`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
ياسين أحمد محمد حراز
ياسين حراز فى معرضه بجاليرى العاصمة من ` الجنة العذراء ` .. إلى جياد الحرف العربى
- ياسين حراز فنان يحمل طاقة تعبيرية كبيرة .. ومع دأبه الشديد وإخلاصه للوحة التصوير التي تبدو في حالات وآفاق ومفهوم يعكس لمعنى الفن .. امتدت أعماله من الواقعية التعبيرية .. كما في دراساته وإسكتشاته للريف والفلاحين .. ولوحاته التي تنتمى للتجريد .. هذا مع الصور الشخصية لعلماء العرب والتى تزين مكتبة الإسكندرية .. إلى أن تمثل سحر المكان بما يحمل من ناس وخصائص طبيعية وحياة لا تهدأ .. مع الطبيعة الصامتة التي تجاوزت الواقع . وقد جاء معرضه ` بالثلث ` الذي أقيم بجاليري العاصمة في الخط العربي والحروفية التشكيلية مساحة متميزة .. وتجربة مختلفة تضاف إلى عالمه الذي يشدو ويقفز ويتوثب .
- بعد تخرجه في الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1997 جمع الفنان ياسين حراز بين الريف والساحل .. البحر والبحيرة بين أرتباطه الوثيق بالبيئة الريفية بكفر الشيخ هناك حيث أمتدت دراساته واسكتشاته للمناظر التي تحتشد بجموع الفلاحين وهمس الطبيعة بالزروع والأشجار .. وإلى تمثله للبحر مع تلك الوجوه التي تشرق بالباستيل وتبوح بسحر التشكيل .. وجاء إنتقاله إلى التجريدية التعبيرية أو التجريد اللاشكلي في إنفجارات وبؤر مضيئة وكثافة لونية بمزيج من الطوبي والأزرق .. بعضها يحمل في الفضاء التصويري ما يوحى بعناصر وكائنات مبهمة قد نجد فيها روح تشخيصية غائمة .. وقد ظل يبحث في هذا الإيقاع إلى أن عكف على تلك الوجوه التي تنتمى للعصور الزاهرة من الحضارة العربية .. رموز من العلماء والمؤرخين والأدباء العرب من ابن تيمية إلى الجبرتي والطوسي وابن البيطار وغيرهم .. جمع فيها بين لمسة الفن في مساحات من الخيال .. وبين التسجيل والتوثيق تزين أروقة مكتبة الإسكندرية مع مقتنياتها الفنية ومعارضها الدائمة من التصوير والنحت والخزف لحسن سليمان وأحمد عبد الوهاب وآدم حنين ومحيي الدين حسين .
- ومع كل هذا ظل مشدوداً إلى تلك الأرض الطبية التي مازالت تحمل بعض البكارة وبعض التغير هناك بكفر الشيخ .. جذبته ` البرلس ` البحيرة بجمالها وما حملت من عناصر وخصائص ومراكب الصيد .. وبشر يغنون ملحمة الحياة في الليل والنهار .. من اليأس إلى الرجاء والأمل والرزق الذي قد يأتي ولا يأتي مع الأسماك والأكواخ وطيور الماء وأبو قردان وزهور اللوتس .. بصفاء الآفق والغيمات والنوات .. وقد شكل ملحمته التصويرية والتي أضاف إليها فلسفته في التعبير .. خرج بها من الواقع إلى الحلم ومن التوازن والثبات إلى التحريف .. وهو الأبن الحقيقي للمكان .
- وجاء استلهامه لسحر المكان محولاً كل هذا إلى جنة عذراء .. تحلق فيها طيور الماء مع سمو النباتات والزروع التي تلامس الضوء وتتحاور مع الكثبان .. ويقدر ما يغترف من النور والبهاء يصور شباك الصيد والصيادين فوق المراكب التي تقف على الماء والأكواخ الصامتة في هدأة الليل والضياء .. وليس أجمل من أحزمتة القش المكدسة في أناقة عشوائية على الرمال بينما تبدو النباتات بإستطالتها محفوفة في حضرة قارب شراعي مهول .. أنها صورة لنهاية الحياة في القش وقوتها وتدفقها في البشر والزرع .. في أعمال ياسين التي تنتمي لسحر المكان نتواصل مع عمق التعبيرية مع بعض الإيحاءات السريالية وقد يبدو محلقاً في آفاق من الفنتازيا .
- وألوان الفنان تشرق بالصفاء ما بين البنيات والبيج والأخضر والأصفر والأوكر والأبيض .. لقد توحدت فرشاته مع روح الطبيعة وأعلنت عن هذا الجمال الذي تجسد بعد رحلة من التأمل .
- وهو الحاصل على الدكتوراة في الفلسفة حول ` خصوصية المكان كعامل مؤثر في إبداع المصور المصري المعاصر `.
- لم يتخل ياسين عن علاقته بالواقع المعاش وصور الحياة اليومية التي أمتزجت بأخيلته ورؤاه وحكمته في التشكيل وقد أضاف بعداً آخر ومساحة جديدة إلى أعماله من خلال الطبيعة الصامتة التي تألقت في التكوين والتلوين والتي أقتربت من إتجاه ` السوبر ريالزم ` بمعنى الإمعان في الواقعية والأنتقال إلى واقعية أخرى تنتمي للتعبير والتشكيل الذاتي .. حبات من الفلفل الأخضر والملون مع الطماطم .. وتفاحة وبرتقالة مع وردة متفائلة من الروز الهادئ رغم وضعها الأفقي بعد أن اقتطعت .. والجميل هنا تلك الملامس التي تستحضر الشكل الفيزيائي لتلك الكائنات .. مع منطق التكوين والإيقاع .
- ومع تلك الأعمال التي أنجزها في 2018 .. شاهدنا بالقاهرة أحدث أعماله أيضاً في معرضه ` بالثلث ` والتي تألقت بالحروفية التشكيلية في إيقاعات يسمو فيها الحرف ويهتف وينساب بطلاقة بين التجريد والتجسيد تتحاور فيها الجياد العربية الناطقة بروح الكلمات .
- كان الخط العربي من أكثر الفنون التي عرفتها الحضارات في العالم وهو الوحيد من بين فنون الشرق الذي لم يخضع لمؤثر أجنبي بطول التاريخ .. ويعد أحد الفنون الرفيعة تنتوع أشكالها أشبه بالموسيقى .. الموسيقى من النغم المرئي .
- وهناك إتجاه في لوحة التصوير يعني بالحرف .. من حيث إنه إيقاع تشكيلي بما يسمى بالحروفية التشكيلية التي لا تعمد إلى الإهتمام بمعنى الحرف .. ما هو قيمة تعبيرية وطاقة روحية بما يملك من إمكانيات التشكيل والتطويع .
- وهناك من رواد الحروفية المصرية نخبة من فنانينا بحثوا في هذا الإيقاع الذي لا ينتهي وقدموا أعمالاً تصويرية غنية بالتشكيل والتعبير كل على إختلاف تجربته التعبيرية من بينهم : أحمد ماهر رائف وطه حسين ويوسف سيده وأحمد مصطفي .
- وقد أختار خط الثلث ذلك لأنه كما يقول : ` يعد من أجمل الخطوط العربية .. يمتاز بالمرونة ومتانة التركيب وبراعة التأليف ` .
- الخط والثلث بتعبير الدكتورة جيهان سليمان : ` هو فن وتصميم الكتابة في مختلف اللغات وخاصة التي تستخدم الحروف العربية ، وتتميز الكتابة العربية بكونها متصلة مما يجعلها قابلة لإكتساب أشكال هندسية مختلفة من خلال المد والرجع والإستدارة والتشابك والتداخل والتركيب وهو عنصر غني ومثير إبداعي للفنان التشكيلي .
- والفنان ياسين حراز تناول أعماله الفنية في الخط العربي وخاصة ` خط الثلث ` ويعد من أجمل الخطوط العربية وأصبعها كتابة من حيث القاعدة والضبط .. فنجد أمامنا إمكانية مصور مبدع متمكن من أدواته .. يعي تماماً مفهوم التصوير .. فالفنان ياسين حراز لم يستقر على منهج واحد ففيه شحنة القلق والمغامرة والبحث والكشف عن كل ما هو جديد .. وهو متنوع لم يأخذ بفكرة واحدة بل تعمق في العديد من الأفكار يفعمها التجريب في تقسيم السطح إلى معادلات هندسية .. تلمح فيها المستطيل والدائرة والمربع وأعتمد أيضاً في أعماله على النقطة والخط والفراغ والتكرار وما تحدثه من إحساس وتعبير بالحركة المتواصلة `.
- وقد أرتبطت تجربة الخط العربي منذ فترة طويلة وبالتحديد منذ حصول ياسين على دبلوم الخط العربي من مدرسة محمد إبراهيم بالإسكندرية سنة 2000 رغم ممارسته للخط العربي .. منذ مراحل الدراسة الإبتدائية وملاحظاته المستمرة للكتابات الموجودة في المساجد والإعلانات .
- وكانت البداية الحقيقية لتوظيف الخط تشكيلياً كما يقول : في ملتقى البرلس الدولي الثالث من خلال توظيف الخط الثلث وجمالياته على قارب صغير ومنذ تلك اللحظة قررت التعمق في تلك التجربة.. وكان هذا المعرض
-وهنا تلقى من أعمال أمتدت من روح الخط العربي وما تحمل الحروف من إيحاءات وما تستحضر من موسيقى تنبعث من عمق التشكيل وهارمونية أو انسجام الألوان وتوازن الإيقاع .. وهو يختلف من حالة إلى حالة تبعاً لشخصية الحرف المتوج بالثلث المسكون بالرشاقة والحيوية وإمكانية التطويع في التشكيل .. وهو في بعض الأعمال يعمد إلى إبراز التشكيل وإمكانية القراءة .. بجماليات الحرف الأستهلالي الذي يبدو أكبر عنصر في التكوين وقد يمتد في حرفين كما في لوحة ` هو .. كريم `مستخدماً عناصر آخرى تتوج التشكيل مثل النقط التي تبدو في تجريدات هندسية وأيضاً تشابك الحروف الصغيرة التي تسهم في انبعاث تلك المعزوفة .. ومثل حرف ` الجيم ` الذي يبدو وحده حالة تعبيرية خاصة مع ` الألف والباء ` وهنا تسهم الألوان في سيمفونية التشكيل من الأزرق الهادئ والبنفسجي والأخضر وإلى الأحمر الناري والأبيض .. وعلى الجانب الآخر لا ينشغل الفنان ياسين بالمعنى بقدر ما تشابك الحروف في إبتهالات وإشراقات مشكلة بغاباتها الكثيفة شجرة أو جواد .. وجوادان يتحاوران بسحر الكلمات ينبعثا بارزين من الأرضية .. جواد بين الأبيض المشوب بالرمادي وآخر بالبني المشوب بالأحمر البني .. وقد تنطلق الحروف متصاعدة في الآفق أقرب إلى الإبتهالات والتواشيح .. ينتقل فيها الإيقاع من هدوء البيج إلى البنى مع الرمادى.
- فى أعمال ياسين حراز بمعرض ` بالثلث ` جاء اللقاء بلغتنا الجميلة .. لقاء احتفاء بالتراث بلمسة الحاثة .. تحية إليه بعمق التنوع والثراء فى التشكيل والتعبير وسحر الكلمات .
بقلم : صلاح بيصار
جريدة: القاهرة 29-1-2019
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث