|
ملك أحمد أبو النصر
- أن الكون المحيط بنا بطبائعه المختلفة، يحكمه قانون مهيمن واحد هو قانون البقاء. ونتيجة لهذا القانون نشأت تألفات تبدو كأنها لأشياء وطبائع هى متنافرة فى أصلها تنافر النور من الظلمة أو تنافر الحياة من الموت.
- لكن إذا تجاوزنا تلك القشور السطحية التى تمثل الحواجز بين تلك المتناقضات والمتعارضات، وجدنا أنها مجرد فروع متعددة الإتجاهات ومختلفة المسارات، لكنها سرعان ما تجتمع كلها وتتعانق عند الأصول الأولى.
بقلم : ملك أبو النصر
من كتالوج الفنانة ملك أبو النصر بمعرضها بقاعة (أخناتون) بمجمع الفنون بالزمالك ديسمبر 1985
فن ملك أبو النصر
- ليس من السهل على المتلقى العادى أن يتذوق بشكل واع وعميق الأعمال الإبداعية للفنانة ملك أبو النصر. ذلك لأن فنها كالموسيقى العظيمة التى لم تصنع لتطرب النفوس أو لتشنف الأذان بل خلقت لتفجر فى الانسان الطاقات الجبارة الكامنة بداخله نحو عمل الخير وكل الخير من أجل بناء حضارة العصر.
- أن العقلانية المستنيرة والعاطفية المرهفة هما الدعامتان اللتان بنت عليهما الفنانة ملك أبو النصر ابداعها. فحينما تقترن العقلانية المتزنة بالحس المرهف فلابد أن يصنعا فنا كبيرا.
- أن بناء الصورة عند الفنانة ملك أبو النصر يعتمد بشكل أساسى على صياغة علاقات جديدة ومتوازنة تقع فى عيوننا موقع النغم. ثم تكسب الأشكال جدية ووضوحا يجعلها تبدو فى بعض الأشيان كمنحوتات متعانقة مرة ومتفرقة أخرى فى مواجهة قدر مجهول وغامض ومتربص وذلك هو عالمها الخاص الذى يظهر أحيانا ويختفى فى أعمالها.
- اللون عند الفنانة ملك أبو النصر بعيد عن الإبهار وذلك لأنها تعتمد فى قوة التعبير على التدرج اللونى لأعلى التناقض السافر فنرى بوضوح فى صورها درجات من الألوان الساخنة من الأحمر والأصفر تتعانق وتتجانس مع درجات من الألوان الباردة كالأزرق والأخضر. ولقد استخدمت اللون الذهبى استخدامات جيدة فى بعض أعمالها.
- يضيف الملمس إلى الصورة عند الفنانة ملك بعدا زمانيا حيث تبدو العناصر المكونة للعمل وكأنها صخور هبت عليها ريح عاتية أو ارتطمت بها أمواج مجنونة اثرت فيها وشكلتها على النحو الذى تظهر به فى الصورة وما يزيد من قيمتها علمنا أن الفنانة تقصد كل لمسة فى لوحاتها ولم تترك شيئا للصدفة أو التلقائية.
- تلك هى سيمات فن الدكتورة ملك ابو النصر الذى يحويه معرضها أقدمه هنا فى إيجاز شديد.
بقلم : أ.د./ محمد حامد عويس ( نقيب الفنانين التشكيليين بالاسكندرية)
من كتالوج الفنانة ملك أبو النصر بمعرضها بقاعة (أخناتون) بمجمع الفنون بالزمالك ديسمبر 1985
- الأبداع فعل أصيل يتكون من نسيج من الاضداد ويحتوى على أنواع كثيرة من الصراعات ولذلك لا يمكن للحقيقة التى يسعى الفنان إلى استخراجها منه أن تستوعب فى مظهر متجانس الا من خلال برهة توافقية يتحقق فيها بدرب من المعجزة ذلك الانسجام الكامل أو `الموناد` التى قال بها `ليبنتز` فى فلسفته الجمالية.
- أن كل إيجاب يستدعى سلبا وكل نفى يشمل تأكيدا وهذا التعدد فى أشكال المضامين المتعارضة هو الذى ينتج عنه `القيمة` الجديدة التى يضيفها الفنان إلى الشئ الظاهر والمتعين ليصير تجسداً للإرادة.
- أن القيمة فى الصورة كما فى كل عمل تشكيلى هى أيضا ما تسمى بالضرورة الداخلية التى يسير نحو تحقيقها الفنان.
- والفنان يسعى دائما إلى توكيد فرديته التى لا يمكن أن تتحقق- كما ظهر فى تجربتى هذه- الا حين يغوص الفنان بعمق داخل الحياة العضوية أو فى القوى الكونية بمفهومها الواسع.
- ان التوتر الذى يظهر على أعمالى فى تلك المرحلة ناتج من المواجهة الصريحة للعنصرين الأساسيين اللذين يقتسمان كيان كل فنان بل كل إنسان.العنصر الأول هو `الديونيزى` الذى بفضله أستطيع أن أنسلخ عن نفسى لأشارك فى شئ أبعد وأعمق فى الوجود. أنه الفعل الارادى بكامل قوته والتى فسره شوبنهور فى فلسفته الميتافيزيقية للجمال. وفى المقابل يتصدى العنصر `اللابوللونى` منبع الوعى الذاتى والحياة الفردية التى لا تستغنى عن سياج العقل والمنطق.
- والاحساس بالتوتر ليشتد أو يتضاءل بمقدار الدفعة الناتجة عن أنزلاق أو تحول الوجود الفردى فى الانسان من عالم الكينونة إلى عالم الكون حيث الوجود الغفل ذو الطابع الفوضوى الجبار.
- فى تلك المرحلة من التجربة أيضا حاولت أن أحقق تحول اللون إلى ضوء ينقلنا إلى الاحساس بالنغمة الموسيقية وذلك من خلال إمكانية حدوث التبدٌل والتحوٌل فيما بين حاستى البصر والسمع وهما أسما حاستين فى الانسان. بذلك أقتحمت الصورة حاجز الصمت وبدت وكأنها تغزو عالم الأصوات والأنغام كما ثبت أنها قادرة علي المشاركة فى البحث عن الحقيقة كقيمة تشكيلية.
- ولا نكون مغالين لو قلنا أن `الفن قد انتزع من الباحثين عن الحقيقة عرشهم المفضل اذ لم تعد ثمة حقيقة ثابتة ودوامة`. والحقيقة الوحيدة الباقية هى حقيقة الانسان، وهو ذاته لا يوجد وجودا نهائيا بل نراه فى حالة صيروره. `أنه ذلك الموجود الذى يحيا فى الأطراف البعيدة` الذى يتحدث عنها هيدجر وسارتر ويسبرز والذى ينبغى عليه أن يختار ذاته والا يختارها الا لكى ينفذ إلى ما وراءها باستمرار. بهذا المفهوم يصبح الوجود الانسانى كتحقيق مادى فى عالم متعين هو عبارة عن مستقبل لا يمكن اللحاق به وهو الحقيقة الوحيدة التى تطفو فوق كل الممكنات والموجودات.
بقلم : ملك أبو النصر
من كتالوج الفنانة ملك أبو النصر بمعرضها بقاعة ( أتيلية الأسكندرية ) مايو 1990
|