|
أحمد عبد الفتاح على محمد السطوحى
حين قدم الشاب أحمد السطوحى فى أوائل الستينيات من ريف مصر إلى كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية فأتم دراسته فى قسم النحت بها . لم يذهب بعد ذلك كما المتبع إلى عاصمة فنية أو أوربية أو جامعة خارج مصر . بل أعد رسالته للدكتوراه فى بلده الأم وبدأ نشاطه فى كليته وجامعات عربية كأستاذ فى فن النحت وأعنى بقدومه من الريف أنه قدوم من البساطة والفطرة والعديد من الموروثات والأعراف والتى تشكل الكثير من نسيجه الوجدانى مثل الكثير من جيله فى نفس الزمان وذلك يعنى مصرية على الفطرة دون تجمل ودون مؤثرات خارجية ، لذا فهو يتمتع بعناصر أصبحت غير متوافرة فى القاموس المعاصر ، أو اختلفت اليوم دلالاتها ومحتواها ومواقعها كالعفه مثلا ، فهذه تدخل فى النسيج الوجدانى بوعى أو بدون وعى عن إلحاح خاص أو عن طواعية لرؤية ما يراه صوابا أو أنها تدخل فى العمل الفنى بصفتها دلالات مستحبة أو ذات ايقاع أو عفيف وكيف يتم هذا ونحن فى غمار مفارقات عديدة بين ما هو محلى وما هو عالمى كما لو كان قياس الجودة رهن بقربة مما هو عالمى ، لم يكن ذلك مشكله من مشاكل وهموم الفنان أحمد السطوحى فهو غير منسحق أمام الغرب كما أنه متوازن مع موروثه من التاريخ فى واقعة .
- إختار الفنان خامة الحديد والصلب يزاوجهم باللحام والانصهار معا حتى لتبدو بعض الأعمال وكأنها مسبوكة وليست مشكلة فيبدو العمل كوحدة منصهرة مع نفسها رغم أن العناصر والقطاعات التى يستخدمها فى تشكيلة تحمل سمات خاصة بها بوصفها عنصر ذو وظيفة محددة مسبقا ، إلا أن إعادة تركيبها يكتسب بعدا عضويا ملىء بالدفء الانسانى الذى صاغته إرادة الفنان ، أما عملية إنصهار المعدن على السطح الأملس ، فهو يعيده إلى حالته الخام الأولى وكأنه يعيد للمعدن عفويته الأولى وينغم سطحه الأملس ويبدو لنا اختيار الفنان للون الاسود المعتم اختيار موحشا إلا أنه يجعل من حيوية التشكيل فى الفراغ القيمة الأساسية التى تعطى للعمل قوته ومذاقه وهنا تكمن الصعوبة فى أعماله وهذه أيضا من موروث القرية الذى يجنح للإقتصاد والتحشم وعدم الجنوح لألاعيب الابهار التى تكثر فيها الصنعة ويقل الطبع حتى يضعف ويبتذل .
- لم يقع أحمد السطوحى فى هذا الشرك الجميل الخادع وفى كل أعماله جنوح إلى علاقات اشتباك الإنسان بالآله عن ضعف الإنسان وعن موته ايضا واحيانا انسحاقه أو هشاشة فى عصره رغم صلابة الخامة فهو يقيم هيكلا قويا يكون هو البناء المعمارى للعمل ثم يركب موضوعه عليه ومعه وهو بهذا يحدد موضوعه مسبقا ولا يسير على هوى الشكل الموجود أصلا فى القطعة ومدى قربه من الأشكال المقروءة إن الخامة واللحام والتركيب والقطع وصهر المعدن وتحويله إلى عجائن كل ذلك مسخر لتنفيذ موضوعه المسبق وهو بهذا ينتمى أو يميل إلى توصيل رسالة ما خلال تعبيريته الرمزية أو حالاته الميتافيزيقية وما زال قياسنا قائم على الموضوع فلا يوجد فى القرية ايضا كثير من ترف اللامعنى أو اللاوظيفة .
- ولقد ذكرت القرية كثيرا ، وأنا اعنى بذلك قيمة ايجابية حيث ان القادم من الريف فى كافة دول العالم يمتلك عادة مساحة قريبة من الطبيعة فى روحه وهى تملى عليها أما سكينة إستاتيكية أو ملوهمة فى شكل نحتى ضخم أو صرحى عالى التركيب وهو فى جميع الحالات يجعل للتشكيل المعدنى حضور انسانى وبهذا يعطى التشكيل فى حد ذاته شكلا من أشكال الجواب ينبهنا إلى الصلة بين الحواس والمعنى وهذا يؤدى ليس للتساؤل عن ماهية التشكيل والفن نفسهما بل للتساؤل عن أهميتها عند الإنسان .
- فالفنان أحمد السطوحى هنا معاصر بمعنى أنه يقيم إتصال مع الآخرين من خلال أعماله فهو فى حاجة الى الجواب الذى يعطيه من نفسه والجواب الذى يتلقاه من العمل نفسه فالتشكيل هنا ينشأ عن طريق الحواس والمعنى مجتمعين فنوعية الحواس ومضامين المعنى تحدد مسار التشكيل الذى هو إبراز لشىء إنسانى أو ذو مغزى فهو فنان مهتم بالإتصال وهذه سمة ليس فقط لفن النصف الثانى من القرن العشرين أو الربع الأخير منه ، بل لشكل الحضارة المعاصرة عامة والقائمة على الإتصال .
- ومن سمات الرغبة القوية فى تحقيق هذا الاتصال الانسانى هو جنوحه إلى الأعمال الصرحية التى تعيش فى الميادين المفتوحة ويطالعها كل الناس أكثر مما تعيش فى الغرف المغلقة وهذه هى الوظيفة الأساسية للنحت ، والمعاصر منه تحديدا أما ولع الفنان الرئيسى فهو اعادة صهر وتنظيم العناصر وتركيبها فى علاقات إنسانية مبتكرة أو علاقات عضوية أو نباتية حميمة وهو ينجح فى كل ذلك وأيضا يعيد للمعدن وجهة الخام كأنما يعيد له البراءة والعفوية والدفء .
ثروت البحر
وداعا احمد السطوحى .. والصرحية.. من نفايات الحديد صاحب.. الحركة والطاقة
-عن عمر يناهز 81 عاما رحل المثال احمد السطوحى.. أستاذ النحت بالفنون الجميلة بالإسكندرية والنقيب الأسبق لنقابة التشكيليين بمدينة الثغر.. بعد رحلة من الإبداع امتدت لما يربو على ستين عاما.. شكل خلالها عالما من الحديد الخردة `بما يعد علامة ومساحة فى لغة الشكل.. بعد الرائد الأول صلاح عبد الكريم`.
- عالما من بديع التشكيل فى الفراغ.. بين التشكيل الأفقي والراسى والشكل الدائرى يعكس لحركة الحياة والعصر الميكانيكي.. مع إعماله الأولى بالجص والبرونز كما فى تماثيله للفلاحة.. والإيقاع التعبيرى الدرامى للمحاكمة فى متحف دنشواى.
- علامة ثانية
- إذا كانت أعمال الفنان صلاح عبد الكريم تمثل الريادة فى التشكيل المجسم.. من ركام الحديد فى الفن المعاصر.. فقد لان له بمنحوتاته التى شكلها من أكوام الخردة: من المسامير والمفاتيح والصواميل والأسياخ والرومان بلى.. فتألقت بالجمال محملة بالمعانى الإنسانية كما فى البومة من المسامير والضفدعة من الكرات المعدنية `الرمان بلى` فتحول الحديد البارد إلى قوة تعبيرية تنبض بالحيوية.. كما جعل من تمثاله المسيح أيقونة لمعاناة الإنسان المعاصر.. بتلك الأسياخ والرقائق المعدنية ومع تمثاله صيحة الوحش.. جاء تشكيله للحصان صورة عصرية للرشاقة والحيوية.
- ولاشك أن أعمال الفنان احمد السطوحى `مع اختلاف القيمة ودراما التعبير`.. تعد علامة أخرى فى التشكيل المجسم والنحت المباشر بنفايات الحديد.. بهذا التراكم التعبيرى الذى يمتد فى مراحل متعددة من النحت بالجص والبرونز والتشكيل المجسم برقائق النحاس.. خلال هذا التوليف الذى يتسم بثراء التشكيل والتعبير وتنوع الملامس من حالة إلى أخرى.. فى دنيا من المشاعر والأحاسيس.
- سحر الجنوب
- فى عام 1942 بمدينة أسوان ولد الفنان احمد السطوحى.. ونشا بتلك البقعة من جنوب مصر.. تالقت بسحر الخيال من حكايات الجنيات من التراث الشعبى النوبى.. مع لمسة التشكيل التى تألقت بالتصاوير والمجسمات من رسوم الحج والحصير الملون والاوانى وأطباق القش.. كل هذا مع آيات الإبداع الإنسانى من الفن المصرى القديم.. وانتقل من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال.. إلى الإسكندرية.. حيث أسطورة عروس البحر.. التى تشكلت بين الرمل والزبد وقوة الأمواج بزرقة المتوسط.. تمتد بلا انتهاء تعانق زرقة الأفق.
- التحق السطوحى بالفنون الجميلة وتخرج منها عام 1966 قسم النحت.. وبعد تخرجه بدا طريقه فى الإبداع.. خاصة والفن بالنسبة له أشبه بفرح شخصى مع وظائفه الأخرى فى التشكيل والتعبير.. وهو صاحب إنتاج غزير تألق فى عشرات الأعمال.
- يقول: `تكمن رؤيتى التعبيرية.. فى الجمع بين القديم والحديث التراثى والمعاصر.. وقد كان رائدا فى كل ما أنجزت: المنطق الرياضى مع كل إبعاده الوجدانية حيث يبدو بشكل مباشر وغير مباشر`.
- الفلاحة والبدايات
- وربما كانت منحوتته `راس فلاحة` من البدايات الأولى `من الجص` أكثر.. تعبيرا من حيث تأثير الفن المصرى القديم والذى تميز بالجلال والصرحية.. مع التفاصيل الصغيرة من العيون اللوزية والأنف المستقيم ممتزجا بالروح الشعبية من خلال المنديل المنسدل على الجبهة والنقوش الدائرية.. وفى نفس الوقت يتمثل فيها المنطق الرياضى من البناء المحكم والسطوح الهندسية.. وفى تمثال راس الحصان يتشكل بنفس المنطق وهو مسكون بالرمز يبدو بملامح اخناتونية مع استطالة الرقبة.. ومن فرط ذلك تخف كثافته.. فيبدو مقتحما للفراغ من أعلى فى شموخ وسمو.
- وعموما تتميز منحوتات السطوحى.. برسوخ الكتلة وثباتها وارتباطها بالكيان العام لهذا الكون.. حيث تتواءم مع الفراغ المحيط لا تفرط سطوتها عليه بل تتعايش معه بنظام ومنطق النمو الطبيعى للكائنات الحية من النبات والإنسان والحيوان.. وهناك أعمال تأخذ صفة التضاريس الصخرية تتميز بالمنطق الهندسى.. فى انحناءات قوسية وأشكال دائرية.. وأحيانا تبدو فى إيقاع عشوائى غير منتظم.
- ويعد تمثال الفنان `المحاكمة وتنفيذ الحكم` يطل حاليا بمتحف دنشواى بالمنوفية.. صورة حية للتعبير الدرامى مجسدا فلاح القرية الذى تمت محاكمته وهو فوق المشنقة.. بملامح الطيبة والأسى والحزن.. كما ترتكز الدراما من الأمام فى هيئة الوجه والجسد وتصل إلى ذروتها من الخلف.. فى اليدين المكبلتين بوثاق محكم.
- يشير السطوحى من قبل إلى هذا التشكيل النحتى بقوله: `جاء اختياري للفلاح الذي تمت محاكمته وينتظر سماع الحكم وهو فوق المشنقة.. وهي لحظه فارقه في حياة هذا الفلاح.. الذي اطرق لسماع الحكم ودار بخلده إبعاد الضياع.. وتجسدت هذه الفكرة وهو يرتكن فى وثاقه إلي احد قوائم المشنقة.. وهنا تكمن ذروة التعبير الدرامى فى عمق هذه اللحظة.. فالهواء يلفح جلبابه على قدميه العاريتين ويداه من خلفه.
- أكتوبر والعبور
- وتمتد أعمال الفنان السطوحى تجسد الجانب الوطنى.. فى مجموعة أعمال للعبور.. جاءت بمثابة ملحمة تشكيلية.. تجسد انتصار السادس من أكتوبر `من الشمع والجص` وهى عبارة عن مجسمات تشكيلية تتميز بطابعها التعبيرى وتنساب بالدراما النسانية.. كما فى منحوتته `رفع العلم` والتى تبدو فى كتلة مسطحة مع التركيز والاهتمام بالشكل الخارجى الذى يتناغم فى انحناءات تشكل جنديين مع العلم المرفوع فوق ربوة.. وهو يصل الماضى بالحاضر فى تشكيل `سفينة العبور` والتى تحمل مع الجنود ما يوحى بمسلة.. وتتنوع التشكيلات من الجندى المحارب الى الخروج على الإطار الدائرى وهذا التشكيل البديع الذى جسد فيه حمامة السلام فوق بناء صرحى.. يوحى بهيئة معبد فرعونى وتخف كثافة الحمامة فى لحظة استعداد للانطلاق والطيران.. من خلال الطابع الهندسى المسطح للجناحين.
- يقول: `لقد تبلورت البدايات التى أثمرت عن انتخاب موضوعات تعكس هذا الاهتمام الوطنى وترتقى بتسام مهيب وعزيز كى تعبر عن المعطيات الوجدانية للمجتمع فحلم الماضى العريق لم يفارق خيالنا وعشق البيئة هو شهيق يجدد الحياة ويتواصل معها`.
- والسطوحى فى أسلوب ومنطق التشكيل.. وما يتبع ذلك من حلول للتماثل والإيقاع والاتزان والصرحية ومعمارية الكيان المجسم يؤكد فى أعماله على الجانب الإنسانى.
- الحركة والطابع الميكانيكى
- وقد جاءت منحوتته التى جسد فيها القنفد بالمسامير صورة للدفاع عن النفس.. كما جاء الوحش فى تشكيل بالغ الخشونة بلا تفاصيل.. مجسدا للخوف الداخلى للإنسان.. إنسان عصرنا الحالى وما ينتابه من معضلات.. وتمتد أعمال الفنان فى أشكال وكائنات هندسية خالصة تتعدد فيها السطوح والمستويات تتناغم.. فى أشكال مسطحة وحلقات دائرية.
- وليس هناك ما يوحى بالطابع الميكانيكى لعصرنا الحالى.. من هذا التشكيل الدائرى الذى تتداخل فيه اسطوانات معدنية تخرج على قطرها.. من الخارج أشكال وكائنات صغيرة يتوسطها كائن معلق فى دوامة للحياة والحركة والزمن.. بما تعكس الدائرة من حركة دائبة على محيطها.. فى مسار لا ينتهى أشارة إلى إيقاع الزمن الحالى.
- وفى أعماله عموما يؤكد على تحقيق التوازن بين العناصر وبين العمل وقوة الجاذبية الأرضية محققا توازن القوى.. قوى الضغط الداخلى وما يحمل العمل من طاقة كامنة وما يقابلها من قوى خارجية.. وربما من بين أدوات احمد السطوحى لإضفاء الطابع التعبيرى التأكيد على الملمس.. من النعومة إلى الخشونة ومن الصلابة والقوة إلى الخفة والرقة تبعا للحالة التعبيرية.. وهذا يتحقق فى أقوى صوره فى منحوتة `كلب البحر`.. وما تعكس من ملمس شديد النعومة من الرخام الأبيض.. كما يتحقق فيها الانسياب وسمو اللمسة التى تحاكى الطبيعة.. تتناغم وتتعايش مع الفراغ على عكس منحوتته المعدنية `توازن` والتى يبدو فيها التشكيل مشدودا كالوتر.. تشق الفراغ محملة بطاقة ضخمة.. وفى تشكيل ثنائى اسطواني لشخصين اقرب إلى ادم وحواء.. من النحاس يتألق بسحر الأسطورة فى رشاقة القوام والتفاصيل الصغيرة والأشكال الدائرية.
- ويظل ثور السطوحى الهائل والذى جاء نتاج مشاركته بملتقى مدينتى للنحت فى دورته الثانية.. صورة تنبض بالقوة والحيوية فى لمسات هندسية قصيرة.. مع الضخامة فى مقدمة الثور.. وانحسار وضمور التشكيل من الخلف.. تأكيدا على مكمن القوة من الأمام فى مواجهة من يتصدى.. والبليغ تلك الفتحة القوسية من أسفل ما أعطى للتشكيل هذا التوازن خروجا على الشكل المسمط.
- الأمومة والمقاومة
- وتعد أعمال احمد السطوحى فى مجال الحديد والمعادن من علامات فنه ومنحوتاته فى هذا الاتجاه مركبة من عناصر سابقة التصنيع.. من مخلفات الآلات القديمة والأعمدة والمواسير والتروس والأسلاك والهياكل الدائرية والأسياخ بقطاعاتها المتنوعة والألواح.. والكرات والمسامير والزوايا والخوص واللوالب والأطباق.. فى دنيا من التوليف تتسم بالحذف والإضافة والاختزال.. وهو يستخدم اللحام بوصفة وسيط تشكيلى وليس مجرد أداة.. وصل يقوم بالقطع والصهر وتشكيل الملامس على السطح وإضفاء الحالة التعبيرية.
- وأعمال السطوحى تعكس للعصر الميكانيكى.. عصر الآلة وفى نفس الوقت تجسد صورا معنوية عديدة تتمثل.. فى فكرة الصراع والمقاومة وحصار الإنسان والوجه الجديد الذى يرنو إلى المستقبل.. كما تجسد فى بعضها أشكال وكائنات من الطبيعة من حيوانات وطيور وحشرات.. بلغة المفاصل والتروس والسطوح المعدنية.. كما يطل الإنسان فى رشاقة واستطالة بهياكل معدنية تنطق بالتعبير مفعمة بالعاطفة والدراما.. وهناك أعمال تجسد حالات إنسانية مثل صور الأمومة والأسرة كما فى تشكيله: امرأة تحمل طفلها من الحديد الأسود والذى ينطق بالحب والحنان.
- ومع المرأة الجالسة يعد تمثاله المبتهل.. صورة للتعبيرية التلقائية يمتد فيه الذراعان فى قوس من الحديد.. مع رجل الفضاء الذى يسبح فى الفراغ ومنحوتة استرخاء لشخص على مقعد.
- سلام على احمد السطوحى الفنان وأستاذ النحت.. بعمق ما أثرى من مجسمات فى الفراغ.. تدب فيها الروح.. وتحية إلى تلك اللمسة التى تشهد على عمق الإبداع فى عالمه.
بقلم : صلاح بيصار
جريدة: القاهرة 16-5-2023
- يرتبط التشكيل النحتى لدى بمفاهيم أساسية تؤثر اجمالا فى منطق التشكيل من ناحية، وتؤثر أيضا فيما يمكن أن تتضمنه الأعمال من مضامين من ناحية أخرى، وأول هذه المفاهيم هو ما يختص بتطابقى مع استخدام أسلوب التشكيل المباشر فى النحت، حيث استشعر من خلاله بأن هناك تدفقا حسيا يحقق جسور اتصال حميمة بينى وبين أعمالى، ويترتب على ذلك تحقيق نسيج تشكيلى نابض وحيوى مشبع بفورة هذا التدفق الحسى، وثانيها هو ما يتصل بخامة المعادن من قيم أدائية فنية وانشائية وجمالية لها سحرها الخاص الذى يدعم الأبعاد الدرامية فى العمل. وثالثها هو ما يتصل بالرمز الانسانى من قيم تتعاظم أهميتها كلما كانت وثيقة الصلة بالوجدان.
- غير أننى أرى أن هذه المفاهيم الثلاث يمكن أن تتفاعل بدرجة أعلى اذا ما صممت الأعمال فى اطار علاقة عضوية باللاندسكيب الخارجى، حيث تثمر هذه العلاقة عن قيم جديدة فى رؤية الأعمال، ولذلك قصدت أن أتشوف أعمال من خلال تواجدها فى الفراغ الخارجى، ومن ثم كان اختيارى للمسطح النباتى بمجمع الفنون بالزمالك كى أرى من خلال مكوناته ما يمكن أن ينتج عنها من علاقات يمتد أثرها الى الرؤية التعبيرية فى العمل وحلوله التشكيلية، ويعد هذا هدفا أساسيا أسعى اليه من خلال هذا المعرض.
بقلم : أحمد سطوحى
من كتالوج ( الفنان أحمد سطوحى) بمجمع الفنون مايو 1986
|