خالد محمد طه سرور
لعب عيال
- هنا يفلت الزمن من قوانينه، هنا كل بوابات الأحلام مفتوحة على مصراعيها وأعلى التوقعات عادية ومألوفة. حيث تتحرك هذه الشخصيات الغرائبية بسهولة فهذه العرائس أو التى تحاول أن تقترب من هذا العالم يناسبها كل ما هو غامض وخيالى، إذا يمكنها التعبير عن الرقة والرحمة ومزج السخرية بالمرح والخيال، فحين لا يتحكم الجسد أو المادة تتحول اللوحة إلى تفعيل للمناقشة الفلسفية . ثم تصعد إلى مسرح الإنسانية .
- ففى مرحلة طفولة البشرية، وفى البدء كانت الأشياء تتحرك بحرية دون قواعد تكبلها دون وعى بهذه الكتلة الجسدية فكان كل شىء يذهب فى أى اتجاه حيث كانت الحركة غاية فى ذاتها.
- من خلال خط سميك يحاول تأكيد وجوده، وأشكال متوترة تبحث عن ذاتها من خلال هذه الحركة البدائية ثمة أشكال مفعمة بالحياة من بشر وحيوانات وأشجار وأسماك وطيور أشكال تؤكد أن خيال الإنسانية لا يتجسد إلا من خلال روح الطفولة. شعرت وأنا أشاهد هذه الأعمال للوهلة الأولى أن الحس يملى واللون والخطوط تعمل دون وعى دون قيود بأمر من الحس، الحس الطفولى، تعمل فى فضاء البراءة الأولى فى مسرح الطفولة واللاشعور.
- ` لعب عيال` ليس لعباً بالمعنى السطحى للعب، إنه دعوة إلى إعادة قراءة الواقع فى ضوء الحلم وبلغة الحلم . لهذا اختار الفنان خالد سرور، أو قل وجد نفسه فى مسرح الطفولة ومعه شخصيات تتحرك فى فضاء الجنون، فضاء الحلم وتنتصر على الأسئلة المتخيلة،فليس هناك موضوع بل هناك صورة وأحلام شخصيات فى لوحات . ربما تكون شخصية واحدة أو عشرات، لا يهم، ففى كل لوحة أو قل كل مشهد حلم تجسده شخصية بكامل ألوانها وخطوطها، إذا لم يكن الفنان هنا رساماً فقط بل رجل مسرح اختار للشخصية الحركة والإكسسوار والديكور والتعبير الحركى للجسد. اختار كل مفردات المنظر المسرحى اختارها خارج مملكة العقل وفى بنائها العميق تنتمى إلى منطق الحلم، اختار الشخصيات من الدمى على مستوى الشكل ولكن ليست الدمى التى نشاهدها فى مسرح العرائس التى تدل بوضوح على الشخصية ولكن دمى أقرب إلى أسلوب الجروتسك الذى يناسب رؤية الفنان لهذا العالم، أسلوب الجروتسك نقيض العقلانية .ينحاز إلى كل ما هو غير منتظم وغالباً ما يحمل بعداً فلسفياً لأنه يناقض ناتج الثقافة التقليدية المعترف بها ويخلق قواعده الخاصة.
- نحن أمام عرض مسرحى مفتوح تتقاسم فيه بطولة هذه الشخصيات التى جاءت من الحلم مع عناصر الطبيعة : الشمس والقمر والأشجار والبحر والأسماك والحيوانات والطيور، وقد دخلت هذه العناصر إلى مسرح اللوحة وهى ترتدى ملابس الحلم بعد أن خلعت ملابس الواقع الذى نعرفه فهذه الشخصيات هى شخصيات البراءة الأولى وزمن ما قبل السقوط فى شقاء المنطق والقواعد الصارمة، حيث تحررت الأجساد من الكتلة التى تحيط بها ومن الملامح التى تحدد هويتها، فصارت خطوطاً راقصة تغيرت التسب المتعارف عليها بين الإنسان والحيوان، حيث صار الأطفال أكبر من البيوت والأشجار، وخرجت الأسماك من البحر، بل أصبحت أكبر منه..إنها صورة مقلوبة من الحياة اليومية والرسمية تؤدى إلى حالة انعتاق فيما يشبه الكرنفال، كرنفال مسرحى يعصف بقواعد المسرح التقليدى، ولكنه يحتفظ بجوهر العملية المسرحية فى كل لوحة، بعد أن استبدل جسد المسرحية بجسد اللوحة، استبدل الكلمات بالألوان والخطوط وإحتفظ بالحركة التى هى أساس التمثيل. معها الحدود والألوان المكون الأساسى للمشهد والإيقاع الذى هو جوهر الاستعراض فكل هذه العناصر انتقلت من فضاء المسرح إلى فضاء اللوحة فى عرض مسرحى مفتوح وصامت .ولكن من خلال الألوان والخطوط نستمع بوضوح إلى لغة الحلم فثمة موسيقى تجسدها الوجوه المفعمة بالحلم والبراءة تجسدها رؤية خالد سرور للعالم من خلال إعادة صياغة العلاقات بين الإنسان وعناصر الطبيعة بعيون الأطفال لا تخلو من فلسفة عميقة للعالم .فليس ما يقدمه الفنان هنا عالم الأطفال بقدر ما يقدم اللعب بمعناه العميق فالطفل يقود المركب ويصطاد السمك .وبدوره السمك يخرج طواعية ويذهب إليه مبتسما ً.وعناصر الطبيعة الأخرى ترقص راضية عن هذه الأفعال وفى مشهد آخر تحاكى الأشجار أفعال هذه الدمى الأطفال والشمس تشرق وكأنها تؤكد ما يحدث .وحين يضع طفلة فوق دراجة تشعر أن هذه جزء من تلك والعكس واللون الأخضر على امتداد اللوحة يؤدى دور القوة الفاعلة التى تحرك الأحداث أنه مسرح الطفولة حيث يلعب الحلم دور البطولة .
شكرى جرجس
ديسمبر 2014
لعب عيال - ألوان مبهجة من وحى الطفولة
- استضافت قاعة الزمالك للفنون فى القاهرة معرضاً لأعمال المصرى خالد سرور ، ضم عدداً من أعماله التى أنجزها خلال الفترة الأخيرة تحت عنوان ` لعب عيال ` يعكس العنوان جانباً من روح الأعمال المعروضة التى تبدو مثل مساحات للبهجة واللعب يمارس فيها الصغار غريزتهم الطفولية بعفوية .
يأخذنا الفنان داخل هذا العالم الملون ذى الحس الغرافيكى والمحدد الملامح . فمن طريق الخطوط السود السميكة المحيطة بالعناصر تتخلق هذه الشخصيات والأشكال . تفاصيل كثيرة تمتلئ بها اللوحات ليس اللون آخرها بل هو جزء من بانوراما متكاملة وصفها الشاعر المصرى جرجس شكرى فى كلمته المصاحبة لبطاقة الدعوة بأنها أشبه ما تكون ` بعرض مسرحى مفتوح تتقاسم فية البطولة كل هذه الشخصيات التى جاءت من الحلم مع عناصر الطبيعة : الشمس والقمر والاشجار والأسماك والحيوانات والطيور . هى خشبة مسرح كبير تؤدى الشخصيات والعناصر الطبيعية المرسومة عليه أدوارها ببراعة فائقة وتتخذ أماكنها وأوضاعها وفقاً لمعطيات المشهد ومتطلبات البناء .
ولأن الخيال هو وقود هذه الحكايات، لم تتقيد الشخصيات بالشكل أو النسق الطبيعى من معطيات الظل والنور أو قواعد الاشكال .. وبدت الشخصيات أشبه ما تكون بالدمى المتحركة ، تحركها خيوط خفية تختبئ أطرافها خلف الستار . ولم يلتزم الفنان فى هذه الأعمال البناء وفقاً لقواعد المنظور التقليدية ، بل أنشأ مساحاته الملونة عبر تلك المسارات الخافية ما بين الواقع والخيال ويتقمص خالد سرور عينى طفل صغير وينظر إلى العالم والاشياء نظرة طافحة بالدهشة التى يملكها الصغار ، ويستوعب تفاصيل هذا العالم بروح الاكتشاف الأولى. فهنا يعاد اكتشاف الحياة ، فى حين تسرى فى الافق سحابة من التفاؤل تعزز وجودها حالة اللعب والمرح الطفولى التى تسيطر على الشخوص المرسومة .
الاعمال تحتفى بالطبيعة كما تحتفى بالحلم والطبيعة هى جزء أساسى من تكوين هذة الأعمال الأشجار والنخيل وألعاب الأطفال والحيوانات والطيور ، لاعب السيرك والمهرج، خط الأفق الممتد والمتداخل مع العناصر والخطوط المحددة للأشكال المرسومة ... كلها أشياء تميز أعمال سرور . هو يرسم على مساحات كبيرة وينظم العناصر والمفردات والاشكال الملونة فوق سطح اللوحة وكما يعطى هذه الأشكال فرصة الحركة والتفاعل بعضها مع بعض ، يفرد أيضا مساحة كبيرة للفراغ الذى يشارك العناصر المرسومة دور البطولة ويترك مساحة للحلم والحركة لدى المشاهد .
الشخصيات التى يرسمها خالد سرور لا تشبة غيرها ، فهى أقرب الى رسوم الأطفال ، بل تتخذ من رسوم الأطفال مرجعاً لها ، فى نسقها وطريقة بنائها وعفوية العلاقات بين العناصر المرسومة . هى شخصيات طفولية تستطيع بسهولة التعرف على ملامحها وتذكر قسمات وجوهها فالعيون تختصر عادة فى نقاط سوداء أو دوائر مفتوحة يحددها خط قاتم وسميك وتحيط هذه الخطوط القاتمة بالوجوه المرسومة وتحدد تفاصيل المساحات الملونة كما تولد حالة من الحركة المستمرة بين جوانب اللوحة . والشفافية التى تميز رسوم الأطفال يعتمد عليها الفنان فى نسج مزيد من العلاقات الحيوية بين الاشكال الأسماك الملونة تتحرك فى فضاء المساحة بحرية مثلها مثل الطيور وحيوانات الحديقة المتحررة من أقفاصها ، كما تصطف العناصر البعيدة على خط الافق من دون مراعاة فى غالبية الأحيان لقواعد المنظور .
خالد سرور من مواليد 1965 وهو أستاذ التصميم فى كلية التربية الفنية فى القاهرة ، والمشرف العام على مركز التصميم الغرافيكى فى الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية ، ورئيس الإدارة المركزية للوسائط التكنولوجية . شارك فى الحركة الفنية المصرية منذ تخرجه فى التربية الفنية وأقام عدداً من المعارض الفردية ، كما شارك فى عدد من المعارض الخارجية .
بقلم : ياسر سلطان
جريدة الحياة 8 - 1- 2015
اللون الأسود السميك بطل لوحات سرور فى الجزيرة
للأماكن مفهوم خاص عند الفنان خالد سرور خاصة الأماكن الشعبية شديدة البساطة فقد جاءت البيوت التى جسدها خالد سرور بمركز الجزيرة للفنون رغم هندسية شكلها إلا أنها ذات خطوط لينة تعطيها الشكل العضوى مما يكسبها الحياة ، لتعويض غياب العنصر البشرى ، الذى لم يهتم به سرور فى لوحاته ، إلا بتصوير طفلة أو طفلتين فى القليل من لوحاته ، ولكن بنفس الأسلوب والجو العام للعمل بحيث أصبحت عنصرا مكملا ، فالبطل عند سرور هو الخط الأسود السميك والمساحات اللونية ذات الألوان القوية والصارخة فى تكوينات متعددة المناظير ، التى تعكس تلقائية البيئة الشعبية ، فالأماكن البالغة التنسيق تكتسب جمودا يتولد عنه الإحساس بالتوافق بين المتلقى والعمل ، ولكن الفنان خلق جوا دافئا وحميميا فى أعماله .
كما لجأ سرور إلى موثقات شعبية مثل الهلال والثلاثة مثلثات الصغيرة ، أيضا اتجه فى البعض إلى السيريالية واللامنطق مثل الأريكة الخشبية الطائرة وشتلات للأزهار التى يماثل حجمها حجم المنزل على ضفة بحيرة مليئة بالأسماك من رؤية علوية لها.
واهتم فى معظم أعماله بالمساحات البيضاء والتى حققت نوعا من الراحة البصرية إضافة إلى التأكيد على العناصر من حولها.
تغريد الصبان
روز اليوسف 6-3-2007
` خالد سرور : المرأة شجرة فى ` الليلة الكبيرة
قدم رؤية تشكيلية لعمل صلاح جاهين الأشهر
ما زالت ملحمة العبقرى صلاح جاهين ` الليلة الكبيرة ` التى لحنها الراحل سيد مكاوى وأخرجها الفذ ` صلاح السقا ` - تعيش فى وجدان العالم العربى أجمع وقادرة على جذب فنانين جدد لمحاولة تنفيذها من جديد .
والآن يقدمها الفنان ` خالد سرور ` فى معرضه التشكيلى بأتيلية القاهرة ، والسؤال الذى يقفز إلى الأذهان : لماذا ` الليلة الكبيرة ` مرة أخرى ؟ توجهت بالسؤال للفنان مباشرة فأجاب : طلب منى د. أحمد مجاهد تنفيذها ككتاب مصور للأطفال حينما كان رئيس المركز القومى لثقافة الطفل بوزارة الثقافة ، فاستيقظت داخلى كل أحلام الطفولة وراودتنى فى خيالى كل مباهج أيام الموالد والسيرك ، ذلك العالم السحرى البهيج لجميع الأطفال ، فهى أمتع اللحظات قاطبة ، لأى طفل مهما كانت ثقافته وبيئته وتذكرت فى شريط سينمائى بديع فى مخيلتى كل صورها المسحورة ..إنه تاريخ وتراث وذكريات عمرى ، خرجت هذه اللحظات من قلبى وروحى .
فى التقنيات التى مارستها فى معرضك نلاحظ أنك فى جميع لوحاتك - وليس معرضك هذا فقط - تضع خطوطاً خارجية out line سوداء سميكة وخشنة ، فما الحكمة من ذلك ؟
أسلوبى يعتمد على عدة عناصر شعبية وتراثية نابعة من همى بالحياة الشعبية المصرية ، البسطاء والكادحين والهمشين ، كما أننى أشتغل على المدرسة التجريدية الرمزية وهذا يعنى بالنسبة لى أن ` التجريدى ` هو إزاحة كل التفاصيل بما فيها الظل والنور والبعد الثالث واللون ، يعنى أجرد اللون فألوانى مسطحة صريحة بدون إضاءات داخلها وبدون تدرج لونى ` دجرادية ` هنا ألخص كل شىء حتى لا تؤثر مطلقا فى المفهوم العام الذى أتناوله ، فالرجل رجل ، والمرأة مرأة والشجرة شجرة ، ولكن تبقى كل هذه العناصر مخلصة من كل الإضافات .
أما ` الرمز ` عندى فهو شكلى ` حمامة ` - ` هلال ` - ` نجمة ` - ` بيت ` لابد أن يكون له دلالة رمزية داخلى ، وبعض الأشكال التى لها دلالات فى الفن المصرى القديم والفن الشعبى مثل الهلال والثلاثة مثلثات كالنجوم والنجمة الفرعونى والسمكة والماء ، أما الشق الثانى فى ` الرمز ` فهو ` رمزية ` اللون ` فأنا لا أرسم الأشياء بألوانها الطبيعية ، فالشجرة ممكن تكون ` حمراء ` لأننى أرمز للشجرة بأنها رمز ` للطاقة ` أو مصدر ` سخونة مشاعر ` وأريد أن تكون الشجرة ` بطل ` يجذب الانتباه ويتسيد لوحتى ، فألونها باللون بالأحمر ، فالتجريدية والرمزية لهما عامل مهم ومؤثر فى لوحاتى ، بالإضافة لأننى عندما أريد توصيل رسالة لابد من التأكيد على أشياء معينة .
نحن نتكلم الآن حول فلسفة التشكيل ، ماذا يعنى لك اللون ` الأسود ` فى قاموسك الفنى ؟ وهل ` الأسود ` يحتضن داخله جميع الألوان قاطبة ؟ بمعنى لو أطفأنا النور فجأة ستتحول جميع الألوان إلى الأسود !
لا يوجد ` احتضان ` بل يوجد ` تأكيد ` فاللون الأسود يؤكد جميع الألوان التى حوله كمفهوم فلسفى .
ماذا يشكل اللون الأسود بالنسبة لك؟
هو العمود الفقرى لجميع أعمالى منذ بدأت أنفذ لوحاتى 1995 وحتى الآن حتى يؤكد المفهوم والدلالة التى أريدها سواء شكلياً أو لونياً .
أنت تفضل دوماً ` التسطيح ` وتنبيذ دوما البعد الثالث ، فهل هذا يعود لإعجابك بالفن المصرى القديم أو فن المنمنمات الإسلامى، أو فن أوروبا الشرقية المعاصر؟
دوما تجد فى لوحاتى إيحاء بالبعد الثالث ، وهذا الإيحاء لا يتحقق على السطح المسطح إلا بالعناصر التالية : حجم العنصر وتركيبه ، فمثلاً أعمل عنصراً ضخماً فى مقدمة اللوحة وعنصراً ثانياً أصغر فى الخلفية وبالرغم من أن كليهما مسطح ، إلا أنهما يعطيان معاً الإحساس بالبعد الثالث فهو مجرد إيحاء ، بالإضافة إلى محاولتى الإيحاء بالبعد الثالث من خلال الألوان ، فالألوان لها ` طول موجى ` وهذا علم فيزياء ، فاللون الأحمر مثلا هو الأطول موجيا فهو أول عنصر يراه الرائى فى اللوحة فنحن جميعاً نشاهد اللون الأطول موجيا ثم الذى يليه من حيث الطول - الأقصر منه قليلا - لذا نحن نشاهد أولا اللون الأحمر ثم نلحظ البرتقالى ثم الأصفر ثم الأزرق ، حتى لو كانت هذه الألوان متناثرة فى اللوحة فستبدأ العين بالتقاط الألوان وفق الترتيب الذى ذكرته ، فالأقل سخونة هو الأقل طولاً موجياً.
لماذا ترفض التجسيم من الأساس ؟
أنا لا أرفضه ولكن أراه فى شغلى سيضعف من المفهوم الذى أريد إيصاله للناس ، فإننى أجرد وأرمز ولو أضفت التجسيم أيضا سأفسد التجريد والترفير تماماً وهذه فلسفتى فى شغلى .
أتى إلى الإشكالية الثالثة والأخيرة ،لاحظت فى أعمالك منذ عام 2003 تقريبا أنك تعمل عدة مناظير مختلفة فى اللوحة الواحدة فما الحكمة فى استخدام نقاط تهريب غير منطقية ؟
الناس تألف المنظور الطبيعى مثل مشهد السينما ، أعنى مشهدا بانورامياً ستجد المنظور الطبيعى المثالى يعنى كله صح من حيث نقاط التهريب ، وحينما بدأت أعمل تعددا للمناظير أعطى إحساساً قوياً جداً بالبعد الثالث وبصورة أقوى كأنك شايف ` الطبلية ` من فوق وشايف ` البوتجاز ` من تحت فى نفس اللوحة ، هذا يحدث دهشة للمشاهد ويجعله يمعن التفكير.
أيمن حامد
البديل 17-12-2008
خالد سرور ولعب العيال الذى أحبه
أهرب من روحى إلى عالم الذكريات ..أعود إلى بداياتى ..وأستحم ببراءة الحواديت ، وأحكى بألوانى ما حلمت ..أسجل النهار ، والصغار ، وبنات عمى ، والشجر ..الشمس تسطع من هنا ..قلبى ..أهرب من خريف عمرى لربيع لوحاتى .. أطهر ما تبقى من الروح ببراءة الأفكار والتلوين.
انطلق خيال الفنان خالد سرور على مساحات الأبيض يرسم ويلون حكايات الطفولة بألوان ناصعة ومشرقة ، وأفكار بريئة وبسيطة تنقلنا من الواقع إلى الخيال ، وتأخذنا لاستحضار ذكريات طفولتنا ، والتجول مع أحلامنا لنغسل أرواحنا من هموم ومشاكل الواقع ، ونستمتع بحس فنى وجمالى كشف خطواته خالد وتركنا نعيش ونتجول بين مفردات لوحاته ونسترجع الذكريات .
يتميز أسلوب خالد سرور بشكل عام بتلخيص الأشكال وتجريدها وترميزها وتسطيحها .ويهتم بتحديد مفرداته بالخطوط السوداء .ويهتم بالمجموعات اللونية التى تنشأ مساحات خرائطية تتوحد فى المضمون . وقد تأثر الفنان برسوم الأطفال والرسوم المبدعة لهم ،فترى الكثير من إنتاجه الفنى يدور فى فلك الإبداع للطفل وإبداع الطفل نفسه .
فى معرض ` لعب عيال ` المقام بقاعة الفن بالزمالك تتلاقى روح خالد سرور البريئة مع براءة الأطفال ، وخيالهم المنطلق فى تناول الموضوعات الفنية فنجد البساطة فى الخطوط والتشكيلات ، إنه الرسم بمنطق اللعب ، فالأطفال يخرجون طاقاتهم ويعبرون عن أحلامهم وسرور يقلدهم بقدر من الوعى ويعود إلى عالمهم ، فيشكل ويلون مثلهم ، وتهتز الخطوط وتتراقص وهى تحدد مساحات اللون الصريحة المبهجة التى تحقق التناغم الكلى ، والحركة الإيقاعية السريعة ، مع ثراء أسلوب الفنان وإلمامة بالروافد الفنية والمؤثرات الفنية الحديثة ، والممارسات البصرية الأكثر وعيا، وعلاقة الفنان بدراسة الاتجاه التجريدى ، الذى حرر أسلوب خالد من القيود الأكاديمية الملزمة برؤيته الجمالية المبتكرة ، والمزودة بطاقات تعبيرية مستمدة من ثقافته الفنية وواقعه الاجتماعى ، ليقدم بالنهاية روح الأشكال ويلعب بالألوان والخطوط لتكون الحالة التعبيرية لأحلامه اللانهائية .
ولد خالد سرور بدمنهور عام 1965 ودرس بكلية التربية الفنية وتخرج وعين بها أقام العديد من المعارض الخاصة منها معارض بمجمع الفنون بالزمالك 1996 ، 1998 ، 2001 . معرض ( الليلة الكبيرة ) بأتيلية القاهرة 2008 .ومن المعارض الجماعية بينالى خيال الكتاب الدولى الثانى بمكتبة الإسكندرية 2005 ، ومعرض الفن المصرى الحديث والمعاصر بالدوحة - قطر 2010 .
وحصل على عدد من الجوائز منها ، الجائزة الأولى رسم بمسابقة المدن الجماعية 1985 ، والجائزة الأولى رسم فى صالون الشباب السابع 1995 ، وجائزة لجنة التحكيم فى الصالون العاشر 1998 .وله مقتنيات لدى الأفراد وبمتحف الفن المصرى الحديث ، وجامعة حلوان .
د. سامى البلشى
الإذاعة والتليفزيون 31-1-2015
حواديت بنات
- يسعدنى أن أقدم هذا المعرض الجديد للفنان خالد سرور .. فنان البهجة والسجيَة والسعادة .. والذى تدور محاوره حول عالم الطفولة وحواديت البنات .. خالد سرور فنان تجمعنى معه ذكريات أكاديمية وزمالة وصداقة .. وهو فنان إنسانى النزعة مصرى وشعبى ودود وخلوق .. تحكمه المشاعر الدافئة .. مشحون بدوافع الصدق والرضا.. متواصل الهوية ومتجانس لذلك تدور معظم أعماله فى إطار هذه الصفات الشخصية المستقرة ... الطفولة والبراءة .. الفطرة والسجية .. التآلف والتماسك ..المحبة والسلام .. فإذا ما انتقلنا إلى الحديث عن جماليات أعماله نراها ناطقة ومعبرة عن كل هذه السمات ما يؤكد حضور الصدق فى التعبير والإخلاص والتفانى فى تأكيد الرسوخ والرصانة والتماسك وذلك بتوظيف الخطوط الداكنة التى تحيط بالعناصر جميعها ..ألوانه صريحة وقوية جذورها ضاربة فى عمق التاريخ المصرى منذ أكثر من خمسة آلاف عام، وبالرغم من كون ألوانه ذات مسحة عالمية معاصرة .. إلا أنها تظل بالتأكيد نابضة بالمذاق والحس الشعبى المحلى .. ما يدعونا إلى اعتمادها وجدارتها فى الإنتماء إلى التراث التشكيلى المصرى المعاصر الذى نكن له كل الإحترام والتقدير.
بقلم : فرغلى عبد الحفيظ 2018
`خالد سرور` خصوصية المفهوم وتكثيف المحتوى التعبيرى
- يمثل الفن تلك القدرة الخارقة على تسطير الخيال والصدق والمغامرة الجسورة، واللغة الخاصة التي يفصح بها الفنان عن نفسه ويبوح بها للناس على نحو لم يألفوه، عبر تنظيم الداخل الجواني للمبدع وتقويم خواطره وعواطفه، رجوعا للعالم الخارجي بما فيه من قواعد وضرورات وأنظمة فنية وفلسفية، فالفن هو الأداة السحرية الغامضة للسيطرة على دنيا الواقع، وتغيير العالم، وصياغة مثيرات جمالية نتاج (البعد الثقافي والمعرفي للفنان- وأيضا وفق املاءات فطرة الاستجابة للمؤثرات من المحيطات) في ضوء احتكاك مستمر بالواقع والعصر، وما فيه من ايدولوجي وتحولات في المفاهيم.
- فالفن في قفزاته على اعتيادية القوالب المنمطة والتنكر للثبات، اشتق خطاب بصري فاعل قوامه تواصلية مع المعطى التكنولوجي، وتأسيس تفاعلية وعلاقات جديدة بين المتلقي والعمل، وعدم اختصار فيزياء العمل على النص فقط، بل تصدير المعاني والدلالات، ورفع مؤشر المستحدث وما ينطوي من معنى ضمني ومجرد، ونحت مدارات راديكالية ينقب فيها الفنان عن تحقيق (قيمة التكامل وقيمة الشمول في العمل بمختلف المجالات الفنية) لتهيئة الجمهور لسيكولوجية لا تخلو من الإثارة، وتلمس الفرادة في التعبير عن المعاني.
- التكوينات الخاصة وحداثية المنجز البصري:
والفنان `خالد سرور` من مواليد مصر، ويعمل أستاذ بقسم الفنون البصرية والرقمية، ورئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة- مصر- السابق. وعضو نقابة الفنانين التشكيليين والعديد من الجماعات والجمعيات الفنية في مصر، ويشارك بالحركة التشكيلية منذ 1985 وحتى الآن وله العديد من المعارض الخاصة والجماعية بمصر والخارج، قوميسير مساعد جناح مصر ببينالي فينيسيا 2007، قوميسير مصر فيينا 2007، وحصل على العديد من الجوائز والمنح الفنية أهمها منحة فنية للولايات المتحدة الأمريكية، وله مقتنيات بالعديد من الهيئات والمؤسسات والمتاحف وعدد من الدول العربية والأجنبية.
- ويمثل `خالد سرور` أحد الراديكاليين النابهين الذين يتسمون بتحرر الرؤية ونباهة الطرح، وهو أيضا جزء فاعل من المشهد الفني المصري، بنبوغه وخصوصيته، وتفرده البحثي المعرفي كأستاذ أكاديمي وباحث فني نحت لنفسه أبجدية خاصة وتشعب أفكاره وأطروحاته الممتدة للعالمية، وروح البراءة في رسومه ذات التعمق الجذري والثقافي، والتي تنحو عن قضايا الزخرف والمعالجات الجمالية التقليدية، لصالح تأسيس تحولات جذرية في الهيئة البنائية والفلسفية، من خلال إبحاره بهمة وفهم ووعي وتعمق مكين في جوانيات وصميم البيئة المصرية وعناصرها الدالة.
- عبر هجر طرق تسجيل الرؤية والتدوين الواقعي، لصالح ترجمة الأفكار لشخوص مفعمة تسكن بيئات غنائية، دفع فيها الفنان بصور ذهنية غير معتادة للمتلقي، والولوج لنستولوجي والحنين للماضي بأحداثه وذكرياته، والالتقاء بالذكريات، وتشخيص أجواء مناخية قفزت عبر الرصيد الذهني والحنينية الجارفة للعالم البريء الملهم، كينبوع ملهم تتيح للمشاهد أن يشارك تجربة الفنان الخصوصية بصورة تأمليه وتحليليه، عبر بهجة لونية وسيكولوجي دلالي للون، لتتحول فيه الألوان لأنغام تحفز الشعور الخالص في النفس،وتزرع المتعة الجمالية تجاه البلاغة اللونية، والتراكيب المشبعة وتأثيراتها الحسية.
- روح البراءة والهوية في عوالم `خالد سرور الخاصة`
الفن بالأساس هو تعبير عن الذات، وتنفيس عن المشاعر والأحاسيس، من خلال `هوية` كإثبات ذات وکينونة، والحاجز الذي يفصل بين الفنان وبين التبعية التقليدية`كالهوية الفکرية` كجزء من بناء الذات الإنسانية، والتي تمثل مخزون الفنان من (تراث وثقافة وطقوس وعادات وتقاليد وحضارة وتاريخ)، ومجمل الخبرات الوجدانية المترسبة في الذهنية، والتداعيات المستمدة من البيئة المحيطة، لتأطير الطابع الشعبي والروح الشائعة في أبجديات الشخصية المصرية، منتهجا التعبير الدينامي عما يجري حوله، وبخاصة الأحوال اليومية والعادات والشعبيات، لينتمي الفنان لهوية متحرره تمزج بين (رصانة وسحر الشرق وطبيعة مصر- وحداثة المعالجات التقنية - والدلالات التعبيرية في التقاليد المصرية الشعبية) وهو ما حشد لأشروحاته البصرية، الرسوخ في وجدانية المتلقي.
- ففي أصالة تعرض حكاياته الأسطورية النابضة، سطر `خالد سرور` عناصره بمنتهى الصدق بعيد عن كل تكلف، يعززه همة فكرية على البوح البصري بموضوعات أثيريه تنتفض من الارتباط الواقعي، لصالح تلخيصات غنائية تحتفي بمدارات البراءة والصفاء والنقاء ورهافة الحس، لترتكل بذلك أطروحاته الفنية لمصدرين أساسيين هما (الحياة المعيشية اليومية للمصريين- والتراث الشعبي المصري سواء المصري القديم أو النوبي) لتمثل حياة المصريين البسطاء شغله الشاغل، والارتباطية اللصيقة بتلك الحياة وبالشارع المصري (أماكنه - شوارعه - بيوته - أشخاصه - أحواله - أحلامه - همومه - قضاياه - مواقفه الاجتماعية - العلاقات التفاعلية بين عامة الناس).
- أسطورية التمثيلات وعاطفية التأثير
- استردف الفنان القيم الإيقاعية للخطوط المنسابه، ووظائفها الدينامية، وما تصدره من الإحساس بالهدوء والرقة والاسترخاء والليونة والرشاقة وسلاسة التموج، مع توظيف الخطوط ذات الزوايا الحاده والتي تعطي الاحساس بالقوة والصلابة، في مزاوجة بين (ليونة المقوس، وصلابة الخط المستقيم) (بين المنحنيات المنسابة، والزوايا الحادة القوية) في كل متسق الأجزاء، ينتفض عن كل ما هو ثانوي لصالح الحيوي الحقيقي، ليسجل فقط ما يريد الإفصاح عنه بدقة ونقائية. كما يأتي الخط الأسود المتواتر الذي يحدد كل الأشكال والذي يعد أحد أساليبه الخاصة الذي تتسم به أعماله الفنية، يأتي للتأكيد على المفهوم الفني الذي يود طرحه في العمل عبر التضاد بين درجة الأسود وباقي الألوان، أيضاً يأتي تواتره لوضع المشاهد أمام حالة من التضاد الذهني ما بين تسطيح الألوان وتجريدها وبين تواتر تلك الأشكال وحركتها من خلال هذا الخط الرابط بين عناصر وأشكال العمل الفني، مؤكداً المفهوم الفني المراد من هذا العمل.
- لقد هدف `خالد سرور` لتصدير طاقة حنينيه جارفه إلى هذا العالم البرئ الملهم، وذلك في نظام عاطفي، يحتفي بتسجيل لحظات `الاختلاء بالذات والسكينة`. ففي معرضه `نفس عميق` في `جاليري ياسين` بالزمالك، يعرض الفنان (15) عمل تصويري عبر عمق فلسفي مؤسس على فكرة (الاستراحة والجلوس) التي يحتاجها الشخص لتعويض الارهاق والتعب والمشاكل والصخب الحياتي ووقفة مع النفس واختلاء بالذات، في دنيا البراءة مفتوحة الأجواء، وتصوير تلك العلاقات العاطفية مع شخوص رقيقه حانية في لحظات استراحتها وهدوءها وجلوسها، في منأى عن صخب وزيف العوالم المزدحمة، ضمن منظومات تعبيريه صيرورة، حقق فيها الفنان التجانس اللوني المعبر، للافصاح عن تكوينات راديكالية يكتنفها الإختزال.
- فإستعاض الفنان عن كل ما هو اتباعي لصالح الأشكال الذاتية ذات الدلالات بهدف تكثيف المحتوى التعبيري لعناصر العمل، لتحتفظ بتأثير ممتد المفعول، لتنهض الإشارات الصورية لدي الفنان لتصدير أجواء خاصة لدفع المتلقي لتلمس الأسرار ومكنونات لغته البصرية، التي يلعب فيها اللون والخط الأسود معاً دوراً هاماً بالنسبة له سواء في أسلوب تناول تلك الأعمال أو لتأكيد المفاهيم والأفكار والرؤى والمواقف التي يتناولها كل عمل على حدة، حيث ينبري اللون في أعماله مسطحاً وناصعاً ومجرداً في هيئة مساحات لونية لها دلالات نفسية وإيحاءات بأبعاد منظوريه إيهامية، ودراسة مشكلة تفاعل الألوان ومخططاتها وتشكيلاتها الجمالية بما يعزز دينامية تلك الخطوط، للتأكيد على قيمة الفكرة، ليحول الفنان حرارتها لعوالم ذات تجليات تصدح بالمعاني، لتعزيز الهوية في قوالب عالميه السمة.
- مفهوم البعد الإنساني في المدرك البصري:
شغل العنصر البشرى بإحساساته العاطفية وإيماءاته وإنفعالاته، حيزا داخل المخيلة الإبداعية للفنان، لتصبح الصورة الإنسانية مشحونة بالطاقة التعبيرية والأبعاد الرمزية، والجاذبية التي تعمق الشعور واستثارة المخيلة لتلمس انفعالات وإحساس وفكر الفنان والتفاعل الدؤوب معها. فانبثقت الصورة الإنسانية في أعماله مصطبغة مشحونة بطاقات تشخص قوة التعبير الإنساني، والحالات الإنسانية مثل (اللعب والمرح، والسعادة والحزن، والاقبال والانطواء، والحركة والاسترخاء) والتي تعمق لدى المشاهد الشعور بالتعاطف والتفاعل.
- وتدشين الربط والانسجام فيما بين الكتل اللونية المغلفة بالخواطر والأحاسيس، والتي يمثل اللون فيها البعد الدرامي البصري الذي يصدر أحاسيس وانطباعات تتوازي مع حيوية الحركة، والتركيز على لغة التباينات، والمبالغة فى `دراما` الرسم والخط، وتصوير الإنفعالات المختلفة على وجوه الشخصيات، والاستعانة بضربات الفرشاة المتوهجة والعميقة ذات النغمات الطنانه، وتكثف ببهاء الجوانب العاطفية بمسحه من الفخامة والفطنة والدعابة، وإنشاء خلفيات فراغية لونية تتمتع بالتسطيح اللوني، الذي يتفاعل مع الحركة الدؤوبة الرشيقة التي تنبض بها أشكاله الفنية، وإثرائها بمعالجات تقنيه تتوازى مع سياق العمل أو تتناقض معه لتحقيق أقصى كثافه وثقل تأثيري، لتنبري تلك الفراغات كتمثيل لذلك (النفس العميق) الذي يوفر الاستراحة لشخوص العمل ويخصب المناخات الملائمة للارتياح.
بقلم : د./ حسان صبحى حسان
مجلة : مصر المحروسة 17 -12-2024
|