|
محمود أبو العزم دياب
رؤية مصرية.. لمحمود أبو العزم
- تكشف السنوات الأخيرة للمتتبع للحركة التشكيلية المصرية، عن مطارحات ثقافية عديدة. وهذه المطارحات تتفاوت ( سالبها وموجبها ) بين التفاهة والجدية، وبين الإدعاء والإخلاص، بين التبعية غير المشروطة وبين السعي إلى الإستقلال.
- وبنظرة مدققة ومتأملة لساحة الفن التشكيلي، عبر السنوات المنقضية، سنجد أن هذه التيارات متمثلة بوضوح في إنتاج إزدحمت به قاعات العروض الرسمية والخاصة، زحاماً لم يشهد له مثيل من قبل. وبرغم ذلك فلم يسفر هذا عن شيء جليل، إنما فاض علينا الإغتراب وأستحكمت العزلة، ونرى مكانة الفن آخذة في الإنحسار... وغرقنا في قضايا قشرية، حول العالمية والمحلية واللهث خلف كل ما يأتي من `هناك`.. ( فكل ما يأتي من `هناك` هام وضرورى ومتقدم وعصرى وخطير ومناسب لنا بالرضا أو بالأكراه) ورداً على هذه الميول تؤخذ أمور من أطرافها، فنفرق في `المصرية` وننقل `موثيقات` فرعونية وقبطية وإسلامية وهلم جرا في لوحات تعالج التراث وتشقلبه فيصبح معاصراً. وهكذا تسود المفاهيم الشكلية.
- غير أن الحياة التشكيلية لا تعمها النزعات الشكلية بصورة مطلقة.. فثمة إتجاهات تدرك توجهاتها، وثمة فنانون مدركون غاياتهم.. فيتعاملون مع الواقع متلمسين ملابساته البيئية والتاريخية التراثية والأجتماعية والأخلاقية... هذه الرؤية ببساطة يمكن أن تكون أساس لتصور جمالى، يقدم نفسه وسط هذا المهرجان.
- والفنان محمود أبو العزم قد عكف على تناول العديد من جوانب الواقع ومكوناته، إستلهاماً وإستدلالاً، وهو ينزع إلى تكوين عالم ذاتى قادر على نقل ملاحظاته ورؤاه المتداخلة، والمتماسكة. عالم تختلط فيه الرغبة في إحكام التصميم ورومنتيكية الحلم.. عالم وديع ومسالم وممتليء بالشجن ومغلف بضوء شاحب.. ويرتاد الفنان أبو العزم تجربته متشحاً بالبساطة والتقشف، مختزلا الألوان إلى ألوان البيئة القليلة، مكتفياً بما تأثير هادئ وعميق. ووسيلته لهذا العالم المصور السامر الليلى، والنهر والقوارب والقمر، والنخيل والنساء والرجال والأطفال.. فوراء كل هذه العناصر تهمس اللوحات بنداءات إنسانية، وهواجس معذبة، لأناس يعيشون تجربة الحياة بطولها حتى الموت في رضا وصبر، مغمورين بالزهد والبساطة... ومن هذه الزوايا المحلية والعامة، يخترق الفنان عتمة الخلط، شاقاً طريقة إلى واقعه بلا زخارف وبلا تفصيلات مستعينا بالحلم الرومانتيكي، والخيال الهادىء، ليمنح لوحته الممتلئة بمفردات الحياة المصرية ، مزيجاً درامياً للواقع والحلم... وهذه التجربة الشديدة الخصوصية.. هي الرؤية المصرية للفنان أبو العزم.
بقلم: يحيى حجى
جريدة: القاهرة 7-2-1989
أبو العزم ،، إنها حقا عائلة تشكيلية
قل أن نجد أسرة بكاملها متشبعة بالفن إلا أن أسرة الفنان محمود أبو العزم مثال مختلف ، وحالة نادرة للاتفاق على ان الفن هو الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الذات .
- الكل يرسم ، الكل مهموم بعالمه التكويني اللوني ، السياقي .
- محمود أبوالعزم يشغله الانسان بشكل عام يشغله الحروب والآلة التدميرية ، يغشي الوحدة والفقر ويبحث عن السلام والود والاحتواء وهذا هو المضمون الانساني الذي يحاول ان يؤكده أبو العزم في اعماله .
- لوحات ابو العزم يضغى عليها جو الأسرة وتقديم الود مع باقات الزهور وحضن يحتوى الآخر لكن خلف اللوحات دائما يوجد ظل أسود وحزن دفين يعكس حالة الخوف من الحرب والفقر تدعوك الى احتواء من حولك قبل الطوفان ..
والطوفان عند ابو العزم هو ان تعيش وحيدا خلفك ظلال سوداء او زرقاء فمعروف ايحاؤها توحي ببحر بلا شواطئ تسقط فيه شخوصه المتعلقة بأحبال دائبة ..
- الشخوص عند ابو العزم تحاول التشبث ببعضها وإلا تفقد ثقلها معلقة فى الهواء او في عالم بلا روابط في معظم لوحاته نرى قمرا معتمااو شبه معتم يشي بحالة الليل الضبابية التى يشعر بها الفنان في اعماق نفسه .
- الاحتواء عنده لا يشى بلحظة حب قدر ما يشى بلحظات الاحتواء في ليالي الخوف .
- الأيدى عند أبو العزم ممدودة دائما تجاه الآخر بالاحتواء بالمشاركة وربما بالعزف على الناي تلك الآلة الموسيقية التى تحمل في طياتها حزناً نبيلاً ووحدة ومناجاة تشاركه نفس الحالةزوجته الفنانة / ابتهال بهاء سامي هي ترسم البحر لكنها ترسمه رسماً حزيناً ، البحر يلفظ آحياءه ويليقهم على شاطئ غريب وهي تسجل لحظات صادمة وخروج الانسان من فلكه الطبيعى ليصبح دخيلا على أفلاك أخرى .
رانيا ابو العزم لا تبعد قليلا عن نفس الاحساس ترسمه على طريقتها ، لوحاتها محملة بالكتب المغلقة واشارة تحذير وممنوع الوقوف او احذر الوقوف على تلك العوالم .وعصفور يقف عند التحذير وكأنها تقول لنا لا ترتبط بعوالم اخرى وطر وابحث عن حريتك بنفسك .
اما ريهام ابو العزم فهي تحمل روحا متمردة تبحث عن ما يسعدها وان خالفت توقعات الآخرين تلعب ، تطير طائرة ورقية تقف على يديها تركب عجلة تسمع لنفسها بتأمل ممن حولها هي تحاول ايجاد تيمة خاصة بها تحاول وستصل قريباً.
مالك يبدو أكبر سناً من بلال ويبدو أكثر اشراقاً واقبالا على حياة لم يصل بعد لكنتها ، ألوان دافئة واعدة مركزة فى وسط اللوحة تاركاً خلفية تتحاور مع الموضوع في لحظات اقتراب الجمل ينظر الى الامام في تطلع لمستقبل مشرق كألوانه .
أما بلال فألوانه وخطوطه عفوية جميلة يحكي بها قصة مازلت تتشكل بداخله ونرجو ان تكون قصة سعيدة .
عوداً الى الجد الفنان الكبير محمود ابو العزم الاحتواء الذى تبحث عنه في لوحاتك موجود فى تلك الأسرة الفنية اتسعت موهبتك لتحتوى أسرتك وتفرض عليها بالفن طريقا وعرا مليئا بالوعي الذي يشقي صاحبه .
مشكلته الأساسية اتساع رؤيته وبحثه داخل الانسان . انسان القرن الواحد والعشرين الخزين الوحيد المرتبك ويبحث وينقب عن نفسه الانسانية يبحث عن الالفة والسلام والاحتواء ، يبحث عن من يشاركه ويقاسمه خوفه من المجهول .
هشام قنديل
كلمة كتالوج معرض / محمود أبو العزم وأسرته الفنية - بجاليرى ضي
لوحات محمود أبو العزم : واقعية مشبعة بالحلم
- الفنان واحد من الذين فرض عليهم قدرهم الاحتكاك بظواهر الطبيعة الكونية، غير أن نظرته للأشياء قد تختلف عن نظرة العالم والفيلسوف، لأنها تتفاعل مع الأشياء بعين الوجدان أكثر من تفاعلها بعين العقل.
- ولن يتخلى الفنان في رحلة الإبداع عن الدهشة البريئة ولا الانبهار الطفولي الذي يسدل على الكون من حوله غلالة حالمة تخفف من وطأة الواقع.. إنها نظرة الحالم لا نظرة العالم.
- والفنان هو الوحيد الذي يستطيع أن يحلم بإرادته وهو في كامل وعيه ويقظته، فهو يسخر خياله في إبداع صور وأحداث لا وجود لها في دنيا الواقع ويكشف عن عوالم فانتازية تضفي على الحياة متعة نفسية لا تعادلها متعة.
- والفنان محمود أبو العزم واحد من هؤلاء الفنانين الحالمين، فهو يطلق لخياله العنان، ويصحبنا في رحلة ممتعة في أغوار عالمه الخاص، سابحا وسط صور لها طابع الأطياف وتراكيب لها جرس الشعر ورنين الموسيقا ووهج العاطفة.. وأيضا حكمة العقل.. عبر تركيب غنى ومتنوع ينم عن طول النفس وقدرة على التنويع من دون الوقوع في ضحالة التكرار الممل.
- ويقول عنه الفنان الراحل حسين بيكار: إذا كان من أصعب الأمور التوفيق بين التوازن العقلي والعاطفي، فإن الفنان أبو العزم قد استطاع باقتدار نادر أن يضع أحلامه داخل علاقات هندسية، تجريدية من جمودها الرياضي وتشبعت بعصارة روحية، لها نبض مؤثر يتداخل مع الدلالات المعنوية التي يتطلبها الموضوع، فالمقعد والنافذة والأرجوحة والوتر والمنضدة كلها عناصر هندسية الطابع حادة الزوايا والحواف، والأطراف، ولكنها موظفة توظيفا تشكيليا ومعنويا بذكاء كبير، وهو تأكيد على أن الأحلام ضرورة حياتية ولكنها يجب أن توضع داخل ضوابط تخطيطية حتى لا تنقلب إلى شطحات عبثية.
- وهو أيضا تأكيد على أن التخطيط والتصميم لا يتعارضان مع تدفق المشاعر وانطلاق الأخيلة، فما الشعر إلا عواطف جياشة تنسكب في بوتقة العروض والقوافي والأوزان وكذلك الموسيقا.
- والتحوير عند الفنان أبو العزم ليس تحريفا زخرفيا خفيف الوزن، لكنه تحريف أسلوبي رصين ومحتشم يلازم جميع مفرداته وشخوصه الذين يرتدون جميعا أردية بيضاء (لون الصبر والنقاء) وكأنهم حجيج إلى قدس أقداس النفس، ما يستلزم التطهر الكامل ظاهرا وباطنا، وهو عندما يمحو آثار الشفاه والأفواه من الوجوه فكأنما يريد أن يخرس الأصوات الشفوية ويسكت الألسنة، لكي يسمح للهمس الوجداني بأن يبوح بما يعجز عنه اللسان وأن تفصح عناصر اللوحة عن مضمونها ببلاغة وشاعرية نفاذه.
- أما الناقد الراحل فاروق بسيوني، فقال عن الفنان محمود أبو العزم، إن لديه رموزا خاصة تنتشر في معظم أعماله يصيغ من تحاورها عوالمه الملتحفة بغموض سريالي مثير. فالطائر القاتم المحلق، برغم سكون مظهره والدائرة والشمس أو القمر والقضبان الساخنة والحوائط الفاصلة بين الشخوص وذلك التقسيم القاطع في حدته للسطوح بخطوط أفقية ورأسية وقطرية، كلها مفردات أو عناصر أولية، يركبها معا ليصوغ منها عوالم ممتدة الجذور والملامح في الواقع المستقاة منه، ومحلقة في سرمدية الحلم وغياهب ما وراء الواقع، وكأنما هي مزاوجة بين معنى الحاضر والغائب معا، أو بين المعروف المرئي والمعاش وبين التمني الأشبه بالأحلام الرابضة في اللاوعي، ومن تلاقي النقيضين تبدو الأعمال دائما في حالة توتر مستمر ومثير.
- أما الفنان `أبو العزم` فيقول: إن إيماني الشديد بأن التصوير المصري الحديث يجب أن يستمد منابع رؤيته من بيئتنا وأن المصور المصري يجب أن ينقب ويبحث في تراثه الحضاري، يغوص ويتعمق فيه وفي طبيعة البيئة التي يعيش فيها، وأن يبحث في أعماق نفسه عن الشكل والمضمون أو المحتوى الذي يعبر عن ماضيه وحاضره وأن يأتي فنه محملا بعبق تاريخه ومستقبله، لكي يكون ركيزة حضارية تثري وتؤثر في محيط العالمية.
- وتدور أعمال الفنان `أبو العزم` في محاور عدة، يجمعها خيط واحد هو واقع الإنسان المعاصر وأحلامه وأمانيه، وفي الوقت نفسه نجد أن هذه الأعمال الفنية ما هي إلا تعبير ذاتي وشخصي عما في داخل الفنان من مشاعر وأحاسيس نابغة من رؤيته الخاصة التي فرضها وجوده في بيئة معينة.
- وتتنوع هذه الأعمال بين الرجل وعلاقته الأبدية بالمرأة ولحظات الشجن والصمت والترقب وسط مشاعر الحب وشاعريتها وبين الأعمال المستوحاة من الحياة الأسرية والأمومة وأيضا الأعمال المستوحاة من البيئة الريفية، حيث نشأ الفنان وعاش طفولته المبكرة.
- وفي ذلك يقول: إن طيف ذكريات الطفولة وسنوات الشباب المبكر وحنيني لجذوري، حيث النشأة الريفية وسط عالم يتسم بالبساطة والشفافية والنقاء والهدوء والحنان الذي يصاحب ذاكراتي في أوقات كثيرة ويجعلني في حالة اجترار لذكريات أيام حلوة مضت بعيدا من صخب المدينة وحياتها القاسية.
- ويتعرض الفنان محمود أبو العزم لمحنة وفاة والدته، ومن خلال أحزانه ومعاناته النفسية، يلجأ للتعبير والإبداع الفني عن هذه التجربة القاسية في مجموعة لوحات `ثنائية الحياة والموت` في جو خيالي يغلب عليه الطابع الدرامي، سواء من ناحية اللون أو البناء المعماري للوحة أو توزيع العناصر.
- وعن تجربة الموت يقول الفنان: إذا كانت الحياة بكل مرادفاتها قد تترك بقاياها التي تتراوح تأثيراتها في الإنسان، فإن الموقف من الموت يبدو أكثر تلك البقايا تأثيرا، حينما نستشعر تلك الرجفة التي تصيبنا وقد أدركنا الزمن في لحظة فاصلة بين الحياة والموت.
- والمتأمل للوحات الفنان سوف يتضح له حرصه على تنوع أحلامه وخيالاته وتصوراته كما اهتم بإبراز الجو الفني والنفسي الخاص بكل لوحة من هذه اللوحات، كما حاول الفنان أبو العزم أن يبدع لوحات تتسم بتصميمات جديدة مبتكرة تعكس توزيعه الجيد لعناصره الملونة بمدلولاتها الرمزية ليحقق فيها كل الأبعاد الجمالية والتعبيرية التي ينشدها أثناء تنفيذه لها.
بقلم: أحمد الأبحر
مجلة: الشروق - الشارقة - الإمارات العربية المتحدة ( العدد 598 ) 28 -9-2003
- وتحرك طقاطيق الفنان `محمود دياب` الأشجان بشاعريتها الناعمة دون تشنج أو توتر ، وهى رغم تواضع أحجامها تقنعنا بأن القيمة ليست بضخامة العمل وإنما بضخامة مضمونه ومحتواه.. إذ تسبح أطيافه الحالمة في غلالات بيضاء، وخلفيات وردية ، وأثيريات بنفسجية هادئة . بلا تفاصيل تشريحية تفسد شموليتها ، كما أنها لها القدرة على التطريب البصرى الذى تحدثه رهافة الألوان ، وحبكة التكوين ، ورقة التناول..
بقلم : حسين بيكار
جريدة : الأخبار 26-4-1985
أبو العزم لا يخشى الموت
- ما زالت المرأة تتصدر مفرداته
- ببساطة المعهودة والزهد الذى تتسم به شخصيته. رسم محمود أبو العزم القادم من أعماق القرية المصرية منبت رأسه في كفر الشيخ عام 1946 لتظل ذاكرته البصرية محملة بتلك المفردات الساحرة.. المصرية عميقة المعنى والمغزى والتاريخ.
- يعود الفنان بثلاثيته المعهودة وكأنه يؤكد أن الحياة والحب والموت هي الفلسفة الأبدية الخالدة والحقيقة التي يبحث الإنسان بين ثناياها منذ بدء الخليقة.
- فلسفة بليغة الأثر تعكسها أعماله المتميزة التي لا تخطئها العين.. بساطة في التعبير والأداء وتقشف مواز في اللون.. المرأة هي عنصره الأثيري، يشاركها الرجل حتى يكتمل عنوانه بين الحياة والحب، وكذلك الموت.
- افتتح معرضه الخاص منذ أيام بقاعة الباب بمتحف الفن الحديث بأرض الأوبرا، بعد غيبة أكثر من 7 سنوات ظلت فيها `الحالة` ساكنة ليضيف إليها في تجربته المثيرة التي تمنح المشاهد مزيد من التأمل..
- عاد ليتغنى بالحياة والحب ولا يخشى الموت.. قدم مجموعة من أعماله الجديدة متواصلة على نفس الوتر لتظل `التميمة` حاضرة رغم تراكم السنوات وامتداد الرحلة. أثرت هذه `الحالة` التي ظل مخلصا لها حتى في العنوان دون أن يحوم حوله طوال الرحلة، لينهض من جديد ويكمل المسيرة الدرامية المحكمة التصميم تحت شعار ` السهل الممتنع` معبرا ومخترقا آمال وأحلام البسطاء من المصريين .. من خلال امتلاكه أدواته ومفرداته وخبراته التي أثرت التجربة.. المرأة والرجل وما بينهما يبدأ بالحب بعد الحياة بين الحلم والواقع.. السكون والحركة.. الظلمة والنور.. اللقيا والفراق.. وتمتد الرحلة بين الحياة والموت.. وتظل المشاركة هى البطل.
بقلم: د./ محمد الناصر
مجلة : نصف الدنيا ( العدد 1422) 12-5-2017
أبو العزم وجائزة طشقند
- تعتبر جمهورية أوزبكستان من الدول حديثة العهد ببيناليات الفنون التي شرعت بعض الدول العربية ثم إيران في إقامتها حديثاً وتدعيمها بكل الوسائل الممكنة للنهوض بالجانب الثقافي لهذه الدول في ظل العولمة والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية إيماناً منها بأن الفنون هي المعيار الحقيقى لحضارة الأمة ونهضتها.
- وفى الفترة من أول أكتوبر إلى 20 أكتوبر الماضى أقيم بينالى طشقند الدولى للفنون بأوزبكستان في دورته الثالثة وكان عدد الدول المشاركة 26 دولة قامت بعرض أعمال لـ 260 فناناً وفنانة ومن الدول التي شاركت في هذا البينالى ألمانيا وفرنسا وإنجلترا وأمريكا وروسيا واليابان وإسبانيا وبولندا وتركيا وكوريا وإيران وباكستان وأوزبكستان وإسرائيل ومن الدول العربية كانت مصر هي المشاركة فقط في هذا البينالى وقد مثلت مصر الفنانة عفاف العبد أستاذة التصوير بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية التي حصلت على جائزة رابطة الفنانين الروس (جائزة نقابة الفنانين التشكيليين الروس) بينما حصل الفنان محمود أبو العزم أستاذ التصوير بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة على جائزة `لجنة التحكيم` وقد شارك الفنان أبو العزم بأربع لوحات في مجال التصوير الزيتى تحت عنوان `بين الواقع والحلم` عبر فيها عن الواقع الذى يعيشه الإنسان في الوقت الحاضر من دمار وحروب.
- واستخدام العنف وتدمير الإنسان لذاته وللآخرين بأنانيته فلوحات أبو العزم تحمل رسالة للبشرية يتمثل فيها هذا الواقع القائم هارباً لذلك الحلم بكل ما فيه من أمل وتفائل في لوحاته المشاركة في البينالى استخدم الفنان الورق `المكرش` والملصوق على سطح القماش أو الخشب ثم قام بالرسم عليها بالألوان الزيتية التي غلب عليها أحياناً كثيرة التضاديين الألوان الساخنة والألوان البارزة وتارة الألوان القوية والرقيقة الشفافة والأبيض والأسود ليعبر من خلالها عن ذلك الصراع الفكرى والفلسفى بين الواقع والحلم.
- وقد عبر الفنان عن مشاعره المرهفة عبر مراحل فنية مختلفة تدور في عدة محاور.. يجمع بينها ذلك التضاد والتناقض في الحياة والكون فلوحاته جزء من عالمه الخاص يعبر عن نظرته للحياة والتي يراها الفنان قائمة على عنصرى التناقض وتتلخص هذه المحاور في الرجل والمرأة والواقع الاجتماعي وموضوعات مستوحاة من الأمومة والحياة الأسرية ثم ثنائية الحياة والموت وأخيراً لوحاته المستمدة من وحى البيئة الريفية والشعبية في مصر والسعودية التي أعيد إليها لعدة سنوات مضت والفنان يملك رؤية خاصة للكون والوجود والإنسان فهو متعاطف معه على مختلف المستويات فنشاهد له أعمالاً كثيرة يتصاعد فيها الحس الدرامى معبراً عن رفضه للشر معلناً صرخة في عالم الصمت ضد الحرب وأثارها المدمرة للنفس البشرية فعالم الفنان أبو العزم يقترب أكثر من الحلم رغم استلهام موضوعاته من الواقع فيستخرج الجمال من القبح وينطلق بالمتلقى إلى عالم أكثر سكوناً وفضاء فتلمس عشق هذا الفنان للحرية عندما يضع لشخوصه المعذبة تلك الأجنحة لتساعدهم على الفرار من هذا العالم المتوحش إلى عالم أكثر نقاء وخصوصية فأعمال الفنان خرجت بين عدة مدارس فنية كالرمزية _ `والتعبيرية` و`السريالية`.
- وعندما نشاهد أعماله نتذكر حلم `شاجال` وأحياناً أخرى نرى أننا أمام أحد فنانى عصر النهضة عندما ينقلنا إلى الكعبة وينقلنا إلى ذلك العالم الإبداعى الرافض للمادة.
- فنرى شخوصاً يحملون أرواحهم في جسد شفاف في انتظار لحظة الحقيقة.. فتتجسد حالة الزهد والتصوف في تلك الشخوص لتعبر لنا بصدق عن مشاعر الفنان الإنسانية وعلاقته بالوجود الذى يرى الواقع الحقيقى في الخيال.
- وفى مقالة للفنان الراحل حسين بيكار في عمودة `ألوان وظلال` بجريدة الأخبار كتب يقول تحت عنوان `مع الحزن الأبيض والدموع الملونة` `الفنان` أبو العزم` مؤلف بارع ومخطط قدير يملك زمام التصميم المتزن الرصين ويبنى لوحاته بمنطق هندسى فيه قدر كبير من العقلانية الرياضية وقدر أكبر من الحس الشاعرى الرهيب.. مؤلفاته أشبه بالقطع الموسيقية التي تخضع لإيقاع الرياضى المحسوب دون أن يفقد اللحن طلاوته وإذا كانت التراكيب الهندسية التي يقيم عليها مخططه التشكيلى بمثابة الهيكل الخرسانى الذى يحمل البناء العام للوحة فإن ألوانه الشجية هي اللحن الطروب الذى يذوب رقة ونعومة ويطرب له القلب قبل العين وهو الواجهة السمحة التي ترحب بالمشاهد ذلك الترحاب الطيب دون ادعاء أو افتعال`.
بقلم : أحلام فكرى
مجلة : المحيط الثقافى (العدد 52) فبراير 2006
بعد عامين من رحيلها: خطوط ودموع فنان يبكى أمه
- عودة للزمن الجميل .. زمن الوفاء والاعتراف بالجميل... نعيشه بين اثنين من معارضنا التشكيلية يرفعان شعار الحب والانتماء.. تتدفق من بين ابداعاتهما أرق المشاعر والأحاسيس الإنسانية... وتتجسد أجل صور المبادىء والأخلاق.. فى عالم تتربع فيه المادة على عرش الحياة!!
- موكب الوفاء الأول.. يهديه د`محمود أبو العزم` إلى روح امه الطاهرة `التي حركت مشاعره واحاسيسه الأولى ودفعته الى التعبير والابداع الفنى`.. وهو ما سجله فى كتالوج معرضه الـ 13 الذى تستضيفه حالياً قاعة `اخناتون 4` بمجمع الفنون تحت عنوان `رؤية تشكيلية لثنائية الحياة والموت`.
- يضم المعرض 37 لوحة زيتية.. تتناول تجربة الفنان الشخصية القاسية ومعاناة رحيل الأم.. وصراعها مع المرض وهى ما بين الحياة والموت.. وتزامن هذا الشعور مع الآم الغربة والبعد عن الوطن.. وهو ما ينعكس على المشاهد فلا يملك الا احترام مشاعره والتفاعل مع احزانه ليمتزج لديه الإحساس بالصمت والرهبة مع الإحساس بالشفافية والغموض!
- عبر `أبو العزم` عن تجربته برؤية فلسفية درامية.. تغلب عليها النظره التشاؤمية التي فرضتها عليه القضية الصعبة التي يناقشها.. قضية ` الموت والحياة` `الجسد والروح` `الانتماء والغربة` كمحاور رئيسية في هذا اللقاء.. ومع ذلك نراه يعبر عن موضوعاته الشائكة الحزينة بباليته لونية شديدة الرومانسية والشفافية.. رغم أن الموت والغربة هما بطلاها الأساسيان يتأكد ذلك في شعاع النور الخافت الذى ينبعث في الأفق والطيور التي تحلق من بعيد رمزاً للحياة والأمل في اصلاح النفس وإعادة توازن المجتمع.
- تتجسد كل هذه المعاني في لوحة `مائدة الموت` `بين الواقع والحلم` `الحقيقة والخيال` `الأمومة` `عروس الموت` `غيبوبة` وغيرها من الأعمال تدعونا جميعا للزهد في الحياة الفانية ومباهجها الزائلة قبل فوات الأوان.
- عبر الفنان عن رؤيته بأسلوب تعبيرى رمزى .. يجمع بين التجريد والسريالية.. قدمها في اطار هندسى محكم البناء.. احسن خلاله توظيف الألوان للتعبير عن حالته الشعورية الحزينة التي لازال يعيشها رغم مرور أكثر من عامين على رحيل ست الحبايب وكان عجلة الحياة توقفت وعقارب الساعة اضربت عن العمل!!
بقلم : ثريا درويش
جريدة : الأخبار ( العدد 15107) 28-9-2000
الرمزية التعبيرية فى لوحات محمود أبو العزم
- لكل فنان فلسفته فى الحياة.. تبدو واضحة في أعماله من خلال إبداعه ورؤيته الذاتية والفنان محمود أبو العزم يأخذنا من خلال لوحاته إلى عالم مليء بالقيم وقضايا العصر في رحل الإنسان مع الحياة.
إننا نلمس تلك المشاعر والاحاسيس الإنسانية في المعرض السابع للفنان أبو العزم المقام بقاعة إخناتون 4 في مجمع الفنون بالزمالك.
- تناول الفنان مضمون الحب وإنسان العصر في أشكال جديدة معبرا باسلوبه التعبيري السيريالي على سطوح35 لوحة صاغها بألوان الزيت..
- يستشعر المشاهد أمام لوحاته بالاستمرار رغم الحركة في الخطوط والألوان الصاخبة التي تنطلق بإحساس الفنان الطفولي وتترجم كل ما يحس به أبو العزم من المشاعر المتنوعة التي تتفاعل داخل كل إنسان
- فاخذ يعالج مشاكل وصعاب الحياة المادية والروحانية بنوع من التفاؤل بأسلوب رمزى بحيث يحدث مزجا جماليا فريدا ومميزا فوق مساحة زرقاء أو سوداء تسبح فيها الأشكال من كائنات مثل الحصان والثعبان والطائر والشكل الأدمى _ رجل وامرأة _ فنرى في بعض لوحاته اثر المال على الانسان وقد رسم الثعبان حول فئات مختلفة من أوراق النقود في توازن لونى داخل تكوينات محكمة تدل على خطر المال واستخدام فكرة سموم الثعبان التي تطغى على معنويات وروحانيات الانسان.. وتجعله إنسانا ماديا.
- وعلى الجانب الاخر من التفاؤل والحب قدم محمود أبو العزم لوحات ليضيء الطريق أمام كل إنسان في الحياة.. فنجد القيم الروحية تنساب وتتلاحم في أشكال تنطلق من فوق الأرض محلقة فوق السحاب.. قدمها في حرية وتمكن.. وقد ساعدت الخطوط الانسيابية والمساحات اللونية المختزنة في إيجاد شحنة رومانسية نلمسها تشع من خلال تكويناته القوية فنجد الغموض الذى يجعل المشاهد فى موقف تساؤل من هذا الكون العجيب عالم أبو العزم الخاص الذى يزرع دائما الحب والتفاؤل ويدخل بنا إلى عالم تختلط فيه الرمزية بالتعبيرية..
- ومن هذا الكون ` نجد لوحة عن العلاقة بين الرجل والمرأة ` صور فيها الفنان أحلام رجل وامرأة يحلق بهما في عالم من الخيال تتناقله الأمواج في دفء وشاعرية مبتعدين عن الحياة ومشاكلها..
- تجلس بجانبه تقدم له الحب في باقة من الزرع `الخير` واستطاع الفنان أن يؤكد قدرته على التعبير بموضوعات معنوية حيث الشكل والملمس وبتكوينات في رؤية معاصرة. مثل `الحلم` `والواقع` وانسان العصر` وغيرها من موضوعات سجل فيها كيف يمكن التغلب على المشاكل.. وكيف يكون الإنسان في حالة تفاؤل متغلبا على صعاب الحياة.
- وقد استطاع الفنان محمود أبو العزم في أعماله المعروضة أن يحافظ على الروح الخاصة به والتى لم تفقد انتماءها للفن المصري رغم التنوع وميل معظمها إلى الأسلوب المعاصر والسريالية بالذات.. وضع فيها خبرة 22عاما فى العمل المتواصل على مدى مراحل مختلفة متتابعة لا تفقد وحدتها وامتدادها..
- وأمكنه أن يقف بشخصيته الفنية المتميزة بين أشهر فناني مصر .
بقلم: وجدى حبشى
جريدة: ` وطنى ` 1-8-1993
نزهة نيلية
- الخط المنكسر (الفووم) يعبر حدود واقع متحف إلى مساحات الحلم الملونة.. بحر من الضياء الأزرق وغلالات شفيفة من الأحمر الشفقى يحتويان الخط اللاهث الأنفاس المتسارع الخفق، فيستقيم وينساب بهيجا لونا بنفسجيا يدل على حزن قديم لا سبيل إلى نسيانه.
- في مساحات الحلم الملون ، يغمس الفنان `محمود أبو العزم` ريشته ليرسم بها أطياف شخوص مصرية متعت سنينها في العناء... شخوص من الفقراء الشرفاء والمتعبين قابلت هزيمة سعيها لاقرار العدل بعدم الاستلام للسقوط، قائلة في نفوسها: لنا الجولة القادمة..
- النيل في جريانه يشهد اقتلاع الشجر وقتل الثمار واخلاء العين للاستثمار الشرير... والقمر في تمامه يشهد المؤامرة تعقد في همس ماجن لاغتيال شرف النيل.
- لوحة الفنان ` محمود أبو العزم` التي حصلت على جائزة الاستحقاق في التصوير في معرض مسابقة المركز القومى للفنون التشكيلية بقاعة النيل بالقاهرة.. تصحبنا معها في نزهة نيلية نستمع فيها إلى شجن الفناء القومى وإلى بعض أنفاس ملحمية تتردد بين أطياف شخوص وحدها عناء السعي الى الجميل والفاضل .
- تناغم وانسجام يجمع بين المساحات اللونية، وتكوين قوى متماسك على الرغم من غلالات شفيفة من طيف الخيال تتراءى للناظر وكأنها تريد أن تخرج بمفردات وعناصر التشكيل من أساس اللوحة الواقع إلى رحابة الحلم.
بقلم : أحمد هريدى
مجلة: ` الاذاعة والتليفزيون` ( العدد 2794) 10-10-1988
|