|
أمانى على فهمى طه مسعود
اعتبرتها مصدر للخيال الفنى ..إلهام فهمى : الأهرامات ليست مجرد بنيان تجمعت فيه العناصر المعمارية والأثرية
وصفت الفنانة أمانى فهمى العمل بجانب الإهرامات بأنه متعة حقيقية ، مشيرة إلى أن هذا المكان هو كنز ذاته نظراً لأن جمال الطبيعة الأخاذ هو مصدر للإلهام والخيال الفنى بالنسبة للفنان ، فهى لا تعتبره إرثاً حضارياً وثقافياً فحسب وإنما أكسبته الطبيعة صفة إضافية تجعل الفنان يستفيد من تلك الأجواء إن هو ارتبط فنياً وروحياً مع جمال الطبيعة .
وهذه الاستلهامات جعلت من الفنانة أمانى فهمى تعمل على إقامة معرض مستلهم من هذه الأجواء . فقد افتتح لها مؤخراً فى المركز المصرى للتعاون الثقافى الدولى معرضاً بعنوان ( جماليات من منطقة الاهرامات ) ..
والمعرض يحتوى على 17 لوحة بالوان الاكريلك على خشب حيث تسجل الفنانة انطباعاتها عن منطقة الإهرامات بشكل عفوى وانسيابى ، وبعيداً عن التكلف والانبهار .. وتقول لـ ( اليوم ) لقد وجدت فيها كل ما يرضينى كفنانة أعشق المنظر الطبيعى .. فهذه المنطقة بجانب ثرائها التاريخى وقيمتها العظيمة الخالدة فهى تحوى جماليات المنظر من امتدادات أفقية بعيدة ومساحات واسعة ورمال وحجارة ضخمة متراصة فى تشكيلات فنية لا نهائية ، فالهرم ليس مجرد بنيان تجمعت فيه العناصر الفنية والمعمارية والاثرية العظيمة فحسب ، وإنما هو هرم قادر على العطار الفنى والتاريخى .
وأضافت قائلة : لقد قمت بتوضيح اثر الضوء القوي على الحجارة بشكل خاص وذلك فى لوحاتى التى تحتوى على تشكيلات الحجارة والصخور . وذلك ما دفعنى للتفاعل مع هذه التشكيلات وأصنع منها لوحات تمثلت من خلال تمازج الألوان والطبيعة .
والدكتورة امانى تعمل مدرسا بقسم التصوير ــ شعبة التصوير ــ بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة حصلت على الدكتوراه فى التصوير عام 2002 وتشارك فى الحركة الفنية منذ عام 1987 .. معارضها الفردية كانت بالقاعة الرئيسية بكلية الفنون وبمركز الجزيرة للفنون والمعارض الجماعية التابعة لوزارة الثقافة وشاركت فى عدة دورات فى صالون الشباب والمعرض القومى وصالون الاعمال الصغيرة .
مقتنيات الفنانة امانى فهمى بدار الاوبرا ومتحف الفن الحديث ووزارة الثقافة وجامعة حلوان وداخل مصر وخارجها .
محمد محمود
اليوم
- تقف الفنانة أماني فهمي حين ترسم بعيداً .. لتأخذ روح المكان وليست تفاصيله .. إنها تريد عطر المكان يسبق جغرافيته .. وأن تأتيك نسائم الحقول دون دخولها .. تحب المنظر الشمولي بعيد اللقطة .. ولأنها درست جيدا لهذا فإن استيعابها للإنطباعية والتأثيرية والتجريدية يتآخى في الطبيعة التي تأخذ مشاهدها المحببة لها .. إنها ترسم لنا منظراً موحياً ببساطة أدائه وإيجازه اللوني .. ومعطياً جواً دافئاً رغم شحوبه الساخن.
بقلم : / إبراهيم عبد الملاك
مجلة : صباح الخير 18-2- 2003
الفنان ومسبار البصيرة
- قد تراها حالات صوفية أو تأملات ميتافيزيقية أو سباحة روحانية فى أعماق النفس او فى طبقات الكون المجهول . الشكل الجمالى عندها يحلق بين الطبيعة المادية والتجريد، فيسمح بشتى التأويلات لكنه يبقى رؤية ذاتية من الإبداع لا تبالى بالتصنيف المدرسى فى أى من مدارس الفن . هناك مناظر خلوية حاضرة بقوة ، تشمل الأرض والوديان والأشجار أو ما يبدو كذلك من ناحية، كما تشمل الفضاء اللانهائى الأبيض الملىء بالأطياف والخيالات من ناحية أخرى، لكن هذا الفضاء مجرد مسرح لتجليات النفس الإنسانية أو لإحداث التباين الضٌدى مع الأرض السوداء بتعقيداتها المادية المتشابكة.
- فى معرض الفنانة الكبيرة د. أمانى فهمى بقاعة الباب ترى اللوحات فضاءاً شاسعا للحلم، ومحاولة لفض شفرات المجهول، تنطلق من ذات حائرة متعطشة لإجابات عن أسئلة لا تملك مفاتيحها. الأبيض سيد الألوان رغم أنه فى الأصل (لا لون)، بل جماع كل الألوان لو أدرنا بسرعة شديدة قرصا يضم ألوان الطيف، لكنه فى لوحاتها يشف من تحته عن طبقات لونية مختلفة تومض وتختفى وتعكس حالة من الصفاء الروحانى ، لكنها تخبئ تحتها فورات وتوترات من قلق وجودى، ومن صراع أزلى بين النور والعتمة وبين الميلاد والموت.
- دوائر مفتوحة تشبه الأفلاك والأكوان، لكنها مغلقة من جانبها بهلال أسود، ومع ذلك تبدو وكأنما تُصدر من جوفها إشعاعات مضيئة كذبذبات كوكب غير مرئى، تنم عن حراك أزلى لنور مجهول المصدر، وقد تتقاطع فى الفضاء خطوط مستقيمة أو مائلة طوليا أو عرضيا، بطابع هندسى يتناقض مع الدوائر والأقواس والأشكال الانسيابية، ويفاجئك وسط كل هذا انبثاق نصوص كتابية من سطح اللوحة وكأنها تطفو من أعماقها فى حين أنها قصاصات ورقية ملصقة على السطح ومتماهية تماما معه ، وتتفرق على أديم اللوحات على مسافات متباعدة ، وهى ملصقة بطريقة الكولاج ، وتحمل نصوصا عربية بخط فارسى منمق، وتذوب فى طبقات الأبيض وما يشف عنه من ألوان ، فى إيحاء - كما أظن - بمنابع المعرفة أو برسالات الأنبياء أو بخيالات الشعراء أو بمحاولات الإنسان لسبر أسرار الوجود أو بموجات الفكر والفلسفة والعلم على مر العصور.
بقلم : عز الدين نجيب
التاريخ : 26-8-2023
- إذ القضيةُ واحدة، والسؤال واحدٌ، في كل زمانٍ وثقافةٍ ولُغة. إنه سؤال الوجود الأكبر، وعلامة الاستفهام المُشرَعة فى وجوه بني البَشَر: `من أين وإلى أين؟`. إنه سؤال الوجود والعَدَم، ورقصةُ الموت على مسرح الحياة..
- لا أكتُب هذه السطور العاجلة هنا بغرض التناوُل النقدي لتجربة الفنانة، بِقَدر ما أكتُبُ لإزاحةِ ما بَثَّته الأعمال في نفسي مِن إيحاءات ومشاعر، حَرَّضَت ذاكرتي لاستدعاء تراث رهيب، طالما كَرَّسَت الحضارات الإنسانية من أجله نصوصاً، وأعمالاً فنية، وكُتُباً مقدسةً قائمةً بذاتها؛ ذاك هو تراث `الأم الأرض`، المبدأ والمُنتهى؛ فمِن طينها جُبِل الإنسان، ومن رحمِها وُلِد، ومن تُربَتِها تتوالى معجزات الخصب والنماء ودورة الرزق، ثم إلى رحِمِها يكون المآل، حين ينفَتِحُ ملايين المرات، فاغراً فمَه قبوراً تلقَفُ ما سبق وأن قَذَفَ، ليعود الجنينُ إلى مُستَقَرِّه جُثَّةً، يمضُغُها الرحم الرهيب ويهضمها، لِيُعيدها عناصرَ أوَّلِيّةً، تُسهِمُ من جديدٍ فى دورة الخصب والنماء..
- ربما لهذا السبب قد نفهم لماذا عَمَدت الفنانة إلى تحديد مسطحات أعمالها في مساحاتٍ صغيرةٍ نسبياً؛ مُمَهِّدةً الطريق أمام المُتَلَقّي كي يختبر تجربة الاقتراب الحميم من أديم الأرض، مُحَدِّقاً في فتحات القبور الرهيبة، وجهاً لوجه، ومُدَقِّقاً في تراكُم الطبقات اللونية، والملامس، والتأثيرات اللونية، التي نَتَجَت عن دَمجِها الحساس بين اللصوق (الكولاج) الجاهز، والنصوص المطبوعة، وعجائن اللون، وبعض الخامات الطبيعية المُنتقاة من أديم الأرض ذاتِه وكما أسلَفتُ، فربما تكون هذه إحدى المرّات النادرة التي أكتُبُ فيها عن معرضٍ خارج منطق النقد الإجرائي، بدافعٍ وجدانيٍّ أشدَّ إلحاحاً؛ هو الإفضاءُ ببعض فَيض الشعور الذي بَثَّتهُ في نفسى هذه التجربة.
بقلم :الناقد ./ د. ياسر منجى
الناقد ./ د. ياسر منجى
6 - 9- 2018
- قد تبدو تلك الصورة القاتمة للقول الشائع فى (الموت حياة ) قلق وخيفة ممن ينتظره الإنسان من مصير وحساب الآخرة..غير أن ` آمانى ` قدمت صورة مغايرة ،مضيئة ليوم وزمن حاضر ،وغدا مشرق .
كيف تسنى لها ذلك ...وما هى اشكالها وألوانها، وعناصر تكويناتها المجردة. وأسلوب صياغتها الفنية والجمالية لها حتى تبعث فينا هذا التجلى فى رحلة الوجد البهى .
في هذا اليوم الأخر الموصول بين ` أديم الأرض والسماء البهية السرمدية ` يتجلى جمال الكون وألقه بكل تفاصيله الندية ،ونور الحياة الوضاء...
في ذلك اليوم الذي يمهلنا الوقت فيه من أجل الاستمتاع بتلك السحرية الإلهية، يستطيع المتصوفة والفنانون فقط فهم وتفسير خفاياه وأسراره. فالمتصوفة هم أولئك الذين تدرجوا في سلوك روحي يعيشونه ويتفاعلون معه، حتى اخترقوا حدود الظاهر ووصلوا إلى مفهوم الجمال السامق والعبور إلى عالم الروح والأبدية.
وبالمثل، الفنانون الذين يمتلكون قدرات إبداعية فائقة يعكسون من خلال أعمالهم التجريدية ، تلك الجوهرة النفيسة التي تكمن في العالم الروحي. إنهم يستخدمون ` اللا لون ` والأشكال والحركات والنصوص الشعرية والتعابير المرتجلة... ليعبروا عن مشاعرهم وأفكارهم العميقة التي لا يمكن الوصول إليها بسهولة.. فقد اتبعت فى معالجة لوحاتها تقنية الكولاج، مستعينة فى ذلك بقصاصات من الورق تحوى عناصر من مكونات الأرض، رمال وحصى وبعض من أشعار` أبى العلاء المعري` الشاعر والحكيم العربى` الذى سلك طريقا مؤداة الصلاح والحريةواتباع العقل لفهم الحياة والدين والنفس الشقية.. هذا النهج الفنى المجازى، جسد حالة من الفيض النورانى والمتعة البصرية البهيجة.. في هذا اليوم الآخر ..
بقلم: د./ رضا عبد السلام
التاريخ : 20-8-2023
- استوحت الفنانة فكرة معرضها من تأثرها بفلسفة الحياة والموت وحالة الزهد التى دعا لها `أبو العلا المعرى` فى قصيدته ومرثيته `تعب كلها الحياة `التى كتبها لرثاء الفقيه `الحنفى أبى حمزة `، وبالأخص أبياته : خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد.. وتعب كلها الحياة فما أعجب إلا من راغب فى ازدياد`، قدمت الفنانة رؤية تصويرية حداثية منفذة بمجموعة من الوسائط الفنية والتقنيات والمعالجات والصياغات المتسقة والمتوازنة مع مضمون الرثاء والزهد..
اللوحات ليست ترجمة مباشرة لأبيات القصيدة، ليس بالمحاكاة السطحية المعتادة لملامح الأرض، بل محاكاة المضمون بالتحاور والجدل الوجدانى الذى لا يدركه إلا كل من تألم وتعلم قيمة الفقد برحيل القلوب، وفى كل لوحة تسرد حكايات غائبة حاضرة من خلال الأرض برمالها وطينتها وعورتها وفجوتها وقشورها شقوقها ثورتها وانكساراتها وانتصاراتها ففى إحدى اللوحات تعبيرا عن صرخة الأرض، ففى منتصف اللوحة تظهر فجوة قاتمة تلك عيون الأرض الباكية بدرجة لونية سوداء يتخللها درجة من اللون الأبيض الشفاف الملائكى تلك الكفن الستار، ولقاء حميم بين البقعة القاتمة والأبيض تمثيل للموت والحياة وأنهما على دائما موعد بدون موعد، مضمون ومعنى لا يدركه إلا كل من تألم وتعلم ، ويسبح حول البقعة القاتمة رمال صفراء نقية صافية ثرية، مبهجة تشدو بتراتيل صوفية ويفوح منها عطر الغائب، ويستقبل هذا العطر أوراق النبات التى محا الزمن خضرها، ومزقنا نحن أطرافها بأقدامنا رغم تحذير `المعرى` فى مرثيته أن نسير مهلاً على الأرض، النبات الممزق مازال يتنفس لأنه اختبأ من الأحياء فعاش عمرا آخر، ويعلو كل هذا المشهد أوراقا ونصوص مكتوبة بعبارات سحرية سرية لا تقرأ بالبصر بل تحس بالبصيرة. والحدس.- وتنقلنا الفنانة بمعالجاتها الفنية لمزيد من التنوع البصرى والتأويل الفلسفى والتامل الكونى، وهو معنى نشعر به كلما تعرضنا لازمات فى الحياة، وهو أن الأرض هى `نحن`، الأرض مرايا لأيامنا.
بقلم : سوزان شكري يعقوب
جريدة : روز اليوسف اليومية 18 - 9- 2018
- حالة إبداعية ناجمة عن تركيز روحى شديد من فنانة تستثمر الوقت فى الإبداع ومحبة الآخرين عبر أجواء صافية تصنعها لنفسها دائماً .. إستمتعت مع د . أمانى بحوار بالغ الرقى حول مشروعها التصويرى اللافت الذى تعتمد فيه على خامة الأكريلك مع كولاچ من قصاصات الورق والصحف لخلق تباديل وتوافيق تقنية فى حضرة تدفقات نورانية داخل قوالب إنشطارية وانفجارية تؤسسها الفنانة فى هيئة تقاسيم تجريدية مشبعة بفيض من النور .. التجربة تتأرجح زمنياً بين عامى ????م و ????م ُ حيث استطاعت أمانى ببراعة أن تختزل الزمن الفيزيقى المحسوس إلى مساحة حدسية روحية غير معلومة المواقيت ُ وهو مايستدرج المتلقى إلى آفاق مغايرة تتجاوز المرئى والمسموع نحو سياق مختلف يتجه صوب مشارف العرش بتجلياته الإلهية الساحرة .. مجموعة رائعة من الأعمال التصويرية تحكمها توافقات واختلافات بين مجموعات متنوعة يجمع بينها النور البهى كقاسم مشترك أعظم رافد من رحم المطلق اللانهائى .. عرض مدهش لفنانة قديرة لاتسعى وراء أى أضواء لأنها تعشق قدس أقداس الإبداع فقط .. حالة تصويرية تستحق التأمل والتدقيق .
بقلم : محمد كمال
مجلة الثقافة الجديدة ( 17 -8 -2023 )
- أعمالها تأتى من خليفة بعيدة من ثقافة الحلم
و فهم المنظر، و من التبسيط و الزهد في اللون. الذي عاشت تروضه. لوحة تلو الأخرى. و في مرحلة الانتقال من الطبيعة. و من المنتظر التأثيرى لونيا. حتى تنتقل به الى المنظر التجريدى، مصحوبة بسلامة السفر. و حساسية اللون الطازجة ، كما كان يفعل التأثيرين. ادعوك ايها المتلقي ان تتأمل اعمالها السابقة، في رسم المناظر، و اغلق عينيك جيدا لمدة دقائق. و افتحها فجاة علي اعمالها الحديثة، في تلك الرحلة سوف تجد حالة الصدق في الانتقال، سوف تري بخيالك المبصر و عينك المغلقة و انت تحلم نفس الحالة التي تفتح عيناك عليها كتطور طبيعي، لهذه المصورة (العفية) في مشاعرها، الثائرة الغاضبة في صمتها
اللون عند اماني فهمي قوي غزير مشبع بطاقات لا ترى بالعين المباشرة. ادعوك عزيزي المتلقي ان تبصر جيدا في تلك المساحة الشاعرية للون عند الفنانة ،و ذلك الفضاء الأبيض، المرصع بطبقات حبلى و درجات مختلفة من هذا اللون الذى يدل على نقاء بصرى .
- فى هذا الفراغ اللوني المسمى الفضاء الوجدانى للون الابيض بدرجات تلعب و تلهو لتصل بنا أماني فهمي، لتلك اللحظات الصوفية و الزهد في التعبير دون ترتيب عصبي ولا مذاكرة، لكن بتلقائية الصادقين و بساطة العارفين . في سفر الوجدان و في القراءة لحالة الشاعرية البصرية ، هذه المعرفة جعلتها تضيف قصائد شعرية قديمة لابو العلاء (كولاج) في بعض اللوحات، تمزجها في حالة من الصفاء اللوني عندها، لترتبط حالة القصيدة بحالتها المزاجية على مسطح الكانفز. و كأن اللوحة تحولت إلى قطعة من وجدانها الثائرة الحية النابضة بكرم ثقافي. انها المسافات التي تجعلنا نحترم فنه.ا
مسافات و مساحات كبرى تفصلها و تبعدها عن العديد من الغشاشين، الذين يدعون التجريد دون فهم أو وعى، فى عالمنا العربي المصاب الان بالرمد التشكيلي من كثرة التهريج .
الناقد : عبد الرازق عكاشة
جريدة : صحيفة أفريكانو - باريس ( 16 -4- 2020 )
- لوحاتها تجريدية جذابة، استعانت في تنفيذها بأسلوب الكولاج، لوحات تغرق في تأمل تفاصيلها بإستمتاع، ألوانها ترابية تذكرنا بعنوان العرض (أديم الأرض )
- جاءت لوحات الفنانة د. أماني صغيرة المساحة، لكنها كبيرة بمعانيها وما حوته من دلالات فكرية وفلسفي جلبت لذاكرتي واقعة إستيحاء الفنان الشهير فاسيلي كاندنسكي لوحاته التجريدية من الموسيقي، فكان بذلك أول فنان بصري في تاريخ الفن الحديث يستوحي بعضا من لوحاته ليس من الطبيعة وإنما من فن آخر بخلاف الفن البصرى ......... ومن وقتها صارت تلك ظاهرة مألوفة، إتبعها عديد من الفنانين.الجميل أن الفنانة د. أماني فهمي ( التي أعرف أنها من عشاق الموسيقي ) إستوحت لوحاتها من فن شرقي مغرق في الأصالة ( فن صياغة الشعر) لقد أعجبتها أبيات من المرثية الشعرية التي نظمها الشاعر الفيلسوف أبو العلاء المعري ......... مست تلك الأبيات فكرها وعاطفتها، فولدت داخلها طاقة إنفعالية قوية عاتية، عكستها وأفرغتها في مجموعة لوحات تجريدية جميلة في مظهرها، عميقة في معانيها.
لقد نجحت بمهارة وإقتدار في المزج بين الصورة الشعرية والفن البصرى فى عرضها الحالي ` أديم الأرض `
التاريخ : 3 - 9- 2018
بقلم : السفير / يسرى القويضى
- لم يكن تأملى فى أعمال الفنانة تأملًا عابرًا بل كان بحكم موقع عملى كأخصائى ترميم بمتحف الفن المصرى الحديث مما أتاح لى المرور صباح كل يوم وكأننى أتلقى جرعة وجدانية وغذاءًا روحيًا يحفز طاقتى على مواصلة اليوم ، وحيث أننى من متابعى أعمال الفنانة منذ تخرجها من كلية الفنون الجميلة ومازالت لوحاتها محفورة فى ذاكرتى البصرية بداية من تصوير الأطلال ومناظر الطبيعة الفقيرة فى بعض مناطق مصر القديمة حيث استلهمت الجمال من القبح ، وانتزعت البهجة من أحضان الحزن الذى يحيط بتلك الأماكن الساكنة المعزولة وساكنيها الغير مرئيين فقد اكتفت بتصوير المكان لتقتنص حالة السكون العميق ، ولحظات الغروب القاتمة التى تبعث فى نفوسنا حالة من تأمل للداخل والتفكير فى المطلق واللانهائى ، وفى تتبع أعمالها فى المعارض الماضية ، نلاحظ ميلها إلى النزعة التجريدية بصور مختلفة وجديدة يستطيع المتلقى استيعابها بصريًا وحسيًا ، وهذا يرجع إلى موهبة الفنانة التى نستشعرها من ضربات الفرشاه الواثقة ، وكم الخبرة الفنية الجلية فى ومضات الضوء الخافتة ،وكتل السحاب الباكية إيحاء بالشفقة والرحمة و التى قد ترمز إلى التلاشى ، حيث تترك اللون المائى يسيل كالدموع الغزيرة لتضفى على الشكل حالة صوفية زاهدة للعالم الأرضى بوحشيته وفساده المتفشى ، الذى يسحب الإنسان للهاوية السحيقة ، والجديد فى هذا العرض هو استخدامها لوسائط وتقنيات مركبة أو مدمجة حيث هذا الوسيط جزء من الطبيعة أو الأرض ، كالعجائن الطينية ، والقماش الخشن الممزوج بتلك العجائن وكأن الفنانة أرادت أن تتخلى فجأة عن ألم الإنفعال لتستريح فوق سطح هذه الأعمال التى وجدت متعة أنثوية فى عملية خلق جديدة تنتظر نتائجها وتدركها قبل استكمالها فتدفعها لعمليات ابداعية لاحقة ، وهى أيضًا تستخدم النص الأدبى فى بعض الأعمال أو الكلمات التى تتكرر فى شكل منتظم يتردد مع إيقاع الكون وحركة الكواكب المنظمة ، هى تسبح فى فضاءات الكون فى اللانهائية كملاذ لها بعيداً عن الواقع وهروبا من تعقيدات الحياة ومفرداتها المألوفة ،فأعمالها تطمع للصعود عبر درجات الخلود فتتوالى عليها الأزمنة بلا انقطاع.0
بقلم : د./ أحلام فكرى
جريدة : القاهرة ( 28- 8-2023 )
الفنانة أمانى فهمى: ثنائيات التضاد بين النور والعتمة والحياة والموت
انطلقت الفنانة المصرية أماني فهمي من الضوابط الأكاديمية والعلمية لتثبت حضورها في الفن التشكيلي المصري، موظفة شغفها بالمناظر الطبيعية، وبالثنائيات المتضادة كالنور والعتمة لتعبر عن علاقة سرمدية بين الإنسان ومحيطه، وثنائية الموت والحياة المتواترة، مؤمنة بحرية الفنان في اختيار أسلوبه أو ممارسة فنه بالطريقة التي ترضيه هو أولا الذائقة الموسيقية الرفيعة التي تمتلكها الفنانة المصرية فهمي لا بد أن تنعكس في أعمالها الفنية كانسجام راق وتوازن محكم لكل مفردات لوحاتها، خصوصا مجموعاتها الأخيرة من الأعمال التجريدية. اليد ترسم والقلب يفكر في آن، خطوط سريعة ومتقطعة، مساحات فارغة كصمت الموسيقى المفاجئ في لحظة ما قبل عودتها من جديد، كولاج مكتوب من بقايا قصائد، نور وعتمة، تضاد منتشر في تناسق كأنه أصوات طبول وقيثارات للحن يبدأ ولا ينتهي لموسيقى الوجود. تراجم وافتتان بأصوات داخلية ونغماتها التي نشعر بها ولا ندركها إلا في أعمال فنية رفيعة اقتراب من الطبيعة .
بقلم : عدنان بشير معيتيق ( ليبيا )
جريدة : صحيفة العرب ( 13 - 2- 2023)
- أحبت البيوت والشوارع والفضاء.. كانت تركد بلونها البني خلف التلال ، تسقط من ذهنها التفاصيل والبشر ، وتبحث عن علاقة المكان بها ، فكان الحياة ، والوطن ، والصياح . حين تشاهد أعمال الفنانة تشعر أنها تبحث بدأب لتقديم إضافة ، فاستخدامها اللون الأبيض بهذه الكثافة والجرأة تشعر معه أنها تبحث عن شئ ما غير تلوين الطبيعة أو التشكيل به ، إنها تبحث عن المضمون ، تريد أن تحمّل الأبيض معنى إضافيا غير الصفاء والنقاء وما يحمله من معان معروفة خلافاً عن أنه لون..
بقلم : الناقد ./ سامى البلشى
مجلة : الإذاعة والتليفزيون ( 22 -2 -2003 )
فى معرض `يوم آخر` للفنانة أمانى فهمى بقاعة `الباب` بالأوبرا
- رنين الإنشطار حول أبيار النور
- تظل دورة الحياة قائمة على المواجهة بين المتضادات الوجودية كأحد أسرار الديمومة الكونية مثل تعاقب الليل والنهار، والتهام النور للظلام، والترددية بين الأرض والسماء، والدراما الرابضة بين الحياة والموت، وما بعدهما من ذلك البعث العظيم فى اليوم المهيب الذى فيه تنتثر الكواكب وتُفجّر البحار وتبعثر القبور وتُطوى السماء كطى السجل للكتب.. وعبر هذه التبدلات يكمن التأثير على الشعور الإنسانى الجمعى المؤمن بهذه الآلية الربانية.. وربما يكون المبدعون هم الأكثر تعرضاً لسحر هذه المتواليات التى تبدأ من الشهادى الأرضى إلى الغيبى السماوى، مروراً بتصورات اليوم المرتقب الذى يقوم فيه الأموات من رقادهم لمجابهة مصائرهم المجهولة.. وقد تجلى هذا فى الأعمال التصويرية للفنانة القديرة د. أمانى فهمى من خلال معرضها الذى افتتحته مؤخراً فى قاعة `الباب` بالأوبرا وقدمت عبره أكثر من خمسين عملاً تصويرياً إستخدمت فيها الألوان الأكريليكية والغراء اللاصق مع قصاصات الورق المكتوب والنباتات الجافة والرملة الناعمة على أسطح متنوعة بين القماش والخشب والكرتون.. وقد بدا العرض فى مساحة زمنية تقع بين عامى 2016م و2023م، بما يسمح لرؤية المد الفكرى للفنانة منذ تخرجها من قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة عام 1990م، قبل حصولها على الماجستير فى فن التصوير عام 1996م، ثم الدكتوراه عام 2002م من نفس الكلية، إنطلاقاً من اهتمام بالغ بالطبيعة ومعطياتها الجغرافية الثرية، حيث كان مشروع تخرجها مستلهماً من منطقة الفسطاط بالقاهرة القديمة الغنية بالعمق الحضارى والتأثيرات البيئية المتنوعة فى إطار نظرية `الرق الممسوح` المعتمدة على التتابعات الزمنية المتواترة، علاوة على ذلك الفيض الضوئى السخى الذى يكاد يعجن العناصر المرئية مع بعضها ، على التوازى مع تدفق الأداء فوق الأسطح التصويرية المختلفة، قبل أن يتحول الضوء إلى نور سيّال يكاد لايشعر الرائي بتحولاته من الفيزيقى إلى الروحى بسبب سرعة الحركة على السطح الوسيط.. وربما كان هذا المفهوم المبكر فى مشروع تخرج أمانى فهمى منصة إطلاق نحو فضاء رحيب من التأملات الدقيقة فى أبعاد الكون كله وتجليات الخالق بين ثناياه، حيث تلك الخلاصة الفكرية لبناء إبداعى مزيج بين الحسى والحدسى إستغرق اختزاله مايربو على الربع قرن بداية من المنظر الفيزيقى المرئى عام 1990م مع مشروع التخرج التصويرى بالألوان الزيتية على القماش الذى أنجزته أمانى بشكل مباشر كما أشرنا فى منطقة الفخارين بالفسطاط القاهرية القديمة المغزولة بصرياً من البيوت العتيقة والفواخير المشتعلة والمناقد الساخنة والعشش البدائية والأنفاس البشرية الدافئة، وهى التركيبة التى خضعت عند أمانى لقوانين المنظر الطبيعى بأبعاده المنضبطة بين الضوء والظل والمكان والزمان والعمق والملمس.. وأعتقد أن هذه التجربة كانت بداية الحراك نحو حالة من الإختزال للمرئى داخل منطاد روحى أمسى فى نمو مضطرد مع مطالع الألفية الثالثة، حتى أمسى مع مرور الوقت ونضج الأداء التصويرى بين عامى 2016م و 2018م فى الحيز التجريدى البليغ عبر تحول الفنانة لاستخدام الألوان الأكريليكية التى ساعدتها بسرعة جفافها على خلطها السريع مع قصاصات الورق والنباتات الجافة والرملة النقية والغراء اللاصق، وهو ماتجلى فى معرضها `أديم الأرض` الذى أقامته عام 2018م بالقاعة الكبرى بكلية الفنون الجميلة بالزمالك التى تعمل فيها أستاذة بقسم التصوير، حيث بدا هذا النسيج الأديمى جزءاً مرحلياً من العرض الحالى.. وقد ارتكنت أمانى بتقنيتها الثرية فى استلهامها لكيان الأرض إلى التركيز البصرى على الجانب الجيولوجى من خلال تلك المسحات والسحجات والتشققات والتصدعات والتفجرات والرشحات والتبخرات والتسييلات والإشتعالات، مع بعض الكتابات الأثرية التى بدت كالأطلال بعد حضور زمنى ذهب إلى حضن الماضى عبر بعض الضبابيات البيضاء البهية، حيث ظهر ذلك السلاف الأديمى مثل عجينة ناجمة عن مزج التراب بالماء بالضياء، لتظهر الحروف العربية وكأنها نصوص طوطمية شفرية لبعث جديد مغاير للمرئى المحسوس تحت وابل من الزخات النورانية الساقطة من السماء الثائرة التى تكاد تُطبق على الأرض بزلزلاتها واحتراقاتها وتصدعاتها وانهياراتها الجزئية التى استثمرتها أمانى فى غزل تلك التكوينات المتعاشقة من بقايا المُنفجر والمُنشطر والمُتسيل عبر تكوينات موحية للرائى بالقدرة على إعادة صياغة المشهد كله ثانية لبساطة بنائه وعمق دلالاته.. والمدهش هنا هو اعتماد أمانى فهمى على الأفق كعنصر فيزيقى رئيس مستتر لخلق التوازن داخل الصورة، حيث تلقيه فى حيزها التصويرى بشكل إيهامى، قبل أن تتعلق به لتستمر فى ذلك الفعل الناسف لمساحات فى التكوين، بينما تحاول الحفاظ على أخرى من أجل نسج التكامل فى أواصر المشهد بين الحى والأثرى.. بين النابض والميت، فى إطار السعى من الفنانة لاستحضار يوم آخر غير مرئى.. وقد استطاعت أمانى بقدرات تصوفية لافتة أن تشيد على مسطحها التصويرى تلك التواليف البصرية من الحُفر والبُؤر والصخور عبر لونى الأسود والأبيض المغلفين بالصُفرة التى تكسبهما ملامح الأثر الرافد من جوف الزمن كنتيجة منطقية لاستعانة أمانى بتقنيات الكحت والكشط والتسييل على السطح التصويرى من أجل خلق أداء دوامى شديد السرعة داخل سياجات بيضاء، وكأنها تجسد رنين الإنشطار حول أبيار للنور .
- وعبر معادل حسى وحدسى نجد أمانى فهمى تدفع ببعض الندع الحمراء المُستعرة كنواة للإندلاع النيرانى الوشيك مقابل الوهج النوارانى الحاضر، بما خلق حالة من التوازن البصرى والروحى فى المشهد.. وربما ساعد على هذا الشعور التضادى تلك الحركة البندولية المستمرة بين الأرض والسماء، قبل أن تلعب عليها أمانى بالخطوط الرقيقة المغزولة بالقلم الرصاص، بما أدى إلى فيض من الحيوية التصويرية داخل التكوين الذى جمعت فيه بين الأدائين البسيط والمركّب عبر الآلية الدوامية السريعة، تمهيداً لتلك الإنشطارات المتوالية حول أبيار النور.
- وفى نفس السياق نلاحظ أن أمانى فهمى تزيد من وتيرة الحركة المرئية السريعة داخل نسيج تصاوير هذه المرحلة، حيث تلك العلاقة الموجية بين السطحين المائى والسماوى من خلال وضع دوّار يغطى كل مساحة المشهد وكأنها ثورة بحرية يرتفع موجها حتى يطال بطن السماء، بمايشير إلى قدرة الفنانة على الإختزال الرأسى والأفقى معاً عبر ضربات متلاحقة مباغتة من فرشاتها الرشيقة المشبعة بألوانها الأكريليكية التى تفرشها فوق قصاصات الورق المحلى بالكتابة أحياناً، قبل أن تضفر مع السطح بالغراء اللاصق بعض الرمال والنباتات الجافة فى أحيان أخرى، مع التركيز على اللون الأبيض البهى الذى يساعدها على التضفير الزمانى والمكانى معاً خلال لمسات تصويرية محدودة، مايوحى بتلك الحركة الطيفية الكاشفة عن مزج لونى غير مرئى من فرط سرعة الدوران الإيهامى فى المشهد، حيث تتولد طاقة دافعة تخلف وراءها بقعاً منثورة موحية بمستوى الحراك داخل التكوين، على التوازى مع الحضور المستتر لخط الأفق الذى ترتكن إليه الفنانة فى بناء التوازن الديناميكى داخل الصورة المهجنة بكتابات عفوية تبعث من خلالها رسالتها الدالة على الوجود فى بطن الزمن الفائت ببعض اللمسات الحنائية المصفرة، وكأنها تريد الدخول إلى رحم التاريخ الأرضى قبل العودة ثانية إلى براح المسطح التصويرى، فى حضرة موجات من الفيض الأبيض البهى، مع دفع أمانى لفرشاتها إلى الإحتكاك مع القماش من أجل الإيهام بذلك الإنشطار حول أبيار النور .
- الجزء الأول من دراستى النقدية عن تصاوير الفنانة القديرة د. أمانى فهمى تحت عنوان `رنين الإنشطار حول أبيار النور`.
بقلم : محمد كمال
مجلة: الثقافة الجديدة ( العدد 404 )أبريل 2024
|