`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
شادى السيد أحمد النشوقاتى

- يعرف شادى النشوقاتى القيمة الثنائية لبقعة اللون فى الصورة التى يرسمها . الضوء المشع الذى يتلقاه المشاهد حين تقع عيناه على العمل لأول مرة ، ثم ذلك المخفى تحت السطح - ذلك - الذى يصنع نسيج الروح و طاقتها الفاعلة .
- إذ بدون تلك الثنائية التى تنشأ عليها الصورة الفنية ، لا يكون الفنان قد حقق وحدته الضرورية من ثنائية الباطنى ، والظاهرى. وبدونها لا يكون قد حفر ميلاده بالفعل، أو التقى ذاته المبدعة .
- ونحن حين نتأمل أعمال النشوقاتى ونقترب منها ، يبدو لنا الحال ركاماً مهملاً من الخطوط والألوان ، وقطع فى الفراغ معزولة كالجزر ، وصمت بين العناصر ، وحبس المساحات الملونة، واقتحامات تبدو فجائية كما لو أنها حدثت بين الصدفة والخطأ ، أو أنه قد صاغها ، فلما شق عليه الأمر تركها تركاً حتى ينتقل لغيرها ، ثم حين نعود اليها ، ونعيد التفكير والتأمل يبدو لنا الحال مختلفاً ، ويتجلى المشهد متطهراً من أخطاء خبرتنا الأولى - فأذا ابتعدنا قليلا تتجمع الأشياء وترتبط بأجزائها كالمشيمة الآدمية التى هى علامة الخلق .
- ومثلما يعرف النشوقاتى القيمة الثنائية للون، فهو يعرف ايضا النشوة الثنائية للخط .
-الخط الذى يضم التباين بين حدين، مثلما يكشف التناظر بين مساحتين، ثم الخط الذى هو مرتهن بتوتر الصورة وثرائها مثلما هى كذلك فى الشعر، ومثلما هى كذلك فى ذراتها الممتدة الى بعضها وبين بعضها حتى تصنع الشكل .
- وبدون تلك الوحدة الثنائية فى الخط عند النشوقاتى، لا يكون الشئ قد أتى بمعناه فى الصورة، ولا تكون سحنة العمل قد اكتمل وقعها وحفرت ملامحها وجمالها .
- ومثلما يعرف النشوقاتى القيمة الثنائية فى اللون، والنشوة الثنائية فى الخط فهو يعرف أيضا التيار الثنائى لفكرة `الصورة `، الفكرة التى هى ومضة الناظر، ثم الفكرة التى هى اكتشاف الفنان فكلتاهما ليستا سوى ثنائية المعرفة التى تولد بسببها الرسالة، والنشوقاتى حين يرسم يفكر ويغوص عميقا ويسخر من نفسه أحيانا و يعاقبها احيانا ويوبخ صورته ويمسخها، ويلغيها ويضيف اليها ويعبدها . فهو بذلك الناقد الاول اللصيق بصورته الفنية التى يخلقها فى هذا العالم .
إن النشوقاتى يحمل ملكات فنان سوف يصعد عاليا .
الفنان والناقد / أحمد فؤاد سليم

`شادى النشوقاتى` فى مستعمرته` قوس قزح` بمعرض`المشهد` التفاوض البصرى بين الفضائى والأرضى`
- هذا العمل `المستعمرة - قوس قزح` خص به الفنان `شادى النشوقاتى` مشاركته فى معرض `المشهد` المقام حالياً بقصر عائشة فهمى بالزمالك.. هو الجزء الثالث من مشروع فنى بعنوان `المستعمرة`.. بدأ جزئه الأول [2013-2015] بمشروع `المستعمرة - خط العرض`.. وبالجزء الثانى [2016-2018] `المستعمرة - أصوات الدموع السبعة`.. و`المستعمره` هو مشروع فنى متعدد الوسائط بدأه 2013 ويتم إنتاجه من خلال مجموعه متسلسله من الأفكار التى تتخذ فى كل مشروع منطقه مختلفة.. وعن جزئه الثالث المعروض حالياً يقول أنه يقوم `بعملية الاستكشاف `وهي عملية للتعمق الي الخارج للتحقق من الافتراض والمجهول.. وللبحث عن الطاقة في العوالم الجديدة في الفضاء.. فضاء الأرض أو فضاء السماء..
- ويقول: `عملية التنقيب` هي أيضا عملية طليعية للاستكشاف وللتعمق في الداخل في داخل الأرض أو الصحراء أو المحيطات فهي عملية صعبة لاستكشاف الطاقة الدفينة في عمق الجاذبية الأرضية..` وعن مستعمرته الأخيرة يقول: `العمل هو تصور ديناميكي لهيكل متعدد الأنظمة تبدو متداخلة في ظاهرها كجسد يستعير نظم معمارية أو ما بعد الصناعي ليفترض تصور مثير للتخيل أو ربما للتساؤلات عن مفاهيم مرتبطة بذلك المجال المتوتر للتفكير الإبداعي وتصور عملية التخيل..
- هذا بعض من كلمة الفنان `شادى` عن مفهوم عمله الذى لا يعتمد عادة على الوصف التفصيلى بل يعتمد كلياً على طرح ميكانيزم عمل الفكره داخل ذهنه.. أى انه يطرح لنا اللامرئى الذهنى لنراه مرئى فى حاله ماديه.. وأنا أراه فنان يملك عقل فيزيائى يطرح أسئلة ليدلل أو يُشير إليها بإجابات بصريه مجسده.. هذه الإجابات نلتقي بعض منها داخل جناح عرضه ولكل مشاهد منها نصيب.. وسأقدم نصيبى من رؤيتى لعمله الذى أراه كطرح منه للتأمل مهم للغاية..
- تواصل كونى
- هيكل عمله مقام داخل مُجسم زجاجى مستطيل داخل فضاء صالة عرض تخصه انتصف قاعدته السفلية إلى ثلاث مكعبات.. إلى الجانبين طبقات ملونه ربما تمثلا جيولوجية ارضيه يتوسطهما صندوق مكعب تفور داخله دوامة سوداء من مازوت لزج وبدى صوتها الدوار كجنون عظيم لدوامه داخل حفرة في فراغ أسفل العمل.. ربما يتماثل هذا رمزياً والتفاعلات العظيمة التى حدثت مع بداية الكون وما تمخض عنه الانفجار العظيم بجنونه الذى أفرز وجودنا البشرى.. فنحن أجساد من تراب نجوم ومع ملايين السنين فوق الأرض تحولت أجسادنا فى ظروف جيولوجية أرضيه وأجساد العضويات التى سكنتها والنبات الغارقة بحراً إلى تلك المادة اللزجة المازوتية التى تدور فى هيكل `شادى` الفنى.. فنحن من دوار افتراضي إلى دوار واقعى.. وجعل الفنان الجزء الأعلى الفضائى افتراضياً من عمله مزدحماً بما يتماثل والأقمار الصناعية بأبواقها وأنابيبها الزجاجية شاغل فضاء عمله ليتواصل مراقباً الجزء الأسفل الأرضى - وفى تبسيط منى شديد - يتأكد بخيال الفنان تطبيق نسبى لنظرية الكم `كوانتم فيزيكز` التى اكتشفت ان تحت جزيئات دون الذرى مثل الالكترونات قادره فى ظروف معينه على ان تتصل ببعضها البعض فوراً بصرف النظر عن المسافة التى تفصل بينهم ان كانت على بعد عشرة أمتار أو عشرة بلايين كيلومترات وأنها تتأثر بوجود الشريك المراقب.. بالنسبة لى أرى هكذا جانب من مستعمرة `النشوقاتى` قوس قزح.. ويبهرنى كيف تضيء الفيزياء بعض مناطق التفكير الفنى فى تأمل الكون فى `مستعمرات` شادى الرمزية..
- الثقبين الأسودين
- .. ولأن عمل `شادى` متعدد زوايا الإدراك فسأحاول أن أرى كل مشاهدة لى كأنها تخص شخص آخر.. ففى قاعدة هيكل العمل حيث مكعب صندوقى يموج بزيت مازوتى يوحى بتدفقه عن ثقب أحدثه حفار تنقيب بترول.. ليحدث الثقب فى المكان افتراضيا وليوحى هذا الثقب الأرضى بأنه ليس هناك مساحه للتحرك إلا رأسياً فى امتداد مستقيم لأعلى حيث عمق الفضاء.. موحياً بامتداد افتراضي من عمق الأرض إلى عمق السماء فى خط مستقيم رابطاً رمزيا بين الأرض والفضاء بين المادى والروحى.. والجسدى والعقلى..
- .. هذا الثقب البترولى الأسود أسفل العمل قد يتناظر والثقب الأسود مكنسة الفضاء.. رغم أن الثقب الأرضى يسحب من باطن الأرض بقايا موتى الأرض عبر ملايين السنين ماده ثمينة لزجه.. نجد الثقب الفضائى الأسود يقوم بدور عكسى حيث يسحب بقايا موتى نجومه كماده محترقة إلى باطنه.. فالكون وعناصره يتكاملا.. وربما يتوافق هذا فى عمل `شادى` رمزياً بأننا إذا ما واصلنا سحب الموت من الأرض فسوف نحصده موت آخر فى الفضاء وكل منهما يحتوى على نفس معلومات الآخر.. ففى مستوى عميق كل شئ فى الكون متصل للغاية..
- .. وقد نرى عمل `النشوقاتى` وكأنه مفرغ الهواء من الداخل كفراغ الصدمة تؤكدها الأبواق الزجاجية المجوفة كحاويات وهى بالفعل حاويات معلومات تلصصيه وقد أؤطرت بزجاج آخر خارجى لتعكس إحساس غرفه مهجورة الروح إلا من مادية الأرض اللزجة وازدحام فضاء متلصص - وتبسيطاً منى - نظرية الكم تؤكد مشاركة المراقب داخل الكون.. وكأن المشاهد بالكامل فى عمل `شادى` معلق داخل غرفه مراقبه ويراقب أيضاً.. ففي زيارتى الثانية لـ`مستعمرة قوس قزح` سيطر هذا الإحساس بقوه حيث كان الجناح لدقائق بلا زوار وتركت نفسى فى صمت إلا من صوت المادة المازوتيه تدور فى صوت لزج عميق تعلوها زجاجياته الضخمة تتلصص.. صمت الجناح وخلوه من الزائرين دفع بذهنى لمراقبة نفسى خارج العمل للاستسلام الشعوري متجاهله لما يحدث داخل المستطيل الزجاجى إلا من الصوت المازوتى الثقيل ومشهد الأبواق الزجاجية المتضاعفة بانعكاسات صورتها على الزجاج المجسم ليغمرنى إحساس معاناه يُقارب من `صعوبة التنفس.. الغرف المغلقة.. الهواء الحبيس.. معاداة الروحانية.. فراغ زمنى.. اضطراب.. موت.. حياة.. الكونى.. الفضائى.. امتلاء.. طاقة.. آلية.. الوجود.. رنين.. لزوج.. مادية.. مراره.. الطبيعة.. الشعر.. حيوية.. غمر.. تلصص.. نقاء.. وهم.. اصطدام.. غموض..` هذه الأحاسيس بدفع العمل تجاهى وليس تجاهه..
- غرفه زجاجيه لدردشة العقل
- تعدد التفسيرات لمستعمرة `شادى` يرجع لثرائها الفكرى الممتد من داخل صندوقه الزجاجى أو مستعمرته الزجاجية لتتحول إلى غرفة زجاجيه لدردشة العقل.. وربما هذا ما نجح فيه `النشوقاتى` الذى أراه من متابعتى لأعماله يمتلك - حرفياً - عقل `منور` ويملك كونه الخاص يدور داخله ويضع عنه إفتراضاته ليفتح بالفن الذهنى ومفاهيميته مجالات جديرة بالمشاهدة إلى جانب جمالياته ونسقه الذهنى.. لتصبح العلاقة بين الفكرة والهيكل الافتراضي بمثابة فريق لشيء ثالث يتوهج بحضور ذهن المشاهد..
- فإهتمامات بحثه مفاهيمياً فيما بين الأرضى والفضائى فى عصرنا تناظراً لكلا منهما بين ثرواته النفطية وأقماره الصناعية وكلاهما مسيطر ورمز للقوة.. فهو يطرح قضيه تتصل وحضارة النفط الأرضى وتتناظر وهيمنة وتزاحم الأقمار الصناعية فى الفضائى.. فكل الأموال هى تصريف نفطى.. وكل سنتيمتر أرضى مُصنف من تلك الكائنات السابحة فى الفضاء أعلانا وداخلنا كقوة عليا تتناظر وقوة النفط .. وليبدو العلم وساحة الفضاء التهديد لأقوى وأغنى تلك المصالح فوق أرضنا .. فنحن والمكان الذى نعيش فيه مُجتازين بكل تفاصيلنا.. وربما يناقش عمل `شادى` بطريقة ما تلك الإشكالية بين الأرضى والفضائى ونحن الما بينهما.. كذلك ربما لدى `النشوقاتى` مستوى طرحى آخر لواقع معقد نحن غير مطلعون عليه لأننا جزء فقط من الواقع وخيال افتراضي وأن البنيه المكانية الزمانية هى من صنع أيدينا كما فى عمل `شادى` وهى افتراضية بالرغم من صلابتها الظاهرة.. وأيضا عمل `شادى` يطرح تساؤل عن العلاقة بين حدود العقلية والجسدية ويجعلنا نتساءل هل يمكننا العيش فى مساحات إفتراضيه..؟ وماذا عن تلك المساحات التى لا يمكن تخيلها لسد الفجوة بين الذات الحقيقة والافتراضي..؟ كذلك يطرح عمله `المستعمرة` جزئيه حول فكرة التزامن لمنهج عمل أو التواصل الكوني..
- الغمر الافتراضى
- هيكل غرفة `النشوقاتى` واقعيه وافتراضيه.. وهى بيئة ديناميكية لكيان افتراضي صناعى.. وحتى حركة بأرومة الحفر الأرضية ليست طقسيه بل هى سلوك دائرى حول محور رمزى مباشر للآلة التى تدور فى منطقة الصفر بشكل مستقل مفرد بينما تتضاعف للأشكال العلوية وزواياها والسفلية فوق الأسطح الزجاجية فى متوالية بصرية..
- أيضا بدا الشكل العلوى مغموراً أو معلقاً فى فضائه الافتراضي لأن ليس للفضاء أرضيه تطرح فوقها حركه حقيقية بل حركة لكيان ضمنى يلتقط إشاراته مُشفره ليلقيها معلومات إلى مكان آخر عبر الفضاء.. وكأن أنظمة عمل `شادى` مغمورة فى بيئة افتراضيه للساكن الفضائى السابح والأرضى السائل مغموران داخل صندوق آخر مغلق.. ورغم الإغلاق هناك الحركة الدوارة التى توحى باللانهائيه.. ورغم الجدران المحكمة هناك استجابة لصوت الزيت اللزج الثقيل كأنه قادم من فضاء مجوف لأصوات متداخله بتشفيرات أبواقه الصوتية.. هنا أجد `النشوقاتى` حقق بيئتين مختلفتين متداخلتين غمرنا فيهما بالكامل وعلى المشاهد الدوران حول صندوقه من الخارج تخلصاً من الغمر لتتمكن الرؤيه ..لترتبط حركتنا الجسديه بحدود مساحة عرضه كأننا لا يمكننا إستكشاف عمله كاملاً إلا من خلال مشاركة حركتنا الجسدية..
- أرى الفنان `شادى` لم يقدم محاكاة لسيناريو يشبه عمل الأرضى الواقعى والفضائى الإفتراضى.. لكنه قصد تقديم مواجهة ذهنيه مع العالم الذى نعيشه.. ربما لتوجيه أذهاننا لكيفية تفاعل عالمين لا ينفصلان يتلصص أحدهما تربصاً غامضا على مكاسب بيئة الآخر الجامحة.. تماما كتربص العقلى بنا على الجسدى.... كنت وآخرين داخل صالة عرض شادى وكان كل منا يدرك بطريقته ذلك العالم المغلق علينا ولدينا مفتاح العبور اليه ومغادرته وقت نشاء.. وليس كواقعنا الذى علقنا به دون فكاك.
بقلم : فاطمة على
جريدة:القاهرة 20-3-2022
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث