Page 102 - Fenoun Masreya
P. 102
من أ��سلوب ديلاكروا؛ ليبد أ� من بعدها فى بناء عالم جديد‪ ،‬وتركيبات جديدة‪ ،‬مهدت لعودة الكلا�سيكية �إلى‬ ‫ا�ستراحة فقير مغربى يرقد �أ�سفل الحائط‬
‫كنف الحركة الرومان�سية‪ ،‬وعلى �إثر رحلة ديلاكروا قام العديد من الفنانين بزيارة المغرب بح ًثا عن انطباعات‬ ‫لت�سجل يد ديلاكروا الو�ضع النائم بعبقرية‬
‫جديدة‪ ،‬وهى رحلات ال�شرق الذى ي�ضم مع المغرب م�صر و�سوريا وفل�سطين وبلاد فار�س والهند‪ ،‬وهو ما أ��صبح‬
‫فى القرن التا�سع ع�شر البديل عن �إقامة الفنانين التقليدية فى مدار�س إ�يطاليا‪ ،‬وقد أ�عطت الك�شوف البعيدة فى‬ ‫العين النفاذة‬
‫ال�شرق بطبائعها الغريبة ومناظرها الغارقة فى �ضوء ال�شم�س مثل “فرومنتان” و“دوكامب” �سب ًبا جوهريًا لر�سم‬
‫لوحات م�شبعة با أللوان الحية‪ ،‬واقتفاء لآثار ديلاكروا قام الفنان “ماتي�س” بزيارة �إلى المغرب مرتين؛ مما أ�وحى له‬
‫هو الآخر بر�سم العديد من اللوحات‪� ،‬أما “بول كلى” فقد تلقى وحى ال�شرق فى تون�س الخ�ضراء‪ ،‬وبالذات فى‬

‫بلدتى “الحمامات” و“القيروان”‪.‬‬
‫و إ�ذا ما كانت لوحات ال�شرق المغربية تعد علامة فى تاريخ ديلاكروا الفنى؛ فهناك �أ�شهر لوحاته قاطبة‪ ،‬وهى‬
‫لوحة “الحرية تقود ال�شعوب”‪ ،‬التى ر�سمها عام ‪1830‬م‪ ،‬وا�ستقرت فى متحف اللوڤر منذ عام ‪1874‬م لتعد‬
‫من �أهم �أعمال القرن التا�سع ع�شر‪ ،‬والتى قال عنها �صانعها فى ر�سالة بعثها لأخية‪“ :‬لقد �شرعت العمل ب�إ�صرار‬
‫فى مو�ضوع جديد‪� ..‬إننى لم أ�حارب فى �سبيل الوطن‪ ،‬لكننى أ��ستطيع على الأقل �أن أ�ر�سم له”‪ ..‬وتظهر فى‬
‫اللوحة امر�أة بيدها اليمنى علم التحرير‪ ،‬وتقب�ض بالي�سرى على بندقية‪ ،‬وهى تنظر إ�لى رجال يخترقون الدخان‬
‫الذى ي�شكل خلفية اللوحة‪ ،‬وقد امت ألت أ�ر�ضية اللوحة بالجثث ُتع ِّبد الطريق إ�لى الن�صر‪ ،‬وتزخر عنا�صر اللوحة‬
‫بالدلالات التى �أراد لها ديلاكروا �أن تكون متميزة عن بقية �أعماله‪ .‬لقد و�ضع الفنان المتلقى للوحة وم�شاهدها‬

‫‪102‬‬
   97   98   99   100   101   102   103   104   105   106   107