رنده محمد فخرى محمود قنديل قنديل
سرداب الفنانة رندة فخري في معرض بالزمالك
- افتتح مساء أمس الأحد بجاليري العاصمة بالزمالك, معرض السرداب للفنانة رندة فخري.
في معرض السرداب تطرح الفنانة رندة فخري بأدواتها الوجدانية وتقنياتها التشكيلية والعديد من الحكايات التي تظل لغز وإن حاولنا أن نفسرها ونقرأها من خلال معرضها، ولأن الفنان مجموعة من الإنسان فهو الوحيد القادر على استدعاء واسترجاع أشياء وأشياء دون أن يكشف من هو صاحب السرداب .
قدمت الفنانة مجموعة من لوحاتها التصويرية هي أقرب إلى سرد روائي وحكايات تبحث فيما ترسب في وعى وإدراك الإنسان من خلال العديد من التجارب الحياتية مستندة إلى الخيال الواعي ومن هذا البحث الفلسفي حرصت الفنانة على طرح تكوينات مركبة تكشف عن مايسكن في السرداب النفسي للإنسان الذي يتكون من الوعي وأفعال الوعي وهو متاح للاقتراض منه، إنها قروض إبداعية .
لوحات الفنانة رندة فخري كنز من الحكايات والبعد الإنساني هو المحرك الأول لأعمالها وقدمتها الفنانة بتعبيرية المعالجة والصياغة الفنية التشكيلية لشخصياتها وتقنياتها الخاصة بدءاً من تحضير السطح التصويري وصولاً إلى مرحلة التلوين وإضافة بعض القصاصات المزخرفة .
وعن معرضها تتحدث الفنانة والناقدة الفنية سوزي شكري بأن تمثل الحكايات جزء من رصيد تراكمي حفظ في أدراج سراديب الوعي، نبضات قلوب تحادثنا بين الشخصيات والعناصر، حكايات تسردها في تكوينات تمثل لقاء غرائبي لشخصيات يصعب تحديد هم أحياء أم شهداء أحياء من أجل البقاء وشخصيات تبدو ملائكية السمات تبوح بقدسية المضمون والمثالية والطاقة والشحنة الانفعالية المستمرة والمستقرة, وإن كانت الملامح تشريحيا تعبر عن حالات بين الفرح والحزن ليس الإحالة تعويضية ومحاولة الخروج من مأزق فقدان شئ ما وشخصيات بعضها مضى عليها قطار العمر ولازالت تعانق وتعاند الأقدار والمستحيل والأخرى شخصيات نسائية محيرة لازالت تتمسك بفترة من العمر تخشى الرحيل غفوة وتتمنى إغفال القدر عنها .
وتكمل الشخصيات غموضها بموروثها آخر هو ارتداء جوانتي الأطراف، كل هذه الشخصيات بانفعالاتها وتأثيراتها وضعتها الفنانة فى علاقة مترابطة ومتشابكة بينها وبين عناصر حية حيوانات أليفة القط -الكلب -العصافير -السلحفاة وعناصر أخرى وإن اختلفت الكائنات فى صفاتها إلا أننا نعشق صفاتهم ونصادقهم لأنهم العناصر الوحيدة فى عالمنا التي لازالت نحتفظ ببراءتها .
ومجموعات لونية محدودة في كل لوحات العرض يتزعمها اللون البني الغامض الذي يخيم عليه السكون والصمت والحيرة والقلق بينما يربط بين الشخصيات والعناصر الحية زخارف وردية مبهجة, من أولها نراها زخارف معتادة, وحين نعيد قرائتها نجدها نصوص وكتابات ورسائل مشفرة جاءت على شكل مجموعات من الزهور .
والفنانة رندة فخري من مواليد محافظة القاهرة عام 1975 .
حصلت على بكالوريوس الفنون الجميلة قسم تصوير جامعة حلوان .
حصلت على ماجيستير فى التصوير كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان .
مدرس مساعد بقسم التصوير بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان .
حصلت على الجائزة التشجيعية من المعرض المقام على هامش مؤتمر الإبداع والتجديد في الإدارة العربية جامعة الدول العربية عام 2000.
حصلت على الجائزة الثالثة في معرض الطلائع الرابع والأربعون من جمعية محبى الفنون الجميلة عام 2004 .
ويستمر معرض السرداب للفنانة رندة فخري حتى 29 نوفمبر .
سيلفيا هرمينا
وطنى : 12 نوفمبر 2018
السرداب - معرض جديد للتشكيلية رندة فخري
- من ينتقل إلي المعارض الفنية ، يتملكه إحساس الرغبة في الركون إلي عالم غير عالمنا الأرضي ، عالم كأنه دوحة غناء يعيش فيها حالة من النشوي والراحة بعد تعب الحياة و ضغوطها ، ينتقل زائر معارض الفن التشكيلي لعالم يعرف أن له سحره وأن له أدواته وأن له لغته التي يحسها من يعرفها بل ويدمنها عشقا ، انتابتني كل احساسات المتعة الفنية وأنا أدلف إلي معرض د.رندة فخري تحت مسمي ” السرداب” بقاعة “جاليري العاصمة” بشارع يوسف كامل بالزمالك و الذي يستمر حتي 29 نوفمبر 2018.
تدلف إلي قاعات “جاليري العاصمة”بروعتها، فتري لوحات كأنها قطع الذهب وبللورات الألماس والنفيس من الماس، و تعجب لهدوء و صبر و لين الجانب من الفنانة التي أخرجت هذه اللوحات كأنها شهدا وشرابا للناس، يدخل إلي القلب قبل العقل فيغذيهما معا.
نتوقف أمام عنوان المعرض ” السرداب ” ونظل نعيد الكلمة التي تعني المخزون من شيء ما، المخزون من الذكريات سواء الحلو منها أم غير الحلو، نجد في السرداب أيضا الركون لمكان ناء بعيد عن الأعين وكأننا حيال منطقة مغطاة تبعدنا عن تطفل الغير، و في الوقت نفسه إعلان صريح للغير بأن هناك ابتعادا عنهم في تفاعل ورد فعل.
لقد أجادت الفنانة المبدعة في اختيار الاسم و جعلتنا ندلف إلي السرداب معنا و هي تخبرنا بابتساماتها المعهودة أن نعيش عالم لوحاتها و لن نندم، يتراءي كملمح أول في هذا المعرض حجم اللوحات حجم أبطال اللوحات ، حيث نرى أن الوجوه فيها بهاء وحجمها يستغل مساحات من اللوحات غير قليلة، الأمر الذي نحسه في غالبية لوحات المعرض.
يستوقفنا في الوجوه ملامحها الحلوة و عيونها الواسعة التي تأخذنا إلي تيه السرداب، فنحار في هذا اللون الأسود لون العمق لون الدهليز و نمسك جوانب حيطان المعرض حتي لاتبتلعنا هذه العيون الآسرة والتي وضعت فيها الفنانة الرائعة كل إحساساتها حتي لكأننا نري أنفسنا فيها، إنه الجمال الفني حينما تعزفه يد تلمس نبض العيون و نبض القلوب و نبض الحياة.
يتراءي لنا في الملمح الثاني الزركشات في اللوحات و التي نراها في ملابس بطلات اللوحات وأبطالها، إنه الجمع بين الديكوباج أوفن التزيين وهو فن استخدام الورق القديم لعمل لوحات فنية جديدة (بالفرنسية découpage)، وذلك مع الألوان الزيتية وكأن الفنانة تريد أن تقول لنا أن الحياة في حاجة إلي توظيف أكثر من طريقة وأسلوب فني لنقلها في اقتدار بالغ وبدقة و مهارة واضحين، هذا الفن ” الديكوباج” أضفي في توظيفه الرائع علي اللوحات جمالا علي جمال حتى كأننا نغترف من معين الحياة الذي لاينضب سكاري من روعة اللوحات فننتشي ولانفيق.
أما الملمح الثالث في لوحات الرائعة و المبدعة ” رندة فخري ” فهي لمسها لهمس الحوار الكوني بين مفردات الحياة فنري الإنسان و الحيوانات و الورود الكل ينصهر في السرداب في بوتقة واحدة و تحار بأيهم تبدأ وبأيهم تنتهي فلاتقع عيناك علي أية لوحة إلا وتجد معزوفة موسيقية عزفتها يد الفنانة التي لمست تلك الوحدة بين الأشياء ، فنري ونحن في عجب وفرحة معا القط والكلب و القطط الصغيرة والماعز الصغيرة والسلحفاة و الديك، ثم هناك العصفور الذي يتنشر بين أكثر من لوحة وكأنه طائر من الجنة حط هناك في لوحات السرداب فأضاء الحياة وطبطب علي يد المريضة التي تعاني وهو يهون عليها وخز الحقن في تفاعل قمة في الروعة و الرقة. نقف أمام هذا التفاعل بين الإنسان ومن حوله من عناصر الطبيعة ممثلة فيمن يحبهم ويحبونه من حيوانات و نحن لانريد أن نغادر المعرض أو نتركه لعالم خارجي قاس.
أما الملمح الرابع الذي أراه فيتمثل في شرود نظرات بطلات وأبطال اللوحات وكأنني بالفنانة القديرة تريد أن تقول لنا إن الكل يعاني حتي أولئك الذين في السرداب واتخذت قرار عزلهم عن الحياة.
لقد حضروا و في عيونهم شرود وفي عقولهم انشغال ما . لقد لقطت أنامل الفنانة هذا الإحساس وسجلته بكل ماتملك و كأنني حيال حالة من القداسة والصمت المطبق الذي يتوازي مع صمت المعابد و سكون الطبيعة .
تنتهي قراءتي للوحات معرض الفنانة المبدعة د. رندة فخري ، والذي يأتي تحت مسمي “السرداب” كأنه نور يخرج من قاعات ” جاليري العاصمة ” لينير جنبات الزمالك و القاهرة، نحس حيال ابداع هذه الفنانة المتألقة بأننا حيال قصيدة شعرية صامتة تريد أن تخرج في كلمات فترن كلماتها في النفس ، إنه الفن الذي يأخذ العقل والقلب وتذهب النفس في تفسيراته كل مذهب فألف تحية لمبدعة هذا المعرض الضافي .
محسن صالح
نقطة ضوء : 19 نوفمبر 2018
`رندة فخرى` وقعنة الخيال وتجليات الهياكل المرئية
- ذهب الفيلسوف الإيطالي `بنديتو كروتشر` إلي أن الفن هو تعبير عن عاطفة أو حدس أو شعور، يصدره الخيال والتصور الإنسان بهدف تدشين البهجة والتفاعلية مع العمل، ونقل الإنسان من عالمه اليومي الممل لعالم مثالي مفعم بالجميل والجليل والتسامي. ومال الفيلسوف المجري `لوكاتش` إلى غائية تنحاز نحو تقديم صورة عن الواقع ينحل فيها التناقض بين (المظهر والواقع، الجزئي والعام، المباشر والتصوري) حتى ينصهر ذلك الجانبين في وحدة تلقائية، داخل الانطباع المباشر للعمل الفني، وتقديم شعور بوحدة لا تنفصم. وهو ما تسق مع إشارات الكاتب الانجليزي `اوسكار وايلد` `بأن الحياة تقلد الفن أكثر مما يقلدها` فالأشياء التي ينتجها الفن ما هي الا تحريض ابداعي نتاج الخيال وجسارة المغامرة، ليأتي تمازج الواقع بالخيال الذاتي والموضوعي لتخصيب رؤى وتراكيب بصرية، يتماهى فيها اللون والشكل بعفوية ساحرة.
- وفي مدارات البحث عن الجمال، لا يستمد الإبداع الفني مقوماته فقط من الطبيعة، بل يمتد لانعطافة كبيرة تضم المخيلة الفنية المخصبة، التي تسعي نحو تلمس مراحل فنية أكثر تطورية، واقتحام عوالم غير مكتشفة، وهو ما دلل عليه `أرسطو` حول الارتباطية بين الخيال والتجربة الحسية، وتأكيده علي الخيال كامتداد لنشاط الأحاسيس، وقرين للإبداع عبر (تمازج بين العاطفة، وتجسيد التصورات ولملمة أفكار الفنان وصقلها، وامتلاك الحرفية والوسائط التي توظف ذلك الخيال). ليمتلك بذلك الخيال قدرات وممكنات تسليح ذاتية الفنان بروح المغامرة، وجسارة اقتحام مساحات أبعد من مجرد محاكاة الواقع، لصالح تسامي يعيد صياغة ذلك الواقع من جديد، والتنقيب عن الحقيقة، لإبداع ما هو أكثر من الأشياء وتصدير الروح الجديدة، فلا تستطيع رؤية العالم شاعريا الا إذا أعيد إبداعه من جديد. فالخيال إلزامية للفكرة والعاطفة، وتعضيد لثقل وزن التجربة الفنية.
- وتأتي أعمال الفنانة `رندة فخري` لتتماس موضوعاتها مع الجمهور بصدق جلي، عبر طابع درامي خصب، ونضارة فكرية متجددة لا تعرف لحظات الأفول، فلديها فنا لون بإبداع خاص امتزج بمفاهيمه جادة غير اتباعية، ونشاط روحاني موسوم بالخيال، فتدثرت بمشاهد سحر الشرق والمصرية، حيث اتخذت من التصوير رسالة إنسانية عززتها موهبتها النابهة واستعدادها وثقافتها ومخيلتها المحلقة الحداثية، بدراية الخبيرة الأكاديمية، ووعي ثاقب، وعنفوان وطلاقة إبداعية فذة، ليتبلور تفردها في التماس والتعالقية بكل حواسها وجدانها لعوالم موازية ذات جوانب أسطورية ورؤى فانتازية سامية تنبض بالبراءة، ليدرك المتلقي من خلال القراءة البصرية لأعمالها (غرام الفنانة) بعوالمها، والزمكانية الأسطورية، لتصدير درجات من التباسط والإنسجام والبهجة، والتي تحقق الغائية من أكثر الطرق دون انتقاص ومتاهات وجودية.
- وفي محاولات إثراء الخطاب البصري وعالم الرؤية، أفاضت الفنانة بقوة تموجات متتالية من الدرجات والطبقات اللونية المتراصة والمتتالية، عبر مستويات محددة وهندسة مؤنسنة، ورشاقة الانتفاض من الزوائد والثرثرة الشكلانية والذهنيات المفرطة في أيقوناتها البصرية، للعبور لعوالم هادئة مخصبة بأجواء بريئة طفولية حالمة تمثل بوح الفنانة عن عوالمها الخاصة، عبر لمساتها المفعمة، والتهشيرات الثرية، والتنقلات الدينامية بين الفاتح والداكن في حنايا التكوين. لتتلمس شكلانية مصطبغة بمضمون إنساني عميق، يزاوج في رصانة فيما بين (النورانية- وطاقيه التعبير، وانعكاسها في بدن الخامة والوسيط المستخدم- وتدفق وجريان العاطفة في نسيج الفكرة ونقائها في صورة متوافقة مع أحاسيس ومشاعر الفنانة- والخيط الرفيع بين الخيالي الفانتازي والواقعي- وما بين الخفي الاسطوري المستتر والتجلي الحاضر العاطفي- والصفاء الروح الداخلي والصخب الضجيجي الخارجي- وحضور التجاوب التفاعلي مع شكلانية الأعمال الفنية).
- حكايات تسردها `الفنانة` عبر مخيلة متوقظة، وبحث فكري جمالي رصين، تسرد الفنانة `رندة فخري` روايات حكائية، لإبداع هياكل مرئية مركبة تكشف عما يستقر في السرداب النفسي للإنسان، والتنقيب عما ترسب في الوعي والوجدانية الإنسانية، وتجاربها الحياتية، نوعت الفنانة `رندة فخري` الطبيعة الشكلانية في شروحاتها البصرية، لتنبري شخوص أدمية بملامح تشريحية تعبر عن حالات بين الفرح والحزن، ونظرات ذات تأمل وفكر، وشخصيات إنسانية وملائكية ذوي قدسية في المضمون والمثالية والطاقة، مع طيور وأطفال تعزف الموسيقى مع ألعابها الخشبية، وسط الورود والتوريقات النباتية، وشخوص هائمة داخل عوالم تعج بالسحر والغموض العاطفي، تتحرك فيه قطط أليفة، وعرائس ماريونيت، وبغبغاوات ملونة، وشخوص ترتدي وجوه حيوانية تخفي ملامحها الغامضة، في رونق وبهاء وجمال، كرسالة للتواصل بين كل كائنات الحياة بين الطير والحيوان والانسان.
- فالخطاب البصري للفنانة `رندة فخري` بمثابة خبيئة من الحكايات والأبعاد الإنسانية، وعوالم عاطفية احتمت واستقوت بها الفنانة، فترجمتها برصانة وحميمية وعشق، كمحركات وشاحذات لهياكلها المرئية، في نسق خيالي يعج بالتعبيرية والمعالجات التقنية الخاصة، والصياغات الفنية لشخصياتها، وهو ما ينسج ترابطا وتعاطفا بين رسائل العمل وشعور المتلقي، للغوص في مشاهد إنسانية ملهمة تلقيها شاعرة حكاءه، وفيلسوفة لديها لغتها النبيلة، وعازفة تنثر نغمات موسيقية تنبض بقدره على ترجمة الأفكار، وتكشف لوجهات النظر الجمالية الخاصة التي تدفق نحو غايات فكرية جمالية وتعبيرية مفعمة، كنتاج لتأمل وتشخيص حقائق وجودية، وتفسير للواقع ومكتنزه وأساطيره، بهدف اجترار الفنان لفك الشفرة الأم، والولوج لعوالم باطنية جوانية وطاقات النور، التي تستشرف من خلالها مكنونات وجدانية وزخم روحي صيروري.
- وتأتي قدراتها التقنية والتكنيكية، لتعزز سيطرة `رندة فخري` على الفكرة، وتجسيد الخيال والأحلام والأمنيات، من خلال معزوفات موسيقية عزفتها يد الفنانة التي لمست تلك الوحدة بين الأشياء، وتأسيس سيمفونيات تتردد نغماتها همسا، صاعدة وهابطة، ليصبح العمل الفني لديها مساحة تفاعلية ذات أبعاد حقيقية ملموسة، وإطار مسرحي يسجل سياقات وطبائع ميثولوجية مثقله بالايحاءات، ووشمها بتقنيات جمالية ونسق ادراكي بليغ، لما ترسب وعلق في مخيلتها عن أحوال نستولوجية قديمة، كرؤية موضوعية للحياة والواقع من منظريه الفنانة، وانبثاقيه خوالجها الداخلية بما يعمق بمتانة التشكيل الفني المعاصر، وتخصيبه بالدلالات والمعاني والأسلوبيات التقنية، لتسطير فن يأخذ العقل والقلب وتذهب النفس في تفسيراته.
- فإغترفت الفنانة `رندة فخري` من بحور ومناحي إنسانية دافئة تنطق (بفرح وقهر- وعناء وبراح- وقساوة ولين- وضعف وقوة- واختلاط وانزواء- وحوار وصمت- ووضوح وغموض) مع طيور وحيوانات ونباتات وورود وأشجار ومربعات شطرنجيه، وتداخل وتوالد الترددات والتوريقات الرسومية بصدق مكين، وهمس الحوار الكوني بين مفردات الحياة فنري الإنسان والحيوانات والورود الكل ينصهر في السرداب في بوتقة واحدة، والذي نسجه الهام الفنانة وقدرتها التشكيلية، للانتقال بين الواقع الظاهري للماورائيه والضمنية في عوالم أخرى موازية، والتنقيب عن أبعاد درامية وتصورات ذات طابع فكري نابض وهيم عاطفي حالم، لتصدير أشكال تعبيرية فصيحة وتعبير أيقوني، وسحر يفصح عن خلجات ومشاعر الفنانة، وتأليف عوامل بصريه ناطقة، لإبراز العمل في رونق وجاذبية إبداعية، يتكشف ويتكثف الإحساس بالإيقاع.
- لذا امتلكت الفنانة ملكات العبور إلى ذواتنا وفهم المحيط، في أطروحات ذات تشكيل لوني وبناء بصري داخلي معبر، يتجرد من السياق التمثيلي الحكاء لصالح المغزى والخيال والتحليق الميثولوجي الذي يروض الوسائط لتأطير طاقات تعبيريه وعاطفية وروحية، وكذلك التجريب في المناحي الأسلوبية والتقنية والمذهبية الجمالية متمسكة بمواضيع تعززها الهوية والذاتية، لبلوره أسلوبية ميثولوجية فكرية في ضوء رؤية تنبع من الداخل الجواني ونفسية الفنانة والمحيط العصراني الذي تتعايش فيه، لاستحضار كل ما يقع فيما العوالم الماورائية.
- وكما أشار الأيقوني `فاسيلي كاندنسكي` في مغزى ووظيفة اللون (بأنه الأبجدية التي تترجم العاطفة، والجسر الذي يحمل الأفكار، ويستحضر الماضي) وهو ما تسعى له الفنانة `رندة فخري` عبر انتقائية لمخططات لونية دون غيرها، وتراتيب الألوان الحارة مع الباردة، وشدات اللون، ودرجات تشبعها، ومجموعات لونية ليست صارخة، بل هامسة موسيقية تتسق وشخوص وموضوعات العمل، كنصوص وكتابات ورسائل مشفرة، والحضور اللوني الداعم للشخصيات الرئيسية وتدثيرها برداء الشاعرية، وتسكينها في رسوخ داخل فراغات أثيرية حالمة، ووميض التوريقات النغمية عبر درجات لونية رهيفة مشربه بنثرات من النورانية والإشراق.
بقلم : د./ حسان صبحى على حسان
مجلة : `مصر المحروسة` 31-12-2024
|