هيثم محمد عبد الحفيظ محمد
هيثم عبد الحفيظ يعرض `الحقيقة ` فى الأتيلييه
- جاءت لوحات المعرض من أعمال التصوير التجريدية فى المعالجة الفنية والتعبيرية المتمثلة فى ثورة وتمرد الفنان على كل ما هو واقعى حاملة شحنة انفعالية تشكيلية ترجمها الفنان بأدواته الفنية، وصبغها وجدانيا بمفردات تشكيلية تؤكد مدى عمق التشابه بين مشاعر الفنان التشكيلى وبين مشاعر المتلقى، كلاهما يحاول الكشف والبحث عن حقائق الأشياء .
- الجانب التشكيلى التجريدى الذى تميزت به الأعمال يهدف إلى إعطاء المتلقى دورا أساسيا فى قراءة العمل الفنى بمشاركته الحسية وليس بتفسر الأعمال حرفيا مستخدماً ضربات الألوان والمساحات والمفردات التى تقدم عملا فنياً مستمراً بلا توقف، يحمل مقدارا من الحيوية والنشاط الحركى .
- قدم الفنان عناصر لوحاته من خلال المفردات متناثرة ومنسوجة ضمن الألوان ورسمها بطريقة خطية بسيطة منها شكل الهرم الهندسى الفرعونى الذى يرمز لحالة استقرار ورسوخ المخزون التراثى الذى لا تتلاشى قيمته من عقل وإحساس الفنان والمتلقى، واستخدم عناصر أخرى تقترب من أشكال الطبيعة من نخيل ونبات وزهور مختزلا تفاصيلها، هذه المفردات الرمزية الهندسية والنباتية تعتبر تمثيل للكتابات غير مفهومة لغويا، ولكنها تمثيل لنصوص تعبر عن سيناريو من الحياة الاجتماعية والإنسانية، وعدم توضيح أى معانى لهذه النصوص دلالة منطقية وذهنية من الفنان على وجود الكثير من الحقائق والسيناريوهات الحياتية التى يرفض استيعابها وتصديق حقيقتها .
- وأكد الفنان هذا المعنى فى رسم هذه الرسوم فى منطقة ظل معتمة تماما ثم رسمها فى مناطق ضوء صارخة مما يؤكد رأى الفنان حول أن للحقيقة أوجه كثيرة .
- أما القيمة الجمالية فى الأعمال فنجدها متمثلة فى ضربات الألوان والمساحات اللونية عميقة المعانى والتى تحمل أبجدية لونية متفردة، ونجد أن الفنان أبتعد فى أعماله عن التدريج اللونى الملحوظ والمعتاد، ولم ينشغل بالتعددية اللونية والدرجات واهتم بالإضاءة التى نبعت من دلالة اللون النفسى والسيكولوجى فقدم اللون الأسود معبرا عن حالة الصمت تمثيلا للحظة سكون وترقب مقصودة تحدث بالفعل بين الإنسان وذاته، واستخدامه للون الأحمر النارى المتمرد هو البطل الرئيسى فى أغلبية اللوحات، فجاء اللون الأحمر فى بعض الأعمال درجة من درجات الإضاءة المباشرة اللحظية، وجاء نفس اللون الأحمر فى لوحات أخرى عبارة عن مساحات مباشرة قوية ،وكأنها عناصر تتسابق لكشف الغامض واستخدم اللون الأصفر كمنشط بصرى للمتلقى ومن منطلق ميتافيزيقى، وارتباط كل من المتلقى والفنان بالأفق والسمو على العالم المادى، استخدم الفنان اللون الأزرق فى بعض اللوحات فى تعبير عن علاقة روحانية عميقة وحميمة .
سوزى شكرى
مجلة روزاليوسف - 2010
فى معرضه بجاليرى` سماح` : هيثم عبد الحفيظ يلتقط صوراً لوجوه من الحياة مقاس 6×9
- يعتبر الوجه الإنساني أحد مصادر الرؤية الفنية التي شغلت اهتمام الكثير من الفنانين على مر العصور حتي يومنا هذا ، فقد عبر كثير من الفنانين عن الوجه بطرق وأساليب ذات أبعد تشكيلية وتعبيرية مختلفة ` تتضمن سمات مادية تشكيلية ومعنوية تعبيرية تتمثل في ملامح الوجه ، وما يحمله من تعبيرات لحركات عضلية متنوعة تعطي دلالات نفسية مختلفة ` ، وذلك لأن طبيعة الوجه التي يتميز بها ما هي إلا وليدة عوامل شعورية تتفاعل داخل الإنسان فتتأثر ملامحه وتتطبع أثارها عليه فتارة تكون حزينة وتارة آخرى هادئة ، وبذلك تفصح الأعمال الفنية القائمة على توظيف الوجه كمفردة تشكيلية عن الكثير من المعاني التعبيرية التي تعكس مشاعر وأحاسيس الإنسان . وعند تتبعنا لهذا المجال عبر العصور لا يمكن أن نتجاهل ما قدمته في مجال الصورة الشخصية فنون الحضارات القديمة ، والتي تركت عظيم الأثر في مجال فن التصوير ، حيث تضمنت معالجات وتقنيات وأساليب نبعت من مفاهيم مختلفة ميزت كلا منها على حدة ، وأضفت عليها سمات تعبيرية وقيماً تشكيلية متنوعة ، إلا أن الصورة الشخصية في العصر الحديث لاقت اهتماماً كبيراً لما فرضه هذا العصر من تطور تكنولوجي كان له دور مهم في مجال الفن عامة والتوصرير بصفة خاصة ، بتطبيق الأساليب العلمية الحديثة في التصوير ، بتعميق الفكر التجريبي ، الذي يثرى جوانب الرؤية الجمالية وينمي الفكر الإبداعي وظهرت العديد من المعالجات الفنية ، منها الكولاج ، والرسوم الجاهزة والمطبوعة ، من خلال المدارس الفنية كالتكعيبية ، والدادية والسريالية والتجريدية.
- وفى معرض الفنان دكتور هيثم عبد الحفيظ بجاليري سماح بالزمالك شاهدت هذا المعرض المنفرد للفنان هيثم ، هو لم يتخل عن أسلوبه في حركة الفرشاة وانفعالاته المسترسلة دون توقف ، فهو يطلق العنان لفرشاته بلمسات رقيقة وأحياناً عنيفة ، محاولاً تحديث معالجاته الفنية عند تناول الوجه فنرى أعلى درجات التعبير في الملامح والتي تتلاشى رويداً حتى تصل لمجرد ضربات لونية متحررة من الشكل فهي وجوه بلا ملامح كأنها أرواح انخلعت من أجسادها ، لتسمو فوق السطح الورق الأبيض ، أن هذا الزهد الفني الذي نراه لم يأت من فراغ بل آتى من تجارب الفنان الحياتية المحيطة به من كل جانب للوصول للحظة الكمال ، فتلك الوجوه تنطوي على تعابير من الفرح وشقاوة الطفولة وبرائتها ، والغضب والشقاء والصمت ، إنها وجوه طيبة تجمل من جينات الفنان تلك الملامح المستسلمة في سلام تستقبل ما في الحياة بكل رضا رغم كل هذه الأنفعالات ، ويظهر ذلك التباين الفكري والفلسفي والتقني معاً في تجربة تتبع من تجربة الفنان الإنسانية في الفن والحياة ، فهو هنا لا يبالي بالبحث عن حلول تشكيلية أو افتعال لضربات الفرشاة التي تفصح عن مكنونه النفسي في تلك اللحظة الحاسمة أمام ذلك السطح الأبيض النقي ليخلق عالم جديد ملئ بتلك الوجوه الصادقة التي يكتفي بوجودها في عالمه الخاص وهم أصدقاؤه المخلصون ، هو يذكرني بوجوه أوسكار كوكوشكا ونولدة وكيرشنر وتعابيرها الإنسانية وقام الفنان بإختيار الوجوه التي تقف أمام عدسة المصور الفوتوغرافي والتي لا تستطيع الكدب في تلك اللحظة التي يلتقط فيها المصور روح الشكل خلسة دون أن يدرك المائل أمامه تلك اللحظة ليظهر بحقيقته دون تكلف أو افتعال ، فيبحث الفن في هذه الوجوه عن نظير تشكيلي لأحاسيسه الداخلية ، سواء الشعورية أو اللاشعورية ، ولإستجابته لمدرك معين ، فهو يترجم الموضوع الذي يعمل فيه إلى صفات حسية ليس لها وظيفة المحاكاة في الشكل وإنما يعمل على أن يثير إحساساً مماثلاً وليس صورة مماثلة . هو يبني واقعاً مثالياً خالياً وهو في بعض اللوحات التي تنزع للشكل التجريدي يطرح ذاته المتمردة على الواقع الهش ، وفي نفس الوقت هو يحاول أن يثير استجابات جمالية للعلاقات الشكلية البحتة بين المساحات والأبعاد والخطوط والألوان ، ويعرف هذا الأسلوب أحياناً بأسم الأسلوب المطلق وفي هذه الحالة يكون التكوين الفني بعيداً كل البعد عن التشابهه مع أى من الكائنات المعروفة.
- التعبير:` التعبير هو الإفصاح عن المعاني بلغة الشكل وكل جسم له معنى والأجسام حين تتجاوب بعضها مع بعض أو تحتك تولد معان ، هذه المعاني مرتبطة بطبيعة الأجسام من حيث إنها كيانات ملموسة يمكن أن تحس بالملمس وتدرك بالرؤية . فالتعبير في الفن التشكيلي هو تأكيد للغة الأشكال ذاتها والغوص فيها ، وتفتيتها أحياناً دون اكتفاء بالمظهر الخارجي ، بل لعل المظهر الخارجي كان معوقاً للفنانين عن أن يعبروا بصدق عن طبيعة تلك الأجسام التي كانت تحوم حولهم في الحياة ، لذلك ظهرت الحركات الفنية : كالوحشية والتكعيبية والتجريدية والسريالية وفن خداع البصر ، وغيرها من الحركات الفنية كرد فعل للسطحية التي كانت شائعة للأستجابة للطبيعة بمحاكاتها محاكاة حرفية `.
بقلم : د./ أحلام فكرى
جريدة : القاهرة العدد (1116) 7-12-2021
|