"سعــد زغلــول فى قلب مصــر ..
هنــاك الكثير من المبـادئ التى تستحق البذل والكـفاح بل وحتى الاستشهاد فى سبيـلها وعلى رأس هذه المبادئ مبدأ الحرية ولا سيما حرية الأوطان ويعد "" سعـد زغلول "" من ابرز الزعماء الوطنيين الذين تبـنوا هذا المبدأ فخاض فى سبيـله الصعـاب وتكبد بسببه الإعتقـال والنفـى والحرمــان .
ويعد الزعيم "" سعـد زغلـول "" واحداً من القلائل الذين جمعوا بين حنكة السياسيين وبعد نظر المفكرين وحدس الزعماء حيث استطاع بحكمة بالغة وبصيرة نافذة ان يجمع أبناء الأمة على قلب رجل واحد ، يؤمنون جميعا بوحدة الهدف والمصير ، لا فرق بين مواطن وآخر أو رجل وامـرأة أو مسيحـى ومسلـم إلا بحسب ما يقدمه لبلده ويبذل لأمتـه ويعتبـر سعـد زغلـول بذلك أول من أرسى المبدأ العظيم القائل بأن ( مصر لكل المصريين ) وأن "" الدين للــه والوطـن للجميع ""وهو ذلك الأزهري الذى عمـل قاضيا قبـل ان يبرز كزعيم سياسى فــذ .
وبفضل قيادته وحكمته وسحر بيانه انصهر عنصرا الأمة فى نسيج واحد محكم تجلت قوته فى اعتلاء أحد كبار رجال الدين المسيحى منبر الأزهر الشريف جنبا الى جنب مع أحد علماء الأزهر ليخطبا فى الجماهير الثائرة وينددان بالاحتلال البغيض ، وقبل ذلك ليعلن للعالم ان أبناء مصر يد واحدة وقلب واحد فى مواجهة أية مخاطر تواجه وطنهـم .
وإنه لمما يسعدنا أن نفتتح اليوم متحف "" بيت الأمة "" الذى بناه سعد وأقام فيه فى قلب القاهرة كاشفين بذلك عن فترة من أخصب الفترات فى تاريخ مصـر الحديث حافلة بالأحداث التى أثرت فى وجدان الأمـة حتى الآن ولأجلٍ غيـر مسمـى وهو النهج الذى يؤكد على أن جميع زعماء الوطن وأبنائه الأحرار يسكنون فى قلب مصــر دائماً وأبــداً .
ويأتى ذلك ضمن خطة طموحة لإحياء ذاكرة الأمة ونفض غبار النسيان والتجاهل عن فترات وحقب من تاريخ مصر كادت أن تتبخر – عمداً أو إهمالاً – وهو التوجه الذى يهدف من خلاله قطاع الفنون التشكيلية إلى بعث الحياة وسريان النبض فى العديد من المواقع التى تحمل بين جنباتها صدى ذكريات عزيزة لمواقف رائعة تنم عن عظمة وشموخ أبناء هذا الوطن وكيف أنهم عندما تقتضى الضرورة وتحتم الظروف يتحولون إلى أسود ضارية يذودون عن تراب مصر ويقدمون كل غال ونفيس فداءاً لها ودرءً لأية أخطار تتهددها .
وليس ادل على ذلك من ( احمد عر ابى ) الذى شغل منصب وزير الحربية ولكنه وقف فى صف الشعب ضد الخديوى فكانت ضريبة وطنيته - الإقاله والفصل والنفى والتشريد .
وكذلك مصطفى كامل الذى نال أعلى وارقى تعليم كان من الممكن أن يعتلى بفضله أرقى المناصب أو يجنى من ورائه جاهاً ومكانة مادية واجتماعية ولكنة آثر التفرغ لقضية الوطن واستقلاله وتحرير ترابه حتى ذاب فيها بشكل كامل .
وهناك سعد زغلول الذى تقلد المناصب الوزارية بل وترأس الوزارة ولكنه لم يعبأ بشىء من ذلك عندما تحـتم علية الاختـيار فكـان انحيازه لجانب الشعب وجموع الأمـه راضياً بنصيبـه من النفى والاغتراب والمضايقات الخ .
وأيضا أبنـاء مصر من الضباط الأحـرار الذين قامـوا بثورة يوليو واضعيـن أرواحهم فوق أكـفهم مستـعدين لكل الاحتمـالات والمخـاطر التى قد تنشـأ عن فشـل مخططهم أو كشفه أو وجـود خطأ ما فى حساباتهم .
وعلى هـدى من الرؤى الحكيـمة للقيادة السيـاسية الحـالية التى ترى أن تاريخ مصر ملك لكل المصريين باعتباره حلقـات متصـلة لا يمـكن التعامـل معـها بشـكل انتقـائى وأن كل الزعماء المصريين قد أدوا رسالتهم خير أداء وكل منـهم قد اجتـهد قدر طاقتـه وأبـلى بلاءً حـسناً فى سبيل مصر وعزتها وكرامتها .
من هذا المنطلق كان اتجاه قطاع الفنون التشكيلية ليجعل من هذه الأماكن معالم تجمع بين المبنى والمعنى ففى بداية العام تم افتتاح ( متحف مصطفى كامل ) ورفقاء كفاحه وتلاميذه فى مدرسة الوطنـية واليـوم نفتـتح متحف بيـت الأمة ( بيت سعد زغلول ) وفى الغد القريـب سوف نفتتح متحف مبنى قيـادة الثورة ليكون فى هذا تأكيد على مسئوليتنا تجاه كل زعماء مصر برغم تباين انتماءاتهم السياسيـة واختلاف منطلقـاتهم الفكـرية ومدارسهم الحزبية إذ أنهم فى أخر الأمر يربطـهم ربـاط مقدس وثيـق وهو ( مصريتهم) .

أ.د. / أحمـد نـوار
رئيس قطاع الفنون التشكيلية"