Page 29 - Ahmed- Nawar
P. 29
الأعمـال بوضـوح مهـارة القـدرات الأدائيـة لـدى نـوار‪ ،‬إنـه يمتلـك يـد تطيـع خيالـه وعقـل يتسـع لتفسـراته‪ ،‬وقـدرة فـي النسـج البصـري‬
‫بـن الواقعيـة السـحرية للوجـوه والحقـل التجريـدي الجديـد الـذي زرعـت فيهـا ‪.‬‬
‫ذاكرة اليد "مجموعة البصمة"‬

‫عشـرون بصمـة ليـد الفنـان وضعهـا علـى أوراقـه فـي الليلـة التـي سـبقت دخولـه لغرفـة العمليـات لإجـراء جراحـة دقيقـة بكفـي اليـد‬
‫‪ ،‬وعاهـد نفسـه إن شـافاه الله سـيكملها بالرسـم فوقهـا ‪ ،‬ولنـا أن نتصـور مـا مـر بـه فنـان روحـه فـي يديـه قلقـ ًا علـى تلـك الـروح‬
‫التـي خشـي تعطلهـا ‪ ،‬عـاش نـوار فـي تلـك التجربـة فكـرة الخـوف مـن الفقـد التـي ربمـا لـم يستشـعرها فـي وسـط ضـراوة الحـرب ؛‬

‫فإحسـاس الخطـر هـذه المـرة يهـدده بمفارقـة حيـاة الفـن ‪.‬‬

‫البصمـة ‪ ،‬أحبـار عـى ورق‬
‫‪ ٥٠ ×62 ،‬سـم ‪1999 ،‬‬

‫وأورد هنا مقتطف ًا من نص كتبه الفنان في تعبير يقطر إنسانية عن حالات تلك اليد التي أثمرت حياة حافلة بالعمل والإنجاز‪:‬‬
‫"رسـمت ‪ ..‬بنـت ‪ ..‬دافعـت‪ ..‬زرعـت ‪ ..‬علمـت ‪..‬حاربـت ‪ ..‬سـلمت ‪ ..‬رمـت ‪ ..‬أصابـت ‪ ..‬رعـت ‪ ..‬صافحـت ‪..‬انبسـطت ‪ ..‬دعـت ‪ ..‬تحملـت ‪ ..‬طبعـت‪..‬‬

‫حصنــت ‪ ..‬حملــت ‪.............‬‬
‫هـل جرافـات إسـرائيل هـي السـبب ؟ فقـد كانـت رسـومي عـن جبـل أبـو غنيـم بالقـدس تنهـش قلمـي وأصابعـي فهـزت أوتارهـا ‪...‬‬

‫فكانـت بصمتـي ‪ ..‬ت�ألمـت ‪ ..‬ت�ألمـت ‪ ..‬ارتعشـت ‪ ..‬خافـت واستسـلمت أمـام المشـرط ‪ ..‬الإرادة ‪ ..‬الحيـاة "‬
‫وعندمــا أراد الله لــه الشــفاء أنجــز مجموعــة رســوم أســماها "البصمــة" تــروي ذاكــرة تلــك اليــد وتــرد لهــا صنائعهــا ‪ ،‬ففــوق تلــك‬
‫الأعمـال التـي شـكلت بصمـة اليـد بطلهـا الأساسـي ‪ ،‬تداعـت ذاكرتـه بلقطـات ومقاطـع مـن معظـم تجاربـه السـابقة ‪ ،‬يقـدم التحيـة‬
‫والامتنـان لليـد التـي صنعـت تاريخـه الإنسـاني والوطنـي والفنـي فيجعلهـا خلفيـة مشـركة لتلـك المجموعـة مـن الأعمـال يشـيد‬
‫فوقهــا أبنيتــه وعمائــره ومفرداتــه مــن الخطــوط والأســهم والإشــارات والحــروف والأرقــام والرســوم البيانيــة وبقايــا الأجهــزة‬
‫والشـرائح الإلكترونيـة ‪ ،‬تشـتبك معهـا تشـكيلاته الخطيـة ‪ُ ،‬ينبـت مـن أطـراف أصابعهـا أوراقـه الخضـراء ‪ ،‬يطلـق منهـا عجلاتـه المحاربـة‬
‫التـي تنتصـر للحيـاة ‪ ،‬ويضـع حواجـزه ذات الشـبكات المربعـة ‪ ،‬يرسـمها صامـدة فـي مواجهـة تـال وهضـاب الجبهـة السـوداء ‪ ،‬يـزرع‬

‫فوقهـا الحيـاة وروعـة الإنجـاز والتحقـق والانتصـار ‪ ،‬ويدخـل معهـا شـرائح مـن مذكـرات مكتوبـة بخـط يـده ‪.‬‬
‫لقـد أعطـى تشـري�ح اليـد وبنيتهـا البصريـة الخاصـة متغـرا جديـدا حتـى فـي طريقـة بنـاء نـوار لت�كويناتـه وسـتظل هـذه المجموعـة‬
‫دائمـا مقترنـة بطابعهـا العاطفـي الإنسـاني الخـاص كأنـه يتذكـر كل تجربتـه الفنيـة فـوق تلـك اليـد التـي قبعـت فـي قلـب العمـل‬

‫كأصـل للحيـاة ‪.‬‬
‫المشهد في رسوم نوار‪ :‬رسوم الحجاز والصين‬
‫قـدم نـوار أطروحـات جديـدة لفكـرة رسـم المشـهد مـن خـال مجموعـة مـن الأعمـال التـي تصـور بعـض الأماكـن المختـارة فـي مدينـة‬
‫جـدة وبعـض الأماكـن الأخـرى بـأرض الحجـاز‪ ،‬حيـث قـام بالبحـث فـي روح المشـهد ناشـد ًا التعبـر المكثـف عنـه ‪ ،‬مـن هنـا فهـو لا يقـدم‬
‫‪27‬‬
   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34