`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
محمد عباس محمد
`حنين`.. لوحات وخيال محمد عباس
- من معرضه بقاعة ` الباب `
- (فكر دائما فى اللون.. واستعن دائما بخيالك)!!.. لا يوجد أفضل من تلك العبارة التي قالها فنان اللون (هنرى ماتيس) للتأكيد على أهمية اللون فى العمل الفنى.. بما يحمله من مغزى ودلالة، واللون بكل أنواعه ودرجاته هو وسيط الفنان ووسيلته للتعبير والتوصيف، والفنان بطبيعته هو أكثر المخلوقات حساسية فى التفاعل والتعامل.. حيث يدرك (عقله) التفاصيل ويرصد (بصره) المتغيرات.. وتستشرف (بصيرته) التحولات الثقافية/ والاجتماعية/ والأيديولوجية حتى قبل حدوثها أحيانا!!.
- وفى هذا الإطار جاء معرض (حنين) للدكتور محمد عباس الذى أقيم فى قاعة (الباب/ سليم) وافتتحه الدكتور وليد قانوش رئيس قطاع الفنون التشكيلية، وتظل أعماله الفنية هى مذكراته الملونة التى يسجل بها طموحاته واحلامه للمستقبل، ورغباته المباحة أحيانا والممنوعة احيانا اخرى، وعندما يشرع هذا الفنان فى الرحيل.. ويحمل فرشاته والوانه ودفاتره داخل حقيبة السفر، وعندما تدفع الريح شراع السفر الى غربة طويلة تمتد لسنوات طويلة يعبر خلالها النهر والبحر.. لكنه رغم كل ذلك يحمل معه فى لاوعيه نسمات الربيع.. وضحكات الصبايا.. وشقاوة الأطفال.. وذاكرة الأماكن.. وزقزقة العصافير فوق أشجار الصفصاف على ضفاف نهر النيل.
- عندها يتحول الوطن الى لون.. ويصبح العمل الفنى أيا كان موضوعه هو حالة من احالات الحنين الى تنهدات المهد، وتصبح كل لمسة فرشاة، وكل بقعة لون، وكل خط ومساحة.. وكل شكل هو رمز بصرى/ فنى/ سحرى محمل بالجماليات ومولد للدلالات، وعندها يصبح كل عمل فنى هو جزء من يوميات الاشتياق والحنين.. وجزء من دفتر أحوال هذا الوطن!!.
- من قوانين الطبيعة المعروفة أن التراكم (الكمى) يؤدى بالضرورة الى تغير (كيفى) ونوعى، وهنا يصبح كل عمل فنى هو خطوة صحيحة على الطريق الصحيح تحدث نوعا من تراكم الخبرات الفنية والمعرفية والجمالية بل والانسانية أيضا.
- وفى هذا السياق يأتى هذا المعرض الاستعادى لأهم ملامح التجربة الفنية والإنسانية التى تمتد الى عقود طويلة، يقدم خلاله خلاصة القصة وخبرة التجربة، ليحكى قصته الجمالية والبصرية مع الفن منذ ميلاده سنة 1960، وشغفه بفكرة الفن الذى سيطر عليه ودفعه لدراسة الفن فى كلية الفنون الجميلة 1983.
- وخلال هذه التجربة الطويلة كان له بالطبع العديد من المعارض الفنية الخاصة، والعديد من المشاركات الفنية داخل مصر وخارجها خصوصا فى دولة الأردن الشقيق الذى عمل هناك لسنوات طويلة فى جامعاتها، جامعة الزرقاء/ جامعة فلادلفيا/ جامعة الزيتونة.
- كما يتمتع بعضوية معظم المؤسسات الفنية والثقافية فهو عضو نقابة الفنانين التشكيليين، وعضو اتيليه القاهرة للفنانين والكتاب، وعضو جمعية محبى الفنون الجميلة، كما له العديد من المقتنيات لدى بعض الشخصيات والمؤسسات العامة والخاصة داخل مصر وخارجها.
- ومن أهم المراحل فى تجربته الفنية هى مرحلة (الأبيض والأسود) التى استغرقت الجزء الأهم فى بداياته الفنية. كيف يمكن لشاب فى مقتبل حياته أن يرى الحياة من خلال منظور لونى ثابت قائم على درجات الأبيض والأسود فقط؟ فى الحقيقة أنها رؤية النساك والمتصوفة التى ترى فى تباينات الأبيض والأسود كل ظلال وألوان الحياة. فكل الكون قائم على تلك الثنائيات المتقابلة التى تصنع حالة من التكامل وليس التضاد.. مثل الليل والنهار/ والخير والشر/ والحياة والموت/ والين واليان.. الخ.
- وتتراوح معظم هذه الاعمال ما بين الرسم بأقلام الرصاص أو بعض الأحبار، لصنع حالة من احساس الدراما البصرية من خلال درجات الظل والنور، مثل لوحة (مراكب المنيب) ولوحة (القاهر الفاطمية) التى تصنع درجات الظلال وتباينها قوة البناء والتكوين. والمجموعة الثانية فى مرحلة الأبيض والأسود كانت مجموعة اعمال من الجرافيك والحفر على المعدن/ زنك وغيره من الخامات.
- والتحدى الفنى هنا هو كيفية صناعة مشهد كامل وتخيله واتقان صنعه من خلال تقنية السالب/ والموجب، احيانا تحفر المشهد السالب ليظهر الموجب وأحيانا العكس، انها اجراءات تقنية وتنفيذية متعددة ومعقدة تحتاج الى درجة عالية من الوعى والفهم والاستيعاب.
- بالإضافة الى اللوحات التى استلهمها من عبق التاريخ فى مناطق القاهرة التاريخية مثل شارع المعز لدين الله الفاطمى ومنطقة الناصر قلاوون.. وغيرها حيث يتحرك التاريخ أمامك وتتداخل الأزمنة والأمكنة فى علاقات تشكيلية تصنع حالة من الدراما البصرية.
- ومن أهم المراحل فى تجربته الفنية هى المرحلة الملونة التى استغرقت معظم سنوات الجزء الثانى من مشواره الفنى، وهى ان ترى الحياة من منظور ملون، وبالطبع عندما ترغب فى اختبار تحدى اللون والولوج لعالم الألوان الساحر.. فلن تجد أكثر من عالم الأسماك الزاخر وعالم اعماق البحار لما فيه من ثراء لونى وتنوع نوعى لانهائى من الألوان والأشكال المثيرة والملهمة لخيال كل فنان.
- حيث تمثل اعماق البحر البعد الأسطورى الغامض.. والصراع من اجل البقاء، وحيث البقاء للأقدر على التكيف والتعايش فى ممالك وعوالم مجهولة ومسحورة مثل قصص واساطير الف ليلة وليلة التى كانت تتخيل الحياة فى اعماق البحار ، وكيف أنها على شكل ممالك لها ملك وملكة وجنود وحكام واحكام!!.
- وهنا يمكننا ان نتفاعل مع العديد من أعماله الفنية التى استلهمها من عالم أعماق البحار الغامض والمجهول، والتى اعتمد الفنان محمد عباس فى بناءها على الألوان المائية.. أو ذات وسيط مائى مثل ألوان الأكريليك/ والأكوريل، وهى الوان ذات شفافية لونية وضوئية خاصة، فى محاولة لصنع حالة من الثراء التشكيلى/ البصرى على سطح العمل الفنى.
- وحتى تكتمل الرؤية فى التجربة التشكيلية والجمالية للفنان محمد عباس فلابد من تأمل مرحلة وتجربة رسم (الزهور) لدية، وهى من المراحل الثرية جدا لديه حيث استلهم شكل ورمزية الورود والزهور فى العديد من الأعمال الفنية، فى تماهى بصرى مع العديد من التجارب الفنية - المصرية والعالمية - حيث استلهم العديد من الفنانين أشكال الزهور فى بناء أعمالهم الفنية، مثل فان جوخ وجوجان ومونيه.. وغيرهم.
- لأن لغة الزهور هى لغة عالمية يفهمها القاسى والدانى حيث تعبر الزهور عن أكثر من بعد:
- البعد الأول: هو البعد الجمالى/ البصرى حيث تمثل الأزهار جماليات اللون واشراقات الطبيعة فى أزهى صورها.
- والبعد الثانى: هو البعد السيكولوجى حيث تمثل الزهور مدخلا للتنفيس عن المشاعر والأحاسيس، وتصنع حالة من التوازن النفسى والذهنى.
بقلم : د./ خالد البغدادى
جريدة: القاهرة 22- 8-2023
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث