`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
أشرف محمد محمود الزمزمى
بزوغ معرض أشرف الزمزمى فى جاليرى `سفر خان`
- وسط موسم لا يشهد عمقا حقيقيا فى الإبداع
- بعد الموسم التشكيلى الحالى ونحن فى بدايته بمثابة ظاهرة لم تحدث من قبل، فالمشهد أصبح أكثر اتساعاً أفقياً من حيث الزيادة العددية للقاعات الخاصة بشكل زائد عن الحد مع امتداداتها من نقطة الزمالك إلى 6 أكتوبر والشيخ زايد والتجمع الخامس ومصر الجديدة، ومعظمها فقدت بوصلة الطريق فى معنى الفن فلا تحمل مفهوماً أو استراتجية للعرض، وهنا اهتز المستوى العام.
- اسهم فى ذلك تكرار أسماء العارضين بشكل دورى، وارتبط الفن التشكيلى بثقافة `الفيس بوك` ومواقع التواصل الاجتماعى من الضجيج الإعلامى، كما زاحمت الصور الجماعية و`السلفى` للأعمال الفنية بشكل احتفالى كبير جعلها الغاية والهدف فى أحيان كثيرة.
- وبين الصعود والهبوط تنوعت المعارض وامتدت من الفردية، إلى معارض ضمت أعمال أربعة فنانين أو خمسة وأخرى جماعية تضم عشرات الفنانين على اختلاف مجالات الإبداع بين التصوير والنحت والرسم والخزف، والغريب أن هذا الحراك والتدفق التشكيلي على كثرته يعد مجرد حالة من الفوران تبدو على السطح لا يقابها عمق حقيقى فى الإبداع.
- ومن بين قلة تميزت بالحضور والتألق، جاء معرض الفنان أشرف الزمزمى فى جاليرى سفر خان، ويرجع السر فى هذا إلى طاقة الفنان التعبيرية وبحثه الدؤب فى لوحة التصوير دون تعجل، ما جعل التغير والانتقال من حالة تعبيرية لأخرى ملموساً فى أعماله.
- الوحدة والعزلة
- فى عام 2019، أقيم معرض الفنان بعنوان `الوحدة` وهو يمثل عمق التعبيرية التى يقفز فيها الفنان بمشاعره وأحاسيسه فى فضاء التصوير انعكاساً لما تثيره الأشياء وما يرى من أحداث تتفاعل بداخله، تعبيرية مفعمة بالروح نابعة من الوجدان، كل لوحة حالة، وكل حالة إيقاع.
- كل شخصية بنحافتها واستطالتها غارقة فى ذاتها محاطة بما تبدو عليها من عزلة مع ما يحيطها من رموز وعناصر من الطائر والسمكة والفراش والدواب مع البيانو الذى يمتد أمام لوحة العازف وحوارات الشكل الهندسى الذى يجعل من كل لوحة نسق وتشكيل، وإيقاع يتأكد بمنظوماته اللونية التى ما أن تهدأ حتى تصدح وتتوقد فى سطوح صافية وأحيانا تخفت فى شحوب تاكيداً على حالة من الحزن.
- ويلجأ إلى الرمزية كما فى لوحته `الرجل والمرأة`، وما بينهما من طائر جارح أبيض لا يحمل من الوداعة سوى لونه البرئ.
- ولا تخفى فى تلك الجسارة والجرأة اللونية مع استخدامه للأصفر فى رداء المرأة أمامية اللوحة وفى الخلفية مع وجوهه الزرقاء والخضراء والشمس الرمادية المعلقة فى الأفق، ويظل من ملامح فنه هذا التوازن الشديد فى التكوين والتلوين وتضافر العناصر العضوية وتألفها مع السطوح الهندسية.
- التجريدية التشخيصية
- فى معرض الفنان الزمزمى الذى يضم أحدث أعماله تبدو الانتقالة النوعية فى مزجه بين العبيرية والتجريدية من الإسقاط الفورى والتعبير الإنفعالى.
- وبالنظر إلى كل تجليات وإشراقات الفن التجريدى من التجريدية التعبيرية عند `كاندنسكى` صاحب كتاب الروحية فى الفن، و`هارتونج` بمداعباته اللونية مع الأسود، و`إيف سولاج` والأسود الديناصورى، و`فونتانا` الذى تمرد على الفضاء التصويرى بشق التوال، و`إيف كلاين` الذى اختار الفضاء السماوى الأزرق المحيط بالكوكب فكان أيقونته اللونية، والتصوير الافعالى عند `بوللوك`، ودرامية التجريد عند `روشنبرج`، ومشاغلات الأجر والأزرق فى فضاء التصوير لـ`ديكوننج`، ومن الإيقاع الهندسي عند `ماليفيتش` و`موندريان` وحتى `فاساريللى` وإلى التجريد الإيهامى عند `آل هيلد` وفرانك ستيلا صاحب الإيقاع الهندسي متعدد الألوان، فقد اتخذ الزمزمى اتجاهاً ينتمى إلى عالمه وتعبيره الخاص فى مساحات صرحية متسعة.
- واتسمت مساحات الزمزمى بلمسات خاطفة ومسطحات هندسية بتلقائية فى دنيا من الألوان تتجاور وتتواصل، تهمس وتشدو وتتحاور فى توهج من الأحمر النارى والأصفر المضئ ةالأوكر، والأخضر الزرعى والعشبى الداكن والزيتونى والكريم والرمادى مع الأسود بلمسات طازجة خشنة.
- وقد يعمد فى بعض الأحيان إلى التجريد اللا موضوعى أو اللا شكلى الخالص والخالى من المشخصات، لكن فى معظم الأعمال تبدو الغلبة لتلك السطوح اللونية مع أطياف تشخيصية محددة، وبنفس منطق المسطحات، إذ ربما امرأة أو رجل فى حالة استرخاء بشكل أفقى فى إطار منظومة المساحات، ورجل على مقعد هزاز مع عناصر محدودة من كنكة وفنجان فى حالة بين الوحدة والاسترخاء.
- ويلجأ الزمزمى إلى الإيهام حين لا يبدو فى أحدى اللوحات سوى جزء من فتاة مع اختزال الجزء العلوى عندَ قطع اللوحة من أعلى، بينما نجد روح الطبيعة وملامح معمارية أقرب إلى طيف لمدائن وأبراج.
- وهناك أعمال يبدو فيها أكثر اختزالا تنتمى إلى الرمزية، مؤكدا العزلة، وكنا نرى مركب فى بؤرة اللوحة منفردة فى اتساع وسط مساحاته اللونية، وسمكة تطل من لوحة عائمة فى بحر الألوان بين السطوح ذات نسق واضح وحيدة مختزلة بالرمادى.
- فى أعمال أخرى يضئ على شخوصه التى تبدو أكثر فى درجة من الوضوح برمزية فى اللون والتكوين كما فى لوحة `السيدة فى الحديقة` التى تتناغم فى اللون بين الأفقى والرأسى، حيث تقف فيها امرأة باستطالة وانسياب أقرب إلى روح موديليانى على خلفية من مسطح أخضر وهمسات لونية من البرتقالى والأبيض فى دوائر وكريات.
- ويظل هذ المزج بين التجريد والتشخيص من الهمس إلى الصوت الجهير فى اللون والتعبير مثلما نرى فى سيدة بالوشاح المنقوش الداكن، حيث تتأكد فيها العناصر من حوض الماء وقطع السيراميك على الحائط، وكأنه يشبع رغبة المتذوق فى الوصول إلى المعنى وكشف الغموض فيما رأى من أعماله شديدة الاختزال.
- وجوه حواء
- وإذا كان فن البورتريه `الصورة الشخصية`، يعد مساحة متسعة تألقت بطول التاريخ وهو يتجاوز الإطار الخارجى للشخصية بما يجعله تعبيراً عن تلك الإنفعالات الداخلية التى تسكن بداخل صاحب الصورة ارتباطا بحساسية الأداء وعمق التعبير، فهو يجسد حالات وآفاق وملامح من الروح والصورة إلى الشكل والمعنى.
- فقد قدم الفنان الزمزمى مجموعة من الصور الشخصية المتخلية لحواء بخطوط شديدة الاختزال تقترب من فن الحد الأدنى ينساب فيها الخط بدقة ورقة يحدد الشكل بلا زوائد مع اختلاف النظرة والإيماءة، ومع لمسة الحداثة تبدو الخلفية أقرب إلى المنظر الطبيعى بأسلوبه الرشيق ولمساته المختزلة يذكرنا بما كان يفعله فنان عصر النهضة من تصوير المناظر فى خلفية الصور الشخصية مثل لوحة `الموناليزا` لليوناردو دافنشى.
- تحية إلى الفنان أشرف الزمزمى بعمق التشكيل والتعبير والبحث فى فضاء التصوير.
بقلم : صلاح بيصار
جريدة : القاهرة 13-12-2022
`فى معرضه فى سفرخان: أشرف الزمزمي العائد من اغتراب `الوحدة
- ألوانه صريحة جدا يضعها بلوحاته بتمكن ومهارة ويجيد توزيعها والخلفية غنية بتنوع يذكرنا بأعمال الفنان النمساوى `جوستاف كليمنت`.
- بعد غياب دام قرابة العشر سنوات نجد جاليري سفرخان يستعيد الفنان `أشرف الزمزمي` لعالم الفن لتعرض لنا مجموعة متميزة ومتنوعة من أعماله بعنوان `الوحدة` ويقول الفنان عن أعماله `أبحث عن صياغة معاصرة للفن المصري وما نحمله من ارث غني ومتنوع من الفن القبطي والأغريقي والأفريقي وأيضاً الفن الغربي`.
- أشرف الزمزمي هو فنان مصري ولد في 1967 حاصل على بكالوريوس فنون جميلة 1990 بالمنيا، ودبلومة تذوق فنون البيئة 1990 وهو فنان تشكيلي متفرغ، يندرج اسمه ضمن موسوعة صالون الشباب الجزء الأول إعداد دكتور صبحي الشروني 1994 وأيضاً بالجزء الثاني إعداد الناقد محمد حمزة 2002 إصدار قطاع الفنون التشكيلية .
- بعد غياب الفنان الزمزمي يعود من خلال قاعة سفرخان بمجموعة من الأعمال التي تجمع بين الماضي والحاضر من ذكريات تجمع بين الجو العائلي وأحياناً الوحدة والعزلة، قد تجدها ذات أسلوب ساخر مسرحي وملخصة مستخدماً الألوان الزاهية والساخنة ذات المساحات الواسعة للخلفيات الغنية بالألوان المتنوعة رغم أنها على تونات واحدة ما بين الأزرق والأخضر الفيروزي والبرتقالي والأحمر، مما يذكرنا بأعمال الفنان `ماكس بيكمان` والتي نجد بها علاقة إجتماعية ذات عزلة تحمل إحدى سمات الحياة مثل الحب.. العزلة، المرض.. وما شابه من تلك الأمور التي تكشف أعمق ما لدى الإنسان من أحاسيس ومشاعر إنسانية منفردة ومتوحدة. إلا أن لوحات أشرف أكثر هدوءاً وسكينة وليست مزدحمة العناصر.
- ونجد الخط المقطر يأخذ إهتماماً كبيراً بأعماله ذات ألوان زاهية نقية مستخدماً مساحات ممتدة بلوحاته، بوصفها تحمل شحنة إنفعالية تعبيرية، وتجد ألوان الوجوه لا ترتبط بالواقع ولكنها من إحساسه الداخلي مستبعداً كل ما هو أكاديمي حيث لا يسمح بوجود أبعاد متتالية في الخلفية بل يعطي اللوحة في جميع أجزائها نفس الأهمية من حيث التركيب الشكلي لها. ويعمل الزمزمي بحس عاطفي أكثر منه هندسي. ألوانه صريحة جداً يضعها بلوحاته بتمكن ومهارة ويجيد توزيعها.. والخلفية غنية بتنوع يذكرنا بأعمال الفنان النمساوي `جوستاف كليمنت` إلى حد ما، وأشخاصه بها مسحة كاريكاتورية ولكن بشئ من التكعيب خارجاً عن الأوضاع الكلاسيكية التي تقوم على تسجيل معالم الجسم والطبيعة، تسجيلاً دقيقاً فقد ركز الزمزمى على دراسة الأجسام ورسمها والمبالغة في انحرافات بعض الخطوط أو بعض أجزاء الجسم وحركته، كما يعمل على إظهار ملامح وتعابير الوجوه والأحاسيس النفسية للأشخاص مستخدماً الألوان التي تبرز إنفعالاتها، فهو يعيد بناء العناصر الطبيعية والتي تثير المشاعر، مستخدماً المدرسة التعبيرية وهي من أهم المدارس التي تمثل إحدى مراحل تطور الفن التشكيلي وتغيير خطوطه تبعاً للتغيرات الإجتماعية والثقافية التي شهدتها الشعوب الأوروبية في تلك المرحلة وهي شبيه بما نمر به اليوم في العالم العربي. يتعامل الفنان هنا مع عناصر الصورة جميعها بإهتمام واهمية متساوية لتتشارك البطولة دون أن يغلب عنصر على آخر سواء من ناحية الحجم أو الهيمنة اللونية مستبعداً بذلك النواحي الموضوعية في العمل الفني، بل يترك كامل الحرية للمشاعر والعواطف والأحاسيس لتعلب دروها في العملية التعبيرية على سطح العمل، وليس لديه بؤرة مركزية، بل يهتم بالعلاقات الجمالية التي تبرزها تلك الأشياء من خطوط وألوان ومساحات وغيرها.
- فهو في المقام الأول يعبر عن الحالات الذهنية التي تثيرها الأشياء والأحداث في المذاكرة. رافضاً مبدأ المحاكاة الأرسطية لحذف صور العالم الحقيقي بحيث تتلاءم مع هذه الحالات معبراً عن ذلك بالألوان وتشوية الأشكال، واصطناع الخطوط القوية والمتناقضات المثيرة. مستخدماً مساحات لونية لإيجاد تأثيرات إنفعالية بأسلوب فطري ذات حرية في تغير هيئة العناصر والأشكال الطبيعية مهتم بالمضمون والإرادة وتجربته الداخلية، إستجابة للحاجات الباطنية النفسية وليس للقيم اللونية والموضوعية والعلمية كما كان يعمل التأثيريون.
بقلم/ شيماء العطيفى
جريدة: القاهرة 26-3-2019
الرسام الملون: أشرف الزمزمى وما بعد الحداثة
.. الفنون الجميلة أو التشكيلية من حيث هى لوحات وتماثيل وعمارة وما يتفرع منها من اجتهادات شأنها شأن فنون الأدب والشعر والموسيقى والمسرح والسينما، لها رواد وطليعة.
يندرج فى قائمة الرواد فئتان: رواد بحكم الزمن وآخرون بحكم الابداع، ومنهم من يجمع بين الحسنيين كالمثال محمود مختار (1891 ــــ 1934) الذي كان أول من استأنف مسيرة فن التمثال فى مصر بعد أن توقفت تماما عقب انقضاء العصور الفرعونية.
كما كان رائدا بحكم الأبداع حين جمع بين التقاليد الاستطيقية للتراث المصرى القديم والأساليب التعبيرية المعاصرة، التى عايشها فى أوروبا فى الربع الأول من القرن العشرين. أما الرسام الملون: أحمد صبرى (1889ــــ 1955) فهو رائد فن البورترية (رسم الوجوه) بحساب الزمن. إذ أنه أول مصرى تخصص فى هذا الفن الذى كان حكرا على الايطاليين والفرنسيين المقيمين فى مصر..
أما الطلائع فهم الشباب ذوو الموهبة المتوهجة، الذين يسلكون طرقا وعرة مستندين إلى أصالتهم وصدقهم وقدراتهم الفطرية واحساسهم المرهف بالمجتمع والتراث، والرغبة العارمة فى التعبير الحر. تلك الخصال التى لم تفت فى عضدها القوالب التى تفرضها الأكاديميات التى تخرجوا فيها. هذه الطليعة تبدأ مشوارها عادة بلا تقدير أو متابعة من وسائل الاعلام المسموعة والمرئية، حتى يكتشفهم النقاد وينفضون عنهم الغبار ويزيحون الستار. ويحدثنا التاريخ عن مأساة الفنان الهولندى: فنسنت فان جوخ (1853 ــــ 1890) الذي
انتحر في شرخ الشباب بعد أن عاش العقد الأخير من عمره دون أن يبيع سوى لوحة واحدة.
ولم تكتب عنه الصحف والمجلات فى تلك السنوات العشر سوى مرة واحدة لم تزد عن بضعة سطور. إلا أن أعماله بيعت بعد مائة عام من رحيله بخمسة وثمانين مليونا ونصف المليون دولار للوحة واحدة، اقتناها اتحاد بنوك اليابان ولو كان قد صادف ناقدا واحدا يقدمه للتاريخ، لما أنهى حياته بطلقة من مسدسه، وعاش ليضيف للتراث الأنسانى المزيد من روائعه.
فى هذه العجالة نزيح الستار عن فنان واعد هو أشرف محمد الزمزمى، الذى تخرج سنة 1990 بتقدير جيد جدا فى قسم التصوير (الرسم والتلوين) بكلية الفنون الجميلة بالمنيا. يعيش كفنان محترف شأن أقرانه فى أوروبا وأمريكا، لا يعتمد على مصدر للكسب غير تسويق أعماله عن طريق وسيط يدير قاعة العرض التى يتعامل معها ــــ وهو أسلوب مستحدث فى الحركة التشكيلية المصرية حيث يعتمد الفنانون على وظائف أخرى كالتدريس، وغيره من الأعمال التى تشغل أوقاتهم وتضعف من امكاناتهم الابداعية وتكاليفها الحيوية كالقراءة والتثقيف الذاتى، وهما جناحا كل فنان يطمح فى التحليق عاليا وتسجيل اسمه فى سفر التاريخ.
لوحات أشرف الزمزمى ذات طابع فريد بالرغم من أنها تستند إلى استلهامات من التراث. نلمس فى عناصرها الروح الساخرة للرسام الملون: حامد ندا (1924 ــــ 1990) واهتمامه برموز من الحيوانات والطيور. كما نستشف الفكر الفلسفى للرسام الملون: عبد الهادى الجزار (1925 ـــــ 1966) واتجاهاته القومية ووحداته الشعبية وملامس الكهوف. ويذكرنا بقوة بأستاذهما الرائد: حسين يوسف أمين (1904 ــــ 1984) صاحب مذهب الفن المصرى المعاصر. كما تعيد إلى أذهاننا تراثا إنسانيا عالميا ممثلا فى أعمال الرسام الملون السيريالى الروسى: مارك شاجال (1887 ــــ 1985).
نشعر مع لوحات أشرف الزمزمى بالجدية والمضمون الانسانى والتعبير الواضح، بالرغم من أنه يرسمها ويلونها أثناء ما يسمى بالغيبوبة الإبداعية ــــ أى حالة اللاوعى التى تنتاب الفنان بعض الوقت، وتسمح للعقل الباطن أن يسقط تهاويمه. يقرر فناننا الشاب أنه يقبل على قماشه الفسيح المشدود دون أى فكرة مسبقة، ثم يبدأ عمليات شخبطة عشوائية ولمسات لونية بفراجين مختلفة الدرجات، حتى تلتقط عيناه ما يوحى بشكل ما قد يكون شخصا أو حيوانا، فيؤكده بضربات لونية بلا تفاصيل حتى يبدو ما يوحى بشكل آخر فينتقل اليه.. وهكذا حتى تكتمل المساحة التى تتسع إلى ثلاثة أمتار مربعة أحياناً. حين يفيق من غفوته الإبداعية نكتشف مدى التناقض بين محتويات اللوحة لكنه يبرر ذلك بما يسميه وحدة المتناقضات وهو مصطلح غير موجود فى قاموس الفن الجميل. كما ان اختبار رور شاخ فى علم النفس يرى استحالة عدم وجود فكرة مسبقة. فالعناصر التى يتبينها الفنان فى ثنايا الشخبطة، يمليها ما يسمى بالعقل الباطن. آية ذلك أن الزمزمى يستهدف عناصر مستقاة من الحياة المحلية، يؤكد مصريتها بإقحام كلمات عربية واضحة المعانى ــــ وهو ما يتنافى مع فكرة العشوائية.
إذا نظرنا إلى أعماله فى ضوء المعايير الأكاديمية، يتضح أنها تعارضها على خط مستقيم. إذ أن الأكاديمية تفرض: وحدة المكان ووحدة مصدر الضوء ووحدة الموضوع وسلامة المنظور والتكوين الهرمى أو على شكل حرف `ال` الانجليزى، والتحجيم بالتظليل.. إلى آخر المواصفات التى تؤكد أمانة محاكاة الطبيعة. بالرغم من أن الزمزمى يخالف هذه المعايير، فإن لوحاته تتصف بالتقبل الاجتماعى، وهو أهم أركان الابداع الفنى (راجع كتاب العملية الابداعية فى فن التصوير للدكتور شاكر عبد الحميد ــــ رقم 109 سلسلة عالم المعرفة ــــ الكويت).
القضية عند أشرف الزمزمى لا تتعلق بالتشخيص أو التجريد أو التكنيك والخامات أو ما بعد الحداثة أو `الترانس أفنجارد` بل الأداء التعبيرى والخطاب الذى يوجهه إلى المتلقى، والمضمون الإنسانى ذى الطابع المحلى. الصورة عنده كالقصة أو القصيدة الشعرية أو الموسيقية. يلونها أحيانا ويوزع عناصره عشوائيا،، ويجهد نفسه فى أحكام الصنعة والأداء ثم يكتشف أحيانا أنها لا توجه للمتلقى الرسالة التى أرادها. هنا.. يعيد صياغتها أو يرسم ويلون فوقها، كما فعل بعض الفنانين الذين تفترش روائعهم جدران المتاحف، فقد أثبت العلماء باستخدام الأشعة السينية، أن تحت بعض الروائع محاولات غير ناجحة لنفس الموضوع.
يتحدث فناننا الشاب فى لوحاته بلغة تشكيلية تستمد مفرداتها من الحياة اليومية، الأمر الذى يكسوها بروح مصرية، مع أنها تخاطب الإنسانية بأسلوب العصر. العشوائية هى أسلوبه فى التعبير بغض النظر عن المعايير الجمالية التقليدية، كالإيقاع والتوافق والاتزان والاستقرار. وبالرغم مما نلاحظه فى أعماله من ميل إلى التفكيك والتسطيح والتنافر، فلا يفوتنا ملاحظة تنغيم الملامس ومناسبة الالوان للمعانى كتلوين الوجوه باللون الرمادى، واضافة رموز ثابتة ولمسات تساعد على التكامل، والاحتشاد للتعبير عن فكرة ومضمون ورسالة كامنة فى أعماقه.
اتخذ الزمزمى مرسما فى بيت الفنانين، وهو منزل مملوكى قديم يحمل رقم 4 فى درب اللبانة بالقلعة. سكنه كثيرون من رواد حركتنا التشكيلية والأدبية بينهم احسان عبد القدوس وصدر الدين خان ومحمد ناجى ورمسيس يونان وفؤاد كامل، وعاش فيه المعمارى العالمى حسن فتحى (1900 ــــ 1989) من مطلع الستينيات حتى رحيله. فى هذا البيت العتيق الذى يفيض بعمق التاريخ يبدع أشرف الزمزمى لوحاته الصرحية، وقد يكون من المناسب أن ننقل وصفا لواحدة منها تتسع إلى 130×160سم وهى من القماش المشدود على شاسيه. فى منتصفها تماما زهرية ضخمة مترعة بالزهور وأوراق النبات، على يسارها صور نفسه يعزف على البيانو الذى يتداخل مع الزهرية، ومن خلفه شبح امراة كأنها تغنى. أما فى أقصى اليمين فرسم مقدمة سيارة عتيقة الطراز، وأكمل فراغات اللوحة بألوان عشوائية مع تنغيم الملامس، التى تتراوح بين الخشونة البالغة والنعومة الرقيقة المنسابة. يتضح من هذا التجميع للعناصر المتنافرة أنه متمرد على كل التشكيلات التقليدية، وربما كان هذا التمرد فى حد ذاته هو المضمون الذى يريد.
فى عام 1988 كان أشرف الزمزمى يجتاز السنة الثالثة فى كلية فنون المنيا، حين جاءها الكاتب والصحفى الهولندى وايلد وولدر المعنى بشئون الفن والأدب فى الشرق الأوسط. كان يزور مصر لاجراء لقاء مع كاتبنا العالمى نجيب محفوظ فى مناسبة حصوله على جائزة نوبل. التقى بالزمزمى أثناء جولته فى صعيد مصر، وما كاد يغادر بلادنا حتى أرسل مع زوجة شقيقه وابنتها يعرض عليه السفر معهما إلى هولندا حيث يبرم عقد احتكار، يمنحه محل إقامة ومرتبا شهريا كبيرا ونسبة مئوية من عائد تسويق لوحاته.
نستشف من هذه الواقعة أن تلك الأعمال التى نستغربها، ولنا عليها مآخذ من حيث القيم الجمالية التقليدية والموضوعات والمضامين، تلاقى قبولا حماسيا لدى الصحفى الهولندى المتخصص فى تسويق الأعمال الفنية، وهو دون شك شديد الحساسية للذوق الأوروبى والتيار التشكيلى الذى يسرى بين شعوب الثقافات الأولى. ولو راجعنا كتاب الناقد والمؤرخ الانجليزى: ادوارد لوسى.. سميث عن الفن فى الثمانينيات الذى صدر سنة1990 ، لاكتشفنا أن أسلوب الزمزمى يتوافق مع هذه التيارات، حتى فى الطابع العشوائى. ويتحلى بالقدرة على مخاطبة الإنسان فى كل مكان وليس فى مصر فقط.
تبين الصحفى الهولندى بخبرته الواسعة كناقد ووسيط فن (آرت ديلر) أن لوحات أشرف الزمزمى بما تتميز به من أسلوب وأداء ومضمون وتحويرات، تناسب روح العصر خاصة وأن المذهب التعبيرى الذى كان منتشرا قبل الحرب العالمية الثانية فى المانيا، بدأ يستعيد صحوته فى مطلع الثمانينات تحت مسمى: التعبيرية الجديدة أو: روح جديدة فى فن الرسم والتلوين. كما جنح الفنانون إلى الاهتمام بالتراث المحلى لكل قومية أوروبية.
وهكذا اهتم اشرف الزمزمى بحاسته الاجتماعية وموهبته الابداعية وفطرته السليمة بالتراث المحلى، واتجه دون أن يدرى إلى التعبيرية الجديدة التى تحدث عنها الناقد الانجليزى فى سياق تعليقه على معرض ` الموجة الجديدة` الذى اقيم فى لندن سنة 1981 تتفق لوحات الزمزمى مع هذا العرض، من حيث الابتعاد عن العبث واسقاط الفوارق بين فن النحت وفن الرسم والتلوين. لقد تأكدت فى مطلع الثمانينيات خاصية البعدين فى فن الرسم والتلوين، والابتعاد به عن فن التمثال ذى الأبعاد الثلاثة، بعد أن كانا مختلطين تماما فى السبعينيات.
تتوفر تلك الأبعاد فى أعمال أشرف الزمزمى. وفى سياق جنوحه إلى التعبيرية الجديدة، استخدم الحروف والكلمات العربية كعناصر جمالية، وعبارات ذات معان وايحاءات. وهو أمر كان منتشرا فى الأساليب التعبيرية الألمانية قبل الحرب العالمية الثانية (1939 ـــــ 1945). أما لمساته اللونية فمتوافقة مع المضمون وطبيعة العنصر المرسوم. لا يلجأ إلى سكين المعجون والألوان السميكة إلا نادرا، ويعتمد فى معظم الأحوال على الفراجين متوسطة الأحجام.
ولد أشرف محمد الزمزمى فى حى الدقى بالقاهرة فى 15 ابريل سنة 1967 آخر الأبناء الخمسة لوالده النقاش الذى اضطره المرض الى النزوح الى مدينة طهطا، حيث قضى أشرف سنوات تعليمه العام مساعدا لوالده فى عمله، وعاكفا على رقعة الشطرنج حتى أتقن ألعابها وفاز فى عدة مسابقات. أما الرسم والتلوين فلم يدخل حياته طوال تلك الأعوام، إلا على هيئة شخبطات عشوائية فى هوامش الكتب والكراسات. ولم يعرف طريق الفراجين وألوان الزيت الا حين التحق بكلية الفنون الجميلة بمدينة المنيا. وكانت باكورة لوحاته تكوينا من الطبيعة الصامتة، ما كاد ينتهى منها حتى أثار اعجاب أستاذه الفنان صلاح عسكر، فأحاطه برعايته طوال سنوات الدراسة.
لو أننا استعراضنا الأعمال التى أبدعها الزمزمى فى بيت الفنانين منذ اتخاذه مرسما فى شهر مايو سنة 1998 لاستطعنا أن نتلمس طريقنا نحو ما يشغل باله من أهداف، باستقراء عناصر اللوحات والعناوين التي أطلقها عليها. وندرك الرسالة أو الخطاب الذى يضمنه أعماله. فالإبداع فى رأى توفيق الحكيم وفق نظريته عن التعادلية يتألف من التعبير بشقيه: الشكل والموضوع، ومن التفسير الذى يستخلصه المتلقى. وينبغى لهذه الأبعاد الثلاثة أن تكون متوازنة بحيث لا يطغى أحدها على الآخر.فإذا وضعنا تلك العوامل فى محل الاعتبار واتخذناها معيارا لتقييم النشاط الابداعى للفنان لاقترابنا من التقدير السليم للوحاته التى أصبحت تلاقى قبولا لدى أثرياء المثقفين المصريين والعرب والأجانب.
بالرغم من العفوية التى يعمد اليها الزمزمى، نلاحظ أن ثمة عناصر تتكرر فى معظم لوحاته. مثل دلاية على شكل دائرة تحتها صليب. ترتسم على صدر شخصياته الأنثوية. وفى صورة بعنوان `الرحماء يرحمهم الرحمن` يستخدم حروفا وكلمات عربية استطيقيا وتعبيريا فى نفس الوقت يساعده فى هذا المنحى ابتعاده عن التحجيم وقواعد المنظور حتى لتبدو لوحاته وكأنها مرسومة على جدار.
والتسطيح فى هذا السياق يعود بجذوره إلى الفن المصرى القديم على جدران المقابر، كما يعتقد الزمزمى أن الوقت الذى تستغرقه عين المتلقى فى قراءة الكلمات وادراك معانيها، يتيح لها الفرصة لتأمل الرسوم والعناصر والألوان والملامس، مما يساعد على إيصال الرسالة التى يوجهها الفنان الى المتلقى.
تتوزع لوحات أشرف الزمزمى فى النصف الثانى من التسعينيات ألوان مشتقة من الأزرق، يغلب عليها أحيانا اللون الأحمر أو البرتقالى. أما الكلمات ذات المعنى فتنتظم جميع الأعمال. وتعتبر لوحة لا تصالح التى تتناول القضية الفلسطينية مقابلا عصريا للوحة جيرنيكا للأسبانى بابلو بيكاسو (1881 ــــ1973) من حيث معالجتها لقضية قومية. وهى تتميز بانتشار الكتابة فى أنحائها حتى أنها تزاحم العناصر المرسومة وتشترك فى صياغة الكيان الجمالى. استخدم فى هذه اللوحة الرمز والتشخيص والتحوير، والخطوط والألوان، والملامس بأسلوب تعبيرى فى توازن متكامل مع الرسالة التى يوجهها الى المتلقين وبالرغم من أن الكتابة عربية الحروف والكلمات، فهى تستنفر النوازع الإنسانية الفطرية لتحقيق العدالة. ولو أننا راجعنا معظم عناوين لوحاته، للاحظنا أنها تؤكد فكرة التعادلية. اما استلهام التراث والواقع المحلى مع التحريفات المستحدثة، فهو من معالم الموجة الجديدة فى الرسم والتلوين أو ما يسمى: ما بعد الحداثة،،،،
بقلم : مختار العطار
دراسات فى أدبيات الفن التشكيلى فى مصر - 2002
 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث