Page 2 - Fenoun Masreya
P. 2
‫نقطة البداية‬

‫وطن لا يكف عن الإبداع‬

‫يكف عموم الم�صريين عن �إبهار الكون بما ي�صنعون‪ ،‬حتى وهم يعي�شون ظرو ًفا تبدو �شديدة الوط أ�ة‪.‬لا‬

‫هذا ما هم�ست به لنف�سى و�أنا أ�تابع رحلات الدرا�است التى أ�عدها فريق العمل بتلك المطبوعة‪.‬‬
‫فهاهى ع�شرون عا ًما قد مرت على حلم بد أ� عند أ��سوان التى تتميز بجبل من الجرانيت ي�صل حجمه �إلى ما فوق‬
‫الخيال؛ في ؤ��س�س عا�شق م�صرى متح ًفا عالم ًيا من مادة الجرانيت التى يعتبرها الكون من أ�نبل مواد النحت‪ ،‬ويبد�أ آ�دم‬
‫حنين فى ت أ��سي�س هذا المتحف‪ ،‬ويجد الفر�صة ليوجه الدعوة إ�لى كبار المبدعين من جميع �أرجاء الأر�ض ليق�ضوا‬
‫�أ�اسبيع ويقوموا بالحياة م ًعا‪ ،‬ويقدموا فى �اسحة �شا�سعة ب�أ�سوان خلا�صة إ�بداعهم‪ ،‬وي�شاركهم فى تلك الرحلة‬
‫فنانون م�صريون‪ .‬وعبر ال�سنوات الع�شرين وجد “�سمبوزيوم النحت” ب�أ�سوان من إ��شعاعات الج�سد‪ ،‬ومحاولة تك�سير‬
‫هذا الحلم ما يفوق الخيال‪ ،‬لكن الزاهد المت�صوف النبيل �آدم حنين كان يلقى بكل ذلك وراء ظهره؛ فحلمه الكبير‬
‫هو �أن ي�ستعيد النحت الم�صرى كبرياءه التى كادت �أن ت�ضيع بغياب النحاتين الكبار‪ ،‬ف�ضل ًا عن غياب ا ألحجار‬
‫اللازمة لنحت يبقى طويل ًا‪ ،‬وكان يكفى وجود ال�ضوء مع الجرانيت فى أ��سوان لي�ستيقظ “�سننموت” م�صمم‬
‫معبد الدير البحرى‪ ،‬الذى أ�هداه �إلى الملكة حت�شب�سوت‪ ،‬كان يكفى �ضوء أ��سوان وتاريخ النحت الموجود على‬
‫ُبعد ب�ضعة كيلومترات فى الأق�صر‪ ،‬وا�ستيقظ الحلم فى قلب آ�دم حنين‪ ،‬هذا العا�شق لنيل م�صر؛ حيث عا�ش فى‬
‫�أيام �شبابه عدة أ�عوام على �سطح جزيرة‪ ،‬ينحت من �أحجارها أ�عماله‪ ،‬وعندما يهجم تخلف الواقع علينا بهزيمة‬
‫يونيو ‪1967‬م‪ ،‬ي�اسفر �آدم �إلى باري�س لير�سم على �أوراق البردى‪ ،‬ويقدم بع ً�ضا من منحوتاته التى تت�اسبق عليها‬

‫متاحف الكون‪ ،‬ثم يعود لي�شارك فى �إنقاذ تمثال “ أ�بو الهول” من م�أ�اسة ترميم خاطئ‪.‬‬
‫وتبقى ق�صة �آدم حنين ـ بكل ما فيها من عطاء ـ زا ًدا حقيق ًيا ي�ستحق الرعاية‪ ،‬ولذلك كان المعمارى محمد أ�بو‬
‫�سعدة يبدو كحار�س �أحلامنا حين رعى و�سهل و�أدار ل�سنوات عملية ت�أ�سي�س المتحف المفتوح للنحت ب أ��سوان‪.‬‬
‫بل ويجد فى إ�بداع م�صمم الرق�ص الحديث وليد عونى ما يمكن أ�ن يطلبه منه‪ ،‬وهو أ�ن يقدم عر ً�ضا عن حلم‬
‫النحات �آدم حنين‪ ،‬ويكون العر�ض فى الهواء الطلق‪ ،‬وبين المنحوتات التى �أ�اضفها عباقرة النحت و�شبابهم لتلك‬

‫ال�اسحة التى �ستظل �شاه ًدا على يقظة الإبداع الم�صرى‪.‬‬
‫ولأن قلب محمد �أبو �سعدة‪ ،‬الم�سئول عن �صندوق التنمية الثقافية‪ ،‬لا يكف عن كونه قل ًبا من حرير‪ ،‬ف إ�ن له‬
‫قب�ضة من حديد؛ لذلك فحرير هذا القلب يطور من قلة ا إلمكانات؛ في ؤ��س�س حلم الموهوب بلا �ضفاف لقدراته‬
‫على اكت�شاف المواهب‪ ،‬و أ�عنى به المبدع خالد جلال؛ في�شرف محمد أ�بو �سعدة مع خالد جلال على ت�أ�سي�س ور�شة‬
‫إ�بداعية لمدة �ستة أ��شهر‪ ،‬يتحمل جز ًءا من م�اصريفها الراغبون فى �صقل مواهبهم عبر الدرا�سة بمركز الإبداع‪ ،‬و�إذا‬

‫‪2‬‬
   1   2   3   4   5   6   7