`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
زينب محمد سالم
الفنانة ` زينب سالم ` شاعرة النخيل .. و` مائة طبق وطبق ` من الفن والجمال !
- ومع بداية الموسم التشكيلي وزحام المعارض في هذا التوقيت .. جاء معرض الفنانة زينب سالم بعنوان ` مائة طبق وطبق ` بقاعة الزمالك للفنون .. وهو واحد من أهم المعارض حالياً .. بما يعد تأكيداً على صحوة فن الخزف .. هذا الفن الذي يبدو في مقدمة الفنون الأصيلة مع فن النحت .. يسبقان التصوير والرسم والجرافيك .. إلا من بعض الأبدعات التي يعكف عليها فنانون يعملون في صمت بعيداً عن غوغاء الدعاية .
- وزينب سالم الأستاذة بالفنون التطبيقية واحدة من هؤلاء الفنانين .. من تلك النوعية القليلة .. أهم ما يميزها إنسانيتها الشديدة وبساطة شخصيتها والتي تخفي وراءها فنانة كبيرة تعد علامة في فن الخزف المصري المعاصر .. وقد أضافت بلمستها الكثير إلى هذا الفن في حوار وتواصل .. مع أعمال كبار فنانيه بتنوع أشكاله من الأواني والأصص والمزهريات والأطباق إلى اللوحة الخزفية .. بدءاً من الرائد الأول سعيد الصدر ` ساحر الأواني ` إلى الأجيال التالية له من عبد الغني الشال وجمال عبد الرحيم ونبيل درويش وجمال عبود ومحيي الدين حسين وليلى السنديوني ومحمد مندور وتهاني العادلي وغيرهم مع شباب الفن .
- وتكمن خصوصية أعمالها في أنها خرجت بفن الخزف إلى التشكيل الجمالي الخالص .. كما تؤكد أعمالها أيضاً بقوة وبساطة وشاعرية عمق الإتصال بالروافد والجذور .. وعمق التناول والآداء المصري الذي يمتد التشكيلات الرمزية الفريدة .
- كانت الفنانة في بداياتها الأولى بعد تخرجها في كلية الفنون التطبيقية تبدع أشكالاً تنساب في استطالة وسمو أخذت هيئتها من المئذنة التي تبتهل في الأفق وتنساب في إيقاعات متنوعة مع التوافق والتناغم الشكلي والحسي في منمنمات خزفية رقيقة ودقيقة ومترابطة .
- إلى أن كانت النخلة مثيرها الأساسي الذي ارتكزت عليه مرحلة مهمة من مراحل أعمالها وتطورها الفني .. كل هذا من خلال عنصر واحد من الطبيعة المصرية .. وهي وحدة تراثية تسمو وتستطيل بتاجها المروحي الذي يتعانق من الأفق .. ويمتزج بزرقة السماء .. كما تحمل من دلائل الرمز العيد من المعاني .. من الرشاقة والسمو إلى الإرتباط بالجذور ومرادفات الخصوبة والتجدد والتوالد بما يعكس المعنى الشاعري للأنوثة مثلما نرى في جذور النخيل تلك الشجيرات الوليدة التي تنبت وتزدهر .. بما يجعلنا نؤكد بأن زينب سالم شاعرة النخيل التشكيلية .. ورغم اقتصارها على هذا العنصر وحده .. إلا أنها قدمت من خلاله ملحمة غنائية عنية بالمشاعر مثلما هي غنية بصور التشكيل العديدة فقد رقت ولانت بلمستها الطينية السمراء من طمي النيل .. محملة بقوة تعبيرية هائلة من رهافة التشكيل والتنوع وثراء السطوح وتعدد الملامس .. والدخول إلى أعماق زمن لا ينتهي .
- كان مولد الفنانة زينب سالم بمدينة السويس تلك المدينة الباسلة .. وبعد أن قضت طفولتها بها إلا أنها تنقلت بعد ذلك داخل مصر في مناطق وأقاليم بين الصحاري والواحات وبين الرمال والخضرة والنيل .. وكانت أهم مثير وسط هذا العالم الطبيعي تلك النخلة التي تأملتها بعين الفن والحب والتي ظلت حبيسة العقل الباطن وسط مشاهداتها حتى أصبحت في النهاية من مثيراتها الأصيلة .
- تقول : ` الفنان دائب التأمل يتغذى عقله وفكره ومشاعره في البيئة التي تحيط به أيا كان نوعها وفي أي وقت ولا تخرج إلى حيز الوجود إلا حين تكتمل في نفسه فنجده منجذباً إلى خاماته للتعبير عن أفكاره التي تكون قد نضجت وأصبحت لا تترحه لحظة كأنه يتنفسها ` .
- وقد ظلت متأملة هذا التركيب البنائي فأبدعت أسلوباً مبتكراً غني بالتشكيل وقد اختارت اللون الأسود الممتزج مع الأحمر الرصين مما أعطى للأعمال أبعاداً درامية خاصة وهي تمتد في تشكيلات مجسمة ` تجهيز في الفراغ ` من الجذر إلى الساق وحتى أعلى النخلة .
- إلى أن انتقلت إلى اللوحة الخزفية والتي تمثل تراكماً إلى عالمها وفن الخزف .. ومساحة أخرى جديدة فيها أيضا من روح الطبيعية .. تمتد بالنباتات والزروع والأشجار بتركيبات لونية رصينة من الأخضر الزيتوني والرمادي والبيج وما أجمل أن نرى ما يوحي بإختزال شديد بجزء من تاج نخلة أو شريحة لنبات وشجرة في فضاء تصويري يبدو فيه القمر معلقاً في الأفق .. مساحة من الزمن في نسيج من النغم !
- اختارت الفنانة زينب ` 100 طبق وطبق ` عنواناً لمعرضها 2018 .. وهو بتعبيرها : ` أنه معرض المجموعة .. حيث العرض في مجموعات وليس قطعة واحدة .. الوحدة الواحدة في العمل الكلي تتشارك فيه وتتماثل في الشكل والحجم بإصطفاف وتكرارية رغم ذلك تختلف في تفاصيل كل وحدة على حدة لتعلى من ذاتيتها في مشهد متشابك يتشارك فيه الزمان والمكان .. مشهد يخرج القطعة المنفردة من وظيفتها لتصبح جزءاً من كل عمل واحد .. بالإضافة إلى وظيفتها كوحدة .. فيأتي الغرض ليعلي قيمة الجميع محتفياً بالذاتية `.
- وأطباق الفنانة هنا تعد بمثابة لوحات من الفن والجمال فيها شخصية الشكل الدائري لكن خرجت عليه من خلال هذا الحس التلقائي فتألقت الحواف في إشراقات من الإنحناءات والتجسيمات والطي والثني والإطارات بين البارز والغائر تشدو بلمسة تعبيرية طازجة .. من حكمة التشكيل وبراءة التعبير في وحدة عضوية مع الطبق من الداخل .. وقد بدي أشبه بلوحة تجريدية مسكونة بالثراء في الملمس وتنوع والأشكال المجسمة من الشرائط والشرائح والكريات .. كل لوحة إيقاع وكل إيقاع حالة متفردة من التعبير .. ويعد البطل أيضاً في الأعمال تلك التركيبات اللونية الرصينة من الأكاسيد والجليز في منظومات لونية من الرمادي والأبيض والذهبي ` أشبه بالدانتيللا ` .. مع الأحمر والكحلي ولمسات من الوردي الروز الهادئ .. وهي منظومات تعكس لشخصية عالم الفنانة وقدراتها التعبيرية .. هذا العالم المتفرد من الأصالة والحداثة مع التنوع والثراء ولغة التشكيل وخصوصية الأداء .
- وتعد أطباق الفنانة بما تحمل من قيم تشكيلية رفيعة .. قطع من الجمال الخالص أخذت من الطبق معنى الإحتواء .. وقد بدت في المعرض ما بين المعلقات على الحائط والمعروضة بشكل أفقي .. وهنا جاء هذا الحوار التشكيلي من الرأسي والأفقي مع المسطح والمجسم .. الرمزي بإشاراته السريعة .. والبهي المثقل بملاحم اللون ومنمنماته من عناصر التشكيل .
- وهنا بلغة الفنانة : ` يأتي التعبير غنياً بتراكيب تتجاوز المعاني الظاهرة وتمتد إلى المعاني الباطنة في تناقض وتضاد يحتفي بالكل والجزء معاً .. كما يؤكد على التفصيلات والمجمل .. أن تكرار شكل دائري لا نهائي يخلق طبقات متتابعة متسلسلة مرتبطة ومنفصلة في ذات الوقت .. يدعو إلى استخدام خاص لتقنيات وأساليب تقليدية الأختزال والتذهيب ` .
- أنها دائرة متكررة متسلسلة في حالة خلق إشارات وتفصيلات تسلم إلى الكل .. هي الحياة فتصبح الدائرة ليست ككل دائرة وليس الطبق ككل الأطباق .
- في أعمال الفنانة نطل على مساحة مصرية أصيلة ومبتكرة بلمسة الحداثة وعي أعمال توجت بجوائز عديدة من بينها الجائزة الكبرى في ` ترينالي القاهرة الدولي للخزف ` عام 1944 والجائزة الكبرى فى نفس البينالى فى دورته الخامسة.
- تحية إلى دنيا زينب سالم الخزفية وعالمها الرحب بلغتها التشكيلية الخاصة والمتفردة .
بقلم : صلاح بيصار
جريدة: القاهرة 30-10-2018
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث