`



ما رأيك في الموقع:



مقبول
جيد
جيد جدا
ممتاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث
 
العودة
حول رؤية الفنان
 
أحمد عبد الوهاب محمد على

ـ يميل الفنان / أحمد عبد الوهاب إلى البساطة فى معالجة سطوح الكتلة ويبحث وراء الشخصية المصرية فى موضوعاته .
ـ وقد تتلمذ فى مصر على يد الفنان / جمال السجينى ، وفى إيطاليا على يدى الفنان / اميلوجريكو وقد اتجه فترة إلى إقامة تماثيله من الفخار ثم أتقن فن الخزف ولكنه لم يحاول طلاء أعماله بالمادة الزجاجية .. ويتحقق فى تماثيله أحساس بالروحانية وشفافية المتعبدين
د / صبحى الشارونى

على أطراف حقول العزلة مابين صخب الحياة وسكون النحت
- قليل من الفنانين يختارون الفن حياة لهم ، ويعتبرون كل ماهو خارجه من صخب هو عبث لايلزم ، يكتفون به ويعيشون في عزلته الرائعة ، هكذا كان ولم يزل النحات المصري الكبير أحمد عبد الوهاب . منذ أن اكتشف في لعبه الطفولي محبته للفن بدأ مجرى حياته يترسم حول هذا الهدف : الفن ولاشىء آخر .لم يعش حياة أسرية تقليدية ، لم يخضع لمقتضيات الواقع وقوانينه ، لم يكن أستاذًا أكاديميًا عاديًا ، عاش حرًا عاكفاً على تجربته الفنية متوحدًا معها وأزاح إلى هامش حياته كل ما هو خارج عنها .
- رحلة حياة خاصة منتزعة من مجرى الحياة العادية ، منذ ميلاده فى مدينة طنطا عام 1932 حتى التحاقه بكلية الفنون الجميلة عام 1952 ، ثم حصوله على بعثة مراسم الأقصر عام 1957 ، ثم منحة في تشيكوسلوفاكيا عام1959 لدراسة الخزف ، إلى منحة تفرغ مقدمة من وزارة الثقافة عام 1962 ، ومنحة أخرى لدراسة فن النحت في روما 1971 : 1968. ومشاركات دولية عدة ورحلة أكاديمية أخرى توازت مع رحلته الفنية كأستاذ بكلية الفنون
الجميلة جامعة الإسكندرية ورئيسًا لقسم النحت بها ثم وكيلاً للدراسات العليا .
- من كل نقطة فى الرحلة حمل إرثاً ما صاحبه في طريقه الفنى .. من طنطا حمل مظاهر مولد السيد البدوي .. الحكي الشعبى المرئى والمسموع .. سوق الحرف الشعبية فى كفر عصام .. عروس المولد .. التمائم .. الخرزات الزرقاء .. صندوق الدنيا .. ثم انتقل إلى القاهرة فكان المتحف المصري وجهته الأثيرة يقضى فيها مع صديقه الفنان ناجى شاكر أياماً طويلة يتدارسان كل تفصيلية من لفائف الكتان إلى التماثيل الخشبية الصغيرة إلى النقوش والكتابات ، مدققا ودارساً من قمة المسلات الفارهة حتى أنامل التماثيل الخشبية الصغيرة منبهرًا بدقتها المتناهية
ليخلص إلى حقيقة أغفلتها كتابات الغربيين وهى الحركة ذات الحضور الخاص فى الفن المصري القديم حيث ربط بين الحركة في الفن المصري القديم وبين مفهوم الحركة وعلاقتها بالمادة عند أينشتين وانشغل علميًا بأسئلة محيرة مثل بناء الأهرامات ، رفع المسلات ، وعلوم قدماء المصريين التى لايعرفها إلا البيت الملكى والكهنة والفنانون والمهندسون ، بالإضافة إلى نزوعه التجريبي للبحث في الخامات والتقنيات الخاصة بالنحت بمواده المختلفة ، وقد استغرق الفنان أيضاً في قراءات واهتمامات علمية حول التكنولوجيا ، قانون الضوء ، فكرة السالب والموجب التي تتسيد الطبيعة ، جاذبية الشكل المخروطي ، فكرة الطاقة الكامنة في المادة ، كما انشغل بالطاقة الروحية غير المرئية وأعاد قراءة تجليات الفن المصري القديم من خلالها .. طريق الكباش الممتد لقلب المعبد وحالة السكون التى يبثها في الروح وصولا إلى قدس الأقداس ، البوابات المتتالية في المعابد المصرية التى يتخلص عبرها الزائر من ثرثرة الحياة الخارجية ، طاقة المكان وحضوره الجاذب .
وفي الأقصر امتثل لجلال الحضارة المصرية القديمة ..إخناتون الملك والإنسان ، تماثيل الملوك والكهنة ، نقوش التوابيت ، رسوم جدران المقابر والمعابد ، النحت البارز ، روائع تل العمارنة ، مومياوات الحيوانات المحنطة نحت البارز للعمال ، حاملات القرابين ، تمثالي ممنون رسوم شقفات ` الأوستراكا ` ، أوانى نقادة ، مفتاح الحياة . من هنا لم تكن زيارة الفنان للأقصر في إطار مشروع `مراسم الأقصر` عابرة ، بل كانت دلوفًا إلى التاريخ وإعادة للصلة بنسب الأجداد ودروسًا مفتوحة في النحت والرسم والتصوير والعمارة التي آمن بها كأساس لجميع الفنون .
لكن سطوة الفن المصري القديم وجلاله لم تنس فناننا الكبير مباهج قرى الصعيد وضميرها الشعبى القرنة ، ذراع أبو النجا ، قرنة المراعي ، نجع حمادى منامات الأطفال ، وصوامع الحبوب المصنوعة من الطمى ، فخار المنيا ، زخارف وعقود البيوت النوبية ، الفخار الشعبى ، شمعدان وإبريق السبوع ، الوشم ، رسوم الحجيج على الجدران ، الدمى والألعاب الفخارية خفير الدرك ، أبراج الحمام ، أطفال الحواري ، الفلاحين ، حيوانات الحقول . كذلك لم ينس بورتريهات الفيوم ومرسمات النسيج القبطى والإسلامى ، المشربيات ، الريال الفضة للسلطان حسين ، الإفريزات الإسلامية والأشورية .
وبزيارة الفنان أحمد عبد الوهاب لأوروبا تعرف على اتجاهات الفن المعاصر وروائع النحت الأوروبي من ميكل انجلو حتى برانكوزى ، بالإضافة لذلك كان يمتلك وعيًا نابهًا التقط به درس الخبرة من أساتذة عدة مثل جمال السجينى، وسعيد الصدر، وأحمد عثمان ،وحامد سعيد ، واميليو جريكو، وغيرهم .
كل هذا الإرث الباذخ تراكم فى ذاكرته البصرية والوجدانية ، حفظه الفنان ووعاه ؛ فأصبح البنية الأساسية لتجربته بعد أن ترسخ فى يقينه بفخر أنه يحمل داخله تراث كل من سبقوه ولايحتاج التفاتة غربية تنقله لممارسات فنية لا تنتمي لروحه المصرية. وقد جاء العبق الخاص لمنحوتاته والصدى العاطفى لها نظرًا للصلة الروحية الممتدة التى تجمعنا بها .
من هنا تحتاج دراسة التجربة الفنية لأحمد عبد الوهاب التفاتة واجبة لتاريخ الفن ، خاصة فنون الحضارات القديمة والفنون الشعبية ، فهو يؤمن إيمانًا بالغًا بأن كل ما قدمته الحضارة الإنسانية متضمن في كل منا فقط، فهناك من يمتلك القدرة على استدعائها وإعادة خط الوصل معها، وهناك من لايمتلكها .
- الوقفة المهيبة لملوك وكهنة مصر القديمة .. العيون المتسعة لوجوه الفيوم المفتوحة على عالم آخر لانراه.. الوجه الرائق للجميلة نفرت .. بساطة وزهد الفن القبطي .. زخارف ومفردات وتزجيجات الفخار الشعبي .. تعدد مستويات الإفريز الإسلامى .. العيون الواسعة التى أطلقها الرسول لوقا في أيقونته للعذراء مريم والتى مازالت ممتدة في التراث الشعبى المصرى ..جلاء العيون المفتوحة على الروح وصفاء السريرة ضفيرة مصرية صميمة يطل من خلالها أحمد عبد
الوهاب بحضور باذخ لاتخطئه العين .
- ونستطيع إجمال تجربة الفنان النحتية فى عدة مسارات هى النحت الخزفى ، المنحوتات الفردية،النحت البارز ، التكوينات النحتية ، بالإضافة إلى تجربته فى الرسم والتصوير .
النحت الخزفى ونسج الطمى على الطريقة الشعبية.
- قدم الفنان أحمد عبد الوهاب تجربة مميزة في مجال النحت الخزفي ، وإذا كان الخزف هو أحد صنوف النحت التي مارسها الفنان فى إطار دراسته الأكاديمية بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة ،إلا أن هناك خبرة تقنية مضافة اكتسبها من عمله بالشركة العامة لمنتجات الخزف والصينى التى التحق بها قبل انتسابه للسلك التدريسي بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية ، يضاف إلى تلك الخبرة ما حصّله من معارف أثناء منحته الدراسية إلى تشيكوسلوفاكيا لدراسة الخزف عام 1959 .. كذلك مارس الفنان في النحت الخزفي ميوله التجريبية في التعامل مع الخامة وطرق حرق الفخار وتلوينه ، وقد غلب الحس الشعبى بفطرته وقوته الداخلية على منتج الفنان في مجال النحت الخزفى.
- وراقت له لغة الفن الشعبى التى يتقاسمها الجميع لارتباطها بحميمية الذكريات وونس البيوت القديمة فهو فن يمتلك دلالاته المرتبطة بالجماعة الإنسانية ووعيها الجمعى . وقد انتقل الخزف على يد النحات من أداة لتجميل العاديات إلى عمل فني مستقل .وقد كان لزيارة الفنان للأقصر أثناء منحة مراسم الأقصر عام 1957 تأثيرًا واضحا على تجربته في مجال النحت الخزفى ، وإذا كان الفنان قد أبدي ميلاً واضحاً للفن الشعبي أثناء دراسته الأكاديمية التي نذكر منها فى هذا السياق عمله ` عروسة حلاوة ` و` رأس صبى ` من الفخار الملون 1955 ، و` رأس فتاه ` من الفولكلور الشعبى 1955 ، ` الشقيقتان ` من الفخار الملون 1956 .
- إلا أنه بزيارته للأقصر ظهر في أعماله الخزفية مداً جديدا مزج فيه بين الفخار الشعبي ووجوه المنحوتات المصرية القديمة ، كما أظهر تأملاً واعيًا لمنحوتات حاملات القرابين في النحت المصري القديم ونسج على نهجها مجموعته الخزفية بالأقصر تحت عنوان ` حاملات الجرار` التي لخص فيها هيئة الجسد الإنساني وأدمجه وكثف به صنوفاً من الزخارف الشعبية التى نراها على جدران البيوت الريفية والجرار الشعبية وصوامع الغلال والمنامات الطينية ومقابر نجع حمادي، وكذلك الوشم الشعبي الذي طرز العديد من وجوهه الخزفية .. وقد قام الفنان بتصفية الكتلة الخزفية وتبسيطها وبدأ في رسم الملامح التى تحدد الأعين والحاجبين والشفاه بخطوط خافتة ، بينما تحيط الزخارف قمة الجبهة والرقبة ، مستعينًا بإيقاع المثلثات المتداخلة والدوائر والأشكال المعينة ، تصاحبه دائماً المرأة ذات العيون الواسعة المكتحلة بالسواد، الرموش المزخرفة المخطوطة بعناية ، والأذن التى نَوع في تناولها نحتياً لتصبح عنصراً تشكيلياً هاماً فى بنيته الخزفية للوجوه .. كما قدم الفنان مجموعة من الأعمال تحتفي بمظاهر الحياة الشعبية في قرى الصعيد ومظاهر الاحتفالات الشعبية بالمولود مثلما بدا فى عمله ` منزل ومنضدة وكراسي ` 1957 الذي استوحاه من مقاهى الصعيد الشعبية ` الشمعدان ` 1958 ، ربة منزل من الصعيد ` 1958 ` فتاة من الصعيد ` 1958 ` ،فارس البلد ` جبس مطعم بالفسيفساء
1958` خفير البلد ` 1958 .
- واستمر عطاء الفنان فى مجال النحت الخزفى على مدار رحلته الفنية وإن كان غير منتظم ، فقد توجهت تجربته لمسار جديد انشغل به وهو حواره مع تاريخ الفن المصري القديم ، وإعادة وصل ما انقطع من روحمصرية بثها الأجداد المصريون فيما تركوه من إرث فنى مازال هو زهونا الأهم كمصريين ، حيث بدأ الفنان فى تعميق تجربته النحتية لتتخذ مسارًا جديدًا .
المنحوتات الفردية ودمج الآفاق :
- بعد عودة الفنان من منحة مراسم الأقصر التحق ليعمل بالتدريس في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية في بداية الستينيات ، وقد واكب هذا انتباه أكبر من الفنان لجماليات النحت المصري القديم استكمل به بحثه الفني في تلك الآفاق التي فتحتها له إقامته في قلب طيبة ، فأقام حواره الأصيل الذي أجاد فيه ` دمج الآفاق بين الماضي والحاضر ` ، بين تراث النحت المصري القديم تجربته النحتية المعاصرة ليقدم الجملة الأهم التي يتواصل بها مع تاريخ الفن المصري القديم . وقد أبدع أحمد عبد الوهاب العديد من المنحوتات الفردية التي تحمل سمة المصري القديم مثل ` ابن النيل ` ، ` رأس فتاه ` ، ` صبي من الصعيد ` ، ` وجه رجل مصرى ` ، ` المسلة ` ، ` الراهب ` من خلال خامات عدة مثل البرونز ، الحديد ، الجبس ، الأسمنت ، الحجر ، الخشب .
- قدم أحمد عبد الوهاب الوجه الإنساني في معظم تجاربه النحتية ، وفي تناوله للوجه لم يلجأ إلى`الصفات الواقعية المتغيرة ` ، فلم تتعدد ملامح الوجوه في منحوتاته ، بل استمده معظم وجوهه من وجه إخناتون الملهم الذي ولع به الفنان ، والشديد الشبه بوجه الفنان نفسه في شبابه ، وربما كان وجه إخناتون بالنسبة للفنان هو الوجه الإنساني المثالي الذي لا يقع تحت سلطان ` علم الفراسة ` حيث لا يكترث كثيرا بالفروق الجزئية بين ملامح الأشخاص ، فوجوه أحمد عبد الوهاب لاتسجل ملامح ذاتية لشخوص بعينها ، ولا تسجل أهواءً أو عواطفًا عابرة ، ولا تحوي تعبيرات خاصة أو مفاجئة ، بل هي وجوه موضوعية إذا جاز التعبير تحمل فقط السمات المثالية والممتدة للوجه الإنساني بعيدًا عن العوارض الزائلة .. وجوه تنزع إلى التجريد وتحتفظ بسكونها الجليل .. وجوه تخلصت من حيرة الإنسان وتشتته .. وجوه تبدو وكأنها أدركت غبطة اليقين .
- وبعد مرحلة قدم فيها أحمد عبد الوهاب مجموعة من الشخوص النحتية المنفردة ، انتقل لمرحلة أخرى عمد خلالها إلى استخدام التتابع المتكرر لثنائيات أو ثلاثيات أو أكثر لتلك الشخوص الإخناتونية المتماثلة التي تبدو و كأنها تسير فى موكب أو تنتظم للإدلاء بشهادة ما ، ومن أمثلة هذه الأعمال : ` وجوه مصرية ` نحت أسمنتي 1987 ، و عمله ` عدالة القضاء ` 1987
- والذى يقدم فيه الفنان وجوهًا ثلاثة متكررة تتخذ مواقعًا تراتبية مختلفة فى حيز محدود ، وتعتلى
قاعدة مستطيلة تشكل جزءًا لا يتجزأ من بنية العمل حيث تتلقى القاعدة نفس الحلول التشكيلية
للمنحوتة ، ويحذف منها الفنان بعض الأجزاء التي تترك فراغًامثلثى الشكل يكسر انتظامها ويربطها بالعمل ؛ فتبدو الوجوه الثلاثة وكأنها على منصة تتلو نص حكيم .. القاعدة المستطيلة تتكسر حوافها وتحذف لتحل محلها مجموعة من المثلثات الغائرة يتردد إيقاعها في رسوم خطية تشغل واجهة القاعدة وأجزاءً من الوجوه، بينما نجد شريحة مائلة من المثلثات المتلاحمة معًا
على خط واحد تبدو كأنها معلقة .
- وقد لجأ الفنان إلى التكرار كأداة جمالية يجيد قيادتها بعيدًا عن الرتابة ، حيث يؤدي التكرار فى منحوتاته المتجاورة دورًا سحريًا أشبه بالحثيث الهادىء الذى يتكثف به المعنى ، فالتكرار هنا ليس مجرد ترديد لمفردة بصرية واحدة ، بل هو أشبه بالقافية فى قصيدة الشعر ، تضبط الإيقاع وتخلق زمنًا بصريًا للمفردة الفنية . وتشبه التكرار الذي يهيئ للتصاعد الروحى فى الذكر .
التكوينات النحتية المركبة .. سحر النظام
- آمن الفنان بمفهوم ` سحر النظام ` فى الطبيعة والفن ، فهو يرى على حد قوله أن ` الكلمة نظام والفن نظام وحتى الفوضى نظام ` ، وكما تنتظم الكلمات في صيغ وجمل لتنقل رسالة ما ، تنتظم أيضا مفردات العمل الفنى فى هيئات بنائية لتنقل رسالة ما ، وربما من هنا بدأ يُقيم منحوتاته بشكل جماعي لتنتظم في المكان وتتفاعل معه بالإضافة لتأثيرها الفردي ، وفى أعماله النحتية المركبة يخلق عبد الوهاب حرمًا لمنحوتاته ، زمانًا ومكانًا جماليًا يرتب فيه العلاقة بينها ويختار لكل منحوتة حيزها الأنسب الذي تؤدى فيه دورها .. وهذه المنحوتات تتطلب فضاءًا كبيرًا وخاصًا خال من الحدود ، فراغًا يناسب حضورها ويستوعب طاقتها ويستقبل تلك اللحظة
ذات القداسة التي تنتظم فيها هذه المنحوتات فى طقسها الخاص ، بعيدًا عن ضغط الأبعاد المعتادة لقاعات العرض .. نسق متكامل من العلاقات البصرية التى تنقذ المشاهد من فوضى الإدراك وتشتته و ترتب حيز رؤيته ، فالوحدات النحتية تنتظم في عناية لتخلق مجالاً جاذبًا ينسحب إليه ، ذلك التفاعل الحر بين مكونات المكان الجديد الذى يحتويه العمل النحتى المركب وبيننا ، وهذا الحيز الجديد يمثل كشفًا بصريًا عن الفكرة ، الحيز المقتطع من الزمان والمكان ، حيث تتوحد الأزمنة وتنضبط بوصلة التواصل بحياة قديمة معاصرة .. إنه يبتعد عن المعاصرة المنبتة الصلة بما قبلها ، فمعاصرة منحوتاته تنبع من كونها تحمل شفرة الوصل بين ما كان وبين ما هو كائن اليوم ..ومن أشهر تلك الأعمال عمله المجمع الذي عرضه في بينالى الإسكندرية عام 1987 تحت عنوان ` وجوه مصرية ` وحصد به جائزة البينالي الأولى ، حيث وضع الفنان عدة منحوتات في نسق متكامل ليحل به فراغ قاعة العرض بما في ذلك الأرضيات والحوائط التي امتدت لها الخطوط وشرائح الأسود والمثلثات متعددة الأشكال لتحديد الاتجاهات وربط الكتل ببعضها ، والتى حضرت كثيرًا في أعماله كرمز متعدد الدلالات ، فقد يكون اتجاهًا، تحققًا ، تواصلاً مع شيء آخر ، انتقالا من شكل إلى شكل ، رمزًا جنسيًا وسحريًا .. وقد رصد هذا العمل فكرة النظام التى احترمها الفنان وعبر عنها قائلاً ` إن احترامى للفن المصري القديم جعلني أحاول فهمه ووضع يدي على مغلقاته ، ومن أهمها البساطة وإنسانية النظام الهندسى وهذا ما أحاول أن أصل إليه فى أعمالى .. تطبيق النظام الهندسى الإنسانى الأقرب إلى الموسيقى ` .
- دلالات السكون وجمال الصمت
- النحت فن صامت ، والصمت وسيلة جيدة لبث المشاعر وفتح نص متخيل ومتغير بين المتلقي وبين العمل الفني .. الصمت في الفكر الشرقي القديم ينمي الروح ويقربها من إدراك الحقيقة ، وقد عرفته الفلسفة كجزء من منهج توليد الحقيقة بين البشر ، وأحمد عبد الوهاب يعلمنا ` فن الإنصات ` ؛ فنصبح مهيئين لاستقبال رسائل الحكمة التي تبثها منحوتاته .. يعلمنا تنحية ضوضاء العالم لنستقبل أشكاله السكونية الموحية وهى تمارس صمتها النبيل وتجمع بين مفهومى الجميل والجليل حيث غبطة الجمال وحضوره وقوة المركز وجاذبيته . ينبهنا لأهمية الصمت وغبطة العزلة لمن يمتلكون عالمهم موفور الجمال ؛ فنبحث عن الروح التي تسكن تلك الأجساد ونتذكر الحكمة المصرية القديمة ` هناك أسئلة لايجاب عنها إلا بالصمت ` ومنحوتات أحمد عبد الوهاب ينطق بنيانها بتواضع الحكماء .. الوجوه نحيفة والرقاب طويلة والأجساد تميل إلى الأمام بانحناءة خفيفة ، نُحتت بخطوط زاهدة مستقيمة خالية من الزخرف ، ترديدها وتكرارها يشبه صدى الكلمة الرصينة التى تخاطب عقولنا وتطالبنا بالإستنارة .
- استشراف الحركة
وجوه أحمد عبد الوهاب تشبه وجوه العرافين والكهنة والفلاحين الفصحاء .. وجوه صبورة صامتة تنصت لصوت تسمعه وحدها ، و شخوص تخلق زمنها السرمدي بازغة من زمن خاص، لكنها رسل لكل الأزمنة .. الأجساد نحيلة شفتها الحكمة ولامسها الوجد ، متسامية كأجساد رسل لاتحمل ثقلاً من الأرض ، صالحة لكي تسكن فيها الروح،. وهو ما ينتمي للفكرة الجمالية المصرية القديمة التي تسمو بالجسد ولاتنزلق إلى محاسنه الحسية كما قدمتها الجمالية الإغريقية ، فالجسد ناحل ينزع عنه الفنان غطائه الأرضي .. الشخوص تستشرف الحركة رغم سكونها وهيبتها الظاهرة ، و توشك الشفاة أن تومىء بابتسامة هادئة الوجوه مؤهلة للتنبؤ وتصلح لأن تكون رموزًا للزمن والوقفة متوثبة تسجل اللحظة التى تسبق الشروع في فعل الحركة، فالمنحوتات تبدو على وشك التحرك كى تتقدم لتتخذ خطوتها الأولى ، وتساهم حركات الأيدي وإشاراتها في تحقيق هذا الفعل ، كما تتحرك ثنيات الأردية إلى الأمام كأنها تقاوم ثبات الكتلة وتساهم في فعل الحركة . وهناك دائما كف ينفتح لأعلى في مواجهة المشاهد وكأن المنحوتة تدعوه للصمت أو الإنصات ، أو تنبهه لما هو قادم ، وكثيرا ما يحمل الكف الآخر رسالة رمزية .. مفتاح الحياة ، زهرة ، علامة تجمع بين الهلال والصليب ، وإلى جانب تلك الحركة الوئيدة هناك حركة أخرى تبثها الطاقة الكامنة في مادة المنحوتة ، مثل شخوص تومىء بالحياة ينبتها الفنان في مكانها المعاصر داخل قاعة العرض ونحن ندخل كمتلقين لنكون جزءًا من تلك البقعة الزمنية والمكانية التى ننتمي لها حضاريًا وإنسانيًا ؛ فتحدث داخلنا تلك المساءلة التى نعيد بها التواصل مع زمن كنا جزءًامنه .. شخوص أسطورية لكنها تصل بالحياة لكل من يراها .
النحت البارز .. مشاهد إنسانية
- قدم أحمد عبد الوهاب أعمالاً متعددة فى مجال النحت البارز متعدد المستويات الذي تكون الأشكال البارزة فيه ملتصقة بالأرضية حينًا وغائرة فيها حينًا آخر ومرتفعة عنها بمستويات في أحيان أُخرى ، مجتمعة معًا كما اجتمعت فى إفريزات النحت الإسلامى والأشورى واليونانى القديم والهندى .
ومن خلال تأثيرات الأضواء والظلال على الأسطح المتعددة للمنحوتة ، ومن خلال حساسية الفنان تجاه مادة النحت ، يعيد صياغة أبعاد منحوتاته البارزة ويضعها في حالات مختلفة حسب حركة الضوء واتجاهاته فوقها ، وقد قدم فى أعماله النحتية البارزة ثنائياته وثلاثياته الأثيرة بصورة تجمع بين التسطيح والتجسيم .
أعجب أحمد عبد الوهاب بإنسانية اخناتون التي ظهر بها في المنحوتات والتصاوير المصرية القديمة ، حيث قدمت الملك كإنسان وليس كإله ، و عكست قيمتى الحب والتوحد من خلال ثنائياته العدة مع زوجته ؛ فظهرا دائما كرجل وامرأة يقتسمان الحياة ويقبضان على لحظات سعادة جميلة مع أسرتهما ، تلك الثنائيات انتقلت لأعمال النحت البارز عند الفنان أحمد عبد الوهاب الذى قدم فيها مفهوم ` الوصل `كما تغنت به أغنياتنا العربية ، التودد والحب والاحتفاء
بالمرأة وتمثلها كأميرة أو ملكة ، لكن إمرأة أحمد عبد الوهاب كانت دائماً إمرأة الفن الملهمة وليست إمرأة الواقع المحملة بأثقاله ، فهو يهرب من جميع الأثقال التي تحرمه متعة التحليق الحر ، مثلما يبدو فى عمله ` الزوجان ` حيث تبنثق من السطح شخصيتان متواجهتان معقودتا الأيدي ، رجل وامراة فى حوار الحياة الأبدى ، يشير كل منهما إلى الآخر ، مزينة صدريهما
بزخارف ناتئة . يحمل الرجل فوق رأسه مجموعة من الكتب المتراصة ` دائماً هناك إشارات في أعمال الفنانلقيمة المعرفة التي يعتنقها ` .. الخلفية تم تحليلها لمجموعة من الخطوط المتقاطعة المائلة تحصر بينها أشكالاً هندسية ، ناتئة ، غائرة متوازية . وزخارف .
- كذلك فى عمله النحتى البارز ثلاثي الأجزاء المعنون ` ثلاث فتيات - نحت أسمنتى 1960 ` ، يحتل كل جزء فتاة تحمل غصناً يمتد ليحوط الجسم كأنه رحم يحتويه ، وقد نجح الفنان فى تحويل الإيقاع الهندسى للغصن إلى إيقاع عاطفى بتردده غير المنتظم ، فى حين جاء شكل الرداء على الجسد مقسماً لمجموعة من الأشكال المثلثية المتداخلة ، وقد ربط الفنان بين الوحدات الثلاث للشكل وبين الخلفية من خلال التأثير الملمسى الشبيه بالنقر المتتالى الذى أحدث إيقاعًا بصريًا نابضًا فى الشكل .
- الرسم والتصوير .. حرية التحليق
- الرسم هو الحد الفاصل بين الداخل والخارج ، وهو الذي يحتبس الشكل من فوضى الخارج ، والرسم وفق عبارة دريدا ` قول في الإطار `، وقد قدم الفنان أحمد عبد الوهاب رصيدًا وافرًا فى الرسم والتصوير بموازاة تجربته النحتية حقق فيه عزلاً لمنحوتات فوق أسطح التصوير بعذوبة فائقة ، ويسرى على رسومه ما سرى على منحوتاته من إيثار لقيم الانسجام والنظام والتناسب في البنية أكثر من الإهتمام بالأجزاء والتفاصيل المنفردة .ويختص التصوير بأنه يحقق للفنان أحلامًا لم يحققها النحت ، حيث يستثمر حرية الرسم والتصوير ليحقق بها ما يصعب تحقيقه بضوابط الكتلة النحتية التى لابد لها من أن تكون متزنة مترابطة ثابتة قائمة محفوظة من الاختلال ، فالرسم يسمح بأشكال متتالية معلقة لا تعبأ بالجاذبية ولا تخضع لضرورات استقرار الكتلة وثباتها كما يلزمه النحت ، فلا مانع من أسطح معلقة ومكعبات تطير ، وطيور تحلق ، وحمولات فوق الرأس تفوق العادة ، فقد حقق التصوير والرسم للفنان المضمون البصري الذي يعجز النحت عن تحقيقه بحكم مواده وضوابط بنيته والزاماته فى التوازن والثقل والمركزية ، مستفيدًا ببراح أكبر يمنحه إيهام الأسطح ثنائية الأبعاد في الرسم والتصوير .كذلك قدم الفنان رسومًا بيانية شبيهة بالمعادلات الكيميائية وتسجيل حركة الأيونات ومدارات الكواكب و الدوائر الصغيرة التي تصل بينها الخطوط ؛ فتحصر بينها أشكالاً هندسية ، كما قدم تلك الهيئات المنظورية المستحيلة والعمائر المتداخلة التى تتوالد ذاتيًا . بالإضافة إلى رسومه المعمارية ذات
النظم المعقدة كأنها متتاليات من الفتحات والعقود والأبواب والنوافذ والأقواس والدوائر المتكررة في هيئة نحتية معمارية الطابع . كل هذه الرسوم تكتسب هيئات نحتية ، مايصلح منها للتجسد نحتيًا نجده يحتل أجزاءً من منحوتاته بقدر ما يسمح قانون النحت وجمالياته .
- وهو يصور الخلفية غالباً بدون خط أرض أو خط أفق فتصبح مسطحًا لونيًا لا إشارة فيه لمكان معلوم أو زمن محدد ، فيما عدا خلفيات بعض الشخصيات الكاملة التى تقف فى مصفوفات أشبه بوضعيات التصوير المصرى القديم ، وأحيانًا ما تتخلل الخلفية أطر هندسية بألوان متعددة أو مصفوفات خطية منتظمة تشبه ` الأكواد ` المعاصرة . وقد تتحول الخلفية إلى فضاء تتطاير فيه المجسمات فى حلم صعب تحقيقه نحتيًا ، أو يرسم فى خلفيات التصوير مسطحات مجزأة مائلة مشغولة بالخطوط المتتالية المتوازية ، مما يوحى بالعمق دون التمسك بمقتضيات المنظور الهندسي المعتاد ، وغالبًا ما تحمل الشخصية المرسومة شيئًا ما تقدمه للآخر مثل وردة أو كتاب فى الأغلب ، وهما بالطبع أغلى ما يُهدى . وفى رسومه وتصاويره كما في منحوتاته انشغل الفنان بغطاء الرأس أو حمولاته ، حيث اعتبره فرضية تشكيلية مهمة أجرى عليها العديد من الحلول البصرية وتعامل معه كمكمل مهم لمعمار المنحوتة وقد تنوع ماتحمله الرأس مابين الأشكال المعمارية والكتب والمجسمات الهندسية والشرائح الزخرفية ، كذلك في ذاكرته المصرية الهودج الذى يضعه فوق رأس المرأة ، وشكل الخيمة العربية كحل بصري لغطاء الرأس .
- فى النهاية هو نحات يرسم وعيناه على الكتلة ، يرسم وهو يحلم بأن تصير الأبعاد الثنائية ثلاثية وأن يصبح قادراً على الإمساك بها ولمس أسطحها المتعددة ، حتى أن الكثير من أعماله التصويرية تمثل مجسمات نحتية ترتكز على قواعد هندسية متداخلة وشفافة تتداخل فيها شرائط متعددة الألوان لتخلق نطاقات أصغر داخل القواعد الأساسية ، متمثلاً فيها الهيئة الكاملة للمنحوتة فوق قاعدتها .
- وقد صاحب الفنان الرسم فوق منحوتاته ، فكثيرًا ما يستضيفه فوق مسطحاته فيضيف فوقها
الخطوط بخامة ` الباستيل ` ليحلل بها كتلة التمثال لمجموعات متتالية من الخطوط الطولية أو العرضية أو المائلة أو بعض الأشكال الزخرفية ، وهو بهذا يمزج بين العطاءات البصرية للنحت والرسم معًا ؛ فتحرك الخطوط صمت المنحوتة، وتظهر تنوع أسطحها وتحقق وحدتها . مثال لذلك عمله ` توشكى 203 ` وفى هذا يقول الفنان ` أى خط فى أى اتجاه له تأثير ومادام يعطى قيمة فهو ضرورى` من هنا جاءت الخطوط فوق منحوتاته كروابط بصرية رآها ضرورية للشكل .
- ختامًا ... جسارة النحات
بعد هذه الرحلة القصيرة التى لاتستطيع الإلمام بتجربة الفنان الكبير أحمد عبد الوهاب ، أتذكر أننى دائما ما كان يبهرنى فعل النحات إذا أراه يمتلك من القوة والجسارة ما يجعله يحول مادة قاسية غفلة إلى وجود مشع بالطاقة .. إنه يمتلك روحًا داخلية خفية يحول بها كتلة صماء لوجود رائع بعد رحلة من المصاعب .
- ولا شك أن لمس مادة النحت هو بداية لدخول الذات في الفعل ، وهنا أتذكر الفنان أحمد عبد الوهاب فى إحدى جلساتى معه حيث قال ` عندما تمسك بقطعة الطين فى يدك وتتسرب لها حرارة جسدك يبدأ فعل الفن ، ومن هنا جاءت لمسات ` فان جوخ ورودان ` ، و أحمد عبد الوهاب فنان جسور يروض المادة المتمردة ويقبض على الروح التى تسكنها ، لم يسع فى منحوتاته للاحتفاظ بالوجود غير المكتمل الذي تعمده مايكل انجلو فى أعماله بل خلق وجودًا انتقائيًا سامياً ينسينا المادة الخام المصنوع منها التمثال . ويعرّف أحمد عبد الوهاب الفن قائلاً : ` الفن هو ابتكار .. خلق .. تنبؤ ، وقد حظى الفنان بجوهر الإبداع ` فهو يمتلك حدة العاطفة ومنطق البنية ، وقد حقق فى أعماله تلك الرابطة النادرة بينهما .. قلب محب وعقل ممتلىء بالمعرفة ونفس تعزف عن حب الظهور وانكفاء مخلص على تجربة فريدة تستحق التوحد
معها وإزاحة ما لا يلزم من ضوضاء العالم الخارجى .
- وفى النهاية استحضر مقولة ` إلكسندر إليوت ` لأنها الأنسب لوصف نحات مصر الكبير أحمد عبد الوهاب ` مقابل كل فنان يشتهي التباهي والتعبير عن نفسه هناك آخر لا يرغب إلا في الانتماء والبقاء ساكنًا في مكان ما . إنه يقبع فى إحدى الزوايا وبين يديه دفتر تخطيطاته ، ومن هنا يتسلل إلى التاريخ إلى عزلتك، يا صديقى ، إلى الأعالى حيث تهب رصينات الرياح ` .
بقلم : أ.د/ أمل نصر
(من كتالوج معرض الفنان أحمد عبد الوهاب بقاعة أفق 2018)

- ورث الفنان السكندرى أحمد عبد الوهاب تلك السمات النحتية العريقة النبيلة التي رافقت النحت في رحلته الطويله عبر العصور .... فهو يتشبث بالمسحة الكهنوتية التي تغلف كتلة النحت وتكسبها بعدًا ميتافيزقيًا يطل من الجسم المصنع ويخففهن ثقله المادي وكثافته النوعية فتماثيله ترغمك علي مبارحة عصرك وعالمك وبيئتك وتنقلك إلي مناخ مغاير تماما.... آدميوه غير اؤلئك الذين الفتهم في حياتك وفي دنياك.... عالمهم عالم معبدى ساكن غير ذلك العالم الذي تطحنه الضوضاء والضجيج والحركة المسعورة... وجوههم `اخناتونيه` فيها صفاء `أثيرى غامض` ونقاء روحي لم تلوثه الغرائز وشئون الدنيا. إنهم فصيلة البشر أنقياء كالجوهر.... حياتهم كريستاليه التركيب والنسق ينتظمها قاموس صارم رغم رقته ، وتتمثل صرامته فى الايقاع المثلث الذى تردده وحدات العمل وأجزاءه.... واذا كان الهرم هو قمة الاستقرار الشكلى
الذى يوحى بالتالى إلى الاستقرار النفسى والتسامى الروحى وجميع القيم الفضيلة.... إنه عالم الرهبان والكهنة من فصيلة `اللاما `.... لغتهم الصمت بطيئو الحركه شريعتهم التأمل العميق والنظرة التى تتخطى الماضى والحاضر وماتحت الاقدام لتلقى بما وراء كل ذلك ....

بقلم : حسين بيكار
جريدة أخبار اليوم بتاريخ 20-5- 1978

- المثال أحمدعبد الوهاب يقدم أيضا بأعماله التى عرضها فى المعارض المصرية وفى الخارج أملا كبيرًا فى نحات يستطيع أن يوفق فى أعماله بين جوهر التراث وأساليب التعبير المعاصرة....
- لديه كل هبات النحات الاصيل وفى يديه قدرات يكشف بها الطريق الى قيم نحتية خالصة فى تماثيله ماينبئ انه نبع من هنا .... من ذات الارض التى أبدعت روائع النحت.
كان التمثال الذي نقدمه له من القطع القليلة التي مثلت نحتنا الحديث فى بينالى باريس منذ عامين.... وقد جمع فى بنائه المعمارى وهندسة المسطحة صفاتًا من زخر التقاليد المصرية العتيدة تلاقت مع تيارات التعبير المعاصرة التى تستوقف الفنان وهو يجمع خبراته ويستخلص ذاته. هو مع قلة من النحاتين الجدد يستطيع أن يحقق إضافة إلى النحت المصرى المعاصر .

بقلم : بدر الدين أبو غازى
مجلة المجله

- `أحمد عبد الوهاب` يتعامل مع الكيان العام كله ككتلة واحدة مسيطره تسود علي أي من الفراغات الداخلية أو الخارجية المحيطة بهيئاته ، واذا كان `برانكوزى `قد بحث عن إلهامه الروحى فى الشرق ، فأن `أحمد عبد الوهاب` قد بحث عن روحه فى مصر وفى تراثها وماضيها الفنى العتيد بحس مرهف وروح شفافة وصدق شديد. لذلك نجده قد استمد قانون كتلته ، كما نلمسه من تصريحاته لنا ، من قيمة الخط والعلاقة الهندسية التي يرى بأنها تعد القانون التشكيلى الباطن الذي يهب هذه الأعمال المصرية تلك الشفافية والسمو الروحانى ، ونراه نحن أنه نفس القانون الذى يضفى على أعماله ذلك الجلال الصوفى. وهو فى أسلوبه يمزج بين قانون البناء المعمارى ومنطق بناء الهيئة النحتية ، حتيأن رؤية أعماله تذكرنا علي الفور بالدفقة الروحية لمعابد وتماثيل `ابيدوس` لذلك نجد أن المساحة الهندسية والخط متمثلا فى الحواف الحادة والكيان الهرمى قد استخدما في براعة وسلاسة منحنا ذلك الشعور بالجلال ، كما تجده يعتمد في توزيع كتلة العمل ومساحاته على مستوى اتجاهى يدور حوله المنطق التصميمى للعمل عموما ، كأن يكون الاتجاه التصميمى إما رأسيا أو أفقيا ، غير أننا نجده فى بحثه عن التسامى بالكتلة، سعيًا إلى تحقيق تلك المسحة الصوفية ، نجده يوفر كل الضمانات التشكيلية
لتأكيدها دون افتعال ، حتى إننا يمكن أن نصف الحالة التى ينشد وصول أعماله إليها بما يعبر عنه `بالذروة`
- أى الوصول بالتعبير الوجدانى والعاطفى إلى نقطة يصبح مابعدها تفجيرًا وما قبلها يكون بصدد الشحن والامتلاء.
بقلم : أحمد السطوحى
مجلة أقلام الصحوه الكتاب الثالث : 3-9-1976

- هو فنان متميز له أصالة ،أسلوبه النحتى ينحو نحو الصرحى الميدانية وتفيض أعماله بالصمت الصارخ
- من عمق الاعماق وبلاغته رفيعة المستوى فى تقييم الوجود الإنسانى بين الارض والسماء. فهو فنان فيلسوف فكرًا ،وفنًا لأعماله ملامح خاصة يتحقق فيها سمة البساطة الصعبة والسهولة الممتنعة ،لوالبلاغة بأعلى درجاتها ، وهناك فى عمق مجموعته النحتية `وجوه مصرية ` رهبنة رصينة واعية، وكأن تماثيله ، وهى تمثل البشر فى شكل أفراد فى اتجاه واحد كأنه المصير ، والحقيقة ، والحساب ،والملامح واحدة، ولكنها تشعرك كأنها مختلفة الخطوط كلها ترتبط بالسماء ، بالدين ، بالله،برباط وثيق ، ودقيق وصادق تنبع فيه تجربة الفنان المصرى ، وهو يتعامل مع الانسان فى كون زائل ،وكوكب متخاذل وخافت السرعة كأنه سيتوقف فى أى لحظة.
وهكذا ندرك سرعة ما يهدف إليه الفنان من إصراره ، وسعيه نحو حقيقة مريرة كانت ، أو جميلة وخالدة.

بقلم : صلاح الدين القمرى
1962

- إذا استطعت الولوج إلى عالم الفنان أحمد عبد الوهاب ، وهو عصى الاختراق ، إذ رشقت حوله سياج، وكأنما طوطما مقدسًا، فسوف تلتقى بشخصية خصبة ، إنه جاد ،طيب القلب ،بصريح المنطق ، سريع البديهة عيونه تشع ذكاءً، يسهب فى حديث الفن ساعات ، ويستغرق ساعات فى صمت ، ساهمًا متأملاً فى أعماق ذاته ،حياته ..يتعمق فى حياة البسطاء ، مستخلصًا وهبها للفن ، الذى يسمو به على ضغوط الحياة رموز فنه بعد أن يمزجها بإحساساته ، فتكتسب رسوخًا مميزًا ، إنه لم ينسق منها وراء بريق التيارات الوافدة ، وإنما تعمق فى استلهام تراث أجداده ، فبلغ مستوى من التميز والإبداع الأصيل.فلم ينجز مجرد تماثيل ،وإنما صاغ فى مادة إبداعاته رموز مقدسة ،وكائنات سحرية،شحنها بالعاطفة ، فنفذ ت إلى عالم الروحية، وشاركتنا حياتنا. وأن كل عمل فنى يمثل نسقًا قيمته أن يركز الفنان فى منحوتاته الفنية على أساس التعبيرية التي تنبع من ذاته .ويراعى فى تكوينه التناغم الإيقاعى والطابع التعميمى والمظهر السكونى مع الحركة الباطنية ومع تأكيد الفنان `عبد الوهاب ` على مبدأ النقاء الشكلى والتبسيط تبدو تحليلاته الخطوطية ،وكأنها تشطيرات فعلتها أشعة الشمس ، التى انعكست على سطح العمل ، إذ رسمت خطوطًا محيطية تتيح عددًا من التخيلات الصورية القابلة للتغيروهكذا تحفر أشعة الشمس السطح .
- فى كل أعمال الفنان عبد الوهاب نعثر على التعبير الشاعرى عن عاطفة الحب ، التى تنبض به فى جمال غير قابل للتبدل فيستعيد فى أذاهننا نوع الجمال الذى نستشعره .
بقلم : مصطفى الرزاز

 
السيرة الذاتية  | الأعمال الفنية  | حول رؤية الفنان  | تعديل سيرتك الذاتية  | الرجوع لشاشة البحث