Page 32 - Ahmed- Nawar
P. 32
الصـورة ‪ ،‬فقـد اسـتخدم سلسـلة مـن المسـطحات المركبـة تعطـي ت�أثـر ًا بالبعـد ‪ ،‬وقـد تمكـن‬
‫عـن طريقهـا مــن التنويــه بالمســافة العميقـة دون أن يقطـع هيـكل الت�كويـ�ن ‪ ،‬و بذلـك هـو‬
‫يبســط المفــردات علــى ســطح الصــورة علــى شــكل مســطحات ت�تكــب جزئيــ ًا فتعطــي هــذا‬
‫الإيهـام بالبعـد ‪ ،‬و هنـا اسـتطاع الفنـان عـن طريـ�ق المسـتويات المتداخلـة أن يخلـق تجاوبـ ًا‬
‫إيقاعيـ ًا بـن العلاقـات المكانيـة التـي تمتـد عـر مسـطح الصـورة ‪ ،‬فتنتقـل عـن المشـاهد‬
‫فـوق المسـطحات المتداخلـة للوحـة ‪ ،‬و يشـعر نتيجـة لذلـك بالحركـة و الأبعـاد المسـافية ‪.‬‬
‫مـن هنـا لا نجـد فـي مشـاهد نـوار تلـك الترجمـة السـطحية للمنظـور الأوربـي ذو النقطـة‬
‫الواحـدة التـى تنتظـم وفقهـا عناصـر المشـهد علـى جانبـي اللوحـة صانعـ ًا ذلـك " القمـع"‬
‫الـذي يفسـد بنيـة التصميـم ـ علـى حـد تعبـر سـيزان ـ الـذي اسـتعان بـدوره هـو الأخـر بفكـرة‬
‫المسـتويات المتداخلـة فـى تفسـر الأبعـاد المكانيـة خاصـة فـي مجموعـة مشـاهده لجبـل‬

‫" سـان فكتـوار"‪.‬‬

‫وهنـا يسـتخدم الفنـان منظـورا يمـزج مـا بـن رؤيتـه العينيـة للأشـياء ورؤيتـه التخيليـة لهـا‬
‫‘ منظـورا يذكرنـا بالتنـاول الشـرقي للأبعـاد المكانيـة مـن خـال منظـور عـن الطائـر حيـث‬
‫تلتقــط العــن الأشــياء مــن زواياهــا الأكــر قــدرة علــى إبــراز شــاعرية المشــهد ‪ ،‬ومنظــور‬
‫الأســقف المخلوعــة حيــث تلتقــى الصــورة العينيــة بالصــورة الوهميــة ليتواصــل بينهمــا‬
‫تطـور الموضـوع ‪ ،‬فتجتمـع المرئيـات بصـورة لايمكننـا أن ندركهـا إلا مـن خــال رؤيــة عيــن‬
‫متحركــة تجــوب الســماء و تلتقـط الأشـكال مـن زواياهـا الأكـر قـدرة علـى ت�كثيـف حضورهـا‬

‫سـواء فـي مقدمـة الصـورة أو فـي خلفيتهـا و بصفـة ت�تجـاوز واقعيـة المـكان ‪.‬‬

‫و قـد شـاع هـذا التقليـد فـي جميـع الفنـون الشـرقية ‪ ،‬فـكان يفـرض أن يتخيـل المتفـرج‬
‫نفســه و كأنـه يشـرف علـى المشـهد مـن مـكان مرتفـع أو كــما يقـال يطـل إطلالــة طــائر‬
‫محلـق ‪ ،‬حتـى لا يضطـر الفنـان إلـى رسـوم الشـخوص أو الجماعـات متراكبـة بعضهـا فـوق‬
‫بعـض ‪ ،‬مسـتخدم ًا خيالـه فـي إعـادة صياغـة رؤيـة المـكان ‪ .‬فنجـد الفنـان يرسـم المبنـى و‬
‫كأنـه يطالعـه مـن عـل ٍ ‪ ،‬فـي حـن تظهـر بقيـة الصـورة للعـن فـي مســتوى النظــر أو مـن‬
‫زاويتيــن مختلفــن فــي آن واحــد " ‪ .‬و مـن هنـا تمتـزج الصورتـن بمـا يحقـق للفنـان بمرمـاه‬

‫الروحـي و العاطفــي ‪.‬‬

‫الأرض المقدسة ‪ ،‬أقلام فلوماستر على ورق ‪ 26 ×37 ،‬سم ‪2٠16 :2٠15 ،‬‬
‫وهنــاك مشــاهد أخــرى تعتمــد علــى البنيــة ذات الشــكل الواحــد الرئيســي الــذي تنتظــم‬
‫حولــه بقيــة عناصــر الصــورة كمشــهد الســفينة البحريــة التقليديــة فــي رســوم الحجــاز‬
‫التـي رفعهـا الفنـان علـى تـل خـاص ليعطيهـا هـذا الكيـان الأهـم ‪ ،‬وت�تجلـى قـدرات الفنـان‬
‫الأدائيـة فـي ترجمتـه لمفـردات العمـل مـن خـال شـبكات ظليـة متعـددة الدرجـات وصياغتـه‬
‫للإنسـحاب المتـدرج لتلـك الظـال فـوق مجسـم السـفينة كهيئـة نحتيـة ثـم مـا تلبـث العـن‬
‫أن تربـط بـن التراكيـب الخطيـة فـي القواعـد التـى تقـوم عليهـا السـفينة وبـن التراكيـب‬
‫الخطيــة التــى يكتمــل بهــا جســم الســفينة مــن أعلــى ‪ ،‬وي�ؤكــد الفنــان وجودهــا الأهــم‬

‫‪30‬‬
   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37