Page 30 - Ahmed- Nawar
P. 30
مشـهد ًا يرقبـه مـن الخـارج بـل مشـهدا يت�أملـه مـن الداخـل بعـد تواجـده فـي فضائـه واتصالـه المباشـر بمفرداتـه ،ومحاولـة تلمـس
جوهرهـا ،مقدمـ ًا بنيـة جماليـة مت�أنقـة لاتعـرف التفريـط .
إن الفنان يقوم بعملية تنظيم لفوضى المشهد وعشوائيته الظاهرية ،وي�رجع لقانون الطبيعة الأصلي فى البناء محافظ ًا علي
الاسـتقلال الجمالـي للمـكان المرسـوم مـن خـال معرفـة بجوهـر المشـهد واسـتحضار لحالـة مـن الهـدوء الفلسـفي الـذي يسـتدعي
لـدى المتلقـي الرغبـة فـى الت�أمـل والمتابعـة .إننـا أمـام فنـان كبـر يمتلـك حكمـة الشـكل وي�رت�كـن إلـي ذاكـرة بصريـة حـادة رزق بهـا .
إن نــوار ُيجــري تجريــد ًا للمشــهد ،ينقيــه مــن كل العــوارض ليســتقبل فقــط صحيفتــي النــور والظــل فــى أنقــي صورهمــا فيقــدم
لنـا أيقونـة بصريـة مصدرهـا خـرة فنيـة متسـعة قـادرة علـى الاحتفـاظ فقـط بمـا يلـزم ،وهـو ينتخـب بنيـة مختـارة لمشـاهده فـي
انتقـاء رائـق لجوهرهـا ،مشـاهد مـرت مـن خـال وجـدان كاشـف قـادر علـى النفـاذ إلـى أسـرارها ،وهـو ُيعـر عـن كل ألـوان الطبيعـة
بمعـادلات مـن درجـات الأبيـض والأسـود ت�تنقـل مابـن شـبكات ظليـة ومسـاحات معتمـة وبِنيـة مـن الخطـوط ت�تخـذ مواقعهـا المثاليـة
فـي الشـكل .لقـد حـول الأداء كل الدرجـات اللونيـة إلـى درجـات اللـون الأسـود المختلفـة ،وقـد اسـتطاع الفنـان أن يكثـف حساسـيته
أحيانـ ًا ويخففهـا أحيانـ ًا أخـرى لتغـدو عالمـا ت�تمـازج فيـه الأشـكال كافـة لتـذوب فـى الأسـود ،فاسـتطاع بذلـك أن يقـرب مـن النبضـات
الضوئيـة التـي ت�كمـن وراء ألـوان الطبيعـة .
وكرسـام متمكـن يـدرك نـوار قيمـة عنفـوان الخـط وقدرتـه علـى الاخـراق الجـرىء لمسـاحات الظـل ،والمـرور الرهيـف فـى مسـاحات
الضـوء ،إنـه يطـوع الطاقـة الغاشـمة للضـوء فتغـدو إرادة نـور تطمـس وتمحـو مـا تشـاء و ُت�ثبـت بنيـة تنقـل للعـن فقـط مـا يسـتحق
أن ُيـرى ،فهـو يعيـد ترتيـب المشـهد بمـا يتناسـب مـع حسـه الجمالـي الرائـق ورؤيتـه العارفـة .إنـه لا يرسـم هـذا المشـهد وكفـي
لكنـه يجـري تحويـ�ر ًا فـى تفسـره البصـري لمـا يـراه لـذا لا يقـدم تصويـ�ر ًا للمشـهد ـ كمـا تدركـه الحـواس عـادة بـكل تنافـره وعفويتـه ـ
بـل يعتمـد علـى حـدس يبـدأ بالخـرات البصريـة ليسـتخلص منهـا السـمات المميـزة للأشـياء والكائنـات مجـرد ًا إياهـا إلـى أصفـى سـماتها
عـن طريـ�ق الخـط ومسـاحات الأضـواء والظـال ،متجـاوز ًا عبثيـة الأشـكال المباشـرة وفوضاهـا ،محاكيـ ًا لحركـة الطبيعـة ونظمهـا فـي
التشـكل والنمـو والانتظـام فت�كـون المحصلـة تلـك الرؤيـة النقيـة للمشـهد .
ويتجـاوز الفنـان أيضـ ًا تلـك الحـالات المت�تابعـة المتغـرة للعالـم الخارجـي حيـث يجعلنـا نتخلـى عـن َحرفيـة التفاصيـل والجزئيـات التـي
مـن شـأنها أن تعيـق سلاسـة التلقـي فنصبـح قادريـ�ن علـى الإمسـاك بحالـة خاصـة للمشـهد بعيـد ًا عـن الحـالات العرضيـة المبع َثـرة لـه
.والمسـألة لا تقتصـر فقـط علـى مجموعـة مـن العلاقـات أو الأنظمـة الشـكلية إذ أن هنـاك نـرة عاطفيـة واضحـة فـي الأعمـال لكنهـا
عاطفـة الجوهـر الممتـدة فـى أرواحنـا والقابعـة خلـف العواطـف المؤقتـة المتغـرة للإنسـان .
الأرض المقدسة ،أقلام فلوماستر على ورق 45.5 × ٦٠ ،سم 2٠16 ،
28
جوهرهـا ،مقدمـ ًا بنيـة جماليـة مت�أنقـة لاتعـرف التفريـط .
إن الفنان يقوم بعملية تنظيم لفوضى المشهد وعشوائيته الظاهرية ،وي�رجع لقانون الطبيعة الأصلي فى البناء محافظ ًا علي
الاسـتقلال الجمالـي للمـكان المرسـوم مـن خـال معرفـة بجوهـر المشـهد واسـتحضار لحالـة مـن الهـدوء الفلسـفي الـذي يسـتدعي
لـدى المتلقـي الرغبـة فـى الت�أمـل والمتابعـة .إننـا أمـام فنـان كبـر يمتلـك حكمـة الشـكل وي�رت�كـن إلـي ذاكـرة بصريـة حـادة رزق بهـا .
إن نــوار ُيجــري تجريــد ًا للمشــهد ،ينقيــه مــن كل العــوارض ليســتقبل فقــط صحيفتــي النــور والظــل فــى أنقــي صورهمــا فيقــدم
لنـا أيقونـة بصريـة مصدرهـا خـرة فنيـة متسـعة قـادرة علـى الاحتفـاظ فقـط بمـا يلـزم ،وهـو ينتخـب بنيـة مختـارة لمشـاهده فـي
انتقـاء رائـق لجوهرهـا ،مشـاهد مـرت مـن خـال وجـدان كاشـف قـادر علـى النفـاذ إلـى أسـرارها ،وهـو ُيعـر عـن كل ألـوان الطبيعـة
بمعـادلات مـن درجـات الأبيـض والأسـود ت�تنقـل مابـن شـبكات ظليـة ومسـاحات معتمـة وبِنيـة مـن الخطـوط ت�تخـذ مواقعهـا المثاليـة
فـي الشـكل .لقـد حـول الأداء كل الدرجـات اللونيـة إلـى درجـات اللـون الأسـود المختلفـة ،وقـد اسـتطاع الفنـان أن يكثـف حساسـيته
أحيانـ ًا ويخففهـا أحيانـ ًا أخـرى لتغـدو عالمـا ت�تمـازج فيـه الأشـكال كافـة لتـذوب فـى الأسـود ،فاسـتطاع بذلـك أن يقـرب مـن النبضـات
الضوئيـة التـي ت�كمـن وراء ألـوان الطبيعـة .
وكرسـام متمكـن يـدرك نـوار قيمـة عنفـوان الخـط وقدرتـه علـى الاخـراق الجـرىء لمسـاحات الظـل ،والمـرور الرهيـف فـى مسـاحات
الضـوء ،إنـه يطـوع الطاقـة الغاشـمة للضـوء فتغـدو إرادة نـور تطمـس وتمحـو مـا تشـاء و ُت�ثبـت بنيـة تنقـل للعـن فقـط مـا يسـتحق
أن ُيـرى ،فهـو يعيـد ترتيـب المشـهد بمـا يتناسـب مـع حسـه الجمالـي الرائـق ورؤيتـه العارفـة .إنـه لا يرسـم هـذا المشـهد وكفـي
لكنـه يجـري تحويـ�ر ًا فـى تفسـره البصـري لمـا يـراه لـذا لا يقـدم تصويـ�ر ًا للمشـهد ـ كمـا تدركـه الحـواس عـادة بـكل تنافـره وعفويتـه ـ
بـل يعتمـد علـى حـدس يبـدأ بالخـرات البصريـة ليسـتخلص منهـا السـمات المميـزة للأشـياء والكائنـات مجـرد ًا إياهـا إلـى أصفـى سـماتها
عـن طريـ�ق الخـط ومسـاحات الأضـواء والظـال ،متجـاوز ًا عبثيـة الأشـكال المباشـرة وفوضاهـا ،محاكيـ ًا لحركـة الطبيعـة ونظمهـا فـي
التشـكل والنمـو والانتظـام فت�كـون المحصلـة تلـك الرؤيـة النقيـة للمشـهد .
ويتجـاوز الفنـان أيضـ ًا تلـك الحـالات المت�تابعـة المتغـرة للعالـم الخارجـي حيـث يجعلنـا نتخلـى عـن َحرفيـة التفاصيـل والجزئيـات التـي
مـن شـأنها أن تعيـق سلاسـة التلقـي فنصبـح قادريـ�ن علـى الإمسـاك بحالـة خاصـة للمشـهد بعيـد ًا عـن الحـالات العرضيـة المبع َثـرة لـه
.والمسـألة لا تقتصـر فقـط علـى مجموعـة مـن العلاقـات أو الأنظمـة الشـكلية إذ أن هنـاك نـرة عاطفيـة واضحـة فـي الأعمـال لكنهـا
عاطفـة الجوهـر الممتـدة فـى أرواحنـا والقابعـة خلـف العواطـف المؤقتـة المتغـرة للإنسـان .
الأرض المقدسة ،أقلام فلوماستر على ورق 45.5 × ٦٠ ،سم 2٠16 ،
28