حول رؤية الفنان - السيرة الذاتية - قطاع الفنون التشكيلية

- التمثال مختبئ داخل الحجر.. انا فقط أزيل عنه التراب)!!.. مايكل انجلو
- ويؤكد هذا القول على القدرة التخليلية لدى الفنان/ النحات وما يمتلكه من مهارات تقنية وفنية وخيال يجعله قادرا على تصور الشكل النهائى للعمل الفني بزاوية رؤية (3 D) حيث يتصور التمثال من كافة الزوايا بشكل دائرى مجسم 360 درجة، وهى مسألة ليست هينة أو سهلة وتحتاج الى درجة عالية من الوعى والانتباه. وفى هذا السياق جاء معرض (استيعادى الا ربع) للفنان ايهاب الأسيوطى الذى اقيم في قاعة (الباب - سليم) في شهر مايو الماضى، وعرض خلاله مختارات متنوعة من مشواره الفني الطويل وتجاربه المتعددة.
- والفنان ايهاب عبدالله يوسف سيد الملقب (بالأسيوطى) نسبة الى مدينة أسيوط محل الميلاد، من أوائل الدفعات التي تخرجت من كلية الفنون الجميلة بالمنيا التي أسسها الدكتور احمد نوار في الثمانينات من القرن الماضى، وقد عمل رئيسا لقسم النحت ووكيلا للكلية، وله العديد من المشاركات الفنية الفردية والجماعية داخل مصر وخارجها في رومانيا وايطاليا واذريبجان
- التحدى الفنى
- التحدى الرئيسى أمام الفنان دائما هو.. تحدى الشكل/ التكوين، وتحدى المحتوى/ المضمون ، فكل شكل بالضرورة يتضمن معنى.. وكل معنى بالضرورة يحتاج الى شكل form لتجسيده، أما التحدى الذى يواجهه النحات - بالإضافة الى التحديات السابقة - هو تحدى (الخامة) لأنه يتعامل مع خامات خاصة تحتاج الى مهارات فنية وتقنية للتعامل معها، فهو يستخدم خامات طبيعية أو صناعية مقاومة للزمن.. حجر/ جرانيت/ برونز.. أو يستخدم طينة يتم تشكليها ليعاد صبها وسبكها بعد ذلك.. برونز/ بوليستر.. الخ..
- وجميع هذه المواد تحتاج الى قدرات فسيولوجية ومهارة تقنية وحرفية عالية تتطلب بالضرورة إدراك معرفى بطبيعة كل خامة للوقوف على إمكانياتها التشكيلية.. وخصائصها الطبيعية، ومدى إمكانية توظيف كل هذا فى بناء عمل نحتى ناجح يتسم بقوة ومتانة البناء وجماليات التكوين.
- ويبقى الحوار الديالكتيكى القائم دائما بين الكتلة والفراغ والذى يتحول أحيانا الى صراع.. هو عمود الإرتكاز فى بناء إشكالية الأعمال النحتية - وأعمال التشكيل المجسم ثلاثى الأبعاد بصفة عامة - فهذه الجدلية القائمة بين الكتلة والفراغ هى التى صنعت تاريخ فن النحت.. حيث تتشكل العلاقة بينهم تبعا للمنطلقات الفكرية لكل مرحلة.. ولكل فنان.
- وهو ما أضفى نوعا من المرونة والحيوية على أعماله الفنية التى لا زالت قادرة على مفاجأة المشاهد وإصابته بالدهشة، حيث قدم تجارب متنوعه مجسمة ومسطحة، رؤية ثنائية الأبعاد ورؤية ثلاثية الأبعاد بالإضافة الى تجاربه في التصوير، وتنقسم المعروضات الى ثلاث محاور رئيسية:
- اعمال نحتية مجسمة ثلاثية الأبعاد 360 درجة.
- أعمال نحتية بارزة لكنها معلقة على الجدار.
- لوحات تشكيلية تصويرية ملونة تعبر معظمها عن احالات بصرية للمرأة.
- لكن بالتأكيد أن ما تم عرضه وهو مجرد افكار عملية مجسمة تحتاج الى الحجم الكبير عندما يتم تنفيذها، عندها ستتبدى جماليات البناء ومهارات التشكيل ومدى تفاعل الشكل مع المكان والبيئة المحيطة، خصوصا التماثيل الميدانية تحتاج الى تكبير، فالنحت دائما يحتاج الى الحجم الذى يمنح التمثال نوعا من الهالة التي تحتوى المشاهد، ولعل أفضل مثال على ذلك هو فكرة النصب التذكارى للواء صفى الدين أبوشناف.
- التكوين النحتى
- ولأن لكل فنان أسلوب فنى خاص به تتشكل ملامحه عبر السنين والتجارب الطويلة حتى يصبح مميزا له كالبصمة الشخصية التى لا تتشابه مع أحد، وللفنان ايهاب الاسيوطى سمات وملامح خاصة.. فنية وفكرية تتبدى فى أعماله الفنية التى ينتجها بعقله وروحه قبل يديه ويمكن ملاحظتها وفرزها من بين كل الأعمال الأخرى، فهو فنان دارس ومتخصص، متمكن من أدواته الفنية والفكرية، فنان يفكر فيما يفعل ويخوض الكثير من المغامرات الفنية سواء على مستوى الفكرة او على مستوى التشكيل.
- لقد ظل تاريخ فن النحت - فى معظم منحنياته - معتمدا على فكرة التمثال الواحد.. أو القطعة النحتية المتفردة القائمة بذاتها فى قاعة العرض أو فى بهو المعبد القديم، حتى جاءت الإتجاهات الفنية المعاصرة وغيرت المفاهيم، أما الفنان ايهاب الأسيوطى فقد تحول في هذا المعرض من مفهوم (التمثال) كقطعة فنية.. إلى مفهوم (التكوين النحت) الذى تتوفر فيه كل عناصر وأسس التكوين الممتلأ بالقيم الفنية والتعبيرية، حيث تتفاعل الكتلة مع الفراغ مع الملمس مع اللون مع إتجاهات ومحاور التكوين لبناء عمل فنى ناجح.
- حيث قدم في هذا المعرض أعمال فنية هي أقرب لفكرة (التكوين الفنى) وليست القطعة الفنية، في محاولة للتفكير خارج الصندوق أو التفكير بشكل مختلف، شكل مغاير لفكرة التمثال أو القطعة النحتية، مثل مجموعة الأعمال التجريدية وتحليل الدائرة وتحليل المربع والقدرة على الانتقال من سطح لسطح بسلاسة بصرية ومرونة تشكيلية.
- والتكوين النحتى
- تكوين (المصيدة) وفكرة الصيد والفريسة التي ينتظر الجميع سقوطها، وأيضا تكوين (الطعام) وكأنها وليمة طعام وما بها من لحوم وخضراوات مجسمة وملونة، وهى طريقة تفكير مغايرة ومختلفة من الممكن ان تكون بداية جيدة لشىء جديد.
- وتماثيل الميادين التي تعكس فهم واضح للموضوع ووعى بفكرة تمثال الميدان ودوره وتأثيره على الجمهور، مثل تمثال (طه حسين) حيث قدم معالجة جديدة ومغايرة لشخصية عميد الأدب العربي تركز على جماليات الشخص والشخصية والبعد الأثيرى والتأثيرى للرجل اكثر من التركيز على الملامح الخارجية. وتمثال القط المصرى (egyptain cat) الذى يعد من أهم القطع الفنية في هذا المعرض هي المعالجة التقنية والبصرية لفكرة القط المصرى الشهير حيث قدم معالجة تشكيلية وبصرية تظهر مدى قوته وشموخه.