`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
أحمد محمود إبراهيم جاد العسقلانى
أحمد عسقلانى يقدم سيرة الطيور ومعاناة البشر
فى أعمال نحتية ورسم يقدم النحات والتشكيلى المصرى أحمد عسقلانى فى معرضه ` سيرة ذاتية للطيور` المقام حالياً فى دبى ويستمر حتى الخامس عشر من الشهر المقبل مجموعة من المنحوتات المشغولة بمواد مختلفة .
معرض عسقلانى فى ` غاليرى آرت سوا ` يشتمل على مجموعة من أعماله النحتية واللوحات الزيتية الجديدة التى يروى فيها سيرة ذاتية وعاطفية فى علاقته مع الطيور خصوصاً والكائنات الحيوانية بصورة عامة . فطيور الفنان عسقلانى ليست طيوراً , بل هى أجساد بشرية بجناحى طائر ورأسه ومنقاره, وتحضر فى المشهد ألوان من الفاكهة التى تمتد إليها منقار الطائر, فى عدد من المجسمات واللوحات اللونية, التى تتميز بحركات درامية تؤشر على شهوة الحياة لدى هذا ( الإنسان/ الطائر). وحضور اليدين البشريتين بصورة تكاد تكون فوتوغرافية مركبة على جسد الطائر , له دلالات على أهمية اليد فى الحياة , ومدى الحاجة إليها .
تتميز أعمال عسقلانى بالغرابة من حيث تشخيص الأعضاء , فهو يمنح الجسم ضخامة لاتتناسب مع الرأس , ويركب رأس الطائر للجسد البشرى , أو الرأس البشرى على كائن خرافى , ومن هنا تكتسب المنحوتة البرونزية جماليتها فى تجسيد التشوهات التى طاولت العصر والإنسان .لكنه يلجأ فى بعض الأحيان إلى التكوينات الصغيرة التى تشبه الكائنات الممسوخة .
فى جانب منفصل من المعرض تقف مجموعة مجسمات تتكون من الحبال والمواد اللاصقة , أجساد بشر بلا رؤوس بأحجام ضخمة شيئاً ما , نصف الذراع مقطوعة , والقدم على صورة خف الجمل , والتكوين متحرك , فهو مائل إلى الأمام , بينما إحدى القدمين راسخة فى الأرض والثانية متحركة فى الهواء
, مع تعدد فى أشكال الحركات , بما يعبر عن عذاب ما فى حالة هذا الكائن .
الفنان المولود فى صعيد مصر 1978 يميل فى عمله إلى البساطة الشديدة دون أدنى تعقيد , فى محاولة منه لتوصيل رسالته للمشاهد , وقد أحرز شهرة جيدة خلال مسيرته القصيرة نسبياً , وهو يستخدم مواد بسيطة أيضاً تنتمى إلى بيئته الأصلية , مايمنح العمل طابع هذه البيئة والناس البسطاء الذين ينتمى إليهم الفنان , ويعطى شعوراً بالصدق والصراحة إلى جانب السخرية . فإضافة إلى البرونز يستخدم المواد الطبيعية من النباتات , وعن ذلك يقول :` الهدف الأساسى وراء ذلك إضفاء حالة من الصدقية على المشاهد لأنها لاتصوغ حياة البشر فى المدينة بل فى القرية حيث الفقراء وحيث يكبر الإحساس بالفجيعة والألم على حياة هؤلاء .`

مجلة الاتحاد - الجمعة 30 / 9 / 2011
أحمد عسقلانى يحتفى بالحيوانات فى معرضه بالقاهرة
- الفنان التشكيلي الشاب أحمد عسقلانى أحد المهتمين بفن النحت والناجحين في السيطرة على أدواته، فهو فنان موهوب، له فطرة متميزة خاصة حين ينقل للمشاهد ما يراه بحرفية شديدة. وقد تجسد هذا على نحو لافت في معرضه الجديد الذي استضافته قاعة `مشربية` بالقاهرة، حيث قدم من خلاله رؤيته التشكيلية الخاصة حول بعض الحيوانات الأليفة منها وغير الأليفة (الجمل ـ الفيل ـ آكل النمل ـ الكلب ـ الماعز)، ومنح هذه العناصر أشكالا خاصة وطابعاً متميزاً في الحضور لتصبح أكثر امتلاء وبدانة بفعل رؤيته الخاصة التي تجلت منذ حضوره على الساحة للمرة الأولى. ولأنه فنان يتعامل بالفطرة، لذا جاءت أعماله جميعها من هذا المنطلق فنجدها أكثر مصداقية وإقناعاً، ولعل معرضه السابق بنفس القاعة كان دليلا على هذا الرأي. حين استخدم خامات البرونز والجص في نحت أشخاص بدينة بلا رؤوس، ربما لتأكيد وجهة نظره المتمادية حول هذه الفكرة (البدانة)، ثم استخدم الألوان الاصطناعية ليضيف إليها طابع التجديد، لكن مع حرصه على نفي دور العقل أو مكانه بالنسبة إليها، فعلى هذا الأساس قامت أولى أفكاره، وفى هذا المعرض يتجلى بعضها بشكل أكثر وضوحاً، وعن طريق وسائطه التشكيلية المتعددة ( الخوص ـ البرونز ـ البوليستر ) يطمح فى تحقيق المزيد ربما لتأكيد خصوصيته التي أخذت طريقها في التحقق شيئاً فشيئاً؛ فالعناصر داخل قاعة العرض عناصر مترابطة مندمجة في حركاتها التي تعددت في اتجاهات ووظائف متكاملة بحيث تضيف إلى المكان المبرر وجودها داخله.
- وهو ما يدفعنا للقول إن الفنان نجح في تدعيم فكرته بأن هيأ لها المكان المناسب الذي يسهم في تدعيمها بشكل واضح، بما يجعلها أكثر اندماجاً وتوافقاً، بحيث تنقل إلينا صورة واحدة لمشهد واحد تتحد داخله العناصر البدنية، لكن مع ذلك هى تحتاج إلى جانب هذه الأمور إلى البعد الإنسانى ليس على السبيل الشكلى وإنما على السبيل المعنوي كدليل مهم على مصداقية الحالة التي تعكسها.
فدوى رمضان - القاهرة
جريدة الشرق الأوسط السعودية - 30 / 3/ 2008

-يقيم جاليري `الفن سوا` في دبى معرضاً للمثال المصري أحمد عسقلاني بدءاً من 17 مارس` ولمدة شهر. يقول: ` اتفقنا على التيمة الأساسية له قبل أن أشرع فى التنفيذ`. وحول تلك التيمة قال : `لا أحب الكلام كثيراً عما أقوم به ولكن ها أنا مضطر إلي الإجابة. المعرض مكون من مجموعة تماثيل، لمجموعة عازفين، كل منهما يبدو فى واد، مستقلاً بذاته تماماً كل منهم يعزف منفرداً، ولا يشعر بالآخر، لا يوجد هارموني ينظمهم، لا يوجد قائد شبيه بقائد الأوركسترا حتى يجمع علاقاتهم في عالم واحد، ليلضم حباتهم في خيطه هل هى أزمة الإنسان المعاصر الذي يعاني من وحدة قاتلة؟ هل هى البحث عن تفرده وسقوطه فى فخ العزلة الإجبارية كما كان بطل ألبير كامو، الغريب، ميرسول؟ هل يعانى هؤلاء من الشتات كما يحدث مع المصريين حالياً ؟ يمكن لكل منكم اختيار إجابة أو تجاهل كل هذا والتوصل إلى رؤية تخصه تماماً`.
- كيف بدأ عسقلاني رحلته مع الفن ؟ يجيب : `كان الأمر فردياً تماماً في بادئ الأمر، في ظل بيئة فقيرة،ُ يعتبر التعليم فيها من الكماليات، حيث يفضل الكثيرون مساعدة آبائهم فى أعمال الزراعة. لسبب ما كنت مبهوراً بفكرة التشريح الجسدي، ولم أكن أفقه عموماً أي مصطلحات. كنت مفتوناً فقط بتركيب الأجساد البشرية والحيوانية، وأردت أن أجرب خلق هذه الحيوانات عن طريق الطين، وهكذا كنت أذهب إلى أراضينا وأراضي الجيران لأجمع الطمى، وكان هذا يتسبب فى مشاكل كبيرة لى، حيث كان الأقارب والجيران يشكونني لأبي ولعمى القاسي. كنت أحضر الطمى وأبدأ في تشكيل التماثيل، وكان بعض أقراني يسخرون مني والبعض الآخر يشجعني من باب أن هذا غريب وجميل، والبعض الثالث يحذرني من أن الله لن يكون راضياً عني لأنني أحاول التشبه به في خلق الحيوان، ولكنني قررت إكمال المسيرة حتي النهاية، وبدأت أقتنع رويداً رويداً أنه لكي أكون فناناً جيداً فعلَّي أن أطور من أسلوبي دائماً، ولكن هذا كان صعباً في ظل الفقر الشديد الذي تعانيه قريتي في أعماق الصعيد.كنت في بيئة تدير ظهرها تماماً للفن، وتهتم أكثر بمواجهة الأوبئة والطواعين، ويبحث الأهالى فيها عن قوت يومهم، فكيف أكون فناناً في ظل هذا ؟ كان هذا هو التحدي، وقد نجحت فيه في النهاية، غير أننى عموماً مقتنع بفكرة أنني ما زلت أتعلم`.
- ويضيف: `ولدت في قرية القناوية بمركز نجع حمادي في أقصي صعيد مصر، والتحقت بالمدرسة الابتدائية المشتركة، وكان أقصي مرحلة تعليمية وصلت إليها المعهد الزراعي. كنت أضطر للعمل حتي أصرف علي دراستي وفني، ولم أكن أكسب كثيراً، ولهذا كان علَّي أن أوفر ما أكسبه لأحدهما. إما الدراسة وإما الفن، وقد اخترت بكل تأكيد الفن، ولست نادماً علي هذا`.

بوابة الأسبوع 16/ 10/ 2014
دراسة الفن التشكيلى فى مصر `عقيمة` وأحلم بإنشاء مدرسة لتعليم النحت فى الصعيد
- كثيرون منا لا يعرفون النحات أحمد العسقلاني، الشاب ذو الخمسة والثلاثين عاما، ابن قرية القناوية بشرق النيل، الذي جابت أعماله الفنية - ولاسيما تلك المصنوعة من الخوص - دول العالم العربية والأجنبية، وصارت أعماله تلك ملهمة لكثير من الفنانين، ومترجِمة للثقافة والحضارة المصرية، قال عنه الفنان العالمي جورج البهجوري إنه فنان ذو موهبة متميزة في فن النحت، وتوقع له نجاحات أكثر .
- في حوار خاص لـ`النجعاوية` تحدث العسقلاني عن تجربته الفنية، وأنه كان المصري الوحيد الذي اختارته فرنسا بين مجموعة من الفنانين المسلمين للمشاركة في بينالي دار الأوبرا الفرنسية لتصحيح صورة الإسلام، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وعن رؤيته لحال الفنون والثقافة في صعيد مصر، وتفاصيل أخري في نص الحوار :
* كيف بدأت رحلتك الفنية، ومن هى الشخصيات التى وقفت بجانبك؟
- انتميت إلى عائلة لديها حس فني، فوالدي يهوي الرسم، وله عدة أعمال جيدة، وكذلك شقيقتى ،فنشأت محبا للرسم والألوان، وأثناء دراستي الابتدائية كنت أستعمل الطين فى تشكيل صور الحيوانات أو الأشكال الأخرى، وكان أول من التفت إلي موهبتى مدرس الرسم في المدرسة الابتدائية حيث أعجب بأعمالى وكان يوجهني ببعض التعليمات، وفى المرحلة الإعدادية توجه تركيزي إلي النحت، واشتركت في مسابقات مركز الإعلام بنجع حمادي، ثم توقفت عن النحت لفترة إثر صدمتي في وفاة أمي أثناء دراستي الثانوية، وقد كانت - رحمها الله - تشجعني وتدفعني للالتحاق بكلية الفنون الجميلة، ثم سافرت إلي القاهرة لاستكمال دراستي، ولكنني تراجعت عن ذلك وقررت التفرغ للنحت، وقد شجعني من الفنانين المشهورين حمدي عطية وصلاح بطرس.
* ما هى أهم المحطات التي أثرت في تجربتك؟
- كل الأعمال التي قدمتها تعد محطات مهمة، بداية من اشتراكي في صالونات وزارة الثقافة المصرية في 1997 ثم حصولي علي الجائزة الأولي في 1998، ثم خوض تجربة إثبات الوجود في المعارض الخاصة، التي كان أولها في المركز الثقافي البريطاني، ثم جاليري تاون هاوس بوسط البلد، مرورا بالاشتراك في بينالي بدولة سراييفو، ثم هولندا، لكن أكثر التجارب التي أسعدتني هي اختياري لتقديم عمل فني في دار الأوبرا الفرنسية بالاشتراك مع مجموعة من الفنانين المسلمين، لتصحيح الصورة السيئة عن الإسلام عقب أحداث 11 سبتمبر، حيث كنت الفنان المصري الوحيد المشارك في هذا المعرض، والأخرى هي اشتراكي في بينالي فينيسيا بإيطاليا الذي يعد أهم البيناليهات الفنية في العالم، في 2009 حيث شاركت أنا والفنان عادل السيوي بموضوع الحياة في مصر، ورغم إبلاغنا بميعاد البينالي قبلها بشهرين فقط، إلا أننا استطعنا إنجاز أعمال فنية جيدة جعلت الجميع يتحدثون عن الجناح المصري، والانتباه لما يقدمه، وفي سابقة لم تحدث من قبل تحدث التليفزيون الإيطالي عن أعمال الجناح المصري والنجاح الباهر الذي حققه.
* لماذا النحت باستخدام الخوص، وكيف تقبله الجمهور والنقاد، وما هي أهم الأعمال التي ابتكرتها بهذه الخامة؟
- بحثت عن كيفية كسر النمطية في النحت،عن طريق استخدام خامات جديدة، ولم أجد أفضل من الخوص، الذي يعبر عن عراقة الحضارة والتراث المصري، وقد هاجمني النقاد بشراسة في البداية، إلا أن أعمال الخوص صارت علامة مميزة لفن النحت المصري، ولي شخصيا في كل المعارض التي شاركت فيها عربيا وعالميا، أما عن أهم الأعمال فمنها العمل الذي شاركت به في فرنسا وهو `المصلين `وهو منحوتات مركبة تتميز بالطابع الصوفي، وأيضا تمثالي `الجحش` و`المفكر`.
* كيف تري حال الفنون في مصر والصعيد خاصة واهتمام الدولة بها؟
- أري أن دراسة الفنون في مصر عقيمة، لأن نظام التعليم نمطي وغير متجدد، كما أري أن اهتمام الدولة بالفنون جميعا في صعيد مصر شبه معدوم، والدليل في نجع حمادي، التي يوجد بها العديد من المواهب في مجالات الأدب والمسرح والفنون التشكيلية، ولكن الدولة بعيدة كل البعد عن تبنيها واستغلالها، كما أن الفترة السابقة ساهمت في تراجع الفنون، لأن دستور الإخوان كان `تفصيل` وأهمل الفن ودوره في بناء مجتمع سوي.
* وماذا قدم أحمد العسقلاني في هذا الصدد كأحد أبناء الصعيد المبدعين؟
أنا أحلم منذ وقت طويل بإنشاء متحف ومدرسة لتعليم النحت باستخدام الخامات التراثية مثل الخوص والفخار في قريتي القناوية، بهدف إحياء هذه الخامات التي شارفت علي الاندثار من جهة، واكتشاف المواهب المبدعة والخلاقة من جهة أخري، وجعلهم يحققون ربحا ماديا من مواهبهم، وقد سعيت بالفعل لمحاولة تحقيق هذا الحلم، عبر مخاطبة بعض الجهات، وأتمنى أن يحالفني الحظ في تنفيذه .
حوار : محمد تركى

( فى معرض الفنان أحمد عسقلانى يفطره القرية عبر إبداعات ( الخوص
- `الخوص` يمثل اكثر المواد التى يمكنها ان تعكس حياة الفقراء في القرى المصرية لانها ترتبط بهم دائماً سواء في شكل ادوات يستخدمونها أو في الطبيعة من حولها.. وفي معرضه الجديد بقاعة (التاون هاوس) بمنطقة وسط البلد بالقاهرة يقدم الفنان المصري أحمد عسقلاني مجموعة من المشاهد عبر تشكيلات الخوص مطوعاً هذه المادة للتعبير عن البيئة المصرية والصراع الابدي بين الروح والجسد حيث يمثل الجسد المادة وتمثل الروح المعنى ويطرح عسقلاني هذه الاشكالية عبر علاقة خصام واضحة بينهما ينتصر فيها للمعنى!وعن استخدامه للخوص كمادة أساسية في ابداعه التشكيلي يقول: الهدف الاساسي وراء ذلك اضفاء حالة من المصداقية على المشاهد لانها لا تصوغ حياة البشر في المدينة بل في القرية حيث الفقراء وحيث يكبر الاحساس بالفجيعة والألم على حياة هؤلاء!!وأحمد عسقلاني فنان من أصل قروي يحمل في ابداعه رائحة القرية المصرية بكل ما تحمله من قطرة وروح بكر.. وهنا يكمن تميزه وتتجلى خصوصيته.
- ولد أحمد عسقلانى عام 1978 بمحافظة قنا بصعيد مصر.. وشارك في عدة معارض جماعية مثل صالون الشباب حيث حصل على جائزة النحت الاولى عام 1998 وجائزة الصالون عام 2000، كما شارك في بينالي الخزف بالقاهرة عام 1998 حيث حصل على جائزة الشباب وبينالي سراييفو 2001 ومهرجان النطاق 2000، 2001 واقام عسقلانى ايضاً عدة معارض خاصة فى المعهد الثقافى البريطاني 1999، وقصر ثقافة قنا 1998، وقاعة مشربية 2001 وتاون هاوس 2000، 2002 .
أحمد عبد الفتاح - القاهرة
جريدة الرياض السعودية - 11/ 4/ 2002
الفنانون الكبار يترفعون عن الصراع والشباب يخوض الصراع للحفاظ على الفن المصرى‏!!‏
* خريطة جديدة للفن التشكيلي تدخل مبدعين جددا :
- خريطة الفن التشكيلى فى مصر تشهد متغيرات عديدة فدخول جيل من المبدعين يحدث بلا جدال حركة نشيطة وان كانت تجدد مرة اخري صراعا طويلا بين الفن المصري بجذوره واصوله والتيارات العالمية وبالتحديد الغربية واذا كان الكبار يترفعون دائما عن خوض الصراع وتركوا للشباب الدخول في المعركة ووجدنا بصدق معارض للشباب جماعية وفردية تتحدي كل ظواهر التغريب ولكننا ايضا وجدنا كثرة عددية فقط تجري وراء موجات التغريب‏,‏ وقد اكدت الاحداث والمعارض ان اللذين دافعوا عن الاصالة المصرية كانت لهم الغلبة سواء في مستوي الابداع أو رأي النقاد والجماهير مما يعتبر دعما معنويا لهم وفي ذلك الوقت ايضا كانت معارض الكبار كما كانت دائما مواقع للتعليم والترشيد لتؤكد ان هؤلاء الكبار ما كان تتحقق لهم تلك المكانة الا بالجهد والموهبة والانتماء ورؤية تلك الصورة بتفاصيلها تتحقق من خلال مجموعة من المعارض الموجودة الان‏.‏في قاعات مجمع الفنون بالزمالك تقام مجموعة معارض لفنانين معروفين هم الدكتور محمود أبوالعزم‏,‏ السيد القماش واحمد رجب صقر‏.‏ يعرض الفنان محمود ابوالعزم مجموعة أعماله في مجال التصوير الزيتي والذي يتناول من خلالها صياغة درامية عالية حيث يعبر عن احزانه العميقة لفقد والدته فيختار مجموعة من الرموز التي شكلها في اوضاع مختلفة ولكنها كلها تدور في فلك واحد وهو جسد أمه التي يصورها في اطار ملائكي وقد عبر عن هذه الروحانيات من خلال شفافية النسيج المحاط بجسد شخوصه في العمل واستخدم اللون الابيض حتي يعكس علي المتلقي هذا الإحساس الملائكي‏.‏والمشاهد لأعمال الفنان يشعر بمدي تأثره بهذه الحادثة والتي لم يستطع الخروج منها يجسد عبر سنواته الاخيرة فكل اعماله في هذه الفترة يتناول فيها نفس الموضوع‏..‏ وانني احترم مشاعر الفنان وخصوصية أحساسه ولكنى لست معه فى الاستغراق في الاتجاه الميتافيزيقى وخاصة إن هذا الاتجاه يجبر الفنان علي الانعزال عن أحداث الحياة اليومية ولو ان الفنان ابوالعزم قدم رؤي فلسفية حول فكرة الموت أو نهاية الحياة لاستطاع ان يقدم اعمالا أكثر ثراء من هذه الاعمال‏,‏ ان عدة لوحات من هذا المعرض كافية وكثرتها لاتعني ثراء خياله او محاولاته الخروج بتكوينات جديدة لها دلالات متغيرة‏.‏ أما معرض الفنان السيد القماش فهو معرض تجريبي يعرض فيه مجموعات من اعماله السابقة في مجال الرسم والتصوير واحدث تجاربه الفنية تعتمد علي تقسيم اللوحة الي مساحات ملونة يستخدم فيها تشكيلات هندسية وتقنيات لونية‏..‏ استغرق الفنان في استعراض التجارب السابقة فهو يرسم ويلون ومن قبل كان يحرص علي تقديم افكار سريالية كما أقام معرضا من قبل بأسلوب المونوتايب وهو تصوير وليس جرافيك وقدمه علي الواح من الزجاج‏,‏ ولكنه ترك كل هذه التجارب واتجه الي تجربة جديدة ارضية وعليها عناصر مجردة انشغل فيها بتغيير الالوان بلا فلسفة تخدم اللوحة بعينها كما ان اعماله في الابيض والاسود مباشرة وتشخيصية‏..‏هل يصل الفنان السيد القماش بتجاربه الي توجه واحد ويبدع فيه أم أنه سيستمر مفضلا التجريب في معارضه القادمة‏.
* أحمد رجب صقر يصر علي التجريب أيضا :
- الفنان احمد رجب صقر فنان نشيط متعدد المواهب واللقاءات فهو يرسم ويطبع‏(‏ جرافيك‏)‏ وهو نحات ايضا وهو مجرب في كل الاتجاهات والمدارس‏..‏ عرض في اول معرض مجموعة لوحات للعين وهي أعمال متعجلة لم تقدم فلسفة او قيمة تصويرية بقدر ماهي تعبير عن موضوع الحسد الذي اراد ان يتناوله بشكل مباشر عين الحسود فيها عود والعين فلقت الحجر الي أخره من الامثال الشعبية الخاصة بالعين‏.‏وفي مجال آخر يقدم تجاربه في الجرافيك وهنا يظهر تركيزه علي احترام الارضية والملامس ويظهر منهجه في الجرافيك في ثراء لوني وعناصر مجردة‏.‏ في ركن آخر من المعرض قدم مجموعة رسوم سريعة تتميز بفطرية وعفوية في لمسة الفرشاة او اللون وهي مجموعة طقاطيق لاترقي الي مستوي اللوحة‏..‏ ولكنها ثرية وجميلة‏.‏ وفي آخر تجاربه يتجه الي التصوير باسلوب الملصقات البوستر علها تكون تجربة ستصل به الي بر الامان‏.
* معارض للترقية فى الجامعة :
- الثلاثة يعملون بالتدريس فى الكليات الفنية ومطلوب منهم للترقية تقديم بحثين واقامة ومعرضين‏.‏ وهذه معارض للترقية‏..‏ وأنا أري أن تقدم هذه المعارض داخل قاعات الكليات الفنية خاصة انها معارض بحثية‏..‏ ومن هنا يتضح فى هذه الاعمال‏.‏
* تجريد الطبيعة فى معرض الفيشاوى :
- تجريد الطبيعة في معرض الفيشاوى ‏{‏ معرض الفنان عادل الفيشاوي المقام بمجمع الفنون بالزمالك خطوة أخري يقطعها الفنان نحو ايجاد اسلوب خاص به يري من خلاله البيئة والطبيعة وهى مرحلة تؤكد ان البناء الهندسي هو اختيار هذا الفنان وانه يستخدم المفردات الهندسية في البناء التشكيلي للعمل بصورة تحقق له اولا التعبير عن رؤيته والثاني الحرص علي المنظور الجمالي للعمل ولذلك كان اللون هو الركن الثاني في البناء الهندسي والوانه القوية المتعددة ويستخدم فيها التضاد بين الالوان احيانا والتدرج فيها احيانا اخرى وهي محاولة بدأها منذ سنوات واخذت تتبلور وتتأصل يوما بعد آخر‏..‏ ومجموعة اعماله في مجمع الفنون بالزمالك تؤكد ذلك‏..‏وعادل الفيشاوي من مواليد ‏1944ـ تخرج فى معهد ليوناردو دافنشى‏1973‏ـ دراسات حرة فى الديكور المسرحى والفنون المعمارية الجدارية‏.‏ أقام خمسة معارض فردية واشترك فى مجموعة معارض جماعية‏.‏
* ألحان مصرية بقاعة الهناجر :
- ألحان مصرية هو احدث معارض الفنان المصري نبيل لحود والمقام بقاعة مركز الهناجر بالأوبرا‏..‏ والفنان نبيل لحود فنان غير اكاديمي حيث تخرج في كلية الآداب ولكن عشق الفن والابداع بالألوان الزيتية والجواش والذي هو يملك فيها موبهة عالية في الاداء التقني والفني‏.‏ وقد وجدت الطبيعة المصرية مصدر ابداعه ولكنه لم ينقلها ولكن نقل عنها رموزا شعبية وملامح فطرية لتمثل عالما خاصا به فالمرأة هي بنت البلد ولكنها بملامح فرعونية وحولها رموز للحياة المصرية مثل لمبة جاز والحمام أو مجموعة رموز في عمل واحد تشمل النخلة والجامع الريفي والابريق والحمامة وتتميز ألوانه بالنضارة والحيوية وان كان في بعض الأحيان يغلفها بنوع من الغلالة الضبابية وكأنها حلم في اعماق الفنان أو خيال تسترجعه الذاكرة‏.‏
* أحد معارض عادل المصري بالأتيليه :
- فى قاعة اتيليه القاهرة شارع كريم الدولة يقام معرض الفنان السكندري الدكتور عادل المصري‏.‏ وعادل المصري‏..‏فنان يعرض أحدث أعماله وهى وإن كانت كل رموزها من الواقع مثل الحصان والحمامة إلا أنها تتحرك في عالم من الخيال السيريالي‏.‏ فهي في أعماله يرسمها وليس لذاتها ولكن لتمثل رمزا وايحاء حتي اذا حاول الابتعاد عن هذه الرموز من الطيور والحيوانات نجده في البناء التشكيلي لأعماله يقوم علي الخيال والرمزية وعناصرها تشكيلات هندسية مثل المثلث والدائرة‏.‏وقد ساعد الفنان على تجسيد تلك الرؤية الرمزية للأشياء عدة عناصر أساسية في أعماله في مقدمتها خطوطه التي يحددها أحيانا ويذيب جذورها احيانا أخري لتعبر عن موضوع كل عمل‏.‏وهناك عنصر اللون الذي يحرص علي أن يكون قويا ولكنه فى غلالة من الضباب الخفيف والذي تجعله جزءا من حلم اكثر منه واقع‏..‏ الألوان المسيطرة علي أعماله هي البني بدرجاته والازرق بدرجاته وهنا عنصر آخر رئيسي في أعماله وهو حوار الظل والنور‏.‏ وهو يجيد هذا الحوار ويستخدمه بما يحقق له ذلك العالم من الخيال‏.‏ حتى شخوصه تدور في هذا الاطار دون التزام بالمقاييس المتعارف عليها وهي تعيش برفقة رموز الحياة الدورق والشباك‏..‏ المياه‏..‏ الهواء‏..‏
- والدكتور عادل المصري تخرج فى كلية الفنون الجميلة بالاسكندرية‏1962..‏عين بالتدريس في الكلية منذ عام‏1962‏حتي الآن أقام العديد من المعارض واشترك في معارض جماعية وحصل علي العديد من الجوائز وشهادات التقدير‏.‏لمن تمنح الجوائز؟‏!‏لمن تمنح الجوائز؟ـ هل تمنح الجائزة في الصالون للفكرة الجديدة فقط‏.‏ـ هل تمنح للخامة الجديدة فقط‏.‏ـ هل تمنح للمجتهد الذي هو في مسيس الحاجة لثقافة فنية ومعرفية عامة؟اضع هذه الاسئلة بعد ان شاهدت معرض الشاب احمد عسقلاني والذي اقيم في قاعة تاون هاوس وهو نفس الشاب الذي فاز بإحدي جوائز صالون الشباب هذا العام‏..‏لاشك انه مبتكر في حرفته وبالتأكيد هو صانع ماهر او موجه ماهر لأحد صناع الفن المتميزين‏..‏ والاعمال التي يضمها المعرض لا ترقي لمستوي السعف والجوائز ولكنها تقف عند حد الاجتهاد في تشكيل السعف‏..‏ تذكرني هذه الاعمال بالهدايا التذكارية السياحية التي تعتمد علي خامة البيئة والسعف معروف في مجتماعتنا الشعبية في عيد حد السعف حيث يتم تشكيل اشياء لها علاقة وثيقة بالخير والرفاهية والعقيدة‏.‏- والجائزة التي يستحقها عن جدارة هي جائزة فنان تلقائي لأن هذا الطريق الذي بدأه بالفوز بجائزة الصالون ستدفعه الي المزيد من هذه الاعمال التي لاتزيد عن كونها تذكارات سياحية يهتم باقتنائها بعض الاجانب الذين يفتشون عن انتاج شعب بدائي مازال يعيش من تشكيل السعف دون معاونة تكنولوجية ودون التمسك بأي قيم فنية من التي نطالب بها في الصالون الذي هو الاساس في مستقبل الحركة الفنية‏.‏ا
- إن حصول هذا الفنان على جائزة سيفتح الباب امام الاخرين لتقليده ظنا منهم ان هذا هو الفن‏..‏ لقد استخدم الدكتور فرغلى عبدالحفيظ الاقفاص الجريد في احد تشكيلاته المركبة بغرض رؤية جديدة وهذا يؤكد ان ثقافته ومعرفته بقوانين العمل الفني تسير جنبا الي جنب مع الابتكار في الخامة‏..‏ولكن هذا الشاب لن يستطيع تقديم جديد في هذا المجال بعكس الفنان فرغلي الذي يقدم في كل معرض توجه جديد لخامة جديدة يرفع من شأنها ويؤكدها فهمه للعمل والتلوين والملمس والفلسفة التي وراء العمل‏.
- ‏رحمة بالشباب ولا تخلطوا الاوراق بين الفن الخاص بالشباب المثقف المؤهل فنيا وبين الفنان التلقائي الذي يمتلك موهبة او حرفة ولكنه في حاجة الي دعم ثقافي ومعرفي قبل حصوله علي الجائزة‏.‏
- تستضيف قاعة تاون هاوس التي تقع خلف اتيليه القاهرة معرض النحت للفنانين هشام نورا واحمد عسقلاني‏..‏ هذه هي المرة الاولي التي اذهب فيها الي هذه القاعة ولاحظت انه لايوجد أي لافتة ولا اشارة تساعد علي الوصول الي المكان بسهولة ويسر تقع في الدور الثاني من منزل قديم وهي عبارة عن شقة عادية دون أي تعديل يحولها الي قاعة عرض غير ان ابواب الغرف مرفوعة في هذا المكان يعرض الفنان هشام نوار مجموعة من الاعمال علي استندات او حوامل وهي عبارة عن مجموعة من الشخوص خاصة الانابيب الفارغة وصنع منها هذه الشخوص وترك ألوان وكتابات الانابيب كما هي إلا من بعض الاضافات البسيطة سواء في اللون أو في خامة خارجية حين يحتاج الي عمل تفاصيل‏..‏ وهناك مجموعة من الاعمال لفريق الكاراتيه وقد دهنت الانابيب كلها باللون الابيض‏.‏ أما القاعة التي بالدور الثالث والتي تركت علي حالها بدون دهان أو تجديد فقد خصصت لاعمال احمد عسقلاني وهو فنان غير دارس للفنون‏..‏عرض الفنان مجموعة أعماله التي جسد فيها بعض الطيور والحيوانات الموجودة بالقري فنجده في غرفة قد عرض مجموعة كبيرة من الدجاج وكأنها في عشة كبيرة‏,‏ وفي الغرفة المجاورة عرض مجموعة من الماعز ووضع لها بعض الاعشاب لإطعامها‏..‏ وفي القاعة الثالثة عرض مجموعة من الشخوص تجلس علي مصاطب وكأنهم في كتاب القرية وقد استخدم خامة سعف النخيل وهي التي استخدمها ايضا في الحمار الذي فاز بجائزة الصالون في النحت من صالون الشباب هذا العام‏.‏
نجوى العشرى
الأهرام - 8/ 10/ 2000
! الرجال الخوص
أحمد عسقلانى يرصد خصام الروح والجسد فى حياة هؤلاء:
ربما تكشف عبارة ` الخصام بين الروح والجسد ` الرؤية التى حاول الفنان أحمد عسقلانى صياغتها فى معرضه الجديد بجاليرى` تاون هاوس` عبر أربعة مشاهد شكلها بمادة ` الخوص` .
يتجلى هذا الخصام أو الانفصال الحادث بين الجسد الذى يمثل المادة وبين الروح التى تمثل المعنى ..
ولعل الأكثر بروزاً أنه صاغ هذه المشاهد عبر طقس دينى يتميز بخصوصيته الشديدة التى تتطلب اندماجاً لاخصاماً ..
يقول العسقلانى :` لاحظت أن الأحوال الدينية قد تتحول إلى نوع من الروتين الذى يؤديه أصحابه بنوع من الرقابة , أرواحهم غائبة خارج جدران المسجد مثلاً , حيث تنهمك فى علاقاتها بالبشر الآخرين وبمصالح الحياة , وملذاتها , الحالة الدينية الصادقة تتطلب حضوراً روحانيا ونسيانا تاما للحياة بالخارج `!
هذه المشاهد تبدو نقيضا لرؤية الفنان الكبير محمود سعيد فى لوحته الشهيرة ` المصلون ` التى يبدو فيها الاندماج كاملا ليس بين روح الفرد وجسده لكن بين أرواح جميع المصلين وأجسادهم بشكل يجعلنا ننغمس فى حالة صوفية نادرة ..
وعن سبب اختياره لمادة ` الخوص ` يقول عسقلانى :
` الخوص يمثل أكثر المواد التى يمكنها أن تعكس حياة الفقراء فى القرى المصرية لأنها ترتبط بهم دائما سواء فى شكل أدوات يستخدمونها أو فى الطبيعة من حولهم `.
استخدامه لهذه المادة إذن كان هدفه الأساسى إضفاء حالة من المصداقية على المشاهد لأنها لاتصوغ حياة البشر فى المدينة , بل فى القرية حيث الفقراء وحيث يكبر الإحساس بالفجيعة والألم على حياة هؤلاء !
أحمد عسقلانى مولود عام 78 بمحافظة قنا , شارك فى عدة معارض جماعية مثل صالون الشباب , وحصل على جائزة النحت الأولى 98 وجائزة الصالون 2000 وشارك فى بينالى الخزف 98 وبينالى سراييفو 2001 ومهرجان النطاق 2000 و2001 أقام أيضاً عدة معارض خاصة فى المعهد الثقافى البريطانى والمشربية 2001 وتاون هاوس 2000 , 2002 .
حسن عبد الجواد
أخبار الادب 30 - 3 - 2002
الإنسان المعاصر فى منحوتاته البدينة
أحمد عسقلانى بقاعة مشربية :
حتماً ستصاب بالدهشة منذ أن تصلك دعوة معرضه .. وربما تستعجب من تلك الكائنات المصطفة بانتظام لكنك ستذهب إلى معرضه المقام بقاعة مشربية لأنه أحمد عسقلانى .. القادر على خلق كائنات تمس وجداننا , وتبهر فى نفس الوقت هؤلاء الغربيين القادمين من حين لآخر لمتابعة أحدث إنتاجاتنا التشكيلية غير متناسين أن يتركوا لنا فى كل مرة تعليقاً مناسباً ليخبرونا بأننا تطورنا وربما اقتربنا من تجاوز الفجوة بيننا وبينهم .
يحاول أحمد عسقلانى هذه المرة عبر منحوتاته أن يعبر عما بداخلنا .. يغوص أكثر داخل الإنسان ليخرج لنا بسمات وطبائع إنسانية مختلفة محاولاً أيضاً الحفاظ على الشكل لكنه لايأخذ كل اهتمامه كما فى معارضه السابقة حيث الاهتمام بالشكل والخامة .
ربما هنا يعود إلى ماهو فطرى فكائناته تشبه إلى حد كبير كائنات الإنسان البدائى ... تختفى الملامح من كل المنحوتات تقريباً .
أجساد بدينة .. بل غاية فى البدانة تختفى ملامحها ربما هذا هو الإنسان المعاصر الذى أثقلته الهموم والأحداث ليصبح بلا ملامح حقيقية , وذلك رغم أنك فى كثير من الأحيان تراه يمارس حياته الطبيعية فيتبول فى أحد التماثيل ويلعب مع أطفاله فى أخرى , ويمارس رياضته المفضلة ورغم أنه يكاد يختلف حينما يمارس تفاصيله الخاصة .. إلا أنه يشبههم جميعاً عندما يصطف إلى جوارهم .
لنكتشف أننا لسنا إلا صورة مكررة من بعضنا البعض وذلك رغم اختلاف ملابسنا وألواننا جميعاً .
يحاول عسقلانى هنا التعبير عما يريده عبر وسيطين فى هذا المعرض النحت واللوحة التى يحاول فيها التعبير عما نحته من منظور مختلف وربما من نفس المنظور .
كما أنه يحاول فى هذا المعرض ممارسة ما أسميه تجاوزاً ` التمثيلية النحتية` فتجده عبر مجموعة من الأعمال النحتية المصطفة بطريقة معينة يصنع حدوتة .. الأم وهى تحمل طفلها بحنو بالغ ثم تتركه وحده فى الحياة يمارس دوره ثم يخطىء فتعاقبه فيغضب ويمارس أقصى حماقاته بركلها بالطوب.
وتجده مرة أخرى يعبر عن سخف الإنسان المعاصر وخيانته المتأصلة عبر رجل وصديقه يسيران بجوار بعضهما يحتضن كل منهما الآخر ثم يطعن أحداهما الآخر فى ظهره .. ولا تظهر ملامحهما مما يوحى إليك بإمكانية تبادل الأدوار بينك وبينهم .. ويتساوى هنا الرجل مع المرأة فى الخيانة فستجدها على الجهة المقابلة تمارس نفس الحماقة وتطعن صديقتها أثناء تقبيلها لها .
استطاع هذا المعرض عبر أعماله المختلفة أن يخرج من رحم تراث عريض سواء للفنان الذى يحاول دوماً النهل من بيئته حيث أقاصى الصعيد وقنا التى يستمد منها خاماته, أو من خلال المنحوتات نفسها وطريقة التعبير عنها فستجد منحوتة المرأة التى تجلس على جنبها على قفص من الجريد , ستذكرك حتماً بجداتنا وأقاربنا فى الصعيد وستكاد رائحة العصارى حيث ساعة النوم التى تتحول لدينا نحن الكادحين إلى ساعة لاتغفل أعيننا فيها .
المعرض كله حالة خاصة ومختلفة فأحمد عسقلانى من القلائل القادرين على تحريك المياه الراكدة بدماء جديدة لتؤثر فى الساحة التشكيلية المليئة بالمعارض المختلفة التى تحاول الظهور عبر فرقعات مصطنعة سواء بالخامة أو الموضوع لتغازل النقاد والغرب .
جدير بالذكر أن أحمد عسقلانى سبق وشارك فى العديد من المعارض الفردية والجماعية أولها معرض قصر ثقافة قنا سنة 1998 ومعرض بالمركز البريطانى سنة 1998 ومعرض القطط بقاعة مشربية سنة 2005 وغيرها من المعارض كما شارك فى العديد من الورش الجماعية مثل سمبوزيوم النحت بأسوان عبر عدد من سنواته المختلفة .
وحصل على العديد من الجوائز منها جائزة صالون الشباب الثانى عشر وجائزة . عايدة عبد الكريم
رضوى أسامة
القاهرة 3-10-2006
قطط العسقلانى تدعونا لمواجهة الخوف والاستكانة
حمل المعرض الأخير للفنان أحمد عسقلانى دفقة فنية قد تصطدم بها فى البداية لما تحمل من مفردات عادية وتقليدية مرت بأغلبيتنا , لكنها سرعان ماتحملك على التمرد على انطباعاتك الداخلية فأعماله تملك إيحاءات وتتحدث ألسنة متعددة فلن ترحل عنها إلا وأنت متعاطف معها.
أكثر من 15 عملاً نحتياً جديداً تقدمه قطط العسقلانى فى معرضه التاسع بقاعة مشربية بوسط البلد وحتى منتصف شهر يناير , استطاع أن يطوع خامات ` الطين` و`البازلت` و` الخوص ` مع الإضاءة ليفجر أحاسيس ومعانى بل ومفردات تشكل كثيراً من وجداننا وتؤثر فى كثير من مجريات حياتنا .
وتحمل قطط العسقلانى الكثير من المعانى البشرية فها هو رمز الحنان فى قطة تطعم صغارها , وفى وضع خاص لابد وأن نعيد النظر فيه فالقط هنا فى خضوع فعلى للفأر القابع فوق رأسه , ثم تأتى قطته البازلتيه فى دراسة تشريحية عجيبة يتحدى بها الموت واللون الأسود . ولم لا نأخذ قطته - كما نفعل فى حياتنا صورة تذكارية مع مجموعة فئران ستلتهمها حتماً لفرط استسلامها أو سذاجتها , أما فى نظرة أخيرة تدعوك للصمت والحداد فالقط الذى مات أمامنا وتقف القطط الأخرى حوله يخرج كل واحد فى تكوينه الشكلى , واحد من حركات القطط الحزينة ويتحول الحزن إلى جناحيه يحملنا إلى من سيكون التالى .
إن أحمد عسقلانى - من مواليد قنا- عندما اختار قططه كان يدرك تماماً أنه يغوص فى مفردات طفولته المليئة بالخوف والخرافة ليقدم لنا المعانى المغرقة فى المحلية , فالقط عنده - فى عمله الكبير التوأم - ليس إلا مجرد حلم خوفه يحمله الطفل فى سريره وتأخذه فيه القطط على جناحيها تعلو وتعلو
لكن سرعان ماتعود للواقع الملىء بالخوف والاستسلام والأكاذيب , وتميزت مجموعة أعماله التى استخدم فيها الخوص - الذى يصنع منه أقفاص الخضر والفاكهة - ومع الإضافة المميزة تخرج لنا واحداً من قطط العسقلانى .
شارك أحمد عسقلانى فى عدد من معارض النحت الجماعية منها بينالى القاهرة الرابع وبينالى بور سعيد وفى صالونات الشباب أربع سنوات , وحصل على الجائزة الأولى النحت فى صالون الشباب العاشر وجائزة شباب الفنانين فى بينالى القاهرة الرابع .
وإذا كانت قطط العسقلانى نسيت فرعونيتنا , حيث يكون القط إله خصوبة وكبرياء وقوة إلا أن الفنان استطاع من خلال خضوع واستكانة قططه أن يعبر عن أحوالنا وأوضاعنا الموغلة فى الخوف والتربص والاستسلام .
فاطمة على
القاهرة 18-1-2005
شخوصه قادمة من فراغ إلى فراغ تعبيراً عن الواقع
فى معرض العسقلانى بمشربية
يهتم بالنحت الحسى لملامح شخوصه كى يعبروا عن قسوة الواقع الاجتماعى والسياسى. أعماله رسائل بصرية تفتح الباب للجدل حول المادة وبعدها الانطولوجى. الحركة الريبوتية للشخوص تجعلهم فوق خشبة مسرح داخل نقطة الصفر .. لعله مسرح المهمشين داخل قاعة مشربية المحددة المساحات ومابينها من جدران أقيمت منصة وهمية مفتوحة اصطف فيها كيفما أراد الفنان أحمد العسقلانى فى شخوصه النحتية من الخزف الفخارى المطلى بألوان الأرض وقد بدوا داخل سكونهم أقرب للتجمد دون حراك أو فى لحظة ماقبل التحرك وحين حاول زوجان منهما الحركة كادا أن يسقطا.
شخوصه فنية
شخوص العسقلانى ومهارته وإحساسه الإنسانى التى يسبغه على أعماله حتى ولو كان يقدم حيواناته وخاصة القطط نراه وقد سبغ على شخوصه طعماً معمارياً لحضارة قديمة ماضية .. ففى تجمعهم وهيئة وقوفهم الساكنة مع ملمح لبادرة حركة من الذراع ذكرونى بالألف تمثال المنفذ بالطين الأحمر ممثلين لجنود الامبراطور الصينى كين والتى عثر عليهم فى السبعينيات تحت الأرض وكانوا فريقاً لحراسته ومع التأمل أو طول المكوث داخل المشربية أمام شخوص العسقلانى الذين زادوا أمامى من تجمدهم فى زمنهم النسبى الخاص أراهم كفريق خاضع للعقاب وفق المثيولوجيا الإغريقية التى تمثل مأساة بروميثوس وهو الإنسان الذى خلق من طين وعوقب أشد العقاب وكذلك شخوص العسقلانى هى من طين .ويزداد مع مضى الوقت لشخوصه الساكنين صغار الرؤوس ضخام الأجساد انجذابى لماديتهم وهو فنان يهتم بالنحت الحسى لأتساءل هل شخوصه منتفخة الوجود أم ضخامتها مفرغة الهواء, أهى inflalng-deflating.
وهل هم مرتبطون بالأرض الصلبة أسفلهم أم ارتباطهم بها هراء ؟
أهم جزء من عالم مصنع من مادة صلبة أم من أشكال خاوية وهو عالمنا الحقيقى اليوم ؟
ثم لأقفز وأنا أتأملهم إلى فكرة أخرى بخشونتهم الأرضية التى شكل منها المثال مادتهم والمعبرة عن خشونة واقعهم البشرى . فهذه المجموعة أراها مجتمعة ومنفصلة فى نفس الوقت فهؤلاء دقيقو الرؤوس أراهم تحولوا إلى أشياء تبدو بدائية تغلبت على روحانية وجودهم .. لذا بدوا لى كمزرعة بشرية جماعية .
ومن هنا قفز بى إحساس إلى الاستشعار بأنهم مجموع إنسانى روبوتى أو أنها تقف بين النموذج الإنسانى . الحركة الروبوتية المتماثلة لتجعل شخوصه فوق خشبة مسرح داخل نقطة الصفر .. وربما هو مسرح المهمشين الذى يصدر كيانات بلا حول ولا قوة ولا قدرة تفكير .
فلسفة فنية
ثم أدركت أن هذه مغالاة منى وأننى حولت إبداعه كإنتاج بالجملة فربما يوحى بفكره المشابه بين المجموع وبالتالى التعامل لايأتى مع الأجساد ذاتها وإنما فيما حولها فهذا الاكتناز أراه لغة تطويق , لغة خنق لأشكاله وتفريغها لا من الهواء بل من الإرادة .. ربما يقصد العسقلانى رمزية سياسية أو اجتماعية فيستخدمهم كطلقات صامتة كتجربة مطهرة تجاه سلبية الواقع أو سلبية المشاهد ليتحولوا إلى ميكنة داخلية أو درامية تنتقل من سكونهم إلى داخلنا لتتحول لأفكار مجدولة داخلنا كتلك التى شغلتنى بهم وزادتنى من متعة رؤيتى للعسقلانى والتى وإن لم يقصد لكنه فتح الباب لهذا الجدل الذى لمسنى كرسائل بصرية لرؤية مفاهيم خاصة لتلك المادة الفيزيائية الملموسة والتى أضفت بشديد ماديتها بعداً أنطولوجياً بعيداً عنهم نموذج لسلالة بشرية قديمة أو كحفرية انشقت عن جدارها الصخرى لتختبر وجودها .. وجودها الإنسانى فقط بعيداً عن أية أيدولوجية تفسد الفكرة أو التواجد داخل زمن الاستنساخ وربما المعلوماتية الجماعية ليفزغ الفنان إلى تجربة الروبوت الجماعى لتمديد حدود تفكيره من داخل الكتلة الراسخة وربما البليدة التى تشبهنا فى خضوعنا لسمات الإنتاج الميكنى رغم أننا نرفض هذه الفكرة غريزياً بتميزنا المفترض إلا أن هذا التجمع أو القطيع يغرى أيضاً بفكرة سيطرة رجل القبيلة أو الفكر القبلى الذى يخضع الآخرين لشخوص لها نفس التجانس المادى والتواؤم الذهنى والترابط المصيرى .. والأكثر من ذلك أنه من شدة تشابههم أصبحوا مجهولى الاسم والهوية منضبطين داخل شخصية جماعية لاتكتمل بذاتها بل بتراكم أجزائها وهنا أراه إنكاراً من الفنان للفردية أو المركزية البشرية ليقدم فكرة تواجد مبهم ربما هو حافز للتفكير خاصة ويزيد من حالة الإبهام أن هؤلاء القادمين عراة الأجساد فوق منصة مفتوحة مكثفى التواجد ككثافتهم المادية يقفون بلا خلفية وراءهم أو حدود رؤية أمامهم
فهم منطلقون فى فراغ قادمون من فراغ إلى فراغ ولايتحدد وجودهم إلا بوجود مشاهد يعتمد عليه الفنان ليأخذ مكانه كجزء من هذا المجموع.
فاطمة على
القاهرة 31-10-2006
بشر المدن : مساخيط من شحم .. وحجارة
فى معرض أحمد عسقلانى الأخير
هؤلاء الذين يقفون .. متورمون .. منتفخون كأنهم أبقار فى مجزر أو براميل فى مخزن .. هم بشر هذه المدينة .. كما شكلهم التشكيلى الشاب أحمد عسقلانى .. كائنات الشحم هذه التى تحول إليها الناس .. لم تكن مقصورة على حالات التورم السرطانى , واستسقاء البطون .. والصدور والرؤوس من أوبئة الكبد الفيروسى أو الفشل الكلوى أو حتى التسمم بالرصاص .
فهذه القطع النحتية لم تكن تصويراً لما يمكن أن تقع عليه العين وتلاحظه فقط .. إنها على الأصح الملامح الداخلية أيضاً , تجسيم لأرواح من يروحون ويغدون فى الشوارع .. إذ ليس بالضرورة أن يكون الرجل الذى تحول إلى بطن كبير كصندوق القمامة هذا شكله فى الحياة .. بل قد يبدو أنيقاً وبخصر رفيع .
إنه السعار والجنون الذى جعلهم يأكلون بعضهم البعض .. حولهم إلى كائنات .. تصلح .. وتبتلع كل شىء .
كسيارات جمع القمامة الهيدروليكية .
بلا رؤوس سوى نتوء صغير فوق الأكتاف كأنه ما بقى من أعضاء ضمرت لم تعد لها وظيفة .. أو أنها سقطت كأنها قرع حامض .. وبقى منها نتوء كسدادات لهذه البطون والكروش التى تبدو مرة كبراميل .. ومرة كصناديق قمامة .
يكرر عسقلانى .. فى رجال الشحم هؤلاء بهوس من يريد أن يتفلت من صورهم الملعونة فى ذاكرته وفضحهم بنحتهم فى الحجارة لكنهم يطبقون عليه فيلجأ إلى نحتهم فى مشاهد مسرحية تصور فعلهم اليومى .
فتراهم يمتطون بعضهم بعضاً .. ويتبولون فى جماعات كالبغال .. ويقذفون بعضهم بالحجارة ويضربون بالشباشب . الكائنات الشحمية لم تفقد نختوتها فقط , بل وهويتها لاتستطيع أن تتعرف فيهم على الرجل من الأنثى , وتبدو عارية من دون ملابس , لكن أبدانها تأخذ ألوان المعادن الخسيسة كالرصاص .. أو كأنها براميل تركت فى العراء تحت وحل المياه والقذارة .
لم يعودوا حتى خراتيت , فمنذ أكثر من ثلاث سنوات أقام العسقلانى معرضاً فى نفس القاعة , وبنفس الخامات تقريبا ً .. بدت فيه الناس تعجن بعضها البعض فى التصارع والمنافسة الطاحنة , وبدوا كالحيوانات والبغال والخنازير والخراتيت الذين يعملون فى نقل قمامة المدينة .. الحال لم يعد هو الحال والحيوانات تحولت إلى صناديق القمامة نفسها .
محمد جامع
الوفد 28-11-2006
أحمد عسقلانى ومجسمات من خامات البيئة
قدم الفنان الشاب أحمد عسقلانى 30 عملاً مجسماً يمثل بعض الحيوانات, كالفيل والخراف والحمير والبعير وغيرها, وذلك بأحجام مختلفة منها مثلاً قطيع من الإبل ومنها الفيل والحمار وغيرها من الحيوانات التى ربما تكون أليفة أو غير أليفة. فى صعيد مصر وفى قرية صغيرة من قرى مدينة نجع حمادى بمحافظة قنا ولد ونشأ الفنان أحمد عسقلانى فى تلك المنطقة , التى تبعد عن القاهرة ما يقرب من ستمائة كيلو متر .
شاهد الفنان فى طفولته وصباه شارعاً فى نجع حمادى يطلق عليه شارع الخواصين نسبة إلى صناعة الخوص الذى يعتبر سعف النخيل فى لغتنا , ومن السعف وتحته هيكل من الحديد , كون الفنان 30 تمثالاً لكل أنواع الحيوانات , وبعد إقامة الهيكل الحديدى بدأ يعمل كسوة من سعف النخيل بعد معالجته بشىء من الماء, هذا النوع من فن نحت لم يتطرق إليه أحد من الفنانين من قبل .
عرض الفنان أعماله فى مصر وفى الخارج وحاز العديد من الجوائز والتكريم .. الفنان لم يدرس الفن بل اعتبره النقاد فناناً تلقائياً .
معرضه الذى يحتوى على مجسمات ضخمة أقيمت من خامة سعف النخيل , الذى ينتشر فى صعيد مصر .. رحلة فى مجال النحت كانت بدايتها فى نجع حمادى بمحافظة قنا بصعيد مصر , حيث المساحات الخضراء والمزروعة بالنخيل فى المكان تولدت لدى أحمد العسقلانى طاقة من المخزون , مما شاهده من نخيل ومشتقاته من الجريد والثمر وهو التمر أو البلح .
فى الدراسة كانت هناك دروس فى فن الرسم أو مايسمى بالتربية الفنية عموماً , دراسة الرسم كانت هدفه الأول قبل المواد الأخرى, وفى المرحلة الإعدادية كان يقوم بعمل بعض المجسمات الطينية السوداء الموجودة فى المزارع بالقرية , التى أيضاً تجدها على ضفاف النيل أو الترع , أعجب أستاذ الرسم بهذه المجسمات التى صنعها من الطين , اهتم الأستاذ بهذه الأشكال المجسمة وطلب منه بعض التوجيهات والإصلاحات فيما يقوم به من أعمال نحتية بالطين الأسود , ظل الأستاذ يتابعه حتى وصل إلى المرحلة الثانوية , حيث انتقل مع الأسرة إلى القاهرة , حيث كان هناك الكثير من الفنانين فى عدة مجالات فى الفنون التشكيلية .. شاهد المعارض والمتاحف وأساتذة الفن التشكيلى , واشترك فى عدة معارض .
وفى القاهرة تعرف على فنان نحات يدعى صلاح بطرس , تابعه وتابع أعماله ودعاه للذهاب إلى منطقة مصر القديمة بالقاهرة , حيث يوجد الكثير من الفنانين وخصوصاً فنانى الخزف والنحاتين , كان عسقلانى فى فترة التشكيل بالطين .
وفى فترة التسعينيات كان عسقلانى يسافر كثيراً نجع حمادى والقرية , حيث يوجد شارع يطلق عليه شارع الخواصين , حيث تكثر به منتجات الخوص بأشكال مختلفة كالمقاطف والأوانى المصنوعة بنفس مادة الخوص , كالمراوح اليدوية وأدوات الزينة فى القرية والكراسى المصنوعة من الجريد والخوص كذلك بعض لعب الأطفال وغيرها .
ففكر فى استغلال مادة الخوص فى إنتاج عمل فنى جديد وما هو هذا الشىء الجديد ؟! .. ظل تفكيره فى ازدياد يوماً بعد يوم حتى توصل إلى هذا الشىء الجديد الذى حلم به .. وبعد مرور 3 سنوات من التفكير , أعلن فى الصحف عن مهرجان فنى يشمل كل الفنون التشكيلية حتى وصل بالقاهرة وبدأ بعمل أسكتش لشخصين من الصعيد يرتديان الجلباب , وكانت البداية لتقديم فكرة المجسمات بمادة الخوص. يقول عسقلانى عن بداية تلك التجربة : كنت خائفاً من الفكرة أن أقدم تمثالاً من خامة الخوص فى مهرجان فنى كبير ! هل سيقبل الجمهور هذه الفكرة أم يرفضونها , أقمت التمثالين لرجلين وجلست بعيداً عن قاعة العرض ألاحظ مدى إعجاب المشاهدين واستمع إلى الآراء المختلفة عن فكرة التمثال المصنوع من الخوص .. انبهر المشاهدون بطريقة لم أكن أتصورها , أولاً الخامة موجودة منذ عصر الأسر فى العصر الفرعونى , وهى خامة موجودة وأى فنان يمكنه استخدامها .
ومنذ ذلك اليوم واستخدم الجريد وفى عام 2000 قدمت معرضاً كاملاً بخامة الخوص وقد أقمت حتى الآن تسعة معارض خاصة والعديد من المعارض الجماعية وعرضت أعمالى فى إيطاليا وهولندا وفرنسا والبحرين .. الغريب أن فى الخارج أعجب الناس بأعمالى من خامة الخوص أكثر من مصر .
رشاد القوصى
العربى 18-5-2008
غياب العقل وحضور الجسد .. تصوير جديد لواقع حال المجتمع
فى أتيلية القاهرة الجديدة
كرم الله الإنسان بالعقل وميزه به عن سائر مخلوقاته كى يتدبر أموره ويدير شئون حياته . سخر له ماحوله للاستعانة به فى استكمال مهمته على الأرض , استكمال البناء والتعمير، وهو مافطن إليه إجدادنا الفراعنة الذين استغلوا عقولهم فى تشكيل وصنع أعظم حضارة شهدها تاريخ البشرية, التى مازلنا نفتخر بها دون قدرتنا على تكرار مثلها نتيجة لتجاهلنا نعمة العقل ورضوخنا لقانون الغاب , الذى فرضته الأقلية على الأغلبية , حيث أصبح البقاء للأقوى سواء جسدياً أو مادياً , وهو الأمر الذى أسهم فى ظهور حالة من التخبط القيمى وفقدان المعايير على مسرح الحياة الاجتماعية كانعكاس لمجموعة التحولات الاقتصادية والسياسية والثقافية, التى شهدها المجتمع المصرى فى فترة من فتراته, ومن ثم زادت درجة العدوانية وظهور أنماط جديدة من السلوك المرضى كالبلطجة, مع غلبة القيم المادية فى المجتمع وسيادة القيم الفردية وافتقاد إلى القدوة .
تلك الصور هى ماحملها وحاول التعبير عنها المعرض الفنى الأخير للنحات أحمد عسقلانى , الذى استضافه أتيليه القاهرة الجديدة , ونحو محاولة اكتشاف أهم ملامح تلك الشخصية كان لنا اللقاء معه :
متى بدأ الشعور بالموهبة لديك ؟
أحسست بها بداخلى منذ الصغر, قبل التحاقى بالمدرسة, وقد كانت والدتى هى المشجع الأول لى, ورغم نشأتى فى إحدى قرى الصعيد, حيث عدم الاهتمام بالفن عموماً, واعتباره شيئاً غريباً لدى الغالبية , إلا أننى عشقته وأصررت من البداية على خوض هذا الطريق الصعب , فقد كنت أعشق حصة الرسم , على غير عادة باقى زملائى حيث لم يكن هناك أى اهتمام بها .
ومتى شعر من حولك بها ؟
بدأ المعلمون من حولى يلحظون موهبتى ويهتمون بى ويوجهوننى , منذ المرحلة الاعدادية . فقد كانوا يقدمون لى الكتب لكبار الفنانين سواء المصريون أو الأجانب , فى محاولة منهم لصقل تلك الموهبة بداخلى , وهو ماشجعنى على اتخاذ القرار بالسفر إلى القاهرة بعد الإنتهاء من مرحلة الثانوية العامة وعلى الرغم من التحاقى بكلية الزراعة فقد كان بداخلى شىء يكبر يوماً بعد يوم وكان لابد من أن أخرجه ليرى النور, وهو مالم يكن ليس متاحاً بالدرجة الكافية فى قريتى بالصعيد .
كيف سارت الأمور بعد الوصول إلى القاهرة ؟
منذ اللحظة الأولى التى وصلت فيها بدأت فى السعى , وكان هذا فى عام 1995, وظللت أبحث عن أى معرض تابع لوزارة الثقافة أو غيره , حتى تعرفت على الأستاذ صلاح بطرس بمتحف محمود مختار , وهو الذى قدم لى يد العون فى البداية , حيث تعرفت من خلاله على مجموعة من فنانى الخزف والفخار بمنطقة مصر القديمة , وعملت معهم لفترة , حتى بدأت تزداد خبرتى وتصقل موهبتى وتتسع مداركى , وأصبح لدى العديد من الأفكار التى أردت تنفيذها .
وهل استطعت تنفيذها ؟
ظللت أحاول إلا أن نتيجة التجارب الأولية جميعها باءت بالفشل, حيث بدأت أولى تجاربى فى عام 1996 بصالون الشباب ولم أحصل على جوائز , وظللت هكذا حتى عام 1998 , وهو الذى يعد حقيقة بداية الانطلاقة الحقيقية لى فى القاهرة , فقد استطعت الحصول على الجائزة الأولى فى مهرجان القاهرة الدولى الرابع للخزف للشباب, وتلك كانت بداية المشوار, بعدها اشتركت فى صالون الشباب ونالت الجائزة الأولى أيضاً, ثم تابعت المسيرة , وشهد عام 1999 أول معرض خاص لى , وكان فى المركز الثقافى البريطانى, ثم تعددت المعارض الخاصة بأعمالى فقد أصبح لى أسلوبى الخاص وأعمالى التى بدأ يتعرف عليها الكثيرون من داخل الوسط .
* ماهى أهم المعارض بالنسبة لك فيما بعد معرض 1998؟
معرض 2000 , حيث ضم مجموعة من الأعمال بالخوص الخاص بالنخل , وقد علمت جيداً مع الجمهور واستحوذت على إعجاب الكثيرين , وكانت الفكرة تدور حول الحياة فى القرية , والخامة كانت جديدة لاستخدامها فى أعمال نحت , على الرغم من كونها خامة مصرية موجودة من آلاف السنين , ولكن لم يستخدمها أحد فى أعمال من قبل , وحاولت التعبير من خلال الأعمال المعروضة عن العطف والحنان والعطاء والصبر الذى يشكل أغلب سمات الحياة فى الريف المصرى , كذلك التطور الذى بدأ يطرأ عليها مثل دخول التليفزيون والدش , وهو يعد من أهم المعارض بالنسبة لى .
وماذا عن معرض اليوم ؟
أنا دائماً أحرص على التجديد والتنوع فى الأعمال , وفكرة هذا المعرض وإن كانت من وحى الخيال بعض الشىء ولكنها تعبر عن واقع أصبحنا نحياه حيث نلاحظ هنا فى تلك الأعمال التى يضمها هذا المعرض أنها عبارة عن مجموعات من البشر أجسادها متضخمة أو حاضرة وبارزة فى الشكل ولكنها غائبة العقل والذى ميزهم به الله عن سائر المخلوقات , وهو تعبير عما بدأ يظهر فى الحياة خاصة فى القاهرة من سلوكيات وتصرفات غاب عنها العقل , مثل الاهتمام غير العادى بلعبة كرة القدم حتى إنك تلاحظ خلو الشوارع عند أى مباراة , الاستقواء على الضعفاء, الاستسهال, الكثير من الأفعال التى إن دلت على شىء فإنها تدل على غياب العقل والتصرف الحكيم .
لاشك أنك قد تأثرت بالعديد من الأشخاص خلال الفترة الماضية , فمن أهم ماتود الحديث عنه ؟
ليس الأشخاص فقط هم من تأثرت بهم بل تأثرت بكل شىء من حولى , فالفنان دائماً يراقب البيئة التى يحيا بداخلها , ويتابع جيداً مايجرى حوله سواء على المستوى المحلى أو الإقليمى أو الدولى , ويحاول تخزينها وعمل موضوعات حولها , لكن عموماً أحببت الكثير من الفنانين الكبار , الذين بالطبع أتمنى أن أكون واحداً منهم أمثال محمود مختار, وآدم حنين , وهى نماذج يحتذى بها , ولكن ليس معنى التأثر بهم تقليدهم , فالمهم هنا شخصية الفنان , التى لابد أن تظهر من خلال أعماله .
* هل هناك سمات خاصة لأعمال أحمد عسقلانى ؟
ذكرت لك فى البداية أن لدى أسلوبى الخاص وشخصيتى الخاصة التى أحرص على التركيز عليهما فى مختلف أعمالى , ولكن ليس معنى ذلك التكرار فى الأعمال , لكن تلك الفترة هى فترة التجديد والتنوع والاختلاف مع الاحتفاظ بالشخصية والأسلوب العام , وكذلك تنوعت أعمالى وأفكارى , فمازال الوقت مبكراً للتركيز على فكرة واحدة فلابد من التنوع والاختلاف, مثل فكرة الخوص التى تميزت بها .
وماذا عن الخطط المستقبلية أو أمنيات المرحلة المقبلة ؟
أنا أعمل حالياً على التركيز فى أعمالى ورسم أهم ملامح شخصية الفنان أحمد عسقلانى . وهناك العديد من الأشياء والأعمال التى أتمنى تنفيذها وخروجها إلى أرض الواقع , وأتمنى من الله أن يطيل عمرى حتى أستطيع تحقيق ماأحلم به , لكن عموماً أنا أعطى لكل فكرة حقها , ثم أكونها فى عقلى , حتى تختمر ثم أبدأ فى تنفيذها , ومن أهم الأفكار التى تشغلنى حالياً هى فكرة التمثال واللوحة وسأعمل خلال الفترة المقبلة على تنفيذها , متمنياً التوفيق فيها فهى فكرة جديدة ولم أعمل عليها من قبل .
ماهو الشىء الذى مازال ناقصاً فى أعمال عسقلانى ؟
صراحة مازال الوقت مبكراً للحديث عن ذلك فلن أخوض مرحلة التقويم من الآن , أنا حالياً أعمل على التركيز فى أعمال , وأحاول أن تخرج كما حلمت بها .
وماهو العمل الذى مازال عالقا فى الذهن وتعاود تذكره من حين لآخر ؟
هو العمل الذى أخذت عليه أول جائزة فى عام 1998 , فقد كان هو بداية مسيرتى, والتى لو كان قدر لها الفشل لكنت عدت من حيث جئت, واعتزلت الفن نهائياً , وقد كان عبارة عن مجموعة شواهد للقبور وهى منتشرة بالقرى فى القرية ومنذ الفراعنة , وهى كانت فكرة شبيهة بالألوان الطبيعية .
محمد عبد القادر
الأهرام العربى 2-8-2008
خاماتنا التراثية مهددة بالاندثار وأعمالى تعبر عن وجدان الوطن
فنان تلقائى علم نفسه بنفسه بهر العالم باستخدامه لخامات من البيئة المصرية تعتبر غريبة على فن النحت فبعيداً عن الخشب والبرونز والجرانيت والمواد المعروفة لجأ الفنان أحمد عسقلانى إلى الفخار والطين والخوص والجريد وليف النخل ليخلق منها أعمالاً فنية جديدة أصبحت من بين مقتنيات المتاحف العالمية ومنها متحف الفن الحديث بهولندا الذى يقتنى تمثالاً لشيخ البلد يتبعه 3 غفر مصنوعة من الخوص وحصل على العديد من جوائز الدولة فى صالون الشباب وبينالى القاهرة عن أعماله الفنية وبحثه عن التمييز بالعودة إلى خامات البيئة كان لنا معه هذا الحوار :
هل تعلمت الفن تلقائياً بدون دراسة ؟
تعلمته من الاحتكاك بالفنانين فى المعارض المختلفة ومتابعة أعمال الفنانين من مختلف الجنسيات وهو ما استفدت منه كثيراً , إلى جانب الموهبة فهى الأساس فى البداية ويليها الهدف من العمل الفنى وماأريد تقييمه من خلال هذا الفن وتوصيله للناس , ومنذ كنت فى السادسة من عمرى أنحت تماثيل من الطين , لذا لم أعتبر أن الدراسة عائق فى حياتى .
بدأت بالفخار لماذا لجأت لاستخدام خامة بيئية كالخوص فى فن النحت ؟
النحت له خامات معروفة مثل البرونز أو الخشب أو البوليستر أو الجرانيت ويستخدمها الجميع لكنى أردت تقديم شىء جديد لم يره أحد من قبل وأن أستخدم خامة مصرية أصيلة وبلدى بها العديد من الكنوز فلماذا لا أستخدمها, والخوص موجود لدينا من قديم الأزل ويوجد منه عينات فى المتحف حتى الآن استخدمها القدماء على مر العصور , وأنا من قرية من نجع حمادى تعتبر هى المكان الرئيسى لتصنيع الأدوات والأوانى التى يستخدمها الناس فى حياتهم العادية من القرى المجاورة سواء الأوانى الفخارية للطبخ والعجين أو الدكك والكراسى من الخشب والخوص , لذا فكرت فى أن استخدم هذه الخامات بشكل مختلف .
كيف كان تقبل هذا النوع الجديد من الفن فى مصر ؟ وفى الخارج ؟
لاقت استحسان الجمهور للغاية ولكن هناك صحفية وحيدة هاجمتنى فى البداية وكأنى ارتكبت جريمة وظلت على مدى شهر تقريباً تسب فى الخامة وطريقة العمل بها على أنها حرفة صنايعية وليست فناً , رغم أن أى خامة أخرى كالبرونز تحتاج لصنايعى أيضاً وباستثناء هذا لاقت الفكرة اعجاب الجميع ورأوا فيها نوعاً مميزاً وجديداً من الفن وأصبحت علامة مميزة لأعمالى فكل من يرى قطعة فنية من الخوص يعرف أنها لأحمد عسقلانى لذا فهى بصمة جميلة لى أحمد الله عليها , لكن الإقبال فى الخارج على هذه الأعمال أكثر لأن الأجانب يميلون أكثر للأعمال الفنية التى تعبر عن البيئة التى خرج منها الفنان وهو ماأومن به أيضاً , لأن هذه بلدى التى خرجت منها ونشأت فيها وهذه الخامات كانت حولى فى كل مكان ونستخدمها فى حياتنا العادية .
أيعنى هذا أنك مؤمن بأن الفنان يجب أن يعبر عن البيئة التى خرج منها ؟
ليس بالضرورة ولكن الفنان يعبر عما بداخله سواء كان هذا مرتبطاً بالمكان الذى نشأ فيه أو متأثراً بالغرب , فهناك العديد من الفنانين تأثروا بالغرب بدرجة كبيرة ولكن هذا التأثير الغربى قد يزول بمرور الوقت, وإنما من يتأثر بالمكان والحياة من حوله من الصعب أن ينساها .
هل نشأتك فى الصعيد كان لها التأثير الأكبر على أعمالك ؟
بالتأكيد فحياة المدينة تختلف تماما عن الصعيد وأهل القرى ليسوا كأهل المدينة سواء فى العادات والتقاليد أو فى الحياة نفسها , فالمدينة المزدحمة وأضواؤها الكثيرة تختلف عن القرية والهدوء وبساطة المنازل والأهالى وأعتقد أن الريف لايشعر به الكثير من الناس وهو حال الأقاليم عموماً,وبالنسبة لاستخدام الخوص والجريد فقد تعلمته فى قريتنا عندما كنا نصنع منه الأثاث.
هل استخدمت خامات بيئية أخرى إلى جانب الخوص؟
استخدمت جريد النخل فى أحد المعارض لعمل وحدات إضاءة وكانت جديدة أيضاً لأن الجريد لم يوظف فى عمل فنى من قبل، وأيضاً ليف النخل البنى نفذت منه تماثيل على شكل` قنقذ ` فى معرضى الأخير.
كيف تستطيع تثبيت القطع الفنية خاصة أن الخوص خامة خفيفة ؟
أثبتها بشاسيه من الحديد أبنيه وأنحته بالشكل الذى أريده وهو الأساس الذى أنفذ عليه بالخوص لذا فهو أهم شىء فى القطعة الفنية إذا حدث خطأ فيه ولو بسيط يؤثر على القطعة بالكامل فهو مثل أساسات المنزل أما تضفير الخوص نفسه فهو سهل من الممكن أن يقوم به أى عامل بعد تدريبه .
أيعنى هذا أنك تستعين بعمال وصنايعية لمساعدتك ؟
نعم ولكن ليس أى عامل فيجب أن أدربه على طريقة عملى فى البداية لمدة أسبوع على الأقل وهذا ليس سهلاً فبعض العمال يرفضون تعلم أى شىء جديد لأنهم اعتادوا على نظام معين , وحالياً يعمل معى عمال من قريتى ومن الفيوم دربتهم وساعدونى كثيراً , وأحتاج إليهم فى القطع الفنية الضخمة التى قد تصل إلى 2 أو 3 أمتار , ولكن القطع الصغيرة أنفذها بمفردى .
هل تعتبر هذا إحياء للخامات البيئية المصرية التى أصبحت مهملة فى الآونة الأخيرة ؟
نعم فكل الأشياء الجيدة والخامات الجميلة التى تميزنا بدأت تندثر فمثلاً الفخار لدينا فخرانى واحد فقط فى قريتنا يعمل فيه هو وأولاده وبالتالى إذا حدث شىء لهذه العائلة سيختفى الفخار , وحتى استخدام الناس لهذه الأدوات بدأ يقل بدرجة كبيرة فبدلاً من الأوانى الفخارية أصبح هناك الألمونيوم والبلاستيك , وبدلاً من المقاطف الخوص أصبح هناك البلاستيك , لذا فإن صناع الخوص أنفسهم الآن قليلون جداً , والشباب الجديد من أصحاب هذه الصناعات والحرف يرفضون العمل فيها ويعملون فى مهن أخرى, وبالتالى لم تعد الحرفة تتوارث كما كانت قديماً وتختفى باختفاء أصحابها.
منى شديد
الموقف العربى 5-8-2008
حين يصبح الفن بسيطاً مثل نكتة مصرية خالصة
` ارفع رأسك فوق .. انت مصرى `
تلمَس أحمد عسقلانى جمال وعمق هذا الشعار الذى تردد فى ميادين الثورة المصرية , وراح يبحث بإزميله عن ملامح الشخصية المصرية , حيث يقدم فى معرضه الجديد بقاعة مشربية بوسط البلد مجموعه من البورتريه والوجوه المصنوعة من البرونز . يقدم عسقلانى الثورة بمشاهدها كما رآها وصورها كثيرون غيره , لكنه يتخذ منحى أكثر عمقاً وأكثر فنية كما يليق بفنان نحات , يلتقط ملامح الوجه وروح الشخصية , ويحللها ويرجعها إلى أصولها الأولى ( كما فعل حين قدم قطعة نحتية لأخناتون ) ويضيف إليها خفة الدم التى تميز أعماله . تجسد إحدى القطع النحتية من البرونز فلسفة معرض عسقلانى وقد تكون هى أقرب تعبيراً عنه , وهى عبارة عن بروفايل لوجه مصرى يحمل مزيجاً من الملامح الفرعونية والإفريقية , ويبدو الرأس متوجهاً إلى الأعالى والأنف الطويل يرتفع فى علياء , وقد أطلق عليها بالإنجليزية ` المتعالى` أو` المتفاخر` , لكنها تعبر بالأحرى عن ` العزة ` و` الاعتزاز بالذات` اللذين أزيح عنهما الغبار بعد سنوات طويلة. أما الأنف شديد الطول بشىء من المبالغة, والذى يستحضر التعبير الشعبى ` مناخيره فى السما ` , فيرجع للحس الكاريكاتيرى المسيطر على مجمل الأعمال المعروضة . أو البورتريه الذى سماه المهرج , للإشارة إلى هذه الخاصية التى يتمتع بها المصرى فى تحويل أحلك اللحظات إلى مادة للسخرية , فقد أدرك عسقلانى مبكراً , ومنذ أولى أعماله الفنية وهو الذى حصد جوائز صالون الشباب ما أن بدأ احتراف الفن فى 1998 وفى 1999، أدرك أن وسيلة السخرية هى الأقرب للاستيعاب بين المصريين .حيث يقول فى حديثه مع الشروق :` أحاول دائماً أن أخرج عن صرامة القواعد وأساسيات النحت عن طريق الخطوط الكاريكاتورية , لاأريد أن تكون القطعة النحتية تمثالاً صريحاً يدل على العظمة , أو أن يكون على العكس غير مفهوماً , بل أحاول أن أخوض هذا التحدى فى أن ينجح النحت فى جلب الضحكة على وجه جمهور المتلقين ` .
ولذا كانت أعماله تمزج بين خفة الدم والبساطة الظاهرة رغم صعوبة الوصول عن طريق النحت للشكل الكاريكاتورى الذى يتميز بالمبالغة فى الفورم والخط , والملامح التى تنهل من الواقع وتلتقط بمهارة روح الشخصية لكنها قد تكون متعاظمة الكبر أحياناً وشديدة الصغر فى أحيان أخرى . فيقدم بورتريه لبعض المشاهير مثل عبد الوهاب وعبد الحليم وأم كلثوم أو ياسين التهامى , ولكن ليس بصفتهم أعلام الغناء والصوفية والطرب , وليس كما فعل العديد من فنانى` البوب آرت ` الذين أعادوا إنتاج الشكل الشعبى والأكثر جماهيرية تحت سماء جديدة , بل لمجرد أنها شخصيات حميمة بالنسبة للفنان . حتى عبد الناصر , الزعيم الذى انقسمت حوله الآراء وجذب الكثيرين لتصوير شخصيته الإشكالية وجذب فنانين عديدين , فقد جسده الفنان من خلال قطعتين نحت أكد فيهما على تضاريس وجه الزعيم وإبراز تناقضاتها الشكلية .
وبالإضافة لهؤلاء يقدم عسقلانى وجوه أصدقائه , أو أناسا عاديين التقاهم فى حياته ووجد فى تكوين ملامحهم وسمات شخصياتهم مايستحق التصوير وتثبيت تلك اللحظة الفريدة , لحظة تخليد الأصدقاء , مثلما يعكف حالياً على إنجاز معرضه القادم ويتناول وجه صديقه الفنان التشكيلى أحمد بسيونى الذى استشهد فى 28 يناير الماضى . أو مثلما ملأ معرضه الحالى ` بورتريه` بمن يحبهم مثل الفنان عادل السيوى , أو بوجوه لايعرفها غيره مثل بورتريه ` محمد الفيومى` أو
` الدكتورة أمانى` أستاذة مادة الخزف فى كلية الفنون التطبيقية . أو مثل نموذج ` الصعيدى ` بتقاسيم وجهه الغليظة وسمات الصبر والجلد محفورة على ملامحه , وهو الذى نشأ فى نجع حمادى بقنا وأثر تكوينه الجنوبى فى محطات حياته المختلفة, وعرف فى بدايته باستخدام الخوص أو جريد النخيل الذى برع فيه حرفيو قريته الصعيدية , فصنع منها عالمه الفنى, غزل وريقات الجريد وكون أهل قريته فى لحظات مختلفة فى حياتهم اليومية تحيط بهم الحيوانات كما كان يشاهدها فى طفولته وصباه, وحين شارك فى الجناح المصرى ببينالى فنيسيا فى 2009 , كانت أعماله محط إعجاب الجمهور , , لكن ظل هناك من يتهمه من النقاد بأن أعماله أشبه بأعمال الحرفيين المهرة , لكنه أثبت عبر تنوعه بين المواد المختلفة مابين خوص وصلصال وبرونز أن بساطة التعبير وبساطة الأسلوب هى البصمة التى تميزه مهما اختلفت مادة النحت .
دينا قابيل
الشروق 10-12-2011
نحات السعادة
يستلهم النحات المصرى , أحمد عسقلانى , أعماله من التراث المصرى القديم , ويقدمه مضفراً بتوليفة من العادات والسلوكيات الاجتماعية , مستفيداً من نشأة بيئية صعيدية خالصة, بالقرب من معابد الأقصر الشامخة, التى شكلت هى والحضارة التى تنتمى إليها نبعاً لاينتهى من الإلهام الذى يصب لدى عسقلانى ويحول إياه إلى أعمال تجريدية تعكس نقداً اجتماعياً, أو أعمالاً تهدف إلى إشاعة بهجة خالصة, كما فى آخر معارضه` فرس النهر البرمائى`
وتتراص أفراس النهر التى نحتت بأشكال مرحة وحمقاء أحياناً بشكل متتابع فى صفوف وكأنها مشاهد فى فيلم رسوم متحركة تصور حياة ذلك الكائن الذى قدسه قدماء المصريين وارتبط لديهم بالنيل.
يشكل معرض عسقلانى نقطة تحول فى أعماله, فهو أشبه باستراحة ونقلة من الأعمال المجردة, التى اشتهر بها وتلاعب فيها بأحجام ونسب تماثيله ومنحوتاته , إلى أعمال يغلب عليها المرح , والخفة مبتعداً عن التجريد والمفاهيم والخامات الصعبة التطويع, لأجل خامة أسهل وموضوع أكثر اختلافاً هدفه هو تحقيق المتعة لدى المتلقى, وإشاعة بهجة خالصة فى كل من يشاهدها من الكبير للصغير. يتكون المعرض الذى أقيم بجاليرى مشربية بوسط القاهرة , من 31 منحوتة تصور جميعها فرس النهر فى أوضاع ومشاهد مختلفة ,وتتراوح أحجامها بين الضخم الذى يقترب من الحجم الطبيعى إلى الحجم الصغير الذى يمكن احتواؤه بين إصبعين فقط .
تتراص أفراس النهر التى نحتت بأشكال مرحة , وحمقاء أحياناً فى صفوف بالقسم الأول من العرض وكأنها مشاهد فى فيلم رسوم متحركة تصور حياة ذلك الكائن الذى قدسه قدماء المصريين , وارتبط لديهم بالنيل . تلهو بعض أفراس النهر معاً وتقترب بعضها من أمها وتداعبها, بينما يمسك آخر بجهاز لوحى وهو راقد ممارساً هوايته الأثيرة , فى الكسل والخمول بمسحة إنسانية إذ ينكب على جهازه متصفحاً الإنترنت, بينما بعضها الآخر يبتسم فى بلاهة للكاميرا الأمامية لهاتف نقال استعداداً لالتقاط` سيلفى `, وذلك قبل أن تصطدم بأحد أفراس النهر الذى يقف على قدميه ممسكاً بعكاز , بينما يلهو أقرانه , ويقفز بعضهم فوق بعض, وفى القسم الثانى , تقبع أربع قطع ضخمة لأفراس النهر راقدة وواقفة فى كسل.
يقول عسقلانى إن المعرض بمناسبة ` استراحة ` من أعماله الجادة التى استعمل فيها التجريد ومواد صعبة مراس, ليصنع شيئاً مختلفاً عادة ما يتبعد النحاتون عنه ويعتبره البعض الآخر بمثابة مغامرة, وهو نحت معرض كامل عن نفس الموضوع أو نفس الشىء باستخدام خامة لا يعتبرها الكثيرون خامة نبيلة وهى البوليستر .` حاولت أن أصنع شيئاً مختلفاً عن أعمالى التجريدية , وكسرت بها قواعد النحت الأكاديمى أو الكلاسيكى إذا شئت , وأردت أن أقدم من خلالها رسالة للمتلقى , وأن أمنح الجمهور عملاً مبهجاً يمنحهم سبباً للخروج من الكآبة المسيطرة على الجو العام حالياً `. يخشى الكثير من النحاتين خوض تجربة كتجربة عسقلانى هذه ` أن تنحت معرضاً كاملاً عن نفس الموضوع والفكرة ( فرس النهر ) بأحجام متفاوتة ولون واحد فهى تجربة قد تكون باعثة على الملل وتصبح المخاطرة أكبر حين تختار مادة رخيصة نسبياً كالبوليستر صلابتها أقل من الجرانيت أو البرونز اللذين يفضلهما مقتنو الأعمال الفنية ` .
رهان عسقلانى فى هذا المعرض كان فى قدرته على منح مفردات مختلفة لكل عنصر من عناصر المعرض , فلا توجد قطعتان متشابهتان , لكل قطعة شخصيتها المستقلة , وساعده على ذلك تنسيق المعرض وتنظيمه بالشكل الذى جعله أشبه بمشاهد متحركة من قصة حياة فرس نهر تكمل كل قطعة الأخرى وهى فى ذاتها قطعة مستقلة , فترى كل قطعة وكأنها تدب فيها الحياة , ويخيل إليك لوهلة أنها تلهو تجرى وتتحرك وتلتقط الصور , فجاء رهان عسقلانى فى محله, إذ يشعر المتلقى بالحيوية تدب فى أرجاء المعرض الهادىء وتلفه حالة من البهجة والمرح التى لايمكن الهرب منها .
اختيار البوليستر كخامة لمعرض كهذا لم يأت من فراغ , فعسقلانى الذى يفضل البرونز ويفخر بكونه الوحيد الذى استعمل البوص فى صنع تماثيل , ويعتز بكونه نحاتاً خارجاً عن المألوف, اختار البوليستر لأسباب عملية وفنية, إذ يسهل تلوين البوليستر, وهو الأمر الذى كان لزاماً فى صب تماثيل فرس النهر , فأتت التماثيل بألوان طبيعية للغاية, ولم يشأ استخدام البرونز إذ أنه ليس بالأمر المقبول جمالياً. ` الموضوع يفرض علىَ اختيار الخامة , فأنا أتصور الشكل فى مخيلتى وفى هذه المرحلة من عملية التصميم تفرض الخامة نفسها علىَ , كان يمكن استخدام الخوص فى هذا المعرض , لكن الوصول للون الحيوان فرض علىً استخدام البوليستر `.
لا تخلو أعمال عسقلانى من نقد اجتماعى , فالنحات الذى عرف بتماثيله ذات الأجسام الضخمة والرءوس الصغيرة , فى إشارة واضحة لسمة سلبية يراها تصبغ عصرنا , وهى استخدام العنف وتراجع استعمال الدماغ , يحاول دوماً إيصال رسالة للمتلقى , وفى معرضه هذا يحاول عسقلانى التنبيه بشكل مرح لخطورة الانكباب المبالغ فيه على وسائل الاتصال الحديثة , وهى آفة تزعجه بشكل شخصى .
استهدف عسقلانى تحقيق ` الانبساط ` لدى جمهوره منذ البداية حين اختار هذا الحيوان الذى ترسخ فى وجداننا كحيوان مرح وعرف باسم ` سيد قشطة `, ولديه جذور ضاربة فى عمق التراث الفرعونى , الذى كان له أكبر الأثر فى عسقلانى , عبر تمثال من الجرانيت الأسود لحيوان ` فرس النهر ` يقف على قدميه منتصباً بالمتحف المصرى , مخالفاً كل من صوروه إما واقفاً على أربع أو فاغراً فمه , استلهم عسقلانى تراث هذا الحيوان وأضاف إليه لمحة إنسانية فى قالب عصرى , يفور بالحيوية ويبث فى متلقيه السعادة .
حاولت أن أصنع شيئاً مختلفاً عن أعمالى التجريدية وكسرت قواعد النحت الأكاديمى أو الكلاسيكى ، لأمنح الجمهور عملاً مبحمجاً يمنحهم سبباً للخروج من الكآبة المسيطرة على الجو العام حالياً0
محمد سعد
مجلة البيت - مايو 2016
النحات المصرى أحمد عسقلانى : يجب تقريب الفن التشكيلى من الناس
فى هذا اللقاء يتحدث الفنان التشكيلى والنحات المصرى أحمد عسقلانى عن تجربته ، مستعرضاً تفاصيلها وحيثياتها ، وعلاقته بفكرة وخامة المنحوتة التى يقدمها.
يعد النحات المصرى أحمد عسقلانى , أحد التشكيليين القلائل , الذين قدموا بصمة خاصة فى مجال النحت خلال فترة وجيزة , حيث إنه قدم أعمالاً حازت إعجاب الكثير من المتخصصين ومتذوقى الفن التشكيلى , كما قام بتمثيل مصر فى العديد من الفعاليات الدولية المهمة , كونه ينتهج آلية وأسلوب عمل خاصاً به فى تنفيذ هذه الأعمال , وهو ماجعله متفرداً عن أقرانه من التشكيليين .
` زهرة الخليج ` التقت عسقلانى على هامش معرضه الأخير , الذى جاء بعنوان : ` فرس النهر`, لتبحر أكثر فى عوالم تجربته النحتية . فماذا يقول ؟
` فرس النهر `
بداية, هل لك أن تخبرنا عن السر وراء تخصيص معرض كامل عن` فرس النهر`؟
لقد عملت على شخصية ` فرس النهر ` , ذلك الحيوان الأفريقى , لأ ن جميع الناس يحبونه , وخاصة الأطفال . وهم دائماً يتساءلون عنه ويطلقون عليه لقب ` السيد قشطة ` . كما أن هذا الكائن له مدلول فى التراث الفرعونى , وحضور كبير فى التاريخ المصرى. عندما ارتبط بفكرة القدسية والخصوبة فى منطقة وادى النيل , ودائماً عندما نراه نبتسم . فضلاً عن أن تركيبة فرس النهر مغرية للنحت , وتكوينه النحتى لايتطلب تفاصيل كثيرة للعمل عليه . علماً بأن العديد من النحاتين قاموا بالعمل عليه, ولكنى تعاملت بأسلوبى الخاص عندما قررت نحته , حيث ركزت على فكرة السعادة . فخلال تقديم أى عمل , لابد أن أكون سعيداً به . فأنا لست ممن يعملون لمجرد العمل . أو لتقديم رسالة عن الماضى أو المستقبل , ولكنى عملت على الفترة الحالية , وخاصة أن البعض يشعر بالكآبة فى الفترة الأخيرة .
قمت بما يمكن تسميته فنياً : أنسنة ` فرس النهر` .. كيف فعلت ذلك ؟ ولماذا ؟
هدفت إلى تقديم منحوتات تطرح البسمة . وأدخلت بعض الأشياء والمفردات مع الحيوان نفسه , مفردات لها علاقة بالإنسان أو أنسنة الحيوان , ومنها : فكرة تعامله مع الموبايل والـ` تابليت ` , الذى أصبح لصيقاً بالبشر . وتصوير الـ ` سيلفى ` الذى يُبهَر به الناس , حيث قمت بالدمج بين الاثنين . وهناك أيضاً اتِكاء ` فرس النهر ` على عصا , كرجل عجوز وغيرها من المفردات التى تضمنها المعرض عن هذا الحيوان , حيث تكمن لدى المجتمع فكرة عن ` سيد قشطة ` أنه خمول وكسول . ونحن كمصريين نعشق الفكاهة فى عز الأزمات . ولكن فى النهاية , أشعر بأن شخصية ` فرس النهر ` فيها جزء كبير منا .
الفن والناس
لماذا تميل فى الكثير من معارضك إلى استخدام الأحجام المتنوعة ؟
من المعروف أن الفنان يعمل على شخصية ما حتى يستهلكها . وهو يبدأ العمل على النموذج الصغير , ليصل إلى أكبر نموذج . لقد قمت بتكبير أربع قطع لفرس النهر فى معرضى الحالى . وأرى أن كل الفنون هدفها إسعاد الناس والتغيير. وفى النهاية , كلها محاولات, وعندما كنت أعمل على هذا المعرض , وخلال صب القوالب, إذا بالعمال وأطفال الشارع يجتمعون حولى ويقومون بسؤالى: هلى يمكن لنا شراء قطعة ؟ وهل هذه الأعمال للبيع ؟ هل يمكن لنا أن نساعد فى العمل ؟ وفى الحقيقة, لقد كنت سعيداً بمثل هذا الموقف . وبالتالى , شعرت بأنه يجب تقريب الفن التشكيلى من الناس, لأنه يقتصر على المتخصصين والنخبة . بينما إذا جربنا ربما نجد الجميع يتفاعل مع النحت , كونه فنا ملموساً أكثر من اللوحة .
قدمت تماثيل لبشر بأجساد ضخمة ورؤوس صغيرة . هل ثمة رسالة خلف هذه النماذج أردت إيصالها ؟
أنا أتحدث عن الأمور التى تحدث فى المجتمع من ناحية تعامل البشر . نعم , لقد قدمت أعمالاً لبشر بأجساد ضخمة ورؤوس صغيرة لتقديم رسالة ما , بمعنى أننا لم نستخدم العقل الذى ميزنا الله به . هى فكرة أعمل عليها منذ سنوات . نحن نستخدم القوة فى أمور خاصة بالواسطة والنفوذ , من دون إعمال العقل .
يبدو أنك تتبع خطاً منفرداً فى النحت يختلف عن الكثيرين من أقرانك .. ماذا عنه ؟
يحاول كل فنان أن يعمل ويبحث عن أسلوب خاص به . وأنا شخصياً أحاول القيام بكسر فكرة النحت المتعارف عليها , لاأريد أن يكون الموضوع شيئاً روتينياً , بل أقدم شيئاً جديداً , فلابد أن ينطلق الفنان ويتحرر من القيود , وأنا لا أسعى إلى استخدام خامات البرونز أو الخشب والمواد التقليدية بشكل دائم , حيث إنى تعمدت فى هذا المعرض استخدام مادة الـ` بوليستر`. وهناك خامات جديدة يمكن تقديم منحوتات بها, كما أنى أردت كسر فكرة التنفيذ خلال العمل , فأنا أحب التمرد والمغامرة والتجريب . ولابد أن يتحلى الفنان بالشجاعة والجرأة , وإلا فلن يقدم جديداً أو يكتشف الحياة بشكل حقيقى .
خامات غير تقليدية
تستخدم خامات غير تقليدية مثل ` الخوص ` .
كيف يتسنى العمل بها , خاصة أنها لاتعمر طويلاً ؟
هدفت إلى تقديم منحوتات تطرح البسمة
لابد أن يتحلى الفنان بالشجاعة والجرأة وإلا فلن يقدم جديد أو يكتشف الحياة بشكل حقيقى
بالنسبة إلى خامة الخوص , يمكنها أن تعيش مئات السنين , ولكن بعيداً عن الشمس . هذه الخامة تشكل حالة خاصة بى . أول تجربة قدمتها بها عام 2000 فى مهرجان ` النطاق ` , والذى كان يقام بالتعاون بين بعض الجهات الخاصة ولكنه لم يستمر . الخوص خامة مختلفة , تجذب المتلقى . ولأول مرة تشاهد الناس نحتاً بواسطة الخوص . لقد سبق لى أن قدمت معرضاً كاملاً بهذه الخامة . وأنا أحاول التجديد فى النماذج التى أقدمها من خلال هذه الخامة .
غياب الملكية الفكرية
علمنا أن بعض الفنانين قاموا بتقليد بعض أعمالك أو أسلوبك فى العمل . فكيف ترى ذلك ؟
لقد سرقت منى أعمال كاملة , تم تنفيذها وتقديم أعمال أخرى خارج مصر . علماً بأنى رفعت قضايا قانونية فى هذا الشأن , ولكن المشكلة تكمن فى عدم وجود حماية للملكية الفكرية . الحيوانات والأشخاص موجودون , ولكن , لماذا سرقت آلية التنفيذ ؟ أنا لم أخترع فرس النهر أو النماذج التى قدمتها . فهذه الحيوانات ليست حكراً على أحد , ولكن يبقى أن يستخدم الفنان أسلوبه الخاص .
بين معرض ومعرض
مالفرق بين معرضك الأول وهذا المعرض ؟
أول معرض كان فى ` المعهد البريطانى` عام 1998 , وهو نال حفاوة شديدة, ماشكل دفعة قوية لى كتجربة أولى . لكن , كان يتملكنى خوف نظراً إلى كونه المعرض الأول , وما إن كنت سأكمل فى هذا الاتجاه أم لا . لكن , بعد ذلك , وعندما نجح المعرض , حاولت التغلب على هذا الخوف والتمسك بالوصول إلى مستوى أعلى فى كل معرض , لأن ذلك هو المفترض من أى فنان . وكونى غير متخصص فى الفن التشكيلى ( فنان تلقائى) , حيث درست فى كلية الزراعة , فإن هذا يمنحنى حرية العمل , بعيداً عن التقيد بأطر وقوانين العملية الفنية والمتخصصين ويعطى حرية الانطلاق .
فكرة التحدى
مالسر وراء انتشار معارض النحت بصورة كبيرة مؤخراً ؟
- السبب فى هذا الانتشار, هو أن النحت مختلف عن مجالات العمل الأخرى. فهو يستقطب فنانين وجمهوراً كبيراً . حتى إن المرأة دخلت هذا المجال بقوة فى الفترة الأخيرة . ربما يكون السبب فكرة التحدى التى يتطلبها هذا المجال ويتبعها خروج منتج جيد . بالنسبة إلىَ , أنا أنظر إلى أعمال الآخرين , وأتمنى لو أننى كنت أنا من قام بتنفيذها , المنتج النهائى يشجع الفنانين على الإقبال على النحت . حتى إن كثيراً من المصورين والرسامين اتجهوا إلى العمل بالنحت , على الرغم من أن النحت يتطلب مكاناً أرحب فى البيت عند اقتنائه , بينما اللوحة فى نهاية الأمر توضع على الحائط.

زهرة الخليج2 7-2016
أحمد عسقلانى : أكشف زيف الواقع فى أعمالى
يؤكد النحات أحمد عسقلانى على ضرورة امتلاك كل فنان لخط تشكيلى خاص به يسعى ويبتكر من خلاله ، وهو ما حاول عسقلانى العمل عليه بشكل أو بآخر من خلال نوعية موضوعاتة ومنحوتاته والخامات المستخدمة بها وآلية تنفيذها ..
القاهرة التقته على هامش معرضه الأخير ` شخوص` والذى استضافه جاليرى مصر .
يقدم عسقلانى فلسفة خاصة بمعرضه ` شخوص` حيث يعرض لأشخاص بأجساد ضخمة ورءوس صغيرة أو تكاد تكون متلاشية حيث يقول : نجد كثيرا من البشر يتمتعون بجسد ضخم وعضلات مفتولة لكنهم يفتقدون العقل الذى يميز الإنسان . وفى العصر الحالى أشعر أن الناس تستخدم العضلات والقوة أكثر من العقل. رغم أن العقل يمنحنا حلولا أفضل للتعامل مع الناس ، إلا أننا نحاول استخدام السلطه والنفوذ وترك العقل والحكمة ومن ثم سعيت بأعمالى هذه إلى كشف زيف الواقع وتعريته . لقد أصبحنا نفتقد الصداقة الحقيقية حتى أننا نتمنى مصادقة الطيور والحيوانات كبديل للبشر .
ضم المعرض والذى تم تنفيذه بخامة البرونز أربع قطع نحتية سبق أن عرضها عسقلانى بمعرضه السابق بجاليرى مشربية ومنها ` الجحش وفرس النهروالقطة ` حيث أراد أن يستكمل بها معرضة الحالى بأعتبارها تنمى لفصيلة الكائنات الحية.
يتميز عسقلانى بخط منفرد فى مجال النحت منذ بداية مشواره الفنى سواء من ناحية الموضوعات التى يعمل عليها أو من حيث آلية تنفيذها فضلا عن بعض الخامات غير ذائعه الانتشار ويعلل ذلك : أحاول البحث عن بدائل وخامات مختلفة بحيث لا يقتصر التعامل على الخامات التقليدية . وقد تعمدت فى معرضى السابق ` فرس النهر` استخدام مادة البوليستر وفى أعمال أخرى استخدمت الخوص والكاوتش بالنسبة لخامة الخوص يعتقد البعض أنها سريعة التلف إلا أننى أؤكد بأن هذه الخامة يمكن أن تعيش مئات السنين ولكن بعيدا عن الشمس تشكل هذه الخامة حالة خاصة بى . أذكر أن أول تجربة قدمتها بها عام 2000 فى مهرجان `النطاق ` والذى كان يقام بالتعاون بين بعض الجهات الخاصة ولكنه لم يستمر . الخوص خامة مختلفة تجذب الجمهور والذى لم يعتد رؤيتها بمعارض الفن التشكيلى. وقد قدمت معرضا كاملا بهذه الخامة .كما شاركت بصالون القاهرة بثلاث قطع من الخوص العام الماضى، وأحاول التجديد فى النماذج التى أقدمها من خلال هذه الخامة .
هناك خامات جديدة يمكن تقديم منحوتات بها . كما اكسر فكرة التنفيذ خلال العمل ، أحب التمرد والمغامرة والتجريب . لا بد أن يكون لكل فنان بصمه لها تأثير فى المجتمع . أن يتسم بأسلوب وخط منفرد . ومن هنا أحاول أن أخرج برمز أو فكرة ملموسة مع الناس والقيام بكسر فكرة النحت المتعارف عليها . لاأريد أن يكون الموضوع الذى أعرضه شيئا روتينيا ، بل أقدم شيئا جديدا ، لا بد أن ينطلق الفنان ويتحرر من القيود ويتحلى الفنان بالشجاعة والجرأة وإلا فلن يقدم جديدا أو يكتشف الحياة بشكل حقيقى .
كما يرى عسقلانى أن عدم تخصصه فى الفن التشكيلى قد أفاده كفنان حيث درس فى كلية الزراعة هو ما منحه حرية العمل بعيدا عن التقليد بأطر وقوانين العملية الفنية والمتخصصين وهذا يعطى حرية الانطلاق .
يميل عسقلانى لنحت حيوانات لها مدلول تراثى وحضور تاريخى ومن ثم قدم معرضا كاملا عن `فرس النهر` وعنه يقول : عملت على شخصية `فرس النهر` بأحجام متنوعة وإن كانت الصدارة للحجم الصغير بذلك المعرض . ذلك الحيوان الإفريقى ، الذى يعشقه جميع الناس خاصة الأطفال . ويطلقون علية `السيد قشطة ` وقد ارتبط هذا الكائن بفكرة القدسية والخصوبة فى منطقة وادى النيل، دائما عندما نراه دون إرادة لابد أن نبتسم. فضلا عن أن تركيبتة مغرية للنحت، وتكوينه النحتى لا يتطلب تفاصيل كثيرة للعمل عليه. وقد قام العديد من النحاتين بالعمل عليه ولكنى تعاملت بأسلوبى الخاص، فعندما قررت نحته ركزت على فكرة السعادة . وخلال تقديم أى عمل لابد أن أكون سعيدا به .لست ممن يعملون لمجرد العمل . أو لتقديم رسالة عن الماضى أو المستقبل ولكنى عملت على الفترة الحالية ، خاصة أن البعض يشعر بالكآبة فى الفترة الاخيرة .
وعن اتجاهه الفنى يقول : أميل إلى المدرسة التعبيرية فى ممارسة العمل الفنى ، وأن يكون العمل الفنى مقروءا للجميع لا أن يقتصر على فئة معينة .
سماح عبد السلام
القاهرة 7-3-2017
`هياكل` من `سعف النخيل` تهيمن على فضاء قاعات العرض
- `مناجاة` عرض مجسم لأحمد عسقلانى فى جاليرى ضى :
- مجموعة هياكله في أدائها التعبيري لحالة روحانية تلخص وتبسط الاشكال بينما يأتى تنفيذها بشكل معقد في نفس الوقت
- يوجد بيننا فنان كبير اسمه `أحمد عسقلانى` يعمل بدأب منذ سنوات على تكوين فن سمته النقاء والتفرد لا يُقلد فيه أحد.. وساعده على التفرد أنه ينظر بتأمل للكون وللعلاقات الجمالية والعضوية القائمة بين عناصر الحياة والكائنات وبعضها البعض.. ليقدم منحوتاته وهياكله الضخمة لكائنات بشرية وحيوانية منفذه بمادة الأرض أو بمادة من طرح أشجار الأرض كسعف النخيل.
- إعتاد الفنان منح الضخامة للجسد البشرى ذى رأس بحجم برتقالة ربما تعبيراً منه عن مادية وحسية سادت عصرنا وقزمت العقل والروح مقابلها.. بعد هذا الاهتمام الجسدى أتى فى عرضه بجاليرى `ضى` اهتمامه بالروح منفذاً أعمالا نحتية من `البرونز` وهيكلية من `سعف النخيل` لمشاهد للصلاة وقراءة القرآن أسماه `مناجاة`..
- سأركز فى مقالى هذا على أعمال عسقلانى المنفذة بهذه الخامة الفقيرة من `سعف النخيل` الذى رغم هشاشته يحمل صلابة ومتانة النخلة نفسها.. لنرى بطون شخوصه الممتلئة قبلاً بنهم مادية الحياة وقد توارت.. وبهذه الخامة النقية التى عمل عليها وأبدع بها لسنوات طويلة نراه وقد طوعها للتعبير البليغ عن حالات من المناجاة الروحانية بين الوقوف والسجود والركوع.
- الفضائى الموجب والسالب
- أعمال عسقلانى بخامة `سعف النخيل` لن أطلق عليها أعمال نحتية بل أعمال هيكلية.. أجاد الفنان إقامتها بالعمل على فكرة الفضاء بين الداخل والخارج.. فالفراغ الداخلى يحتل هياكله ليُشكل هيكل نيجاتيف لمظهر الخارج.. وهذه الهياكل ذاتها تحتل الفضاء المحيط داخل قاعة العرض ويتشكل الفضاء المحيط بها على هيئتها لتبدو هى نفسها كمجوف داخله.. وهذا يوحى داخل القاعة الواحدة بأننا بين محيطى مجال موجب وسالب يتشكل به فراغين يفصل بينهما سطح هيكل يعمل داخل البعد الثالث خارجياً ومحتجزا داخله فراغ آخر ذى أبعاد ثلاثة.. ويتنفس فراغى الداخل والخارج ويتصلان عبر مسام خامة السعف الفاصلة بينهما.. وهذا فيه تنشيط للفضاء داخل الهيكل والمحيط بسطح السعف وتعرجاته ليكون الفضاء داخل وخارج الهيكل نشط للغاية.. ومن هيئة شخوصه يبعث طاقة نشطة تتمثل للطاقة الروحانية.. فأعماله تجمع إلى درجة كبيرة بين ما نراه وما نعرفه.
- فالهياكل جوفاء من الداخل.. بينما السطح الخارجى يشير ويوحى بحركة بصرية مستمرة.. وبينما الحس الداخلى يعكس حالة الانسان المسكون بالسكينة نرى السطح نفسه تتهادى به الحياة نشطة.
- مجموعة هياكله فى أدائها التعبيرى لحالة روحانية تلخص وتبسط الأشكال بينما يأتى تنفيذها بشكل معقد فى نفس الوقت.. فهياكله تمثل هيئة بشرية مجردة دون أذرع أو أرجل أو تفاصيل.. لكنها نابضة بقوة الحياة فى السعف التى تنمو جزءاً جزءاً كأن العمل ينمو ذاتيا بفعل قوة النماء الحية الكامنة داخل السعف ويُسقطه على كائناته البشرية.
** الضوء اللمسى والبناء المتنامى
- بينما نحت البرونز الذى عرضه أحمد عسقلانى فى جاليرى `ضى` يعطى أحساس بالرضا لمجرد لمسه.. إلا أن فى معالجته البنائية لهياكله المنفذة بخامة السعف فإنها تقدم ملامس حية لمادة كانت حية يوماً ما ولا زال لملمسها إيهام حسى بنبض الحركة على السطح والاستقرار فى نفس الوقت.. ويمكن للزائر استشعار آثار عمل أصابع الفنان وبصماته ودفئها فوق السعف المجدول.. وأيضاً بينما أسطح منحوتاته البرونزية غير قابلة للاختراق فإن هياكله السعفية قابلة لهذا الاختراق الحسى.. حتى أنه يمكن للعين أن تنسل إلى التشكيلات الدقيقة المتتالية الناعمة للسطح وما بينها من تلاحم عضوى خشن غير مصمت يتداعى وخشونة المنشأ.
- وتبدو حيوية السطح الموحية بالحركة فى هياكله آتية من حركة عين المشاهد أثناء التتبع بالاستدعاء لعملية بنائه أو الغزل بجديلة تلو جديلة لشريحة السعفة بصعود العين وهبوطها بين الجدائل البارزة والغائرة فى تبادل وفى لمحة من الثانية تمكننا من مشاهدة كيف يتراكم على هيئة جسدية متلألئ بروعة البناء المتنامى.. ويؤكد تلك البنائية فى هياكله أنه يبنى هيكله جزءاً جزءاً فعملية الجدل والتعشيق بشرائح السعف نفسه توحى بزمن انجازها داخل البعد الرابع الزمنى إضافة لعمر السعفة السابق حين كانت جزء من نخلة تنمو داخل الزمن.. ثم وجودها اليوم جزء من هيكل متمثل لأبعاد ثلاثية داخل قاعة عرض فن ذى وظيفة مختلفة عن دورها الأول.. وقد يحدث هذا حالة من الادراك الحسى المكثف.
- يزداد عمل الفنان ألق فوق حافة سطح السعف المجدول بما يشبه قطرات أو تشظى الضوء تتجمع فى مناطق التجزأه عبر حواف شريحة السعفة لتحدث ظل وضوء.. لتتغير هيئة هياكله ضوئياً وروحانياً تحت تكوينات من الضوء والظل المتعرج على السطح كهيكل متجعد منقوش من الضوء تعاد صياغته كصفائح لون صغيرة تعمل على مدى النهار كلما تغير الضوء فى مظهر أقرب لمفهوم عمل المدرسة التأثيرية فى لمساتها وبقعها اللونية الصغيرة المتجاورة وأيضا فى تغير هيئتها الدائم تحت تأثير تغير درجة الضوء بما يُنشط حاستى البصرى واللمسى ويُفعل أعماله داخل دائرة الزمن.
- كما أن عسقلانى يقدم هيكل ثلاثى الأبعاد من خلال النسج بأشرطة رفيعة من السعف وبنفس لونه الطبيعى وبهويته ككائن يكرس نفسه جزءاً جزءاً حتى نشوء طاقة عبر تدويرات السطح أو على مدار محيطه تعمل أفقيا لتنمو فى دوائر بالتناوب تتقدم وتتراجع فى نفس الوقت.. والجزء السلبى يقابله جزء إيجابي مثلما عملية المجدول تتضمن السلبى والإيجابي داخل هيكل الكتلة المبهمة المجوفة أى إنها هشة من الداخل ومتماسكة من الخارج كسلبى وموجب أيضا.
- وببراعة الفنان استشعرنا العمل يتحرك لأعلى فى بطء شديد معبراً عن مشاعر المناجاة كأنه يعزفها نغمة نغمة وكل نغمه تحمل حياتها الممتزجة بإيقاع أصابع الفنان.. لذا أعتقد أن هناك سرد داخلى ومجال إسقاطات بين عسقلانى والخامة.. والداخلى والخارجى.. والمباشر واللامباشر بقدرة تكوين السعف النخلى للهيكل البشرى.
** للسعف شفرة وهمهمات تسابيح
- حالة غامضة تدفع للتساؤل حول من أين جاءت هذه الشخوص السعفية الجسد والتكوين وكأنهم فى رحلة أو ذكرى شجرية منقضية.. تثير لدى المشاهد إحساس بالأعجاب والسحر بعالم عسقلانى الخاص وما ترافقه فيه كائناته وشخوصه والمصلين.. إنهم كقافلة تسير فى الصحراء تأخذ من سعف نخيلها أجسادها كتكرار لعمل الطبيعة فى صورها المتعددة وأيضاً بما يتولد داخل الطبيعة الريفية البسيطة ونقائية الفنان تجاه الكائنات والطرح الأرضى.
- وداخل قاعة العرض يتحقق واقع جديد لكائن يعيش حياة فى بيئة خاصة مرتبطة بوجود جمهور متفرجين على مصلين ومبتهلين فى خشوع.. محققاً من الشئ صوره لحالة إنسانية.. فهل وُجد هنا مفهوم الاسقاط او التداعى الذهنى؟.. لتتجسد نسبياً حالة من همهمات لتسابيح تملأ القاعة بالهياكل والبشر معاً على افتراض أن السعفة محتفظة بذكرياتها القديمة.. فالسعف والنخيل ككل الكائنات مسبحون لله ولا نفقه تسبيحهم ..فهذه السعفة المكونة للهيكل الفنى لا زالت مسبحة.. إنها إشارة إلى مادة عمل الحياة وأيضا إلى أن الشكل ومضمونه اتفقا معا من خلال سعفة نخيل.. كما فراغات التعشيق فى مادة بناء العمل توحى كأنه حى يتنفس يهمهم أو يُسبح بشكل تبادلى نشط رغم ميكانيكية بنائه الآلية الرتيبة.
- وخامة السعف يسهل فك شفرته التاريخية الحامل لها وبه أقصد الطريقة التى عاش بها السعف قبلاً ككائن حى والطريقة التى يعيش بها الآن كقطعة فنية تنم عن موقف الوجود من كائناته والتحولات التى تشملنا نحن أيضا كبشر.
- ونلاحظ أن طريقة عرض الهياكل فى قاعة العرض تمت بلا قاعدة أرضية كالتى يوضع عليها العمل النحتى.. ربما لأنها أصلاً هى نتاج نبت أرضى لا زال محتفظاً بشفرته الأرضية ولازال يمتد بنفسه اليها.. وهنا حالة تداعى وتلاقى بين العسقلانى وتماسه والأرض والطبيعة ليكون هو نفسه جزءاً تبادلى داخل الزمن بين اثنين من المواد المتعارضة.. إحداهما مادة حية قائمة والأخرى مادة حية متحولة ..
بقلم : فاطمة على
جريدة القاهرة - 3 أبريل 2018
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث