروى ، فاختار أن يكون كذلك .
اقترب صلاح بيصار من كبار الفنانين والمثقفين فكانت تربطه بزكريا الزينى صداقة كبيرة فرأى فية البساطة والعمق وتعلم منه ، وارتبط بحسين بيكار الرائد والفنان الشامل وكتب مذكراتة التى نشرت بالمصور عام 1992 وحامد سعيد رائد مدرسة الفن والحياة والذى أكد على تواصل الفكرة الدينية فكرة التوحيد من الفراعنة ` إله واحد آتون ` عند اخناتون وحتى المسيحية والإسلام والذى تأمل آيات الإبداع الإنسانى المصرية وقرأها بعين بصيرة عين زرقاء اليمامة .. وأيضا حسن سليمان المصور الفيلسوف وشارك فى كتاب حول حياته وعالمه مع الناقد محمد حمزة والفنان سمير فؤاد ` حسن سليمان ` آخر فرسان الخمسينات ` وغيرهم الكتير .. نحن نتعلم من الكبار والصغار .
كان لنشأة بيصار آثر كبير على المستوى الإبداعى التشكيلى والنقدى وعلى مستوى القيم التى تجعل الفرد داخل المجتمع يدرك المعنى الحقيقى للتفاعل والتأثير والتأثر والأخذ والعطاء فقد نشأ بقرية ` شنوان ` القريبة من شبين الكوم ويفصلها بحر شبين عن قرية الدلاتون التى نشأ فيها الكاتب الروائى عبد الرحمن الشرقاوى صاحب رواية ` الأرض ` التى تحولت إلى فيلم من إخراج يوسف شاهين ، وكانت قريته مسرحا للأحداث والصراعات بين الفلاحين والإقطاع أو الطبقة البرجوازية الزراعية .
فى طفولة بيصار كانت قرية ` شنوان ` بلا كهرباء إلا أنها كانت تتحول إلى قطعة من النور فى الاحتفال بالموالد الشعبية ففى مولد سيدى سليم وسيدى مزروع تضاء القرية فجأة بأفرع النور عن طريق المولد الكهربى .. وكان القمر مصدر الضوء الوحيد فى الليالى المظلمة مما ساعده على نمو الخيالات .. وكانت هذه البيئة الريفية بإمكانياتها البسيطة تحفز على الإبداع والابتكار وهى التى أفرزت علامات فى الفن كالمثال محمود مختار المبشر الأول بالنحت المصرى الحديث صاحب نهضة مصر والخماسين .. فهى بيئة طاقتها الإبداعية المحفزة غير محدودة فى ذلك الوقت وكان الطفل يعتمد على نفسه وخياله ويصنع ألعابه بيديه كما كانت الألعاب الشعبية مصدر متعة وتعتمد على الابتكار الذاتى والتعبير التلقائى مثل الطائرات الورقية وعرائس ومجسمات الطين والقماش وحصان القش .. وهناك تربى أيضاً على رائحة أزهار القطن الصفراء وزهور البسلة بلونيها الأبيض والبنفسجى وكانت القراءة الوسيلة الترفيهية لجيله ككل أبناء القرية من المبدعين .. فكان يقرأ كل ماتطوله يداه من كتابات : نجيب محفوظ وإحسان القدوس ويوسف ادريس ومحمد عبد الحليم عبد الله والشرقاوى وسعد مكاوى وسعد وهبة ويحيى حقى وتولستوى وهمنجواى وسارويان وساعدة فى هذا مكتبة والده مدرس اللغة العربية والمحرر المحلى لصحيفة المساء.
فى لقاءات كثيرة جمعتنى بالفنان الناقد بيصار، وجميعها أكدت لى أن هذا الرجل متدفق العطاء ، وهذا مادفعنى لسؤاله عن مشروعة الفنى الخاص به فقد أقام سبعة معارض فردية من عام 1979 حتى 2005 ثم انقطع ليفاجئنا بالمعرض الفردى الثامن عام 2016.
قال لى بيصار : ` منذ معرضى الأول كان يحمل اسم ` أنشودة البساطة ` وهو اسم كتاب للأديب يحيى حقى الذى أعتز بأنه ينتمى الى مصر يشجى ويطرب ويبهج .. عموما أعمالى موزعة بين الرسم والتصوير فيها روح الفانتازيا .. وفى المعرض الأخير ` ليالى الشرق ` جاءت الأعمال من وحى الشرق الفنان بتعبير د. زكى نجيب محمود تتماس مع التصوير الإسلامى وفن المنمنمات .. نحن لدينا تراث عميق ومتسع من المصرى القديم والفن القبطى وإلى الإسلامى تتواصل فيه الحضارة المصرية بخصوصية شديدة` .
كان لابد أن أسأله عن منهجه كرسام للأطفال خاصة وقد قام برسم أكثر من مائة كتاب للأطفال فى المراحل العمرية المختلفة من ما قبل المدرسة حتى مرحلة الفتيان ` بداية الشباب `.
أجابنى بيصار ` أشعر أن بداخلى طفلا صغيرا كثيرا ما يبكى رغم ابتهاجه أحيانا ، وأحاول أن أعبر من خلاله وبشكل تعبيرى لا يخلو من بساطة وتلقائية عن كل ما أرسم بالنسبة لأطفال ماقبل المدرسة وحتى الفتيان أو الأطفال الكبار المقبلين على مرحلة الشباب .
لقد حصلت على جائزة معرض فرانكفورت وهو أكبر معرض للكتاب فى العالم ` جائزة أحسن عشرة كتب ` عام 1997 عن كتاب ` سيد الخلق ` علية الصلاة والسلام وهو خمسة أجزاء ` 200 لوحة ` وكتاب محمد فى 20 قصة لرائد أدب الأطفال بعد كامل كيلانى عبد التواب يوسف حصل على جائزة ` الآفاق الجديدة ` من معرض بولونيا الدولى لكتب الأطفال بإيطاليا . وهناك كتاب ` الرسول فى عيون اندرسون ` فى قائمة الشرف للمجلس العالمى للكتاب فرع لندن .. وأعتقد أن وراء ذلك .. الحب لهذا العالم وأن نكون مشاركن بالقليل فى صنع البهجة فى الثقافة البصرية لأطفالنا من خلال الصورة `
كان لابد أن نكمل حواراتنا المتفرقة بسؤاله عن منهجة كناقد استفاد من كتاباته آلاف الفنانين والنقاد والمتذوقين للفن .
وكان رد بيصار: ` البساطة ` هى الأساس والمنهج .. الفن التشكيلى يعيش أزمة كبيرة رغم أنه فى مقدمة الفنون فى الحاضر والتاريخ .. والتحدى الحقيقى أن يعيشه الوجدان المصرى وهذا هو دور النقد .. أن نرتفع بالذوق العام الذى يجعل المتذوق ينجذب للإبداع ودور الناقد مكملا لدور المدرسة المنقوص أقول لوزير التعليم حصة التربية الفنية متى تعود حصة أساسية ومتى تصبح زيارة المتاحف المصرية فى برنامج الرحلات المدرسية .. أقصد المتاحف الوطنية ومتاحف الفنون والنقد مسئولية كبيرة خاصة مع ثورة الاتصالات وصك مصطلح الفنون البصرية الذى ظهر فى الثلث الأخير من القرن الماضى نحن نقطة فى بحر المعرفة `.
وعن الصراع الدائم بين مشروعه الفنى الذى ينوى تحقيقه ودورة كناقد . قال بيصار ` مشروع أن أصل إلى عنفوان التصوير وتلك مهمة صعبة .. الفن خبرة والنقد يجهز على الإبداع .. ورغم هذا لانمتلك سوى الحلم .. أيضا أشعر بالسعادة فى أننى أحاول أن أضىء شمعة ففى البدء كانت الكلمة `.
د. سامى البلشى
الإذاعة والتليفزيون
معرض صلاح بيصار فى قاعة أوبنتو: لوحات `بيصار` تبدو كخريطة لحلم طفولى
- أمام لوحات يدرك المشاهد أنه كى يحصل على الحرية عليه أن يحصل على البساطة أولا.
- يعرض حالياً الفنان الناقد الكبير صلاح بيصار أكثر من ثلاثين لوحة متوسطة الحجم منفذه بالجواش على ورق فى قاعة اُوبنتو.. فى لوحات العرض ولوحات الفنان بيصار منذ البداية من الصعب علينا البحث عن المكان فى اللوحة.. وعلينا ألا نحاول البحث عن المكان داخل لوحات بيصار اللامكانية.. فأيضاً هنا لا زمان.. إنها حالة من الفضاء المفتوح البلا زمن.. وحتى فى لوحاته الشمس قمرية هما ليسا لرصد الزمن أو الوقت أو حتى بث النور فى عالم مضئ من قبل.. لتصبح الحالة داخل لوحاته وألوانه قصائد بصرية منظومه دون كلمات.. لتعبر بصدق عن زمن البراءة المنسية بعناصرها وألوانها ولازمان ولا مكان ممارسة اللوحة لبراءتها.
- ومظهر البراءة كما فى اللوحات لم يقتصر على الأطفال فى احتفالاتهم الطفولية كرمز مألوف للبراءة.. بل ازدحم عالمه برسوم مهرجى السيرك الملونة وجوههم والملابس بصحبة خيول ملونة وحيوانات من خيول وأبقار وخرفان وكلاب وقطط وأسماك وطيور وأرانب وبط وديوك وعصافير.. وقد وضعهم الفنان جميعاً معاً أمام خلفية من الألوان الصافية كجزء مرادف لتكوينهم النفسى البرئ.. والذى ألف بينهم حالة من الانسجام لكائنات تعيش عالم يسوده السلام بين عازفى طبول وحاملى أطباق الطعام والمشروبات.. وطيور تُطعم بعضها البعض.. وديوك تتسلق ظهور بقر آمنه.. وأسماك تسبح فى الفضاء وبعضها يُغادر المياه وأخرى تتسلق حبال السيرك.. وأسماك ممسكه بأوراق الكوتشينة.. وأسماك تمتطى متدرجه هرمياً ظهر سمكة أكبر فوق سطح الماء.. وسمكه تلعب مع قط.. وكلب يلعب الكره.. وحصان يحمل زهور لعروسة مولد.. وقرد يرفع بالونات ملونه.. وشجره تطرح عيون.. وكلب يتطلع آمناً لثعبان مائى ملون.. هذا بعض ما تقدمه لوحات الفنان بيصار كحالة من الحلم.. التقطها وجمعتها روح طفولية كامنه كأنه يعود بخياله إلى عالمه الداخلى القديم طوعاً ودفعاً ليُنثر مفردات هائمة فى فضاء خياله مشكلاً بها معالم قصة نسمع لها أصوات حيوانات وطيور وإيقاعات موسيقية وألواناً يرسم بهم معاً خريطة لاند سكيب للحلم.
- للفنان لوحات عديده مُضيئة ببراح نفسي وذهني كونها تلقائياً وببراءة من مشاهداته طفلا لسماء قريته ونجومها وقمرها ونوافذ القرية المضاءة المتناثرة بقع ضوء فى براح فضائى.. فبدا له عالمه الصغير سابحاً فى الفراغ المحيط وبه تشكلت علامات عالمه الاولى.. ولم تنمح مع الزمن لا براءة ولا حيوية رسوماته.. ليكشف الورق الملون بألوان الجواش عن عالم غنى برموز استعاريه هى رموز رحله حياته ذاتها.. حياته التى بدت وقد جمع مفرداتها معاً على متن مركبه حلقت به عاليا فى مسار بعيد عن الواقعية الدنيوية.. كأن الفنان أغلق نفسه على بداخله عن عمد ليحتفظ بنقاء عناصره وشخوصه بموسيقاها وأدواتها.. وقد جمعها فى لفائف من النجوم مترحلاً بهم مدى حياته فوق أوراق الرسم.
- أحيانا أرى رسم معين للفنان بيصار فى لحظة لكنى أظل أفكر فيه وأتذكره طويلا.. وأيضاً يمكن الخط البسيط الملون فى لوحاته يهبنى إيحاء بالحرية والسعادة دون دلالة أو تبرير غير أنه يتحول كمظهر للسعادة فألتقطها قبل أن تختفى اللوحة.. ثم آتى بالمبررات أو الكلمات لاحقاً.
- وأمام لوحاته يدرك المشاهد أنه كى يحصل على الحرية عليه أن يحصل على البساطة أولاً وهذه هى لوحاته.. شدة بساطتها تهبك الحرية.. فتتحرك فى أى اتجاه داخل كل ذلك الفيض من النقاء والبساطة.. وأيضاً تستشعر أمام لوحاته ان الشعر والرسم ينتمان بنفس الطريقة التى تجعلك تتذوقهما معاً.. لذلك أمام لوحات بيصار لا تكن حذرا ولا تكن منظرا فى التفكير بل كن على استعداد ليخوضك عالمه ويحتضنك.. ربما نسترد به براءة طفولتنا المفقودة.. حتى نكاد نستشعرها كائن حى يكاد ينهض ليمد جناحيه محلقا فى فضاء اللوحة لنيل براءة عالم الفطرة المفقود.
- يرسم بيصار الربيع والصيف دون نباتات أرضية لكنها جميعاً تشكل حديقة زهور تنمو أمامنا متخذه مسارها الطبيعى ألواناً وروائح ليقدم ما يماثل جمال طفله بريئة أو قصيده أو مشهد لسماء ونجوم وقمر وموسيقات هائمة.
- يبدو أن الفنان بيصار لا زال يجمع داخل مرسمه عناصر ورموز البراءة.. تحيا عنده تتنفس بحرية.. وتهزه بعيداً عن الواقع.. ومنها معاً اكتسب الحرية والعطاء والبساطة ودهشة التلقى.. لذلك هو لم يتوقف عن الرسم طوال حياته.
بقلم : فاطمة على
جريدة القاهرة 29 أكتوبر 2019
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث