`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
محمود رشدى جابر علام
طرح الأرض
- يظل الفن هو أحد أشكال الوعى الاجتماعى والنشاط الإنسانى الذى يعكس الواقع فى صورة فنية من خلال انفعالات لا شعورية للفنان .
- وهو ما نلمسه اليوم فى معرض الفنان محمود رشدى والذى يحمل عنوان ` طرح الأرض ` فى إشارة إلى مجموعة من النباتات التى خرجت من الأرض والتى أراد أن يرمز بها إلى تجارب حياتية فى أشكالها المتعددة .
- تلك النباتات أو التجارب التى تحاول الخروج من باطن الحياة ومحاولاتها من أجل الاستمرار والحفاظ على نموها وسط كل ما أحاطت بها من صراعات وظروف محيطة أثرت فيها وفى مظهرها ، فتنوعت وتشكلت وفقاً لطبيعة الظروف التى أحاطت بها فجاءت منها من داخل الأرض الجافة الصلبة تعبيراً عن الصعوبات والأزمات التى واجهتها وهو ما شكل ملامحها التى إصطبغت بألوان شاحبة فى إشارة إلى الهموم والعناء التى لاقتها فى سبيل استكمال مشوارها .
- ومنها من جاءت من أرض تملؤها الحيوية والصفاء والخصوبة التى ظهرت فى ألوانها الزاهية والصافية والمبهجة فجاءت نبتاته أكثر جمالاً وصفاء تعبيراً عن السعادة والبهجة .
- تأكد الفنان على أن العمل الفنى الذى لا ينبع من ذات الفنان ولا ينفعل به فلن يكون عملاً مؤثراً أو نجاحاً حتى لو امتلك الفنان أدواته ومهاراته الإبداعية ، فتناول تجارب حياتية كمدخلاً لتجربة فنية عبر عنها بأسلوبه الفنى ومن خلال نظرته وخبراته الذاتية للأشياء .
بقلم : أ ./ محمد إبراهيم توفيق
2019
بريق الذهب وتحرر الروح... فى أعمال الخزاف محمود رشدى
- شهدت الإسكندرية مدينة الثقافة والفنون المتشبعة برائحة البحر وتاريخ الحضارات، حدثًا إستثنائيًا يجمع بين الأصالة والإبتكار وذلك من خلال العرض الفني الذي أُقام في جاليري `مساحة ملك`، حيث كان المعرض الشخصي للشاب المصري الموهوب `محمود رشدي`، والذى قدم لجمهور الأسكندرية تجربة فريدة ومثيرة، تمثلت في إحياء وإعادة تفسير تقنية `البريق المعدني` الإسلامية العريقة، ليعيد كتابة حوار جديد بين تراب مصر وفخامة الذهب والفضة على سطح الخزف المعاصر، هذا المعرض لم يكن مجرد عرض لأعمال خزفية جميلة، بل كان رحلة إستكشافية في أعماق نفس الفنان وطموحه في إمتلاك رؤية فنية ثاقبة ويدًا ماهرة يوقظ بها سحر الماضي ويثري بها الحاضر.
- وقبل الغوص في تفاصيل المعرض، لابد من الوقوف عند صاحب التجربة نفسه، محمود رشدي والذي يمثل نموذجًا للشاب المصرى الذى وجد في التراث الفنى المصرى منجمًا لا ينضب للإلهام والإبداع، تخرج رشدي من كلية التربية النوعية جامعة أسيوط 2011، متخصصًا في الخزف، لكن شغفه تجاوز حدود المنهج الأكاديمي، كان دائم البحث والتنقيب في تقنيات الخزف، لاسيما تقنية البريق المعدني، التي كانت تزين تحف الخزف الفاخر في العصور الإسلامية والتي تميزت بلمعان الذهب والفضة والنحاس، والتي قد كانت تراجعت بشكل كبير حتي كادت تصبح ذكرى في كتب التاريخ الفني، هنا، قرر رشدي أن يتحدى هذا النسيان، ولم يكن قرار إحياء هذه التقنية قرارًا سهلاً حيث أن البريق المعدني هي من أكثر تقنيات الخزف تعقيدًا وصعوبة، والتي تتطلب فهمًا علمياً عميقًا لخواص وكيمياء المواد الخزفية (الطين، الأكاسيد المعدنية، المواد الزجاجية)، ودقة متناهية في التحكم في درجات الحرارة أثناء الحرق، وصبرًا إستثنائيًا، وتقبل النتائج في حالة الحوادث الغير مرغوبة، إنها رقصة محفوفة بالمخاطر بين النار والدخان والطين والأكاسيد الثمينة، كل تلك التحديات إستهوت روح رشدي فإنكب سنوات من البحث العملي والتجريب المستمر، في مرسمه المتواضع، مليئًا دفاتره بملاحظات عن نسب الخلطات، درجات الحرارة، أوقات الحريق، وأنواع الأكاسيد (الذهب، الفضة، النحاس، البلاتين)، محاولاً فك شفرة الأسرار التي أتقنها الخزافون القدامى، ويمكن إدراك عظمة ما قدمه رشدي في معرضه، من خلال تلقي الطاقة الكامنة في هذه التقنية الساحرة، فهي ليست مجرد طلاء أو تلوين سطح الخزف، بل إنها عملية كيميائية وفيزيائية معقدة ينتج عنها ظهور السطح بلون الطلاء الزجاجي الأساسي (غالبًا ما يكون أبيض أو كريمي أو أزرق فاتح)، لكن عند سقوط الضوء عليها بزوايا معينة، ينعكس الضوء من جزيئات المعدن المترسبة تحت السطح، مكونًة بريقًا معدنيًا ساحرًا، متلألئًا، يتغير لونه وكثافته مع تغير زاوية النظر ومصدر الضوء، ويمكن الحصول من تلك التقنية على ألوان متعددة منها ذهبي دافئ، فضي بارد، أحمر نحاسى، أرجوانى، أو حتى ألوان قزحية، وهذه التقنية التي تتطلب خبرة هائلة لتجنب نتائج كارثية مثل اسوداد المعدن أو تشوه القطعة أو انكسارها، هى ما أتقنها رشدي بعد جهد مضنٍ، ليقدمها في حلّة معاصرة، ولقد كان معرض محمود رشدى فى الإسكندرية أكثر من مجرد عرض لأعمال؛ كان حوارًا بصريًا مكثفًا بين تاريخ عريق وروح معاصرة دخل الزائر إلى فضاء يمتزج فيه صمت التأمل مع دهشة الإكتشاف، حيث قدم رشدي مجموعة متنوعة من القطع، تظهر براعته التقنية ورؤيته الجمالية، فقدم مجموعة من المجسمات الجدارية والتي إستلهم بعضها من الطبيعة النباتية ولكن بصياغة حديثة، أكثر تجريدًا أحيانًا، أو بتركيز أكبر على الإيقاع البصري والمساحات والخطوط ، والأشكال العضوية المتداخلة، كما عرض قطع نحتية خزفية أكثر تجريدية، تستكشف الحجم والفراغ والضوء من خلال مجسمات عضوية أو هندسية، تتحول أسطحها إلى لوحات متلألئة مع حركة المشاهد حولها، كل تلك المساحات الكبيرة من الخزف تحولت إلى لوحات تجريدية أو شبه تجريدية، كان فيها البريق المعدني هو بطل المشهد بلا منازع، وقد كان الضوء شريكًا أساسيًا في المعرض حيث أظهرت الإضاءة المحكمة سحر البريق المعدني، مما جعل حركة الزائر حول كل قطعة تكشف عن وجه جديد لها مع كل خطوة، هذه الديناميكية الضوئية كانت من أبرز ما أثار إعجاب الحضور، فهي جوهر جمالية هذه التقنية، ولم يكن إتقان محمود رشدي لتقنية البريق المعدني وإحياؤها في هذا المعرض مجرد إنجاز تقني أو جمالي بحت بل إنه حمل دلالات أعمق ، حيث قدم رشدي تجربة جمالية تأملية تدعوا للتوقف والتأمل في التفاصيل الساحرة التي قد تغيب عنا في زحام الحياة، ومستلهماً من أسرار الطبيعة أعماله التي تتحرر فيها الروح عبر النار والطين، ويمكن القول أن التجربة التي قدمها الفنان محمود رشدي تثري المشهد الفني المصري بقيمة مختلفة ومتميزة تعيد التواصل مع جذور فنية عريقة ويمكن إعتبارها تذكير قوي بقيمة البحث في جذورنا الفنية، ليس من أجل إجترارها بل من أجل فهمها وإستيعابها ثم إعادة إنتاجها بروح العصر، إنها دعوة للفنانين الشباب للغوص في ثراء تراثهم لإكتشاف كنوز يمكن أن تكون مصدر إلهام لا ينضب، محمود رشدي أثبت أن الطين، ذلك العنصر المتواضع، يمكن أن يحمل في طياته بريق الذهب والفضة، إذا ما لامسته يد فنان مبدع وصبور، وأن الإسكندرية، عروس المتوسط، ما زالت أرضًا خصبة للفن والجمال والابتكار، معرضه لم يكن مجرد حدث فني عابر، بل كان علامة مضيئة في مسيرة الخزف المعاصر في مصر، وبشارة بمستقبل يحمل المزيد من الإبداع الذي يربطنا بماضينا المجيد بينما نطل برؤوسنا نحو آفاق المستقبل.
بقلم : أ.د./ مني غريب
جريدة : القاهرة 17-6-2025
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث